قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ قال الليث: العلو: العظمة والتجبر، يقال: علا الملك علوًا إذا تجبر [[في نسخة (ب): إذا تكبر وتجبر.]]، ومنه قوله تعالى: ﴿لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ﴾ [[كتاب "العين" 2/ 245 (علو)، بنحوه.]] [القصص: 83] قال المفسرون: استكبر وتجبر وبغى وتعظم وطغى. كل هذا من ألفاظهم [["تفسير مقاتل" 63 أ، بلفظ: تعظم. وابن جرير بلفظ: تجبر. "تاريخ الطبري" 1/ 388. وأخرجه في التفسير 20/ 27، عن السدي بلفظ: تجبر في الأرض. وعن قتادة بلفظ: بغى في الأرض. وذكره الثعلبي 8/ 139 ب، عن ابن عباس، بلفظ: استكبر، وعن السدي، بلفظ: تجبر.]].
وقوله: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ يعني: أرض مصر [["تفسير الثعلبي" 8/ 139 ب، ولم ينسبه.]] ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ يعني: أحزابًا وفرقًا [["تفسير مقاتل" 63 أ. و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 97. أي: فرق بني إسرائيل فجعلهم خَوَلًا للقبط. "وضح البرهان" 2/ 145. وأخرج ابن جرير 20/ 27، نحوه عن قتادة خولاً: عبيدا. "تهذيب اللغة" 7/ 564 (خال).]]، كقوله: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ [الأنعام: 65] وقد مر [[قال الواحدي في تفسير هذه الآية: الشيع جمع: شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، والجمع شيع وأشياع، قال الله -عز وجل-: ﴿كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ﴾ [سبأ: 54] وأصله من التشيع وهو التتبع، ومعنى الشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضًا.]].
والمعني: جعلهم فرقًا وأصنافًا في الخدمة [["غريب القرآن" لابن قتيبة 328.]]، والتسخير [["تفسير الثعلبي" 8/ 139 ب، ولم ينسبه. وأخرج ابن جرير 20/ 27، عن قتادة في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ أي: فرقًا، يذبح طائفة منهم، ويستحيي طائفة منهم، ويعذب طائفة، ويستعبد طائفة.]] ﴿يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ﴾ قال ابن عباس: وهم أسباط النبوة، يعني: بني إسرائيل [["تفسير الثعلبي" 8/ 139 ب، و"غريب القرآن" لابن قتيبة 328، ولم ينسبه. وأخرجه ابن جرير 20/ 27، وابن أبي حاتم 9/ 2939، عن السدي في خبر طويل.]].
ثم فسر ذلك الاستضعاف فقال: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ قال المفسرون: يقتل أبناءهم، ويترك بناتهم فلا يقتلهن [["تفسير مقاتل" 63 أ. وأخرجه ابن جرير 20/ 27، وابن أبي حاتم 9/ 2938، عن السدي.]]؛ وذلك لأن بعض الكهنة قال له: إن مولودًا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملكك [[أخرجه عبد الرزاق 2/ 87 عن قتادة. و"تفسير مقاتل" 63 أ. و"تاريخ الطبري" 1/ 387، عن ابن إسحاق.]].
قال أبو إسحاق: والعجب من حمق فرعون؛ إن كان هذا الكاهن عنده صادقًا فلا ينفع القتل، وإن كان كاذبًا فما معنى القتل [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 132.]].
وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ أي بالعمل في الأرض بالمعاصي. قاله ابن عباس ومقاتل [["تفسير مقاتل" 63 أ. و"تفسير الطبري" 20/ 28، ولم ينسبه.]]. وقال الكلبي: من المفسدين بالقتل [["تنوير المقباس" 323. وما ذكره الواحدي هنا أمثلة لإفساد فرعون؛ قال ابن جرير 20/ 28: إنه كان ممن يفسد في الأرض بقتله من لا يستحق القتل، واستعباده من ليس له استعباده، وتجبره في الأرض على أهلها، وتكبره على عبادة ربه.]].
{"ayah":"إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِیَعࣰا یَسۡتَضۡعِفُ طَاۤىِٕفَةࣰ مِّنۡهُمۡ یُذَبِّحُ أَبۡنَاۤءَهُمۡ وَیَسۡتَحۡیِۦ نِسَاۤءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ"}