الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ﴾ في الإفْكِ وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ الإثْمُ، قالَهُ أبُو عُبَيْدَةَ. الثّانِي: أنَّهُ الكَذِبُ. قالَ الشّاعِرُ: ؎ شَهِيدٌ عَلى الإفْكِ غَيْرِ الصَّوابِ وما شاهِدُ الإفْكِ كالأحْنَفِ ﴿عُصْبَةٌ مِنكُمْ﴾ وهم زُعَماءُ الإفْكِ، حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ ومِسْطَحُ بْنُ أُثاثَةَ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ وزَيْدُ بْنُ رِفاعَةَ وحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، وسَبَبُ الإفْكِ «أنَّ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها كانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في غَزْوَةِ المُرَيْسِيعِ وهي غَزْوَةُ بَنِي المُصْطَلِقِ سَنَةَ سِتٍّ فَضاعَ عِقْدٌ لَها مِن جَزْعِ أطْفارٍ وقَدْ تَوَجَّهَتْ لِحاجَتِها فَعادَتْ في طَلَبِهِ، ودَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن مَنزِلِهِ فَرُفِعَ هَوْدَجُها ولَمْ يُشْعَرْ بِها أنَّها لَيْسَتْ فِيهِ لِخِفَّتِها وعادَتْ فَلَمْ تَرَ في المَنزِلِ أحَدًا فَأدْرَكَها صَفْوانُ بْنُ المُعَطَّلِ فَحَمَلَها عَلى راحِلَتِهِ وألْحَقَها بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَتَكَلَّمَ فِيها وفي صَفْوانَ مَن تَكَلَّمَ وقَدِمَتِ المَدِينَةَ وانْتَشَرَ الإفْكُ وهي لا تَعْلَمُ بِهِ، ثُمَّ عَلِمَتْ فَأخَذَها مِن ذَلِكَ شَيْءٌ عَظِيمٌ إلى أنْ أنْزَلَ اللَّهُ بَراءَتَها بَعْدَ سَبْعَةٍ وثَلاثِينَ يَوْمًا مِن قُدُومِ المَدِينَةِ هَذِهِ الآيَةَ. وَ ﴿لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكم بَلْ هو خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أيْ لا تَحْسَبُوا ما ذُكِرَ مِنَ الإفْكِ شَرًّا لَكم بَلْ هو خَيْرٌ لَكم لِأنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأ مِنهُ وأبانَ عَلَيْهِ» . وَفِي المُرادِ بِهَذا القَوْلِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ المَقْصُودَ بِهِ عائِشَةُ وصَفْوانُ لِأنَّهُما قُصِدا بِالإفْكِ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ. (p-٨٠)الثّانِي: أنَّ المَقْصُودَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ وأبُو بَكْرٍ وعائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، قالَهُ ابْنُ شَجَرَةَ. ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنهم ما اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ﴾ أيْ لَهُ عِقابُ ما اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ بِقَدْرِ إثْمِهِ. ﴿والَّذِي تَوَلّى كِبْرَهُ مِنهُمْ﴾ الآيَةَ قُرِئَ بِكَسْرِ الكافِ وضَمِّها، وفي الفَرْقِ بَيْنَما وجْهانِ: أحَدُهُما: أنَّ كُبْرَهُ بِالضَّمِّ مُعْظَمُهُ وبِالكَسْرِ مَأْثَمُهُ. الثّانِي: أنَّهُ بِالضَّمِّ في النَّسَبِ وبِالكَسْرِ في النَّفْسِ. وَفِي مُتَوَلِّي كِبْرِهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، والعَذابُ العَظِيمُ جَهَنَّمُ، وهَذا قَوْلُ عائِشَةَ وعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وابْنِ المُسَيِّبِ. الثّانِي: أنَّهُ مِسْطَحُ بْنُ أُثاثَةَ، والعَذابَ العَظِيمَ ذَهابُ بَصَرِهِ في الدُّنْيا: حَكاهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب