الباحث القرآني
أخْبَرَنا أبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، قالَ: حَدَّثَنا أبُو يَعْلى، قالَ: حَدَّثَنا أبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمانَ المَدَنِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ وعَلْقَمَةَ بْنِ وقّاصٍ وعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ قالَ فِيها أهْلُ الإفْكِ ما قالُوا، فَبَرَّأها اللَّهُ تَعالى مِنهُ. قالَ الزُّهْرِيُّ: وكُلُّهم حَدَّثَنِي طائِفَةً مِن حَدِيثِها، وبَعْضُهم كانَ أوْعى لِحَدِيثِها مِن بَعْضٍ وأثْبَتَ اقْتِصاصًا، ووَعَيْتُ عَنْ كُلِّ واحِدٍ الحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي، وبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، ذَكَرُوا أنَّ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ قالَتْ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا أرادَ سَفَرًا أقْرَعَ بَيْنَ نِسائِهِ، فَأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُها خَرَجَ بِها مَعَهُ. قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: فَأقْرَعَ بَيْنَنا في غَزْوَةٍ غَزاها، فَخَرَجَ فِيها سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وذَلِكَ بَعْدَما نَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ، فَأنا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي وأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنا حَتّى فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن غَزْوِهِ وقَفَلَ، ودَنَوْنا مِنَ المَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ ومَشَيْتُ حَتّى جاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإذا عِقْدٌ مِن جَزْعِ ظَفارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فالتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغاؤُهُ، وأقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كانُوا يَرْحَلُونَ بِي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أرْكَبُ، وهم يَحْسَبُونَ أنِّي فِيهِ. قالَتْ عائِشَةُ: وكانَتِ النِّساءُ إذْ ذاكَ خِفافًا لَمْ يُهَبَّلْنَ، ولَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ ورَفَعُوهُ، وكُنْتُ جارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وسارُوا، ووَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنازِلَهم ولَيْسَ بِها داعٍ ولا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، وظَنَنْتُ أنَّ القَوْمَ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبَيْنا أنا جالِسَةٌ في مَنزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنايَ فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوانِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِن وراءِ الجَيْشِ فادَّلَجَ، فَأصْبَحَ عِنْدَ مَنزِلِي، فَرَأى سَوادَ إنْسانٍ نائِمٍ، فَأتانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وقَدْ كانَ يَرانِي قَبْلَ أنْ يُضْرَبَ عَلَيَّ الحِجابُ، فاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وجْهِي بِجِلْبابِي، واللَّهِ ما كَلَّمَنِي بِكَلِمَةٍ، ولا سَمِعْتُ مِنهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجاعِهِ، حَتّى أناخَ راحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلى يَدِها فَرَكِبْتُها، فانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرّاحِلَةَ حَتّى أتَيْنا الجَيْشَ بَعْدَما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، وهَلَكَ مَن هَلَكَ فِيَّ، وكانَ الَّذِي تَوَلّى كِبْرَهُ مِنهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنا المَدِينَةَ فاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُها شَهْرًا، والنّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أهْلِ الإفْكِ، ولا أشْعُرُ بِشَيْءٍ مِن ذَلِكَ، ويَرِيبُنِي في وجَعِي أنِّي لا أعْرِفُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أرى مِنهُ حِينَ أشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: ”كَيْفَ تِيكم ؟“ . فَذَلِكَ يُحْزِنُنِي، ولا أشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتّى خَرَجْتُ بَعْدَما نَقِهْتُ، وخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَناصِعِ، وهي مُتَبَرَّزُنا، ولا نَخْرُجُ إلّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ، وذَلِكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنا، وأمْرُنا أمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّنَزُّهِ، وكُنّا نَتَأذّى بِالكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَها عِنْدَ بُيُوتِنا، فانْطَلَقْتُ أنا وأُمُّ مِسْطَحٍ - وهي بِنْتُ أبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنافٍ، وأُمُّها بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عامِرٍ، خالَةُ أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وابْنُها مِسْطَحُ بْنُ أُثاثَةَ بْنِ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ - فَأقْبَلْتُ أنا وابْنَةُ أبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنا مِن شَأْنِنا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِها، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ لَها: بِئْسَما قُلْتِ: أتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ؟ قالَتْ: أيْ هَنْتاهْ، أوَلَمْ تَسْمَعِي ما قالَ ؟ قُلْتُ: وماذا قالَ ؟ فَأخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أهْلِ الإفْكِ، فازْدَدْتُ مَرَضًا إلى مَرَضِي، فَلَمّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي ودَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: ”كَيْفَ تِيكم ؟“ . قُلْتُ: تَأْذَنُ لِي أنْ آتِيَ أبَوَيَّ ؟ قالَتْ: وأنا أُرِيدُ حِينَئِذٍ أنْ أتَيَقَّنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِما، فَأذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَجِئْتُ أبَوَيَّ، فَقُلْتُ: يا أُمّاهْ، ما يَتَحَدَّثُ النّاسُ ؟ قالَتْ: يا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَواللَّهِ لَقَلَّما كانَتِ امْرَأةٌ قَطُّ وضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ ولَها ضَرائِرُ إلّا أكْثَرْنَ عَلَيْها. قالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحانَ اللَّهِ، أوَقَدْ تَحَدَّثَ النّاسُ بِهَذا ؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، ولا أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أصْبَحْتُ أبْكِي، ودَعا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلِيَّ بْنَ أبِي طالِبٍ وأُسامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْتَشِيرُهُما في فِراقِ أهْلِهِ، فَأمّا أُسامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأشارَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَراءَةِ أهْلِهِ، وبِالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ لَهم مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هم أهْلُكَ، وما نَعْلَمُ إلّا خَيْرًا. وأمّا عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ فَقالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ تَعالى عَلَيْكَ، والنِّساءُ سِواها كَثِيرٌ، وإنْ تَسْألِ الجارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قالَتْ: فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَرِيرَةَ فَقالَ: ”يا بَرِيرَةُ، هَلْ رَأيْتِ شَيْئًا يَرِيبُكِ مِن عائِشَةَ ؟“ . قالَتْ بَرِيرَةُ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إنْ رَأيْتُ عَلَيْها أمْرًا قَطُّ أغْمِصُهُ عَلَيْها أكْثَرَ مِن أنَّها جارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنامُ عَنْ عَجِينِ أهْلِها فَتَأْتِي الدّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. قالَتْ: فَقامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فاسْتَعْذَرَ مِن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقالَ وهو عَلى المِنبَرِ: ”يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أذاهُ في أهْلِي ؟ فَواللَّهِ ما عَلِمْتُ عَلى أهْلِي إلّا خَيْرًا، ولَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عَلَيْهِ إلّا خَيْرًا، وما كانَ يَدْخُلُ عَلى أهْلِي إلّا مَعِي“ . فَقامَ سَعْدُ بْنُ مُعاذٍ الأنْصارِيُّ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، أنا أعْذِرُكَ مِنهُ، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وإنْ كانَ مِن إخْوانِنا مِنَ الخَزْرَجِ أمَرْتَنا فَفَعَلْنا أمْرَكَ. قالَتْ: فَقامَ سَعْدُ بْنُ عُبادَةَ وهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وكانَ رَجُلًا صالِحًا ولَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعاذٍ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللَّهِ لا تَقْتُلُهُ ولا تَقْدِرُ عَلى قَتْلِهِ. فَقامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وهو ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبادَةَ: كَذَبْتَ، لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإنَّكَ مُنافِقٌ تُجادِلُ عَنِ المُنافِقِينَ. فَثارَ الحَيّانِ مِنَ الأوْسِ والخَزْرَجِ حَتّى هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ قائِمٌ عَلى المِنبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ يُخَفِّضُهم حَتّى سَكَتُوا وسَكَتَ. قالَتْ: وبَكَيْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ ولا أكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وأبَوايَ يَظُنّانِ أنَّ البُكاءَ فالِقٌ كَبِدِي. قالَتْ: فَبَيْنَما هُما جالِسانِ عِنْدِي وأنا أبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأةٌ مِنَ الأنْصارِ، فَأذِنْتُ لَها، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي. قالَتْ: فَبَيْنا نَحْنُ عَلى ذَلِكَ إذْ دَخَلَ عَلَيْنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، ولَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِي ما قِيلَ، وقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحى إلَيْهِ في شَأْنِي شَيْءٌ. قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: ”أمّا بَعْدُ، يا عائِشَةُ، فَإنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذا وكَذا، فَإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ، وإنْ كُنْتِ ألْمَمْتِ بِذَنْبٍ فاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وتُوبِي إلَيْهِ؛ فَإنَّ العَبْدَ إذا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تابَ، تابَ اللَّهُ عَلَيْهِ“ . قالَتْ: فَلَمّا قَضى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حَتّى ما أُحِسُّ مِنهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لِأبِي: أجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِيما قالَ. قالَ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ . فَقُلْتُ لِأُمِّي: أجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قالَتْ: واللَّهِ ما أدْرِي ما أقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ . فَقُلْتُ وأنا جارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: واللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتُ أنَّكم سَمِعْتُمْ هَذا، وقَدِ اسْتَقَرَّ في نُفُوسِكم وصَدَّقْتُمْ بِهِ، ولَئِنْ قُلْتُ لَكم: إنِّي بَرِيئَةٌ - واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ - لا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ، ولَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكم بِأمْرٍ - واللَّهُ يَعْلَمُ أنِّي مِنهُ بَرِيئَةٌ - لَتُصَدِّقُنِّي، واللَّهِ ما أجِدُ لِي ولَكم مَثَلًا إلّا ما قالَ أبُو يُوسُفَ: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ واللَّهُ المُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ١٨] . قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ واضْطَجَعْتُ عَلى فِراشِي. قالَتْ: وأنا واللَّهِ حِينَئِذٍ أعْلَمُ أنِّي بَرِيئَةٌ، وأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي بِبَراءَتِي، ولَكِنْ واللَّهِ ما كُنْتُ أظُنُّ أنْ يَنْزِلَ في شَأْنِي وحْيٌ يُتْلى، ولَشَأْنِي كانَ أحْقَرَ في نَفْسِي مِن أنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ تَعالى فِيَّ بِأمْرٍ يُتْلى، ولَكِنِّي كُنْتُ أرْجُو أنْ يَرى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رُؤْيا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ تَعالى بِها. قالَتْ: فَواللَّهِ ما رامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنزِلَهُ، ولا خَرَجَ مِن أهْلِ البَيْتِ أحَدٌ حَتّى أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى عَلى نَبِيِّهِ ﷺ، فَأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحاءِ عِنْدَ الوَحْيِ، حَتّى إنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنهُ مِثْلُ الجُمانِ مِنَ العَرَقِ في اليَوْمِ الشّاتِي مِن ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الوَحْيِ. قالَتْ: فَلَمّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سُرِّيَ عَنْهُ وهو يَضْحَكُ، فَكانَ أوَّلُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِها أنْ قالَ: ”أبْشِرِي يا عائِشَةُ، أما واللَّهِ لَقَدْ بَرَّأكِ اللَّهُ“ . فَقالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ. فَقُلْتُ: واللَّهِ لا أقُومُ إلَيْهِ ولا أحْمَدُ إلّا اللَّهَ؛ هو الَّذِي بَرَّأنِي. قالَتْ: فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ﴾ . العَشْرَ الآياتِ. فَلَمّا أنْزَلَ اللَّهُ تَعالى هَذِهِ الآياتِ في بَراءَتِي قالَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - وكانَ يُنْفِقُ عَلى مِسْطَحٍ لِقَرابَتِهِ وفَقْرِهِ -: واللَّهِ لا أُنْفِقُ عَلَيْهِ شَيْئًا أبَدًا بَعْدَ الَّذِي قالَ لِعائِشَةَ. قالَتْ: فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ولا يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنكم والسَّعَةِ أن يُؤْتُوا أُولِي القُرْبى﴾ [النور: ٢٢] . إلى قَوْلِهِ: ﴿ألا تُحِبُّونَ أن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكم واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: ٢٢] . فَقالَ أبُو بَكْرٍ: واللَّهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وقالَ: لا أنْزِعُها مِنهُ أبَدًا.
رَواهُ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ كِلاهُما عَنْ أبِي الرَّبِيعِ الزَّهْرانِيِّ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ جَاۤءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةࣱ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرࣰّا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِئࣲ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِی تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق