الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين جَاءُوا بالإفك عصبَة مِنْكُم﴾ هَذِه الْآيَات فِي قصَّة عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - وَكَانَ سَبَب نُزُولهَا مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيّ، عَن عُرْوَة وَسَعِيد بن الْمسيب وعلقمة بن وَقاص وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة كلهم عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " كَانَ رَسُول الله إِذا خرج إِلَى سفر أَقرع بَين نِسَائِهِ، فَخرج إِلَى غَزْوَة غَزَاهَا، وأقرع بَين نِسَائِهِ، فَخرجت قرعتي " وَفِي رِوَايَة: أَن الْغَزْوَة كَانَت غَزْوَة مريسيع، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: أَن الْغَزْوَة كَانَت غَزْوَة بني المصطلق، وَقَالَت: فَلَمَّا رَجعْنَا قبل الْمَدِينَة عرس رَسُول الله لَيْلَة، ثمَّ إِنَّهُم آذنوا بالرحيل، فَخرجت لحاجتي فَلَمَّا قضيت شأني رجعت فَالْتمست صَدْرِي، فَوجدت عقدا لي من جزع ظفار سقط، فَرَجَعت، وَجَاء الْقَوْم الَّذين يرحلون هودجي، وَوَضَعُوا الهودج على الْبَعِير، وظنوا أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاك خفافا، فَإِنَّمَا يأكلن الْعلقَة من الطَّعَام، فَرَجَعت وَقد مر الْجَيْش، فَلَا دَاع وَلَا مُجيب، وَكَانَ صَفْوَان بن الْمُعَطل السّلمِيّ كَانَ تَأَخّر عَن الْجَيْش، وَفِي رِوَايَة: أَنه كَانَ يعْتَاد التَّأَخُّر، حَتَّى إِن كَانَ سقط من أحد شَيْء، أَو ترك إِنْسَان شَيْئا يَأْخُذهُ، وَيَردهُ عَلَيْهِ، فجَاء ورائي، فَاسْتَرْجع وَمَا كلمني بِكَلِمَة وَقد استدلت جلبابي، فَأَنَاخَ بعيره ووطأه لي حَتَّى ركبته، وَجَاء يقودني حَتَّى لحقنا بالجيش، وَقد نزلُوا موغرين فِي حر الظهيرة، قَالَت: فَلَمَّا وصلنا إِلَى الْجَيْش تكلم النَّاس، وَهلك من هلك " الْخَبَر بِطُولِهِ.
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث الْمَكِّيّ بن عبد الرَّزَّاق الْكشميهني، أخبرنَا جدي أَبُو الْهَيْثَم بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفربرِي [أخبرنَا] مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ أخبرنَا أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي عَن فليح بن سُلَيْمَان، عَن الزُّهْرِيّ ... الْخَبَر.
ويروى أَنه ... تلبث الْوَحْي [سَبْعَة] وَثَلَاثِينَ يَوْمًا.
وَفِي هَذَا الْخَبَر أَن عَائِشَة اشتكت واستأذنت رَسُول الله، وَرجعت إِلَى بَيت أَبِيهَا، وَكَانَ رَسُول الله يدْخل قبل رُجُوعهَا إِلَى بَيت أَبِيهَا، وَهِي مشتكية، فَيَقُول: " كَيفَ تيكم؟ " ثمَّ لما رجعت إِلَى بَيت أَبِيهَا عرفت الْخَبَر من قبل أم مسطح فازدادت وبقا، وَجعلت تبْكي، وَلَا يرقأ لَهَا دمع، حَتَّى كَاد الْبكاء يصدع قَلبهَا، وَذكرت لذَلِك لأمها، فَقَالَت لَهَا أمهَا: هوني عَلَيْك فقلما تكون امْرَأَة وضيئة عِنْد رجل، وَلها ضرائر إِلَّا تكلمُوا فِيهَا.
وَفِي هَذَا الْخَبَر أَن النَّبِي دَعَا عليا وَأُسَامَة بن زيد، واستشارهما، فَأَما عَليّ فَقَالَ يَا رَسُول الله، إِن فِي النِّسَاء كَثْرَة، وَأما أُسَامَة فَقَالَ: لَا أعلم مِنْهَا إِلَّا خيرا، وسل الْجَارِيَة - يَعْنِي: بَرِيرَة - فَسَأَلَ بَرِيرَة فَقَالَت: لَا أعلم مِنْهَا إِلَّا أَنَّهَا جَارِيَة حَدِيثَة السن تعجن، فَتدخل الدَّاجِن فتأكل عَجِينهَا.
وَفِي هَذَا الْخَبَر أَن النَّبِي جَاءَ إِلَى بَيت أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - بعد أَن مَضَت الْمدَّة الَّتِي ذَكرنَاهَا، فَقَالَ: " يَا عَائِشَة، إِن كنت أَلممْت بذنب فتوبي إِلَى الله، فَإِن الله يقبل التَّوْبَة: قَالَت: فقلص دمعي حَتَّى مَا أجد مِنْهُ قَطْرَة، ثمَّ قلت: إِن قلت أَنِّي فعلت، وَالله يعلم أَنِّي مَا فعلت ليصدقنني، وَإِن قلت: لم أفعل، وَالله يعلم أَنِّي لم أفعل ليكذبنني، وَمَا أعرف مثلي ومثلكم إِلَّا مَا قَالَ أَبُو يُوسُف، ونسيت اسْمه ﴿فَصَبر جميل وَالله الْمُسْتَعَان على مَا تصفون﴾ ثمَّ تنحيت، فَأخذ رَسُول الله [] الْوَحْي، قَالَت: وَكنت أَحْقَر فِي نَفسِي أَن أَظن أَن الله ينزل فِي قُرْآنًا يُتْلَى، وَلَكِنِّي كنت أَظن أَنه يرى رُؤْيا، فَلَمَّا تغشاه الْوَحْي لم أفزع لما علمت أَنِّي بريئة، وَالله يعلم ذَلِك ".
وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَن أَبَوي كَادَت نفسهما تخرج خوفًا، فَلَمَّا سرى عَن رَسُول الله قَالَ: " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة قد أنزل الله تَعَالَى براءتك، وتلا الْآيَات: ﴿إِن الَّذين جَاءُوا بالإفك عصبَة مِنْكُم﴾ فَقَالَ لي أبي: قومِي إِلَى رَسُول الله، وَقَالَت أُمِّي: قومِي إِلَى رَسُول الله، فَقلت: لَا أقوم وَلَا أَحْمد إِلَّا الله، فَإِن الله تَعَالَى أنزل براءتي ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين جَاءُوا بالإفك عصبَة مِنْكُم﴾ الْإِفْك هُوَ أَشد الْكَذِب، وَإِنَّمَا سمي إفكا لِأَنَّهُ مَصْرُوف عَن الْحق. وَقَوله: {عصبَة مِنْكُم هَؤُلَاءِ الْعصبَة هم: عبد الله بن أبي بن سلول، ومسطح بن أَثَاثَة ابْن خَالَة أبي بكر، وَحسان بن ثَابت، وَحمْنَة بنت جحش زَوْجَة طَلْحَة بن عبد الله أُخْت زَيْنَب، وَنَفر آخَرُونَ، والعصبة الْعشْرَة فَمَا فَوْقهَا.
وَقَوله: ﴿لَا تحسبوه شرا لكم بل هُوَ خير لكم﴾ هَذَا خطاب لعَائِشَة وَصَفوَان بن معطل فَإِنَّهُم قذفوهما جَمِيعًا، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ خطاب لعَائِشَة ولأبويها وَالنَّبِيّ وَصَفوَان، وَمعنى الْآيَة: لَا تحسبوه شرا لكم، يَعْنِي: هَذَا الْإِفْك هُوَ خير لكم لأجل الثَّوَاب، وَمَا ادخر الله لَهُم من ذَلِك.
وَقَوله: ﴿لكل امرىء مِنْهُم مَا اكْتسب من الْإِثْم﴾ أَي: من الْإِثْم بِقدر مَا اكْتسب.
وَقَوله: ﴿وَالَّذِي تولى كبره﴾ . وقرىء: " كبره "، وَقَرَأَ الْأَعْرَج: " كُبره ". فَقَوله: ﴿كبره﴾ أَي: إثمه. وَقَوله: " كُبره ". أَي: معظمه، قَالَ الشَّاعِر: (تنام عَن كبر شَأْنهَا فَإِذا ... قَامَت [رويدا] تكَاد تنغرف)
وَأما الَّذِي تولى كبره فالأكثرون أَنه عبد الله بن أبي بن سلول، وَأما الْعَذَاب الْعَظِيم فَهُوَ النَّار فِي الْآخِرَة.
وَقد روى مَسْرُوق أَن حسان بن ثَابت اسْتَأْذن على عَائِشَة فَأَذنت لَهُ، فَقَالَ مَسْرُوق: أَتَأْذَنِينَ لَهُ، وَقد قَالَ مَا قَالَ، فَقَالَت: قد أَصَابَهُ الْعَذَاب الْعَظِيم، وَكَانَ قد عمى، وَقد تَابَ حسان من تِلْكَ الْمقَالة ومدح عَائِشَة فَقَالَ:
(حصان رزان مَا تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لُحُوم الغوافل)
( [فَإِن كَانَ مَا بلغت أَنِّي قلته] ... فَلَا رفعت سَوْطِي إِلَى أناملي)
وَعَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء أَنه أنكر الْكبر وَقَالَ: إِنَّمَا الْكبر فِي الْوَلَاء وَالنّسب. وَقد ذكر غَيره أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا صَحِيح، وَقد بَينا.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ جَاۤءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةࣱ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرࣰّا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِئࣲ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِی تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق