الباحث القرآني

﴿إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِ﴾ - تفسير

٥٨٠٨١- قال عبد الله بن عباس، في قوله: ﴿إن فرعون علا﴾: استكبر[[تفسير الثعلبي ٧/٢٣٢.]]. (ز)

٥٨٠٨٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿إن فرعون علا في الأرض﴾: أي: بغى في الأرض[[أخرجه ابن جرير ١٨/١٥١، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٩. وعلَّقه يحيى بن سلام ٢/٥٧٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١١/٤٢٤)

٥٨٠٨٣- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: ﴿إن فرعون علا في الأرض﴾، يقول: تَجَبَّر في الأرض[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٨، ١٨/١٥٠، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٩.]]. (١١/٤٢١)

٥٨٠٨٤- قال إسماعيل السُّدِّيّ: يعني: أرض مصر[[علقه يحيى بن سلام ٢/٥٧٧.]]٤٩٢٢. (ز)

٤٩٢٢ قال ابنُ عطية (٦/٥٦٩): «يريد: في أرض مصر وموضع ملكه. ومتى جاءت»الأرض«هكذا عامَّة فإنما يراد بها: الأرض التي تشبه قصة المسوق؛ لأن الأشياء التي تعمّ الأرض كلها قليلة، والأكثر ما ذكرناه».

٥٨٠٨٥- قال مقاتل بن سليمان: ثم أخبر عن فرعون، فقال سبحانه: ﴿إن فرعون علا﴾ يعني: تعظَّم ﴿في الأرض﴾ يعني: أرض مصر[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٣٥. وبعضه في تفسير الثعلبي ٧/٢٣٢ منسوبًا إلى مقاتل دون تعيينه.]]. (ز)

﴿وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِیَعࣰا﴾ - تفسير

٥٨٠٨٦- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- في قوله: ﴿وجعل أهلها شيعا﴾، قال: فَرَّق بينهم[[أخرجه ابن جرير ١٨/١٥١، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٩، وأخرجه إسحاق البستي في تفسيره ص٣٧ من طريق ابن جريج بلفظ: فِرقًا، ومثله ابن جرير ١٨/١٥١. وعزاه السيوطي إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١١/٤٢٥)

٥٨٠٨٧- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- في قوله: ﴿وجعل أهلها شيعا﴾: أي: فِرَقًا، يذبح طائفةً منهم، ويستحْيِي طائفة، ويُعَذِّب طائفة، ويستعبد طائفة[[أخرجه ابن جرير ١٨/١٥١، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٩ بلفظ: فرق بين القبط وبني إسرائيل. وعلَّقه يحيى بن سلام ٢/٥٧٧. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.]]. (١١/٤٢٤)

٥٨٠٨٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: ﴿وجعل أهلها شيعا﴾، يعني: بني إسرائيل[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٨، ١٨/١٥٠-١٥١، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٨. وسيأتي مطولًا.]]. (١١/٤٢١)

٥٨٠٨٩- قال إسماعيل السُّدِّيّ: يقول: أحزابًا؛ فِرقًا القبط، وفِرقًا بني إسرائيل، يقهرهم[[علقه يحيى بن سلام ٢/٥٧٨.]]. (ز)

٥٨٠٩٠- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وجعل أهلها﴾ يعني: مِن أهل مصر ﴿شيعا﴾ يعني: أحزابًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٣٥.]]٤٩٢٣. (ز)

٤٩٢٣ قال ابنُ عطية (٦/٥٦٨ بتصرف): «كان هذا الفعل مِن فرعون بأن جعل القبط ملوكًا، وجعل بني إسرائيل عبيدًا مُسْتَخْدَمِين، وهم كانوا الطائفة المستضعَفة».

٥٨٠٩١- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿وجعل أهلها شيعا﴾، قال: الشِّيَعُ: الفِرَقُ[[أخرجه ابن جرير ١٨/١٥٢. وعلقه ابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٩، بلفظ: فرق بين القبط وبني إسرائيل.]]. (ز)

﴿یَسۡتَضۡعِفُ طَاۤىِٕفَةࣰ مِّنۡهُمۡ یُذَبِّحُ أَبۡنَاۤءَهُمۡ وَیَسۡتَحۡیِۦ نِسَاۤءَهُمۡۚ﴾ - تفسير

٥٨٠٩٢- عن قتادة بن دعامة -من طريق معمر- في قوله: ﴿وجعل أهلها شيعا﴾، قال: يستعبد طائفة منهم، ويذبح طائفة، ويقتل طائفة، ويستحي طائفة[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٨٧، وابن جرير ١٨/١٥٢. وعلَّقه يحيى بن سلام ٢/٥٧٨. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر بلفظ: يتعبَّد طائفة، ويدع طائفة، ويقتل طائفة، ويستحي طائفة.]]. (١١/٤٢٥)

٥٨٠٩٣- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قوله: ﴿يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم﴾: ذُكِر لنا: أنّ حازيًا حَزى لفرعون -قال ابن عباس: الحازي: المُنَجِّم-، فقال له: إنّه يُولَد في هذا العام غلامٌ مِن بني إسرائيل يسلبك ملكَك. فتتبع أبناءَهم ذلك العام، فيقتل أبناءهم، ويستحيي نساءهم حذرًا مما قال له الحازي[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٢٩٤٠.]]. (ز)

٥٨٠٩٤- قال إسماعيل السُّدِّيّ: ﴿وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم﴾، يعني: يقهر طائفة منهم، وهم بنو إسرائيل، فيستعبدهم[[علَّقه يحيى بن سلام ٢/٥٧٨.]]. (ز)

٥٨٠٩٥- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: ﴿يستضعف طائفة منهم﴾ حين جعلهم في الأعمال القذرة[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٨، ١٨/١٥١، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٩.]]. (١١/٤٢١)

٥٨٠٩٦- قال مقاتل بن سليمان: ثم أخبر عن فرعون، فقال سبحانه: ﴿يستضعف طائفة منهم﴾ يعني: مِن أهل مصر، يستضعف بني إسرائيل؛ ﴿يذبح﴾ يعني: يقتل ﴿أبناءهم﴾ يعني: أبناء بني إسرائيل، ﴿ويستحيي نساءهم﴾ يقول: ويترك بناتهم فلا يقتلهنَّ، وكان جميعُ مَن قُتِل من بني إسرائيل ثمانية عشر طفلًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٣٥.]]. (ز)

٥٨٠٩٧- عن محمد بن إسحاق -من طريق سلمة- قال: لم يكن مِن الفراعنة فرعون أشد غلظة، ولا أقسى قلبًا، ولا أسوأ مَلَكَة[[أسوأ ملكة: يُسيء صحبة رَعِيَّته. النهاية (ملك).]] لبني إسرائيل منه، تَعَبَّدَهم، فجعلهم خَوَلًا وخدمًا، وصَنَّفهم في أعماله، فصِنف يبنون، وصِنف يحرثون، وصِنف يرعون له، قال: فهم في أعماله، ومَن لم يكن منهم في ضيعة له من عمله فعليه الجزاء، فسامَهم كما قال الله ﷿[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٩.]]. (ز)

٥٨٠٩٨- قال يحيى بن سلّام: يعني: بني إسرائيل الذي كانوا بمصر في يدي فرعون، والطائفة التي يذبح الأبناء، والطائفة التي يستحيي النساء فلا يقتلهن[[تفسير يحيى بن سلام ٢/٥٧٨.]]. (ز)

﴿إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ ۝٤﴾ - تفسير

٥٨٠٩٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿إنه﴾ يعني: فرعون ﴿كان من المفسدين﴾ يعني: كان يعمل في الأرض بالمعاصي[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٣٣٥.]]. (ز)

٥٨١٠٠- قال يحيى بن سلّام: ﴿إنه كان من المفسدين﴾ في الأرض بشِركه، وعمله السوء[[تفسير يحيى بن سلام ٢/٥٧٨.]]. (ز)

﴿إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ ۝٤﴾ - آثار مطولة في القصة

٥٨١٠١- عن أبي العالية الرِّياحِيِّ -من طريق الربيع بن أنس- في قوله: ﴿ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون﴾، قال: إنّ فرعون مَلَكَهم أربعمائة سنة، فقالت له الكهنة: إنّه يولد العامَ في مصر غلامٌ يُفْسِد عليك مُلكَك، ويكون هلاكُك على يديه. فبعث فرعون في مصر نساء قوابل ينظرْنَ، فإذا ولدت امرأةٌ غلامًا أُتِي به فرعون، فقتله، فكان يستحيي الجواري، فلمّا وُلِد موسى أوحى الله إلى أمه: ﴿أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم﴾، وهو البحر، فقيل لها: اتخذي تابوتًا، واجعليه فيه، ثم اقذفيه في البحر، ففعلت ذلك، وكان لفرعون قوم سيّارة يغوصون في البحر، فلما رأوا التابوت في البحر قالوا: هذه هديةٌ جاءت مِن السماء لربنا. يعنون: فرعون، فأخذوا التابوت، فانطلقوا به إلى فرعون، فنظر فرعون، فإذا هو غلام، فقال فرعون: إنِّي أراه من الأعداء. أي: من مولودي مصر، فأراد قتله، فقالت امرأة فرعون: ﴿قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا﴾. قال: وكان فرعونُ لا يولد له إلا البنات، فتركه، فقالت أمُّ موسى لأخته: ﴿قصيه﴾. يعني: قُصِّي الأثر، فقصَّت الأثر حتى رأته عند فرعون، ﴿فبصرت به عن جنب﴾ يعني: مُجانِبة، تخاف وتتقي، فدُعِي له المراضع، فلم يقبل ثَدْيَ امرأةٍ منهن، فذهبت أخت موسى، فأخبرت أمها، وقالت: اذهبي، فقولي لهم: ﴿هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون﴾. فانطلقت أخت موسى، فقالت لهم ذلك، فقالوا لها: نعم. فقبِل موسى ثديَها، فلم يزل عندهم ترضعه وهم لا يعلمون أنها أمُّه، حتى أتمت الرضاع، ثم ذهبت فتركته عندهم، فبينما موسى ذات يوم عند فرعون إذ لطم فرعون، فقال فرعون: قد قلتُ لكم: إنّه مِن الأعداء. وأراد قتله، فقالت امرأة فرعون: إنه صبيٌّ لا يعقِل، فجرِّبه إن شئتَ؛ اجعل في الطست ذهبًا وجمرة، فانظر على أيِّهما يقبض. ففعل فرعون ذلك، فأراد موسى أن يقبض على الذهب، فضرب الملَك الذي وُكِّل به يده، فصرفها إلى الجمرة، فقبض عليها موسى، فألقاها في فيه، فقالت امرأة فرعون: ألم أقل لك: إنه لا يعقل. قال: وكان إيمان امرأة فرعون من قِبَل امرأة خازن فرعون، وكان إيمان خازن فرعون مِن أثر يوسف، وإن امرأة خازن فرعون مشطت ابنة فرعون يومًا، فوقع منها المشط، فقالت: تعس مَن كفر بالله. فقالت لها بنتُ فرعون: ألكِ ربٌّ غير أبي؟ فقالت: ربِّي وربُّ أبيك وربُّكِ وربُّ كلِّ شيء اللهُ. فلطمتها ابنةُ فرعون، وضربتها، وأخبرت أباها، فأرسل إليها فرعون، فقال لها: أتعبدين ربًّا غيري؟ فقالت: ربي وربُّك وربُّ كل شيء اللهُ، وإيّاه أعبد. فكذبها فرعون، وأوتد لها أوتادًا، فشدَّ يديها ورجليها، وأرسل عليها الحيّات، وكانت كذلك، فأتى عليها يومًا، فقال لها: أما أنتِ مُنتَهِيَة؟ فقالت له: ربي وربك وربُّ كل شيء الله. فقال لها: فإنِّي ذابِحٌ ابنَك في فيك إن لم ترجعي. فقالت له: اقضِ ما أنت قاض. فذبح ابنَها في فيها، وإنّ روح ابنها بشَّرَها، فقال لها: اصبري، يا أُمَّه، فإنّ لكِ عند الله مِن الثواب كذا وكذا. فصبرت، ثم أتى عليها فرعونُ يومًا آخر، فقال لها مثل ذلك، فقالت له مثل ذلك، فذبح ابنها الأصغر في فيها، فبشرها روحه أيضًا، وقال لها: اصبري، يا أُمَّه، فإنّ لكِ عند الله من الثواب كذا وكذا. وذلك كله بعين امرأة فرعون، وسمعت كلام روح ابنها الأكبر ثم الأصغر، فآمَنَتْ امرأةُ فرعون، وقبض روح امرأة خازن فرعون، وكشف الغطاء عن ثوابها ومنزلتها وكرامتها في الجنة لامرأة فرعون حتى رأته، فازدادت إيمانًا ويقينًا وتصديقًا، واطَّلع فرعون على إيمانها، فخرج إلى الملأ، فقال لهم: ما تعلمون مِن آسية بنت مزاحم؟ فأثْنَوْا عليها، فقال لهم: فإنّها تعبد ربًّا غيري. فقالوا له: اقتلها. فأَوْتَد لها أوتادًا، وشدَّ يديها ورجليها، فدعت آسيةُ ربها، فقالت: ﴿رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين﴾. فكُشِف لها الغطاء، فنظرت إلى بيتها بيِّنًا في الجنة، ووافق ذلك أن حضرها فرعون، فضحكت حين رأت بيتها بيِّنًا في الجنة، فقال فرعون: ألا تعجبون مِن جنونها؟! إنّا نُعَذِّبها وهي تضحك! فقبض روحها. وإنّ مؤمنًا مِن آل فرعون كان يتعبَّد في جبل، فرآه رجلٌ، فأتى فرعون، فأخبره، فدعاه فرعون، فقال له: ما هذا الذي بلغني عنك؟ فقال لهم المؤمن: يا أيها الملأ، مَن ربكم؟ فقالوا: فرعون. قال: فإنِّي أشْهَد أنّ ربي وربكم واحد. فكذَّب فرعونُ الرجلَ الذي أتاه فأخبره عنه بإيمانه، فقتله[[أخرجه آدم بن أبي إياس -كما في تفسير مجاهد ص٥٢٢-٥٢٤-.]]. (ز)

٥٨١٠٢- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نجيح- قال: لقد ذُكِر لنا: أنّه كان لَيَأْمُر بالقَصَب، فيُشَقَّ حتى يجعل أمثال الشِّفار، ثم يُصَفُّ بعضُه إلى بعض، ثم يُؤتى بحبالى مِن بني اسرائيل، فيُوقَفْن عليه، فيَحُزَّ أقدامهن، حتى إن المرأة منهم لَتَمْصَعُ بولدها، فيقع بين رجليها، فتظلُّ تَطَؤُه، وتتقي به حَدَّ القصب عن رجليها لما بلغ مِن جهدها، حتى أسرف في ذلك، وكاد يُفنيهم، قيل له: أفنيتَ الناسَ، وقطعت النسلَ، وإنّما هم خَوَلُك وعُمّالك، فتأمر أن يقتلوا الغِلمان عامًا، ويستحيوا عامًا. فوُلِد هارون في السنة التي يُسْتَحْيا فيها الغلمان، ووُلِد موسى ﵇ في السنة التي فيها يقتلون، وكان هارون أكبر منه بسنة. فلمّا أراد بموسى ﵇ ما أراد، واستنقاذ بني اسرائيل مِمّا هم فيه مِن البلاء؛ أوحى الله إلى أُمِّ موسى حين تقارب ولادها: ﴿أن أرضعيه﴾[[أخرجه ابن أبي حاتم ٩/٢٩٤٠-٢٩٤٢.]]. (١١/٤٢٦)

٥٨١٠٣- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قال: كان مِن شأن فرعون أنّه رأى رؤيا في منامه: أنّ نارًا أقبلت مِن بيت المقدس، حتى إذا اشتملت على بيوت مصر، فأحرقت القبط، وتركت بني إسرائيل، فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة -وهم العافَةُ الذين يَزْجُرون الطير-، فسألهم عن رؤياه، فقالوا له: يخرج مِن هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه -يعنون: بيت المقدس- رجلٌ يكون على وجهه هلاكُ مصر. فأمر بني اسرائيل ألّا يُولَد لهم غلام إلا ذبحوه، ولا يُولَد لهم جارية إلا تُرِكَت، وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجًا فأدْخِلوهم، واجعلوا بني إسرائيل يَلُون تلك الأعمال القذرة. فجعل بني اسرائيل في أعمال غِلمانهم، فذلك حين يقول الله: ﴿إن فرعون علا في الأرض﴾ يقول: تَجَبَّر في الأرض، ﴿وجعل أهلها شيعا﴾ يعني: بني اسرائيل، ﴿يستضعف طائفة منهم﴾ حين جعلهم في الأعمال القذرة. وجعل لا يُولَد لبني إسرائيل مولود إلا ذُبِح، فلا يكبر صغير، وقذف الله في مشيخة بني إسرائيل الموت، فأسرع فيهم، فدخل رؤوس القِبْط على فرعون، فكلموه، فقالوا: إنّ هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت، فيُوشك أن يقع العمل على غِلماننا بذبح أبناءهم، فلا يبلغ الصغار فيُعِينون الكبار، فلو أنّك كُنت تُبْقِي مِن أولادهم؟ فأمر أن يُذبَحوا سنة، ويُترَكوا سنة، فلما كان في السنة التي لا يُذبَحون فيها وُلِد هارون ﵇ فتُرِك، فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى - عليه الصلاة والسلام-، فلما أرادت وضعه حزِنت مِن شأنه، فلما وضعته أرضعته، ثم دعتْ له نَجّارًا، وجعلت له تابوتًا، وجعلت مفتاح التابوت مِن داخل، وجعلته فيه، وألقته في اليم -وهو النيل-، فأقبل الموجُ بالتابوت، يرفعه مرة، ويخفضه أخرى، حتى أدخله عند بيت فرعون، فخرجْنَ جواري آسية امرأة فرعون يغتسِلْنَ، فوَجَدْن التابوت، فأدخلنه إلى آسية، وظَنَنَّ أنّ فيه مالًا، فلمّا تحرك الغلامُ رأته آسيةُ صبيًّا، فلما نظرته آسيةُ وقعت عليه رحمتُها، وأحبَّتْه، فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه، فلم تزل آسيةُ تُكَلِّمه حتى تركه لها، وقال: إنِّي أخاف أن يكون هذا مِن بني إسرائيل، وأن يكون هذا الذي على يديه هلاكنا. فبينما هي ترقصه وتلعب به إذ ناولته فرعون، وقالت: خذه، قرة عين لي ولك. قال فرعون: هو قرة عين لك لا لي. -قال عبد الله بن عباس: ولو أنّه قال: هو لي قرة عين. إذن لآمَن به، ولكنه أبى- فلمّا أخذه إليه أخذ موسى ﵇ بلحيته، فنتفها، فقال فرعون: عَلَيَّ بالذبّاحين، هو ذا. قالت آسية: لا تقتله، عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا، إنّما هو صبيٌّ لا يعقل، وإنما صنع هذا مِن صباه، أنا أضع له حليًا من الياقوت، وأضع له جمرًا؛ فإن أخذ الياقوت فهو يعقل، اذبحه، وإن أخذ الجمر فإنما هو صبي. فأخرجت له ياقوتًا، ووضعت له طستًا مِن جمر، فجاء جبريل ﵇ فطرح في يده جمرة، فطرحها موسى ﵇ في فِيه، فأحرقت لسانه. فأرادوا له المرضعات، فلم يأخذ مِن أحد مِن النساء، وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع، فأبى أن يأخذ، فجاءت أختُه، فقالت: ﴿هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون﴾. فأخذوها، فقالوا: إنّكِ قد عرفتِ هذا الغلام، فدُلِّينا على أهله. فقالت: ما أعرفه، ولكن إنّما هم للملك ناصحون. فلما جاءت أمُّه أخذ منها، وكادت تقول: هو ابني. فعصمها الله، فذلك قول: ﴿إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين﴾. قال: قد كانت مِن المؤمنين، ولكن بقول: ﴿إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين﴾. قال السُّدِّيّ: وإنّما سُمِّي: موسى؛ لأنهم وجدوه في ماء وشجر، والماء بالنبطية: مو، الشجر: سى[[أخرجه ابن جرير ١/٦٤٨، ٦٤٩، ٦٦٦، ١٨/١٥١، ١٥٦، ١٥٧، ١٥٩، ١٦٠، ١٦٣، ١٦٤، ١٧١، ١٧٣، ١٧٧، ١٧٩، وابن أبي حاتم ٩/٢٩٣٨-٢٩٤٠، ٢٩٤٢، ٢٩٤٥، ٢٩٤٧، ٢٩٤٩، ٢٩٥٠.]]. (١١/٤٢١)

    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب