الباحث القرآني
ثم قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ [البقرة ١٨٠].
أولًا: في الإعراب ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ﴾ هذه فعل مبني للمجهول، فأين نائب الفاعل؟ الوصية. وفيه أيضًا إشكال نحوي وهي أن ﴿كُتِبَ﴾ فعل ماضٍ غير مؤنث و﴿الْوَصِيَّةُ﴾ مؤنثة فما هو السبب في أنه ترك التأنيث؟
* طالب: الفصل.
* الشيخ: نعم، الفصل، هل هناك علة أخرى؟
* طالب: هذا زائد يعني ليس التأنيث ليس واجبًا.
* الشيخ: لماذا؟
* الطالب: لأنه يعني الضمير، يعني ليس في الفعل يتصل بالفعل ضمير يعود على هذا.
* الشيخ: الحكم صحيح والتعليل غير صحيح.
* طالب: لأن تأنيثه غير حقيقي.
* الشيخ: غير حقيقي، هل عندك شاهد من كلام ابن مالك؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما يصلح؛ لأن القصد منه جوابًا (...) فرض على الإنسان الوصية للوالدين والأقربين، فما رأيك في هذه الآية أمحكمة أم منسوخة؟ قال الله عز وجل: في مناقشة قبل هذه، لو قال قائل: إن الله فرض الفرائض قال: للأم السدس، للأب السدس، للزوجة الثمن أو الربع أو ما أشبه ذلك، ولو أوجبنا الوصية ما كان لهم السدس كاملًا؛ لأن المال سينقص بمقداره؟ فما هو الجواب؟
* طالب: الجواب أن الله سبحانه وتعالى قد أوصى، قال: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء ١١].
* الشيخ: أوصى؟
* الطالب: يعني: أن نخرج الوصية إذا كان هذا الميت قد أوصى بشيء.
* الشيخ: أنه ذكر هذه السهام من بعد؟
* الطالب: من بعد الوصية.
* الشيخ: من بعد الوصية، زين.
* طالب: شيخ، بالنسبة للوالدين (...).
* الشيخ: قلنا: إنه ما يوصى لهم بما يرغبوا؛ لأن المال يكون لغيرهم، والله يقول: ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ﴾، واللام للتمليك وهما؟
* الطالب: بس (...).
* الشيخ: لا ما له علاقة؛ لأن هذه وصية للتمليك ما هي نفقة وصية للتمليك، فما دام أن الله قال: للوالدين واللام للتمليك، فإنه مثل قوله: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾ [النساء ١١]، وإذا كانا رقيقين لم يرثاه.
* طالب: (...).
* الشيخ: قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ»[[متفق عليه؛ البخاري (2379)، ومسلم (1543 / 80) من حديث عبد الله بن عمر، ولفظ البخاري: «منِ ابتاعَ عبدًا ولهُ مالٌ فمالُهُ لِلذِي باعَهُ».]].
* الطالب: لا، بالنسبة للآية، ما دلت على أنه..؟ اللام، وأيش قوله: ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ﴾. وأيش اللام؟
* الطالب: للتمليك.
* الشيخ: طيب.
* طالب: بس ما يفيد عن كونهما والدين.
* الشيخ: لا، الآن مثلا قال الله تعالى ﴿وَلِأَبَوَيْهِ﴾ في الميراث: ﴿وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ﴾ [النساء ١١]. لكل واحد منهما السدس إذا مات الابن، طيب لو كانا رقيقين؟
* طالب: الأبناء؟
* الشيخ: الآباء. ﴿وَلِأَبَوَيْهِ﴾، لو كانا رقيقين؟
* طالب: مَن؟
* الشيخ: هما الوالدان، مات ميت عن أبوين رقيقين يرثان ولَّا لا؟
* طالب: والله هذه اللي مرت علينا (...).
* الشيخ: (...) مرت علينا.
؎وَيَمْنَعُ الْإِرْثَ عَلَى الْيَقِينِ ∗∗∗ رِقٌّ وَقَتْلٌ وَاخْتِلَافُ دِينِ
والسبب في ذلك أن الرسول ﷺ جعل مال المملوك لمالكه: «مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْرِطَ الْمُبْتَاعُ»[[متفق عليه؛ البخاري (2379)، ومسلم (1543 / 80) من حديث عبد الله بن عمر.]].
قال الله عز وجل: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة ١٨١]. الفاء هذه عاطفة، و﴿مَنْ﴾ شرطية، و﴿بَدَّلَ﴾ فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط.
وقوله: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ﴾ الجملة؟ جواب الشرط واقترنت بالفاء؛ لأنها جملة اسمية. وقوله: ﴿عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ هذا إظهار في موضع الإضمار وإلا كان مقتضى السياق أن يقال: فإنما إثمه عليه؛ أي: على المبدل. وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ للتهديد.
نرجع إلى ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ ﴿بَدَّلَهُ﴾ أي: بدل الإيصاء أي: المفهوم من الوصية وإلا فقد يقول قائل: الوصية مؤنثة، والهاء في ﴿مَنْ بَدَّلَهُ﴾؟ مذكر فكيف عاد المذكر على المؤنث؟ نقول: إنه يعود على المصدر المفهوم من قوله: ﴿وَصِيَّةٍ﴾ وهو الإيصاء أي: فمن بدل الإيصاء، فقوله: ﴿بَدَّلَهُ﴾ أي: غيره بنقص أو زيادة أو منع، هذا التبديل إما أن ينقص أو يزيد أو يمنع، إن نقص فالضرر على من؟ الموصى له، وإن زاد فعلى الورثة، وإن منع فعلى الموصى له كل هذه الصور الثلاث تدخل في قوله: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾.
وقوله: ﴿بَعْدَمَا سَمِعَهُ﴾ بعد ما سمعه، قال أهل العلم: عبر بالسمع عن العلم؛ لأن السمع من الحواس الظاهرة والعلم من التصورات الباطنة أي: فمن بدله بعد أن يعلمه علم اليقين كما لو سمعه بنفسه، كما لو سمعه بنفسه، ومعلوم أن العلم بالوصية لا يتوقف على السماع قولك؟ قد يكون بالكتابة، وقد يكون بشهادة شهود، وهو ما سمع الموصي، وما إلى ذلك، لكنه كأنه -والله أعلم- عبر بالسمع ليفيد أنه تيقنه كالمسموع لديه ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ﴾، أما من بدل جاهلًا ولم يعلم فلا إثم عليه، لكن عليه الضمان فيما لو تبين أن الوصية على خلاف ما تصرف فيه؛ لأن الواجب عليه أن يتثبت في التصرف لمال غيره.
وقوله: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ فإنما إثمه، إثمه الضمير يعود على التبديل، يعني فهذا الإثم يعود ما هو على الموصي ولا على الورثة، يعود على المبدل ﴿عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ أي: يغيرونه، وفائدة الإظهار في موضع الإضمار هنا فائدته الإشارة إلى بيان علة، الإشارة إلى بيان العلة، وإذا كان الأقربون وارثين فإنه لا وصية لهم، إذا كانوا غير وارثين فإنها تجب الوصية لهم، وعلى هذا فتكون الآية من باب المخصوصات لا من باب المنسوخات.
وقد تقدم لنا مرارًا أنه كلما أمكن الجمع حرم العدول إلى النسخ؛ لأن النسخ معناه عدم العمل بأحد الدليلين وهو المنسوخ؛ يعني يلغى ويرفع من الشريعة، والتخصيص عمل بهما جميعًا، ولكن يرفع حكم العموم عن بعض أفراده بمقتضى الدليل المخصص، واضح ولَّا لا؟ وهذا لا شك أنه أولى كوننا نعمل بالنصوص الشرعية كلها لا شك أنه هو الواجب بدلًا من أن نلغي هذا النص ودلالته وحكمه، وإلى هذا ذهب ابن عباس وطائفة من أهل العلم على أن الآية محكمة غير منسوخة لكنها مخصوصة، وهذا وهو الذي نراه وندين الله به، يعني الله أكد هذه الوصية بما رأيتم، فكيف نقول: إنها منسوخة، وهذا تأكيد ﴿كُتِبَ﴾ هذا خبر ما هو أمر بعد ﴿كُتِبَ﴾ وإن كان خبرًا بمعنى الأمر؛ لأن معناها فرض، لكن مثل هذه التأكيدات في هذا الحكم ثم ينسخ هذا شيء فيه بعد، فإذا قال قائل: كيف يكون الوالدان غير وارثين؟ نقول: ممكن، لو كان أبوك رقيقًا يرث ولَّا ما يرث؟
* طالب: ما يرث.
* الشيخ: ما يرث، لكن مع ذلك ما نقول بالوصية له؛ لأنك لو وصيت له أخذها سيده فلا يستفيد. لكن لو كان الأب مخالفًا لك في الدين؟ يرث ولَّا لا؟
* طالب: لا يرث.
* الشيخ: لا يرث، فتوصي له، لو كان الوالد قاتلًا قتلًا خطأ على القول بأن قتل الخطأ يمنع من الميراث يمكن هذا ولَّا ما يمكن؟
* طالب: يمكن.
* الشيخ: يمكن، أليس كذلك؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: افرض مثلًا أن هذا الرجل مع أبيه، والأب هو السائق وحصل حادث على السيارة بسبب تفريط الأب، ثم إن الولد أُصيب بالحادث لكنه ما مات في الحال، دخل المستشفى وبقي يومين ثلاثة أربعة ثم مات من الحادث، على المشهور من المذهب الوالد يرث ولَّا ما يرث؟ لا يرث، هذا الابن أوصى لأبيه في هذه الحال يصح ولَّا لا؟ يصح؛ لأنهم غير وارثين والرسول ﷺ يقول: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»[[أخرجه أبو داود (2870)، والترمذي (2120) من حديث أبي أمامة الباهلي.]] فقط، كذلك بالنسبة للأقربين واضح أوضح وأوضح فإن أخاك مع أبيك لا يرثك، أليس كذلك؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: وهو من أقرب الناس إليك فتوصي له، فإن قال قائل: إن الله فرض للأب السدس مثلًا، وللأم السدس، وللزوجة الربع، وللزوج النصف وما أشبه ذلك، وهذا يقتضي أن يكون لهم السدس كاملًا، ومع تنفيذ الوصية لا يكون لهم إلا سدس ناقص بقدر الوصية؟ قلنا: إن الله صرح بأن لهم هذا السهم ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾. وعلى هذا فلا إشكال في الآية، لا إشكال في تقدير أنصباء الورثة، وهذا القول هو الذي به تجتمع الأدلة، وعلى هذا فيجب على الإنسان إذا مرض أن يوصي ولو بشيء قليل من ماله لأقاربه، واعلم أن صلة الرحم والأقارب من أفضل الأعمال اللي تقرب إلى الله، فهذه إحدى أمهات المؤمنين أخبرت النبي عليه الصلاة والسلام أنها أعتقت جارية لها فقال: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ لَكَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ»[[متفق عليه؛ البخاري (2592)، ومسلم (999 / 44)]] شوف، جعل الرسول أفضل منين؟ من العتق، فلا تظن أنك مثلًا إذا أوصيت بثلثك يجعل (...) وما أشبه ذلك من الأشياء التي قد يكون ما يترتب عليه من المفاسد في المستقبل أكثر من مصالحها، لا تظن أن هذا أفضل من كونك توصي لأخيك الذي لا يرث، ولأختك التي لا ترث، ولجدتك التي لا ترث، وما أشبه ذلك، هذا الأخير أفضل لا شك؛ لأنه من صلة الرحم، ثم إن الآية هذه صريحة ولا أعلم لمن قال بالنسخ وجهة في أدلتهم أبدًا.
* طالب: لو قيل دائمًا إن الحالات التي ذكرتها الآن ليست على الوجوب؛ لأن كتب بمعنى (فرض)، بل هي على سبيل الجواز، فعلى أي وجه يكون الجواب؟
* الشيخ: لا، نقول: على سبيل الوجوب، كيف على سبيل؟
* طالب: على سبيل الوجوب الذي والده كافر؟
* الشيخ: نعم، لأن الله قال: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان ١٥]. فالكافر إذا صار قريبًا له حق القرابة.
* طالب: شيخ، تعبير البعض يعني: بعض العلماء أجدهم يعني في هذه الآية يقول: نسخ بعضها، هذا التعبير يعني..؟
* الشيخ: هذا التعبير صحيح، وقد يطلقه الأقدمون، هذا معروف في أساليب الأولين في القدامى من السلف يعبرون بالنسخ عن التخصيص وهو صحيح؛ لأن التخصيص فيه نوع نسخ فبدلًا من أن يكون الحكم شامل لكل الأفراد رفع الحكم عن بعض هؤلاء الأفراد فهو نسخ في حقهم، ثم قال الله تعالى: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ [البقرة ١٨٠، ١٨١].
والنداء عليهم بهذا الأمر أو بهذه الجناية التي جَنْوَها، وهي أيضًا إشارة إلى العلة، وهي أيضًا تفيد التعميم يعني كل من بدل بما هو مؤتمن عليه فإنه عليه الإثم.
قوله: ﴿عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة ١٨١] أي: يبدلون أيش؟ الإيصاء، يبدلون الإيصاء، ثم قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ الجملة هذه جملة تعليلية لا محل لها من الإعراب، وفائدتها التهديد، وكيف نقول في سميع عليم؟
بعضهم وزع هذين الاسمين فقال: سميع لوصية الموصي، عليم بتبديل المبدّل، فما رأيكم في هذا؟ وزَّع الاسمين على الموصِي وعلى المبدِّل فقال: سميع لوصيته، عليم بتبديل المبدل، وعندي أن الأوْلى أن تُجعَل على العموم؛ لأن الوصية قد لا تكون مسموعة، قد تكون مكتوبة، يكتبها الموصي، قد يكتبها بيده فلا تُسمَع فيكون مُتعلَّقها العلم، وكذلك التغيير تغيير الوصي، هل هو يعني لا يكون إلَّا بغير الصوت؟ قد يكون بالصوت قد يقول الوصي مثلًا: خذ يا فلان عشرين ألفًا وهو ما وصي له إلا بعشرة آلاف ريال، فيكون مصوتًا بصوت يُسمَع، فالصواب أن هذين الاسمين عائدان إلى الوصيِّ والموصي، فإذا قال قائل: ما وجه تعلُّق العلم بالموصي؟ نقول: وجهه ظاهر لأن الموصي قد يحيف في وصيته فيكون مهدَّدًا بماذا؟ بعلم الله، فيكون مهددًا بعلم الله.
* طالب: (...).
* الشيخ: كيف؟
* طالب: (...) ولولا تعميمها في كل آية (...).
* الشيخ: إي نعم، ها الأصل هو التعميم، ما دام أن التعليل تعقَّب جملًا أو أحكامًا فهو لها كلها هذا هو الأصل. ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ هذان اسمان من أسماء الله عز وجل، أما السميع فيتعلق بجميع الأصوات كل الأصوات رفيعها وخافضها، المفهوم وغير المفهوم، ما من صوت وإن خَفِي إلا والله جل وعلا يسمعه، وقد تقدم لنا أن عائشة رضي الله عنها لما نزل قوله سبحانه وتعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾ [المجادلة ١] قالت: «تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَفِي الْحُجْرَةِ، وَإِنَّهُ لَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُ حَدِيثِهَا»[[أخرجه النسائي (٣٤٠٦)، وابن ماجه (١٨٨، ٢٠٦٣)، وأحمد (٢٤١٩٥) من حديث عائشة.]]، والله جل وعلا من فوق سبع سماوات يسمع كلام هذه المرأة التي تجادل الرسول ﷺ، ففي هذا دليل على إحاطة سمع الله بكل شيء.
وسبق لنا أن السمع ينقسم إلى قسمين: سمع إدراك، وسمع إجابة، وأن الإدراك كم؟ ثلاثة أقسام: تهديد، وتأييد، ومجرد الإدراك والإحاطة لا تهديد ولا تأييد، وأما سمع الإجابة فإنه في قوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ [إبراهيم ٣٩] أي: مجيبه، وقوله: ﴿عَلِيمٌ﴾ العلم من أوسع ما يكون تعلقًا من صفات الله، من أوسع ما يكون، قال السفاريني رحمه الله:
؎وَالْعِلْمُ وَالْكَلَامُ قَدْ تَعَلَّقَا ∗∗∗ بِكُلِّ شَيْءٍ.........
يعني: من الواجب والجائز والمستحيل، كل شيء، فالله تعالى يعلم الواجب ويعلم الجائز ويعلم المستحيل، يعلم الواجب مثل أيش؟
* طالب: يعلم ذاته.
* الشيخ: نعم، يعلم ما يتعلق بذاته وصفاته، وما يجب له من صفات الكمال، ويعلم الجائز ما يتعلق بالمخلوقات الممكنات؛ لأن كل المخلوقات من قسم الممكن الجائز، ويعلم المستحيل مثل قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [الأنبياء ٢٢].
هذا مستحيل، مستحيل أن يكون في السموات والأرض آلهة سوى الله، ومع ذلك أخبر الله بأنه لو كان لفسدتا، إلى غير ذلك مما أخبر الله به عن الأمور التي لا يمكن أن تقع، مستحيلة.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ عِلْم الله عز وجل كما يتعلق في الظاهر يتعلق بالباطن ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ [ق ١٦]، ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة ٢٣٥].
فإذا آمنت بأن الله تعالى محيط علمُه بكل شيء أوجب لك ذلك تمام الخشية منه والخوف، وأن لا يفقِدَك حيث أمرك ولا يجِدَك حيث نهاك.
* طالب: حين يجمع بين العليم والخبير، ما الفرق بينهما؟
* الشيخ: الفرق أنه يكون الخبير ببواطن الأمور والعليم بالظواهر.
* طالب: إذا قال الإنسان: أو لا، قال المجاوب: نعم؛ يعني: نعم لا؟
* الشيخ: لا، نعم ظاهر قصده ما هو بنعم لا، إذا قلت: هل هذا كذا أو لا؟
* طالب: على تقدير حرف نعم أو لا..
* الشيخ: نعم، الأول.
* طالب: شيخ، (...) ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ سميع لكل مسموع، سليم هذا التعبير ولَّا؟
* الشيخ: لا، الأحسن تقول لكل صوت؛ لأنه هنا أشياء لا نسمعه يسمعه الله.
* الطالب: سميعًا لكل سمع بالنسبة لله.
* الشيخ: لكل مسموع بالنسبة لله؟ لا، يصير هذا تحصيل حاصل؛ لأننا لو قلنا: سميع لكل مسموع، معناه سميع لما يسمع (...) لكل مسموع منه.
* طالب: لكل مسموع شأنه أن يسمع.
* الشيخ: بلى، إحنا نقول نقول لكل صوت أحسن.
* طالب: ما في صوت إلا ويسمعه الله.
* الشيخ: ما من صوت إلا ويسمعه الله، نعم. يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ نقول: (...) هذه أحسن، إحنا نقول مثلًا: إن كلام (...) فيه شيء، لكن نقول: هذا أحسن وأطيب.
قال: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة ١٨٢] قوله: ﴿فَمَنْ خَافَ﴾ نقول في (مَنْ) كما قلنا في الأول أنها شرطية، و﴿خَافَ﴾ فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط.
وقوله: ﴿فَأَصْلَحَ﴾ جواب الشرط؟
* طالب: صحيح.
* الشيخ: صحيح؟ لا، خطأ.
* طالب: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾.
* الشيخ: الجواب ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ ﴿فَأَصْلَحَ﴾ معطوفة على خاف.
وقوله: ﴿جَنَفًا﴾ الجنف الميل عن غير قصد، ﴿أَوْ إِثْمًا﴾ الميل عن قصد، ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ أي: فعل صالحًا، وليس المعنى أصلح الشقاق؛ لأنه قد لا يكون هناك شقاق؛ لكن أصلح بمعنى حول الأمر إلى شيء أيش؟ صالح كما تقول: أصلحت الكسر وأصلحت العيب، يعني فأصلح الوصية، ولكن هكذا قال بعض المفسرين، لكن هذا القول وإن كان وجيهًا من بعض الوجوه لكن كلمة ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ تدل على أن المراد بذلك إصلاح الشقاق بينهم إذ إن البينية لا تكون إلا بين شيئين.
وقوله: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ أي فلا عقوبة وهذا كالمستثنى من قوله تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ﴾ [البقرة ١٨١].
﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ جملة تعليلية للحكم.
يقول الله عز وجل: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ﴾ تشمل الخوف منه في حياته، إنك تخاف أن يقع في إثم، وحينئذ يكون أصلح لا شك أن المراد بها ضد الفساد لا إصلاح الشقاق؛ لأنه إلى الآن ما وقع الشقاق؛ إذا كانت المسألة من الإنسان إلى الموصي مثلًا طلبك رجل مريض وقال: أريد أن تكتب وصيتي، قلت: تفضل أوصى. قال: أوصيتُ لبنتي فلانة بخمس مالي، هنا حكم (مِن) أيش؟ الجنف أو الإثم، إن كان الرجل جاهلًا فهو جنف، وإن كان عالمًا فهو إثم، إذا كان جاهلًا أعلمه، وأقول: هذا لا يحل لك، نعدل الوصية نلغيها فهمتم؟ إذا كان عالمًا أنصحه وأعظه وأخوِّفه بالله لأن بعض الناس -والعياذ بالله- إذا كان (...) عصبة أبناء عم ولا سيما إن كان بينه وبينهم شيء من العداوة، تجده يحرص على أنه يحصر ماله في بناته مثلًا، أو ما أشبه ذلك، هذا ما يجوز، هذا حرام، فيوصي للبنات بالوقف يقول: وقَّفْتُ بيتي على بناتي. نقول: يا رجال، هذا ما يجوز تُوَقَّف بيتك على بناتك بعد موتك، هذه وصية لوارث، قال: هذا بيصيرين أرامل وضعيفات ما عندهن أحد، وعيال عمي (...) ماذا نقول له؟
* طالب: (...).
* طالب آخر: إن كان جاهلًا (...).
* الشيخ: نُصْلِح نصلح، نصلحه نُصْلِح بينهم، نقول: هذا شيء لا يجوز، ويجب أن تغير، واضح؟ أما إذا كانت الوصية خاف من موص جنفًا بحيث يكون ذلك من بعد موته، بعد موت الموصي أطلع على وصيته فإذا هي مخالفة للشرع، فحينئذ تكون ﴿أَصْلَحَ﴾ معناها أزال الشقاق؛ لأنه إذا أراد أن يغيرها والموصَى له قد علم، أيش يقول الموصى له؟ يقول: لا ما يمكن، والورثة يقولون: لا ما يمكن يوصى له، فيحصل الشقاق فإذا أصلح بينهم ورد الأمر إلى نصابه، وإلى ما تقتضيه الشريعة الإسلامية فلا إثم عليه.
تبين لنا الآن أن الآية الثانية كالاستثناء من الآية الأولى ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة ١٨١].
وقوله: ﴿فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ لماذا لم يقل: فلا إثمٌ عليه؟
* الطلبة: نافية للجنس.
* الشيخ: لأنها نافية للجنس، والنافية للجنس هنا أعم يعم القليل والكثير، ثم قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
قال: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾ [البقرة ١٨٠] إلى آخره.
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الوصية للوالدين والأقربين فرض على من ترك مالًا كثيرًا، تؤخذ؟
* الطلبة: من ﴿كُتِبَ﴾.
* الشيخ: ويش بعد؟
* الطلبة: حقًّا.
* الشيخ: و﴿حَقًّا﴾ و﴿عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾.
لكن هذه الآية خُصِّصَت بآيات المواريث، تبع الفائدة، نعم خصصت بآيات المواريث فمن ورث من هؤلاء فلا وصية له، لقول النبي ﷺ: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»[[أخرجه أبو داود (٢٨٧٠، ٣٥٦٥)، والترمذي (٢١٢٠)، وابن ماجه (٢٧١٣) من حديث أبي أمامة، والترمذي (٢١٢١)، والنسائي (٢٦٤١، ٣٦٤٢، ٣٦٤٣)، وابن ماجه (٢٧١٢) من حديث عمرو بن خارجة، وابن ماجه (٢٧١٤) من حديث أنس.]].
* ومن فوائد الآية: اعتبار قول من حضره الموت؛ لقوله: ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [البقرة ١٨٠].
إن قوله معتبر ولكنه مقيد بما إذا كان يعي ما يقول أما إذا كان لا يعي ما يقول فليس بمعتبَر، والموتى يختلفون منهم من يعي ما يقول إلى أن تخرج روحه، ومنهم من يذهل ولا يحس بشيء.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن للقرابة حقًّا في مال الإنسان؛ لقوله: ﴿الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ﴾.
* ومنها: اعتبار الأقرب فالأقرب؛ لقوله: ﴿وَالْأَقْرَبِينَ﴾.
* ومنها: أن الوصية هنا ليست مقيدة بجزء معين بل هي بالمعروف.
* ومنها: تأكيد حكم هذه الوصية بقوله: ﴿حَقًّا﴾.
* ومن فوائد الآية أيضًا: أن المتقي لله عز وجل هو المنفِّذ لأحكامه؛ لقوله: ﴿حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾.
* طالب: شيخ، (...) ألا يتعارض مع الحديث: لا يحل لمؤمن (...).
* الشيخ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ».
* طالب: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (٢٧٣٨)، ومسلم (١٦٢٧ / ١) من حديث ابن عمر.]].
* الشيخ: ما تفيد هذا لكنه تفيد جواز الوصية عند حضور الأجل، ولَّا في الحزن لا شك أنه يدل عليه حديث ابن عمر لأنه يسمى ما يدري (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: (...) معناه أنه لا بد أن يفعل هذا الظاهر والله أعلم، ما هو بلازم في هذا الوقت.
* طالب: شيخنا، بعض العلماء (...) هذه الآية مثال على نسخ السنة بالقرآن.
* الشيخ: أو القرآن بالسنة.
* طالب: لا، السنة بالقرآن.
* الشيخ: القرآن بالسنة.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: (...).
* طالب: حديث أبي أمامة اللي يقول:« «إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»[[أخرجه أبو داود (٢٨٧٠، ٣٥٦٥)، والترمذي (٢١٢٠)، وابن ماجه (٢٧١٣) من حديث أبي أمامة.]].
* الشيخ: نسخ القرآن بالسنة.
* طالب: إي، يعني السنة هس اللي ناسخة.
* الشيخ: إي (...).
* طالب: ما يصح هذا؟
* الشيخ: ما يصح، لأن الحديث هذا مُبَيِّن للناسخ مبين، وليس هو الناسخ، الناسخ الآية التي نسخت.
* طالب: لكن يرد هذا (...) الآية ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ [النساء ١٢] الآيات، يقول: معناه أن الآية هذه ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ﴾ ما فيه نسخ.
* الشيخ: ما في أيش؟
* طالب: (...) آية المواريث والآية ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ﴾: فالواحد يقول: ما فيه نسخ، يعني هذا وصية للوالدين، للأقربين، وهذا نقول: مثلًا (...).
* الشيخ: لكن لما قال: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ﴾ [النساء ١١] المواريث قال: من بعد وصية، وقال فيها: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ﴾ [الطلاق ١]
فلما قال من بعد وصية، وقال: إن هذه محددة عُلِم أن الوصية لغير هؤلاء، وإلا لكانت هذه الأنصبة غير محددة.
* طالب: من بعد وصية لهم، أو لغيرهم؟
* الشيخ: طيب، لهم ولغيرهم، لكن لو أوصى لهم لزاد على هذه الحدود، لو أوصت المرأة لزوجها لزادت على النصف، لزاد على النصف والله يقول: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾
* طالب: إذن ما الحاجة (...).
* الشيخ: لا، يبين، لا شك أنه يبين للناس، يعني بَيَّن لنا عليه الصلاة والسلام أن هذه الفرائض خصصت آية الوصية ما نسختها، والصحيح أنه مبين مثَّلوا بهذا، يعني بعض الأصوليين مثل بهذا بأن هذا الحديث ناسخ للقرآن، والصواب أنه ليس بناسخ حتى لو فُرِضَ أنه هو المستقل فليس بناسخ؛ لأنه مخصص فقط.
* طالب: شيخ، (...) قال: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ﴾ [النساء ١١]. الوصية الآن قبل الموت (...) فالوصية خارجة عن (...) هذا موضوع خارج؟
* الشيخ: الوصية متى تثبت؟
* طالب: تثبت بعد الموت.
* الشيخ: والميراث؟ بعد الموت فإذن يكون الوصية، عارف لأنك تريده بعد الموت، المهم على كل حال الحديث هذا بعض العلماء يقول: إنه دليل على نسخ القرآن بالسنة، ولكنه ليس بصحيح، أولًا إنه ليس هذا بنسخ، بل هو من باب التخصيص، ثم على فرض أنه نسخ فهو مُبَيِّن للناسخ وليس بناسخ.
* طالب: شيخ، الوصية (...)؟
* الشيخ: نعم، هذا صحيح الوصية هنا مطلقة، لكن قوله: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾ مقيد له، لأن المعروف ما عرفه الشرع وما جرى به العرف.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي نعم، فيها لكن هذا استحسان ما هو بلازم.
يقول: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾.
* يستفاد من هذه الآية الكريمة: أن من فعل الخير، ثم غُيِّرَ بعده كُتِبَ له ما أراد؛ لقوله: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن من بدل الوصية جهلًا فلا إثم عليه؛ لقوله: ﴿بَعْدَمَا سَمِعَهُ﴾، ويؤخذ من هذا بل من باب أولى أنه لو تصرف في الوصية تصرُّفًا خطأ يعتقد أنه على صواب، فإنه لا ضمان عليه لأنه مولًّى، مولى على التصرف فيها، فإذا أخطأ فلا ضمان إذا لم يكن هناك تفريط أو تعدي.
* ومن فوائد الآية الكريمة: تحريم تغيير الوصية؛ لقوله: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾.
فيجب أن يُعْمَل بوصية الموصي على حسب ما أوصى، إلا ما سيأتي إن شاء الله في الآيات التي بعدها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسمين من أسماء الله وهما: السميع والعليم، وما تضمناه من الصفة والحكم أيضًا الذي هو الأثر، فالسميع اسم والسمع صفة، وكونه يسمع أثر، والعليم كذلك اسم، والعلم صفة، وكونه يعلم هو الأثر أو الحكم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إحاطة الله عز وجل بكل أعمال الخلق؛ لأنها ذُكِرَت عَقِب التهديد في قوله: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾، وهذا يدل على أن الله تعالى يسمع ويعلم.
* ومن فوائدها: الرد على القدرية والرد على الجبرية، ففيها ردٌّ على القدرية وردٌّ على الجبرية، الجبرية يقولون: إن الإنسان مجبر على عمله، مجبر على عمله ولا قدرة له ولا اختيار، وهؤلاء أنكروا حكمة الله عز وجل؛ لأننا إذا قلنا بهذا القول الباطل انتفت حكمة الأمر والنهي، وصار من فَعَل ما أُمِر به أو ترك ما نهي عنه ليس أهلًا للمدح ولا للذم، السبب؟
* طالب: أنهم آلة.
* الشيخ: لأن جميعهم آلة، ما عندهم قدرة ولا اختيار ولا شيء، وكذلك أبطلوا حكمة الله تعالى في الجزاء لأنه يجزي المحسن وهو غير محسن في الواقع، ويثيب العاصي وهو غير عاص.
* الطلبة: يجازي العاصي.
* الشيخ: يثيب العاصي، وهو غير عاص ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المطففين ٣٦].
طيب، أقول: فيها رد على الجبرية؛ لقوله: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ هذا وجه الرد على الجبرية، فأضاف التبديل إلى الإنسان.
﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ فيها رد على القدرية الذين يقولون: إن الإنسان مستقل بعمله ولا تتعلق به إرادة الله ولا خلق الله، ما لله عليه إرادة ولا قدرة ولا خلق قول من؟
* طالب: القدرية.
* الشيخ: القدرية، وغلاتهم ينكرون العلم والكتابة أيضًا، يقولون: إن أفعال العباد غير معلومة لله، ولا مكتوبة عندهم أفهمتم؟ هؤلاء الغلاة اللي خرجوا في زمن ابن عمر وقالوا: إن الأمر أُنُف مستأنف، ما كان الله ليعلم شيئًا مما نفعله إلا إذا وقع علمه بعد رؤيته أو سمعه. وجه الدلالة من هذه الآية على الرد عليهم أنه أثبت العلم لله، وقد قال الشافعي وغيره من السلف قال: ناظروا القدرية بالعلم، ناظروهم بالعلم، فإن أقروا به خُصِمُوا، وإن أنكروه كفروا.
(...) القدرية المقتصدون منهم والذين استقر مذهبهم عليه هم الذين يقولون: إن الله يعلم أفعال العباد، لكنه سبحانه وتعالى لا يشاؤها ولا يخلقها، إنه يعلمها ومكتوبة عنده، فقالوا لهم السلف: ناظروهم بالعلم، إن قالوا: إن الله يعلم خصموا، إن قالوا: إن الله ما يعلم كفروا، أما إذا قالوا: إن الله لا يعلم فكفرهم واضح لتكذيبهم القرآن، وأما إذا قالوا: إنه يعلم لكن ما يخلقها ولا يقدرها كيف يُخْصَمون؟ نقول: هذه الأشياء هل وقعت على خلاف معلومه أو على وفق معلومه؟ ماذا يقولون؟ سيقولون: على وفق معلومه؛ لأنه إن قالوا: على خلافه فمعناه ما عَلِم، فإذا كانت على وفق معلومه لزم أن تكون مرادة له وإلا لما وقع، فالحاصل أن في الآية ردًّا على الجبرية وعلى القدرية، نعم ولاحظوا أن القدرية والجبرية كلا منهم غلا في جانب من جوانب القدر، والوسط هو الخير فأهل السنة والجماعة كما تعرفون يثبتون لله العلم والكتابة والمشيئة، ويش بعد؟ والخلق، المشيئة هي الإرادة، والمشيئة والخلق، كما يثبتون للإنسان أيضًا إرادة ﴿مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ [آل عمران ١٥٢]، ويثبتون للإنسان أيضًا مشيئة ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الإنسان ٣٠].
ثم قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة ١٨٢].
هذه الآية استثناء من قوله: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ﴾ فيستفاد منها: نفي أو رفع الإثم عمن أصلح في الوصية إذا حصل جنف أو إثم، والفرق بينهما سبق في التفسير، الجنف: الخطأ من غير قصد، والإثم: الخطأ بقصد.
* ويستفاد منه: أنه قد يُعَبَّر بنفي الإثم دفعًا لتوهمه، وإن كان الأمر في نفسه واجبًا، وهذه فائدة تنفعكم في كثير من المسائل، أنه قد يعبر بنفي الإثم أو نفي الجناح دفعًا عن توهمه وإن كان الشيء أمرًا واجبًا، وهذا أقول: إنه ينفعكم في هذا المكان وفي غيره، فالإصلاح عندما يخاف جنفًا أو إثمًا أيش حكمه؟ واجب، لكن نفى الإثم الذي أُثْبت في قوله: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ﴾ فكأنه قال: ﴿لَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ ويرجع الأمر إلى أصله الأول وهو أن الإصلاح واجب، ونظيره قوله تعالى فيما سبق: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة ١٥٨]
هذا لنفي الجناح المتوهم من الطواف بين الصفا والمروة، ومثله قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء ١٠١]، مع أن قصر الصلاة للمسافر حكمه إما واجب أو سنة مؤكدة على رأي الجمهور، ومع ذلك نفى عنه الإثم دفعًا لتوهم الإثم في قصر الصلاة.
* ويستفاد من هذه الآية الكريمة: أن تغيير الوصية لدفع الإثم جائز ولَّا لا؟ جائز، ولكنه واجب من دليل آخر، واجب من دليل آخر ما هو من هذه الآية، طيب تغيير الوصية لما هو أفضل لا لدرء الإثم ما حكمه؟
* طالب: ما يجوز.
* الشيخ: ما تقولون فيه؟ فيه خلاف بين أهل العلم منهم من قال: لا يجوز، لا يجوز أن تغير الوصية لما هو أفضل لعموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ﴾ [البقرة ١٨١] ولم يستثن إلا ما وقع في الإثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير، وقال بعض أهل العلم: بل يجوز تغييره إلى ما هو أفضل، بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل؛ وذلك لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل؛ وكل ما كان أقرب فإنه أحب إلى الله وأنفع للموصي أيضًا والموصي بشر، قد يخفى عليه ما هو الأرجح وما هو الأفضل، ثم إنه يكون في وقت ما الأفضل غير ما هو الأفضل في وقت آخر، أليس كذلك؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: نعم ونحن أدركنا ما نسمعه من الناس أنه فيما سبق من أحب الأشياء إلى الفقراء أن يطبخ لهم الطعام واللحم ويأكلون، لكن الآن الدراهم أحب إليهم ومشاريع أخرى أنفع، وقال هؤلاء الذين أجازوا تغيير الوصية إلى ما هو أفضل قالوا: إن الرسول ﷺ أجاز تغيير النذر مع وجوبه لما هو أفضل، «فالرجل الذي جاء إليه وقال: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، قال: «صَلِّ هَاهُنَا» فأعاد عليه قال: «صَلِّ هَاهُنَا» فأعاد الثالثة، فقال: «اصْنَعْ مَا شِئْتَ»، أو كلام هذا معناه، قال «شَأْنَكَ إِذَنْ»[[أخرجه أبو داود (٣٣٠٥)، وأحمد (١٤٩١٩) من حديث جابر بن عبد الله.]] فهذا دليل على جواز تغيير الشيء إلى ما هو أفضل، والذي أراه في هذه المسألة أنه إذا كانت الوصية لمعين فإنه لا يجوز تغييرها؛ لتعلق حق المعين بها كما لو كانت الوصية على أولاده مثلًا، الوصية لأولاده وليس هناك وارث غيرهم، أو مثلا وَقَّفَ وَقْفًا على أولاده فإنه لا يجوز أن يُغَيِّر لماذا؟ لتعلق حق الغير المعين به، أما إذا كان على غير معين كما لو كان على المساجد، فرأينا أن الجهاد أن صرفه في الجهاد أولى صرفناه في الجهاد، على المساجد فأصاب المسلمين مسغبة، يضطرون إلى إنقاذهم من الجوع والعُرْي صار صرفها إلى هذا أفضل وأولى، فالمهم أن الذي نرى في هذه المسألة، لا في الوصية ولا في الوقف، أن ما كان على معين فإنه لا يصرف إلى غيره لتعلق حق المُعيَّن به، شخص معين كيف يصرفه إلى غيره، أما إذا كان على جهة كالفقراء والمساجد وطبع الكتب وما أشبه ذلك فإنه لا حرج أن يصرف إلى ما هو أفضل؛ لأن ذلك أنفع للموصِي والموقِف وأصلح.
* طالب: إن كان دارًا يا شيخ أو مسجدًا؟
* الشيخ: كل واحد سواء دار أو غير دار.
* طالب: مثلا يعني (...) إذا رأى أن المسجد (...)؟
* الشيخ: إي نعم، وكذلك المسجد لو تعطل.
* طالب: أو دار.
* الشيخ: وكذلك المسجد لو تعطل مثلًا، ورحل الناس عن مَحَلته فلا حرج أن يبيعه، وينقله إلى مكان آخر.
* طالب: والدار كذلك؟
* الشيخ: وكذلك الدار على غير معين.
* طالب: (...) يجيب؟
* الشيخ: يجيب عليه إن قوله: ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ اعتبار الأصلح.
* طالب: لكن من يغير؟
* الشيخ: يغيره الوليُّ؛ لأن الوصية لا بد فيها من وصيٍّ، فإن لم يكن وصيٌّ خاص فالولي العام؛ القاضي.
* طالب: (...) معرفة الأمور (...).
* الشيخ: إذا لم يصلْ إلى هذا، فإنه يجب على الحاكم الشرعي أن يضم إليه أمينٌ عادلٌ، ما تخل للأوقاف العامة هكذا، أما الخاصَّة فشأنه، ما تغير الخاص، لكن الأوقاف العامة لا بد إذا كان الناظر عليها في الوقف أو الوصي في الوصية، إذا كان غير أهل إما لعدم قوته أو لعدم أمانته فإنه يضم إليه من يقوم بالأمر.
* ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات اسمين من أسماء الله وهما: الغفور والرحيم، وما تضمناه من وصف وحكم، وما تضمناه من وصف وحكم؛ لقوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة ١٩٢].
* ومن فوائد الآية: فضيلة الإصلاح؛ لقوله: ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ﴾ حيث إن الإصلاح الآن صار فيه خير وهو درء الإثم عن الموصي، وإزالة العداوة والشحناء بين الموصَى إليه والورثة؛ لقوله: ﴿فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [البقرة ١٨٢].
{"ayahs_start":180,"ayahs":["كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ","فَمَنۢ بَدَّلَهُۥ بَعۡدَ مَا سَمِعَهُۥ فَإِنَّمَاۤ إِثۡمُهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ یُبَدِّلُونَهُۥۤۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِیعٌ عَلِیمࣱ","فَمَنۡ خَافَ مِن مُّوصࣲ جَنَفًا أَوۡ إِثۡمࣰا فَأَصۡلَحَ بَیۡنَهُمۡ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"],"ayah":"كُتِبَ عَلَیۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَیۡرًا ٱلۡوَصِیَّةُ لِلۡوَ ٰلِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُتَّقِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق