الباحث القرآني
﴿لَيسَ البِرَّ أن تُولوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغرِبِ﴾، أي: ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا بعد ذلك شيئًا، كما هو في أول الإسلام، فهذا حين نزول الفرائض، أو قبلة اليهود المغرب وقبلة النصارى المشرق، فأنزل الله أو لما تحولت القبلة شق ذلك على أهل الكتاب وبعض المؤمنين، فهذه الآية بيان حكمته، وهو أن المراد امتثال أوامر الله، وهو البر وليس في لزوم التوجه قبل مشرق أو مغرب بر إن لم يكن عن أمر الله، ﴿ولَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللهِ﴾ أي: بَرَّ من آمن، أو ذا البر من آمن بالله، ﴿واليَوْمِ الآخِرِ والمَلائكَةِ والكِتابِ﴾، أي: جنسه، أو القرآن، ﴿والنَّبِيِّينَ وآتى المالَ عَلى حُبِّهِ﴾: حب المال، أي: أخرجه وهو محب له، وقيل: على حبِّ الله، ﴿ذَوِي القُرْبى﴾: قرابات الرجل، ﴿واليَتامى والمَساكِينَ﴾، من لا يجد ما يكفيه، ﴿وابْن السَّبِيلِ﴾: المسافر الذي انقطع عنه ما يكفيه في سفره والضعيف صرح به السلف، ﴿والسائِلينَ﴾: من ألجأته الحاجة إلى السؤال، ﴿وفِي الرِّقابِ﴾، أي: في تخليصها بمعاونة المكاتبين، وقيل في فك الأسارى، ﴿وأقامَ الصَّلاةَ﴾: المفروضة، ﴿وآتى الزَّكاةَ﴾: المفروضة ويكون قوله: ”وآتى المال“ بيان المصارف، أو صدقات السنة، ﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾: الله والناس، عطف على من آمن، ﴿والصابِرِينَ في البَأْساءِ﴾: حال الفقر ونصبه على المدح لفضل الصبر، ﴿والضَّراء﴾: المرض، ﴿وحِينَ البَأسِ﴾: القتال لله، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا﴾، في إبمانهم، ﴿وأُولَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ﴾، لأنّهُم اتقوا المحارم وفعلوا الطاعات، ﴿يا أيُّها الذِينَ آمنوا كُتِبَ﴾، أي: فرض، ﴿عَلَيْكُمُ القِصاصُ في القَتْلى﴾، كان بين حيين قتل ودماء، وكان لأحد الحيين فضل على الآخر، فحلفوا أن يقتلوا بالعبد منهم الحر، وبالمرأة الرجل، وبالواحد الاثنين فنزلت: ﴿الحُرُّ بِالحُرِّ والعَبْدُ بِالعَبْدِ والأُنْثى بِالأُنْثى﴾، أي: ليتساووا وليتماثلوا في القصاص فلا يدل على ألا يقتل الحر بالعبد، والذكر بالأنثى كما لا يدل على عكسه، ومن قال بعدم قتل الحر بالعبد فدليله الحديث، وروي عن بعض السلف أنها منسوخة بقوله تعالى: ”النَّفْسَ بِالنَّفْسِ“ فالقصاص ثابت بين الحر والعبد والذكر والأنثى، ﴿فَمَن عُفِيَ لَهُ مِن أخِيهِ شَيْءٌ﴾، تقديره فمن عفي له عن جنايته من جهة أخيه، أي: ولي الدم شيء من العفو، فإن عفا لازم، يعني: أخذ الدية بعد استحقاق الدم، ﴿فاتِّباعٌ بِالمَعْرُوفِ﴾، أي: فعلى العافي أن يطالب الدية لمعروف ولا يعنف، ﴿وأداءٌ إلَيْهِ بِإحْسانٍ﴾، أي: وعلى المعفو عنه أن يؤديها بإحسان لا يمطل ولا يبخس، ﴿ذَلِكَ﴾، الحكم الذي هو أخذ الدية، ﴿تَخْفِيفٌ من ربِّكم ورَحْمَةٌ﴾: مما كان محتومًا على الأمم قبلكم، من القتل في اليهود، والعفو في النصارى، ﴿فَمَنِ اعتدى﴾: بالقتل، ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾: بعد العفو، ﴿فَلَهُ عَذابٌ ألِيمٌ﴾: في الآخرة، أو في الدنيا بأن يقتل ولا يأخذ منه الدية، ﴿ولَكم في القِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الألْبابِ﴾، أي: لكم في حكم القصاص نوع حياة عظيمة، لأن العلم به يردع عن القتل مخافة القصاص ويدفع الفتنة المنجرة إلى القتال العظيم، ﴿يا أُولِي الألْبابِ﴾، ذوي العقول، ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾: عن القتل أو لكي تنزجروا فتتركوا محارم الله، ﴿كُتِبَ﴾: فرض، ﴿عَلَيْكم إذا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْتُ﴾، أي: أسبابه، ﴿إنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾، أي: مالًا أيُّ مال، أو مالًا كثيرًا، واختلف في الكثرة، فعن علي رضى الله عنه: لا بد أن يزيد على أربعمائة دينار، ﴿الوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ والأقْرَبِين﴾، وكان وجوبه في بدء الإسلام فنسخ، ﴿بِالمَعْرُوف﴾: بالعدل فلا يتجاوز الثلث، ﴿حَقًا﴾، أي: حق ذلك حقًا، ﴿عَلى المُتَّقِينَ﴾: عن الشرك، ﴿فَمَن بَدَّله﴾: غيره من الأوصياء والشهود، ﴿بَعْدَما سَمِعَهُ﴾: من الميت، ﴿فَإنَّما إثْمُهُ﴾، أي: التبديل، ﴿عَلى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، قد وقع أجر الميت على الله، ﴿إنَّ اللهَ سَمِيعٌ﴾: يسمع كلام الميت، ﴿عَلِيمٌ﴾: يعلم تبديل المبدل، ﴿فَمَن خافَ﴾، أي: علم، ﴿مِن مُّوصٍ جَنَفًا﴾، خطأ في الوصية مثل أن يوصى بأكثر من ثلث، ﴿أوْ إثْمًا﴾: عمدًا، ﴿فَأصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾: بين الورثة والموصى لهم، ﴿فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ﴾: في التبديل لأنه تبديل باطل إلى حق، ﴿إنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، ذكر الغفران لمطابقة ذكر الإثم.
{"ayahs_start":177,"ayahs":["۞ لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَٱلسَّاۤىِٕلِینَ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَى ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَـٰهَدُوا۟ۖ وَٱلصَّـٰبِرِینَ فِی ٱلۡبَأۡسَاۤءِ وَٱلضَّرَّاۤءِ وَحِینَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ۖ وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِی ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ فَمَنۡ عُفِیَ لَهُۥ مِنۡ أَخِیهِ شَیۡءࣱ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَاۤءٌ إِلَیۡهِ بِإِحۡسَـٰنࣲۗ ذَ ٰلِكَ تَخۡفِیفࣱ مِّن رَّبِّكُمۡ وَرَحۡمَةࣱۗ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ فَلَهُۥ عَذَابٌ أَلِیمࣱ","وَلَكُمۡ فِی ٱلۡقِصَاصِ حَیَوٰةࣱ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ","كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ","فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَاۤ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ","فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصࣲ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمࣰا فَأَصۡلَحَ بَیۡنَهُمۡ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق