الباحث القرآني

(p-٢٣٣)سُورَةُ القَصَصِ مَكِّيَّةٌ في قَوْلِ الحَسَنِ وعِكْرِمَةَ وعَطاءٍ، وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وقَتادَةُ إلّا آيَةً مِنها نَزَلَتْ بَيْنَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ، وقِيلَ بِالجُحْفَةِ وهي: ﴿إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ لَرادُّكَ إلى مَعادٍ﴾ الآيَةَ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: بِبَغْيِهِ في اسْتِعْبادِ بَنِي إسْرائِيلَ وقَتْلِ أوْلادِهِمْ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: بِكُفْرِهِ وادِّعاءِ الرُّبُوبِيَّةِ. الثّالِثُ: بِمُلْكِهِ وسُلْطانِهِ. (p-٢٣٤)وَهَذِهِ الأرْضُ أرْضُ مِصْرَ لِأنَّ فِرْعَوْنَ مَلَكَ مِصْرَ، ولَمْ يَمْلِكِ الأرْضَ كُلَّها، ومِصْرُ تُسَمّى الأرْضُ ولِذَلِكَ قِيلَ لِبَعْضِ نَواحِيها الصَّعِيدُ. وَفِي عُلُوِّهِ وجْهانِ: أحَدُهُما: هو لِظُهُورِهِ في غَلَبَتِهِ. الثّانِي: كِبْرُهُ وتَجَبُّرُهُ. ﴿وَجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا﴾ أيْ فِرَقًا. قالَهُ قَتادَةُ: فَرَّقَ بَيْنَ بَنِي إسْرائِيلَ والقِبْطِ. ﴿يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنهُمْ﴾ وهم بَنُو إسْرائِيلَ بِالِاسْتِعْبادِ بِالأعْمالِ القَذِرَةِ. ﴿يُذَبِّحُ أبْناءَهُمْ﴾ قالَ السُّدِّيُّ: إنَّ فِرْعَوْنَ رَأى في المَنامِ أنَّ نارًا أقْبَلَتْ مِن بَيْتِ المَقْدِسِ حَتّى اشْتَمَلَتْ عَلى بُيُوتِ مِصْرَ فَأحْرَقَتِ القِبْطَ وتَرَكَتْ بَنِي إسْرائِيلَ، فَسَألَ عُلَماءَ قَوْمِهِ عَنْ تَأْوِيلِهِ، فَقالُوا: يَخْرُجُ مِن هَذا البَلَدِ رَجُلٌ يَكُونُ عَلى يَدِهِ هَلاكُ مِصْرَ، فَأمَرَ بِذَبْحِ أبْنائِهِمْ واسْتِحْياءِ نِسائِهِمْ، وأسْرَعَ المَوْتُ في شُيُوخِ بَنِي إسْرائِيلَ فَقالَ القِبْطُ لِفِرْعَوْنَ: إنَّ شُيُوخَ بَنِي إسْرائِيلَ قَدْ فَنَوْا بِالمَوْتِ وصِغارَهم بِالقَتْلِ فاسْتَبْقِهم لِعَمَلِنا وخِدْمَتِنا أنْ يَسْتَحْيُوا في عامٍ ويَقْتُلُوا في عامٍ فَوُلِدَ هارُونُ في عامِ الِاسْتِحْياءِ ومُوسى في عامِ القَتْلِ. وَطالَ بِفِرْعَوْنَ العُمْرُ حَتّى حَكى النَّقّاشُ أنَّهُ عاشَ أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وكانَ دَمِيمًا قَصِيرًا، وكانَ أوَّلَ مَن خَضَّبَ بِالسَّوادِ. وَعاشَ مُوسى مِائَةً وعِشْرِينَ سَنَةً. قَوْلُهُ: ﴿وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا في الأرْضِ﴾ فِيهِمْ قَوْلانِ: أحَدُهُما: بَنُو إسْرائِيلَ، قالَهُ يَحْيى بْنُ سَلّامٍ. الثّانِي: يُوسُفُ ووَلَدُهُ، قالَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. ﴿وَنَجْعَلَهم أئِمَّةً﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: وُلاةُ الأمْرِ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: قادَةٌ مَتْبُوعِينَ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّالِثُ: أنْبِياءُ لِأنَّ الأنْبِياءَ فِيما بَيْنَ مُوسى وعِيسى كانُوا مِن بَنِي إسْرائِيلَ أوَّلُهم مُوسى وآخِرُهم عِيسى وكانَ بَيْنَهُما ألْفُ نَبِيٍّ، قالَهُ الضَّحّاكُ. ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الوارِثِينَ﴾ فِيهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّهم بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ سَبَوُا القِبْطَ فاسْتَعْبَدُوهم بَعْدَ أنْ كانُوا عَبِيدَهم فَصارُوا وارِثِينَ لَهم، قالَهُ الضَّحّاكُ. (p-٢٣٥)الثّانِي: أنَّهُمُ المالِكُونَ لِأرْضِ فِرْعَوْنَ الَّتِي كانُوا فِيها مُسْتَضْعَفِينَ. والمِيراثُ زَوالُ المِلْكِ عَمَّنْ كانَ لَهُ إلى مَن صارَ إلَيْهِ، ومِنهُ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ كُلْثُومٍ ؎ ورِثْنا مَجْدَ عَلْقَمَةَ بْنِ سَيْفٍ أباحَ لَنا حُصُونَ المَجْدِ دِينًا
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب