الباحث القرآني
﴿إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بِالإفْكِ﴾ أيْ: بِأبْلَغَ ما يَكُونُ مِنَ الكَذِبِ والِافْتِراءِ، وقِيلَ: هو البُهْتانُ لا تَشْعُرُ بِهِ حَتّى يَفْجَأكَ، وأصْلُهُ: الإفْكُ، وهو القَلْبُ لِأنَّهُ مَأْفُوكٌ عَنْ وجْهِهِ وسُنَنِهِ، والمُرادُ بِهِ: ما أُفِكَ بِهِ الصَّدِّيقَةُ أُمُّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها. وفي لَفْظِ المَجِيءِ إشارَةٌ إلى أنَّهم أظْهَرُوهُ مِن عِنْدَ أنْفُسِهِمْ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ لَهُ أصْلٌ، وذَلِكَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ إذا أرادَ سَفَرًا أقْرَعَ بَيْنَ نِسائِهِ فَأيَّتُهُنَّ خَرَجَتْ قَرْعَتُها اسْتَصْحَبَها، قالَتْ عائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: فَأقْرَعَ بَيْنَنا في غَزْوَةٍ غَزاها، قِيلَ: غَزْوَةُ بَنِي المُصْطَلِقِ، فَخَرَجَ سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَهُ ﷺ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ الحِجابِ، فَحُمِلَتْ في هَوْدَجٍ فَسِرْنا حَتّى إذا قَفَلْنا ودَنَوْنا مِنَ المَدِينَةِ نَزَلْنا مَنزِلًا، ثُمَّ نُودِيَ بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ ومَشَيْتُ حَتّى جاوَزْتُ الجَيْشَ فَلَمّا قَضَيْتُ شَأْنِي أقْبَلْتُ إلى رَحْلِي فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإذا عِقْدِي مِن جَزَعِ ظَفارَ قَدِ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فالتَمَسْتُهُ فَحَبَسَنِي ابْتِغاؤُهُ، وأقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كانُوا يُرَحَّلُونَ بِي فاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَّلُوهُ عَلى بَعِيرِي وهم يَحْسَبُونَ أنِّي فِيهِ لِخِفَّتِي فَلَمْ يَسْتَنْكِرُوا خِفَّةَ الهَوْدَجِ وذَهَبُوا بِالبَعِيرِ، ووَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمْرَرْتُ الجَيْشَ فَجِئْتُ مَنازِلَهم ولَيْسَ فِيها داعٍ ولا مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنزِلِي وظَنَنْتُ أنِّي سَيَفْقِدُونَنِي ويَعُودُونَ في طَلَبِي، فَبَيْنا أنا جالِسَةٌ في مَنزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وكانَ صَفْوانُ بْنُ المُعَطِّلِ السُّلَمِيُّ مِن وراءِ الجَيْشِ فَلَمّا رَآنِي عَرَفَنِي، فاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجاعِهِ فَخَمَّرْتُ وجْهِي بِجِلْبابِي، وواللَّهِ ما تَكَلَّمْنا بِكَلِمَةٍ ولا سَمِعْتُ مِنهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجاعِهِ، وهَوى حَتّى أناخَ راحِلَتَهُ فَوَطِئِ عَلى يَدَيْها فَقُمْتُ إلَيْها فَرَكِبْتُها وانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرّاحِلَةَ، حَتّى أتَيْنا الجَيْشَ مُوِغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ وهم نُزُولٌ، وافْتَقَدَنِي النّاسُ حِينَ نَزَلُوا وماجَ القَوْمُ في ذِكْرِي، فَبَيْنا النّاسُ كَذَلِكَ إذْ هَجَمْتُ عَلَيْهِمْ فَخاضَ النّاسُ في حَدِيثِي فَهَلَكَ مَن هَلَكَ» .
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿عُصْبَةٌ مِنكُمْ﴾ خَبَرُ "إنَّ" أيْ: جَماعَةٌ وهي مِنَ العَشْرَةِ إلى الأرْبَعِينَ وكَذا العِصابَةُ، وهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وزَيْدُ بْنُ رِفاعَةَ، وحَسّانُ بْنُ ثابِتٍ، ومِسْطَحُ بْنُ أُثاثَةَ، وحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، ومَن ساعَدَهم.
وَقَوْلُهُ تَعالى ﴿لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ﴾ اسْتِئْنافٌ خُوطِبَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وأبُو بَكْرٍ، وعائِشَةُ وصَفْوانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم، تَسْلِيَةً لَهم مِن أوَّلِ الأمْرِ، والضَّمِيرُ لِلْإفْكِ.
﴿بَلْ هو خَيْرٌ لَكُمْ﴾ لِاكْتِسابِكم بِهِ الثَّوابَ العَظِيمَ وظُهُورِ كَرامَتِكم عَلى اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ بِإنْزالِ ثَمانِيَ عَشْرَةَ آيَةً في نَزاهَةِ ساحَتِكم وتَعْظِيمِ شَأْنِكم وتَشْدِيدِ الوَعِيدِ فِيمَن تَكَلَّمَ فِيكم والثَّناءِ عَلى مَن ظَنَّ بِكم خَيْرًا.
﴿لِكُلِّ امْرِئٍ (p-161)مِنهُمْ﴾ أيْ: مِنَ اُولَئِكَ العُصْبَةِ ﴿ما اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ﴾ بِقَدْرِ ما خاضَ فِيهِ ﴿والَّذِي تَوَلّى كِبْرَهُ﴾ أيْ: مُعْظَمُهُ، وقُرِئَ بِضَمِّ الكافِ وهي لُغَةٌ فِيهِ.
﴿مِنهُمْ﴾ مِنَ العُصْبَةِ، وهو ابْنُ أُبَيٍّ فَإنَّهُ بَدَأ بِهِ وأذاعَهُ بَيْنَ النّاسِ عَداوَةً لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وقِيلَ: هو وحَسّانُ ومِسْطَحٌ فَإنَّهُما شايَعاهُ بِالتَّصْرِيحِ بِهِ، فَإفْرادُ المَوْصُولِ حِينَئِذٍ بِاعْتِبارِ الفَوْجِ أوِ الفَرِيقِ أوْ نَحْوَهُما.
﴿لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾ أيْ: في الآخِرَةِ أوْ في الدُّنْيا أيْضًا، فَإنَّهم جُلِدُوا ورُدَّتْ شَهادَتُهم، وصارَ ابْنُ أُبَيٍّ مَطْرُودًا مَشْهُودًا عَلَيْهِ بِالنِّفاقِ، وحَسّانُ أعْمى وأشَلَّ اليَدَيْنِ، ومِسْطَحٌ مَكْفُوفُ البَصَرِ، وفي التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِالَّذِي وتَكْرِيرِ الإسْنادِ وتَنْكِيرِ العَذابِ ووَصْفِهِ بِالعِظَمِ مِن تَهْوِيلِ الخَطْبِ ما لا يَخْفى.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ جَاۤءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةࣱ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرࣰّا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِئࣲ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِی تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











