الباحث القرآني
ثُمَّ عَلَّلَ ما اقْتَضَتْهُ ”لَوْلا“ مِن نَحْوِ: ولَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إفْضالًا عَلَيْكم ورَحْمَةً لَكُمْ، بِقَوْلِهِ عَلى وجْهِ التَّأْكِيدِ لِما عَرَفَ مِن حالِ كَثِيرٍ مِمَّنْ غَضِبَ لِلَّهِ ولِرَسُولِهِ مِن إرادَةِ العُقُوبَةِ لِلْآفِكِينَ بِضَرْبِ الأعْناقِ، مُنَبِّهًا لَهم عَلى أنَّ ذَلِكَ يَجُرُّ إلى مَفْسَدَةٍ كَبِيرَةٍ: ﴿إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بِالإفْكِ﴾ (p-٢٢١)أيْ أسْوَأِ الكَذِبِ لِأنَّهُ القَوْلُ المَصْرُوفُ عَنْ مَدْلُولِهِ إلى ضِدِّهِ، المَقْلُوبُ عَنْ وجْهِهِ إلى قَفاهُ، وعُرِّفَ زِيادَةَ تَبْشِيعٍ لَهُ في هَذا المَقامِ، حَتّى كَأنَّهُ لا إفْكَ إلّا هو لِأنَّهُ في حَقِّ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وهي مِن أحَقِّ النّاسِ بِالمِدْحَةِ لِما كانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الحَصانَةِ والشَّرَفِ والعِفَّةِ والكَرَمِ، فَمَن رَماها بِسُوءٍ فَقَدْ قَلَبَ الأمْرَ عَنْ أحْسَنِ وُجُوهِهِ إلى أقْبَحِ أقْفائِهِ، وتَرَكَ تَسْمِيَتَها تَنْزِيهًا لَها عَنْ هَذا المَقامِ، إبْعادًا لِمَصُونِ جانِبِها العَلِيِّ عَنْ هَذا المَرامِ ﴿عُصْبَةٌ﴾ أيْ جَماعَةٌ أقَلُّهم عَشَرَةٌ وأكْثَرُهم أرْبَعُونَ، فَهم لِكَوْنِهِمْ عُصْبَةً يَحْمى بَعْضُهم لِبَعْضٍ فَيَشْتَدُّ أمْرُهُمْ، لِأنَّ مَدارَ مادَّةِ ”عَصَبَ“ عَلى الشِّدَّةِ، وهم مَعَ ذَلِكَ ﴿مِنكُمْ﴾ أيْ مِمَّنْ يُعَدُّ عِنْدَكم في عِدادِ المُسْلِمِينَ، فَلَوْ فَضَحَهُمُ اللَّهُ في جَمِيعِ ما أسَرُّوهُ وأعْلَنُوهُ، وأمَرَكم بِأنْ تُعاقِبُوهم بِما يَسْتَحِقُّونَ عَلى ذَلِكَ، لَفَسَدَتْ ذاتُ البَيْنِ، بِحِمايَتِهِمْ لِأنْفُسِهِمْ وهم كَثِيرٌ، وتَعَصِّبِ أوِدّائِهِمْ لَهُمْ، إلّا بِأمْرٍ خارِقٍ يَعْصِمُ بِهِ مِن ذَلِكَ كَما كَشَفَتْ عَنْهُ التَّجْرِبَةُ حِينَ خَطَبَ النَّبِيُّ ﷺ وقالَ: «مَن يَعْذُرُنِي مِن رَجُلٍ بَلَغَ أذاهُ في أهْلِي» حِينَ كادُوا يَقْتَتِلُونَ لَوْلا أنَّ سَكَّنَهم (p-٢٢٢)النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ، فاللَّهُ سُبْحانَهُ بِرَحْمَتِهِ بِكم يَمْنَعُ مِن كَيْدِهِمْ بِبَيانِ كَذِبِهِمْ، وبِحِكْمَتِهِ يَسْتُرُ عَلَيْهِمْ ويُخِيفُهُمْ، لِتَنْحَسِمَ مادَّةُ مَكْرِهِمْ، وتَنْقَطِعَ أسْبابُ ضُرِّهِمْ.
ولَمّا كانَ هَذا مُقْتَضِيًا لِلِاهْتِمامِ بِشَأْنِهِمْ، أتْبَعَهُ قَوْلَهُ، تَحْقِيرًا لِأمْرِهِمْ مُخاطِبًا لِلْخُلَّصِ وخُصُوصًا النَّبِيَّ ﷺ وأبا بَكْرٍ وعائِشَةَ وأُمَّها وصَفْوانَ بْنَ المُعَطِّلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: ﴿لا تَحْسَبُوهُ﴾ أيِ الإفْكَ ﴿شَرًّا لَكُمْ﴾ أيُّها المُؤْمِنُونَ بِأنْ يُصَدِّقَهُ أحَدٌ أوْ تَنْشَأ عَنْهُ فِتْنَةٌ ﴿بَلْ هو خَيْرٌ لَكُمْ﴾ بِثُبُوتِ البَراءَةِ المُوجِبَةِ لِلْفَخْرِ الَّذِي لا يَلْحَقُ، بِتِلاوَتِها عَلى مَرِّ الدُّهُورِ بِألْسِنَةِ مَن لا يُحْصى مِنَ العِبادِ، في أكْثَرِ البِلادِ، وتَسْلِيَةِ الرَّسُولِ ﷺ والصِّدِّيقِينَ بِذَلِكَ، مَعَ الثَّوابِ الجَزِيلِ، بِالصَّبْرِ عَلى مَرارَةِ هَذا القِيلِ، وثُبُوتِ إعْجازِ القُرْآنِ بَعْدَ إعِجازِهِ بِالبَلاغَةِ بِصِدْقِهِ في صِيانَةِ مَن أثْنى عَلَيْها في ذَلِكَ الدَّهْرِ الطَّوِيلِ، الَّذِي عاشَتْهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وبَعْدَهُ إلى أنْ ماتَتْ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها أتْقى النّاسِ دِيانَةً، وأظْهَرَهم صِيانَةً، وأنْقاهم عِرْضًا، وأطْهَرَهم نَفْسًا، فَهو لِسانُ صِدْقٍ في الدُّنْيا، ورِفْعَةُ مَنازِلَ في الآخِرَةِ إلى غَيْرِ (p-٢٢٣)ذَلِكَ مِنَ الحِكَمِ، الَّتِي رَتَّبَها بارِئُ النَّسَمِ، مِنَ الفَوائِدِ الدِّينِيَّةِ والأحْكامِ والآدابِ.
ولَمّا كانَ لا شِفاءَ لِغَيْظِ الإنْسانِ أعْظَمُ مِنِ انْتِصارِ المَلِكِ الدَّيّانِ لَهُ، عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنهُمْ﴾ أيِ الآفِكِينَ ﴿ما﴾ أيْ جَزاءُ ما ﴿اكْتَسَبَ﴾ بِخَوْضِهِ فِيهِ ﴿مِنَ الإثْمِ﴾ المُوجِبِ لِشَقائِهِ، وصِيغَةُ الِافْتِعالِ مِن ”كَسَبَ“ تُسْتَعْمَلُ في الذَّنْبِ إشارَةً إلى أنَّ الإثْمَ يُرَتَّبُ عَلى ما حَصَلَ فِيهِ تَصْمِيمٌ وعَزْمٌ قَوِيٌّ صَدَّقَهُ العَمَلُ بِما فِيهِ مِنَ الجِدِّ والنَّشاطِ، وتَجَرَّدَ في الخَيْرِ إشارَةً إلى أنَّ الثَّوابَ يُكْتَبُ بِمُجَرَّدِ فِعْلِ الخَيْرِ بَلْ ونِيَّتِهِ ﴿والَّذِي تَوَلّى كِبْرَهُ﴾ أيْ مُعْظَمَهُ بِإشاعَتِهِ والمُجاهَرَةِ بِهِ ﴿مِنهم لَهُ﴾ بِما يَخُصُّهُ لِإمْعانِهِ في الأذى ﴿عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ أيْ أعْظَمُ مِن عَذابِ الباقِينَ، لِأنَّهم لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا إلّا كانَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِهِ مِن غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِن أوْزارِهِمْ شَيْئًا، وقَصَّةُ الإفْكِ مَعْرُوفَةٌ في الصَّحِيحِ والسُّنَنِ وغَيْرِها شَهِيرَةٌ جِدًّا، وذَلِكَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ غَزا بَنِيِ المُصْطَلَقِ بَعْدَ ما أُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجابِ، وكانَتْ مَعَهُ الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ زَوْجَتُهُ أمُّ المُؤْمِنِينَ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها تَحْمِلُ هَوْدَجَ لَها، فافْتَقَدَتْ عُقْدًا لَها لَيْلَةً فَرَجَعَتْ إلى المَوْضِعِ الَّذِي تَخَلَّتْ (p-٢٢٤)فِيهِ فالتَمَسَتْهُ، فَرَحَلَ النَّبِيُّ ﷺ وحَمَلَ جَمّالُوها هَوْدَجَها وهم يَظُنُّونَها فِيهِ، فَلَمّا رَجَعَتْ فَلَمْ تَجِدْ أحَدًا اضْطَجَعَتْ مَكانَ هَوْدَجِها رَجاءَ أنْ يَعْلَمُوا بِها فَيَرْجِعُوا، وكانَ صَفْوانُ بْنُ المُعَطِّلُ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوانِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ عَرَّسَ مِن وراءِ الجَيْشِ، فَأصْبَحَ في مَكانِهِمْ، فَلَمّا رَآها وكانَ يَراها قَبْلَ الحِجابِ اسْتَرْجَعَ وأناخَ راحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلى يَدِها، ولَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ غَيْرِ اسْتِرْجاعِهِ، فَرَكِبَتْ أُمُّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها، ثُمَّ أقْبَلَ بِها حَتّى لَحِقَ بِالجَيْشِ وهم نُزُولٌ في نِصْفِ النَّهارِ، فَتَكَلَّمَ أهْلُ الإفْكِ فِيهِما رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، وكانَ مَن سُمِّيَ مِنهم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ المُنافِقَ، وزَيْدَ بْنَ رَفاعَةَ، ومِسْطَحَ بْنَ أثاثَةَ، وحِمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ وحَسّانَ بْنَ ثابِتٍ»، قالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: في ناسٍ آخَرِينَ لا عِلْمَ لِي بِهِمْ غَيْرَ أنَّهم عُصْبَةٌ كَما قالَ تَعالى.
وهَكَذا ذَكَرُوا حَسّانَ مِنهم وأنا واللَّهِ لا أظُنُّ بِهِ أصْلًا وإنْ جاءَتْ تَسْمِيَتُهُ في الصَّحِيحِ فَقَدْ يُخْطِئُ الثِّقَةُ لِأسْبابٍ لا تُحْصى، كَما يَعْرِفُ ذَلِكَ مَن مارَسَ نَقْدَ الأخْبارِ، وكَيْفَ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ ولا شُغْلَ لَهُ إلّا مَدْحُ النَّبِيِّ ﷺ والمُدافَعَةُ عَنْهُ والذَّمُّ لِأعْدائِهِ وقَدْ شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَهُ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ أنَّ الَّذِي أيَّدَهُ بِجِبْرِيلَ ما كانَ (p-٢٢٥)لِيَكِلَهُ إلى نَفْسِهِ في مِثْلِ هَذِهِ الواقِعَةِ، وقَدْ سَبَقَنِي إلى الذَّبِّ عَنْهُ الحافِظُ عِمادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ الدِّمَشْقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وكَيْفَ لا يُنافِحُ عَنْهُ وهو القائِلُ:
؎فَإنَّ أبِي ووالِدَهُ وعِرْضِي لِعَرْضِ مُحَمَّدٍ مِنكُمُ وِقاءُ
وهُوَ القائِلُ يَمْدَحُ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها ويُكَذِّبُ مَن نَقَلَ عَنْهُ ذَلِكَ:
؎حَصانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ∗∗∗ وتُصْبِحُ غَرْثى مِن لُحُومِ الغَوافِلِ
؎حَلِيلَةُ خَيْرِ النّاسِ دِينًا ومَنصِبًا ∗∗∗ نَبِيُّ الهُدى والمَكْرُماتِ الفَواضِلِ
؎عَقِيلَةُ حَيٍّ مِن لُؤَيِّ بْنِ غالِبِ ∗∗∗ كِرامُ المَساعِي مَجْدُها غَيْرُ زائِلِ
؎مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيَمَها ∗∗∗ وطَهَّرَها مِن كُلِّ شَيْنٍ وباطِلِ
؎فَإنْ كانَ ما بُلِّغْتَ عَنِّي قُلْتُهُ ∗∗∗ فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إلَيَّ أنامِلِي
؎وكَيْفَ ووُدِّي ما حَيِيتُ ونُصْرَتِي ∗∗∗ لِآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ المَحافِلِ
؎لَهُ رُتَبٌ عالٍ عَلى النّاسِ فَضْلُها ∗∗∗ تَقاصَرُ عَنْها سَوْرَةُ المُتَطاوِلِ
وقالَ الحافِظَ أبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ البَرِّ في الِاسْتِيعابِ: وأنْكَرَ قَوْمٌ أنْ يَكُونَ حَسّانُ خاضَ في الإفْكِ وجُلِدَ فِيهِ ورَوَوْا عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها (p-٢٢٦)أنَّها بَرَّأتْهُ مِن ذَلِكَ - انْتَهى.
واسْتَمَرَّ أهْلُ الإفْكِ في هَذا أكْثَرَ مِن شَهْرٍ، واللَّهُ تَعالى عالِمٌ بِما يَقُولُونَ، وأنَّ قَوْلَهم يَكادُ يَقْطَعُ أكْبادَ أحَبِّ خَلْقِهِ إلَيْهِ، وهو قادِرٌ عَلى تَكْذِيبِهِمْ عِنْدَ أوَّلِ ما خاضُوا فِيهِ، ولَكِنَّهُ سُبْحانَهُ أرادَ لِناسٍ رِفْعَةَ الدَّرَجاتِ، ولِآخَرِينَ الهَلاكَ، فَيا لَلَّهِ ما لَقِيَ النَّبِيُّ صَلّى عَلَيْهِ وسَلَّمَ والصِّدِّيقُ وآلُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم وكُلُّ مَن أحَبَّهم وهم خَيْرُ النّاسِ، واللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى يُمْلِي لِلْآفِكِينَ ويُمْهِلُهُمْ، وكَأنَّ الحالَ لَعَمْرِي كَما قالَ أبُو تَمّامٍ الطّائِيُّ في قَصِيدَةٍ:
؎كَذا فَلْيَجِلَّ الخَطْبُ ولِيَفْدَحِ الأمْرُ ∗∗∗ فَلَيْسَ لِعَيْنٍ لَمْ يَفِضْ ماؤُها عُذْرُ
وحِينَ سَمِعَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها بِقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ سَقَطَتْ مَغْشِيًّا عَلَيْها وأصابَتْها حُمّى بِنافِضٍ، واسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ في إتْيانِ بَيْتِ أبِيها فَأذِنَ لَها فَسَألَتْ أُمَّها عَنِ الخَبَرِ، فَأخْبَرَتْها فاسْتَعْبَرَتْ وبَكَتْ، وكانَ أبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في عِلِّيَّةٍ يَقْرَأُ فَسَمِعَ حِسَّها فَنَزَلَ فَسَألَ أُمَّها فَقالَتْ: بَلَغَها الَّذِي ذَكَرَ مِن شَأْنِها، فَفاضَتْ عَيْناهُ، واسْتَمَرَّتْ هي رَضِيَ اللَّهُ عَنْها تَبْكِي حَتّى ظَنَّتْ أنَّ البُكاءَ فالِقُ كَبِدِها، وساعَدَتْها عَلى البُكاءِ امْرَأةٌ مِن أُولِي الوَفاءِ والمُؤاساةِ والكَرَمِ والإيثارِ ومَعالِي الشِّيَمِ: الأنْصارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَكانَتْ تَبْكِي مَعَها، «وسَألَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها جارِيَتَها (p-٢٢٧)بِرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فاسْتَعْظَمَتْ أنْ يَظُنَّ في عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها مِثْلَ ذَلِكَ فَقالَتْ: سُبْحانَ اللَّهِ! واللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلَيْها إلّا ما يَعْلَمُ الصّائِغُ عَلى تِبْرِ الذَّهَبِ الأحْمَرِ، وخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ النّاسَ عَلى المِنبَرِ واسْتَعْذَرَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ في أهْلِهِ وما عَلِمَ عَلَيْهِمْ إلّا خَيْرًا، وشَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وهو الصّادِقُ المَصْدُوقُ بِصَلاحِ صَفْوانِ بْنِ المُعَطِّلِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأنَّهُ ما عَلِمَ عَلَيْهِ إلّا خَيْرًا، فَكادَ النّاسُ يَقْتَتِلُونَ فَسَكَّنَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَ أنْ صَلّى العَصْرَ عَلى عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وهي تَبْكِي والأنْصارِيَّةُ مَعَها فَوَعَظَها، فَأجابَتْ وأجادَتْ، فَأنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في ذَلِكَ المَجْلِسِ فَأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحاءِ، قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: فَأمّا أنا حِينَ رَأيْتُ مِن ذَلِكَ ما رَأيْتُ فَوَ اللَّهِ ما فَزِعْتُ وما بالَيْتُ، قَدْ عَرَفْتُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ غَيْرُ ظالِمِي، وأمّا أبَوايَ فَوالَّذِي نَفْسُ عائِشَةَ بِيَدِهِ! ما سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتّى ظَنَنْتُ لِتَخْرُجَنَّ أنْفُسُهُما فَرَقًا مِن أنْ يَأْتِيَ اللَّهُ بِتَحْقِيقِ ما قالَهُ النّاسُ، قالَتْ: فَرُفِعَ عَنْهُ وإنِّي لَأتَبَيَّنُ السُّرُورَ في وجْهِهِ وهو يَمْسَحُ عَنْ جَبِينِهِ العَرَقَ ويَقُولُ: ”أبْشِرِي يا عائِشَةُ، فَقَدْ أنْزَلَ اللَّهُ بَراءَتَكِ“، فَكُنْتُ أشَدَّ ما كُنْتُ غَضَبًا، فَقالَ لِي أبَوايَ: قُومِي إلَيْهِ! فَقُلْتُ: واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ (p-٢٢٨)ولا أحْمَدُهُ ولا أحْمَدُكُما ولا أحْمَدُ إلّا اللَّهَ الَّذِي أنْزَلَ بَراءَتِي، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَما أنْكَرْتُمُوهُ ولا غَيَّرْتُمُوهُ، وأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بِالإفْكِ﴾ العَشْرَ الآياتِ كُلَّها، قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: واللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ ما قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحانَ اللَّهِ! والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! ما كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثى قَطُّ. قالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيدًا في سَبِيلِ اللَّهِ».
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ جَاۤءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةࣱ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرࣰّا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِئࣲ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِی تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق