الباحث القرآني

(p-123)﴿كُتِبَ عَلَيْكم إذا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْتُ﴾ أيْ حَضَرَتْ أسْبابُهُ وظَهَرَتْ أماراتُهُ. ﴿إنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ أيْ مالًا وقِيلَ مالًا كَثِيرًا، لِما رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ: أنَّ مَوْلًى لَهُ أرادَ أنْ يُوصِيَ ولَهُ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَمَنَعَهُ وقالَ: قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ والخَيْرُ هو المالُ الكَثِيرُ. وَعَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها: أنَّ رَجُلًا أرادَ أنْ يُوصِيَ فَسَألَتْهُ كَمْ مالُكَ؟ فَقالَ: ثَلاثَةُ آلافٍ. فَقالَتْ: كَمْ عِيالُكَ؟ قالَ: أرْبَعَةٌ. قالَتْ: إنَّما قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾ وإنَّ هَذا لَشَيْءٌ يَسِيرٌ فاتْرُكْهُ لِعِيالِكَ. ﴿الوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ والأقْرَبِينَ﴾ مَرْفُوعُ بِكُتِبَ، وتَذْكِيرُ فِعْلِها لِلْفَصْلِ، أوْ عَلى تَأْوِيلِ أنْ يُوصِيَ أوِ الإيصاءِ ولِذَلِكَ ذَكَرَ الرّاجِعَ في قَوْلِهِ: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ﴾ . والعامِلُ في إذا مَدْلُولُ كُتِبَ لا الوَصِيَّةُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْها. وقِيلَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ﴿لِلْوالِدَيْنِ﴾، والجُمْلَةُ جَوابُ الشَّرْطِ بِإضْمارِ الفاءِ كَقَوْلِهِ: ؎ مَن يَفْعَلِ الحَسَناتِ اللَّهُ يَشْكُرُها... والشَّرُّ بِالشَّرِ عِنْدَ اللَّهِ مِثْلانِ وَرُّدَّ بِأنَّهُ إنْ صَحَّ فَمِن ضَرُوراتِ الشِّعْرِ. وكانَ هَذا الحُكْمُ في بَدْءِ الإسْلامِ فَنُسِخَ بِآيَةِ المَوارِيثِ وبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «إنَّ اللَّهَ أعْطى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، ألا لا وصِيَّةَ لِوارِثٍ» . وفِيهِ نَظَرٌ: لِأنَّ آيَةَ المَوارِيثِ لا تُعارِضُهُ بَلْ تُؤَكِّدُهُ مِن حَيْثُ إنَّها تَدُلُّ عَلى تَقْدِيمِ الوَصِيَّةِ مُطْلَقًا، والحَدِيثُ مِنَ الآحادِ، وتَلَقِّي الأُمَّةِ لَهُ بِالقَبُولِ لا يُلْحِقُهُ بِالمُتَواتِرِ. ولَعَلَّهُ احْتَرَزَ عَنْهُ مَن فَسَّرَ الوَصِيَّةَ بِما أوْصى بِهِ اللَّهُ مِن تَوْرِيثِ الوالِدَيْنِ والأقْرَبِينَ بِقَوْلِهِ ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ﴾ . أوْ بِإيصاءِ المُحْتَضِرِ لَهم بِتَوْفِيرِ ما أوْصى بِهِ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴿بِالمَعْرُوفِ﴾ بِالعَدْلِ فَلا يُفَضِّلُ الغِنى، ولا يَتَجاوَزُ الثُّلُثَ. ﴿حَقًّا عَلى المُتَّقِينَ﴾ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ أيْ حَقَّ ذَلِكَ حَقًّا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب