.. تتلى عليهم هذا القصص لأجل يؤمنون.
إذا كانت للذين آمنوا؟
* طالب: (...).
* الشيخ: التثبيت على الإيمان، وزيادة، تمام.
قول الله تعالى: ﴿وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾ [القصص ٤] ما معناها؟
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني: يستبقي حياتهم.
* الطالب: يستبقي حياتهم.
* الشيخ: أو يجدد فيهم الحياة؟
* الطالب: المعنى الأول، الأصل أنهم أحياء.
* الشيخ: إي، أصلًا أحياء، وأيضًا ما أحد يقدر على تجديد الحياة إلا؟
* الطالب: إلا الله.
* الشيخ: إلا الله سبحانه وتعالى.
إذن ﴿يَسْتَحْيِي﴾ يعني: يستبقي حياتهم وليس يجدد.
طيب، جملة ﴿يُذَبِّحُ﴾ ﴿وَيَسْتَحْيِي﴾، أيش تقول؟ ما تقول في الجملة؛ محلها من الإعراب؟
* طالب: حال.
* الشيخ: حال من أيش؟
* الطالب: ﴿يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ﴾، (...).
* الشيخ: اقرؤوا الآية، يعني: نحن ما نوافق على (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: يعني مِن الفاعل ولَّا مِن ﴿عَلَى﴾؟
* الطالب: (...) مِن الفاعل.
* الشيخ: من الفاعل صح؛ لأن الفعل ما يأتي منه حال؟
* طالب: مِن ﴿عَلَى﴾ و﴿جَعَلَ﴾.
* الشيخ: (...).
قوله تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص ٥]. الإرادة هنا كونية ولّا شرعية؟
* طالب: إرادة كونية.
* الشيخ: الإرادة كونية؟ ويش الدليل؟ كيف تحكم بما لا تعلم من كتاب الله؟
* طالب: نقول: إن الإرادة شرعية، والمراد بها المحبة.
* الشيخ: إي.
* الطالب: وهنا..
* الشيخ: الإرادة مرادفة..
* الطالب: للمشيئة.
* الشيخ: للمشيئة، زين. وأيضًا متعلَّق الإرادة الكونية ما هو؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: الحكم الشرعي ولَّا الحكم القدري؟
* الطالب: الحكم القدري.
* الشيخ: وهذه متعلقة بالحكم القدري. ﴿نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ﴾، مفهوم يا جماعة؟
* طلبة: نعم.
* الشيخ: طيب، إذن الفرق من ناحيتين: الناحية الأولى من ناحية المعنى، والثانية من ناحية المتعلق؛ فالإرادة الكونية مرادفة للمشيئة بمعنى: شاء، والإرادة الشرعية مرادفة لأيش؟
* طالب: للمحبة.
* الشيخ: للمحبة.
والثاني من جهة المتعلَّق؛ الإرادة الكونية تتعلق بالأمور الكونية، والإرادة الشرعية تتعلق بالأمور الشرعية، فالله يريد منا أن نصليَ مع الجماعة شرعًا ولَّا كونًا؟
* طالب: شرعًا.
* الشيخ: شرعًا، واضح؟
قوله: ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾ [القصص ٥]؟
* طالب: ﴿أَئِمَّةً﴾ تحتمل أن (...)، الإمام يمكن أن يكون في الخير والشرِّ؛ قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا﴾ [الأنبياء ٧٣].
* الشيخ: وهنا المراد أئمة؟
* الطالب: هنا أئمة في الخير.
* الشيخ: أئمة في الخير؛ لأن الإمام كل من يُقتدى به.
قوله: ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ [القصص ٥] الوارثين لمَن؟
* طالب: لفرعون وجنوده.
* الشيخ: لفرعون وجنوده، قال الله تعالى: ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء ٥٩].
طيب، نرجع الآن إلى الفوائد.
* طالب: (...).
* الشيخ: من بني إسرائيل؟
* الطالب: من بني إسرائيل.
* الشيخ: إي.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ما في ذاك الوقت ما علمنا أحدًا (...).
* طالب: (...) كل الذين استضعفهم فرعون فَيَمُنُّ عليهم.
* طالب: كل الذين استضعفهم فرعون فَيَمُنُّ عليهم.
* الشيخ: يعني ويش (يمن)؟
* الطالب: (...).
* الشيخ: نمن عليهم بالهداية؛ ولهذا جاء بالفعل المضارع ﴿نُرِيدُ﴾؛ يعني: في المستقبل، نريد أن نمن عليهم في المستقبل ونجعلهم أئمة.
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، هذا هو، إي نعم، يمن عليهم بالإيمان والإمامة وإرث هؤلاء.
* في هذه الآيات الكريمة:
* أولًا: بيان عظم القرآن وعُلُوِّه، وذلك عن طريق؟
* طالب: الإشارة.
* الشيخ: الإشارة إليه بالبعد؛ ﴿تِلْكَ آيَاتُ﴾ [القصص ٢].
* ثانيًا: أن هذا القرآن مكتوب؛ لقوله: ﴿الْكِتَابِ﴾، والذي نعلم من كتابته ثلاثة أمور، ويش هي؟ في اللوح المحفوظ، والمصاحف، والصحف التي في أيدي الملائكة.
* ومن الفوائد أيضًا: أن هذا القرآن مظهر مبين للأمور؛ لقوله: ﴿الْمُبِينِ﴾، فهو مظهر ومبين للأمور.
هل حذف المتعلَّق ﴿الْمُبِينِ﴾ يُستفاد منه عموم إبانة القرآن لكل شيء ولّا لا؟
* طالب: إي نعم.
* الشيخ: حَذفُ المتعلق هذه من القواعد التفسيرية؛ أن حذف المتعلَّق يفيد العموم ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ [الضحى ٨]، ما قال: فأغناك؛ لأن الله أغناه وأغنى به. ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى ٧]، ما قال: هداك، ليش؟ لأن الله هداه وهدى به.
طيب، إذن حذف المتعلق في قوله: ﴿الْمُبِينِ﴾ يدل على أنه مبين لكل شيء، ويدل لذلك قوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل ٨٩]، واضح؟
إذن أي مشكلة علينا في الدين منين نأخذها؟
* طالب: من القرآن أو السنة.
* الشيخ: من القرآن، والقرآن يرشدنا إلى الأخذ بالسنة ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر ٧]، وحينئذ لا يبقى في الدنيا مشكلة إلا وُجِد حلها في الكتاب وفي السنة، لكن القصور عن فهمها يكون له سبب: إما هوى متَّبع وإما جهل، إما الإنسان ما أراد الحق يريد هوى، ويبحث في الكتاب والسنة لعله يجد ما يبرر ما ذهب إليه؛ مثلًا: إنسان يريد أن يبرر الاشتراكية، راح يدور بالقرآن والسنة ما يؤيد هذا الرأي، ما قصدُه الحق، ويدل لذلك أنه لو وجد في القرآن والسنة ما يخالفه تركه وطلب غيره. واضح؟
وهكذا أيضًا كل هؤلاء الذين يريدون أن يُشَرِّعُوا قوانين أو أمورًا فقيهة أو شيئًا، إذا كانوا إنما يرجعون إلى الكتاب والسنة من أجل أن يُبَرِّروا مواقفهم فإذا رأوا ما يخالفها أغمضوا أعينهم، وإن رأوا ما يشير إليها ولو لإبطالها فتحوا أعينهم إلى رؤوسهم، هؤلاء الغالب أنهم ما يوفقون.
لكن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بالعقيدة الواسطية، قال كلمة مرت علينا من قبل، كلمة عظيمة، وهي: (من تدبر القرآن طالبًا الهدى منه تبين له طريق الحق) كلمة هذه بالحقيقة وزنها ثقيل: (من تدبر القرآن طالبًا الهدى منه) أمران: تدبر وطلب الهدى، تدبر الفعل وطلب الهدى النية الصالحة، (طالبًا الهدى منه تبين له طريقُ الحق) هذا جواب الشرط، والشيخ رحمه الله جزم به؛ لأنه في القرآن لا شك في ذلك.
إذن القرآن مُبَيِّن لكل الأمور؛ إما من القرآن نفسه أو مما يرشد إليه وذلك بالتحويل على أيش؟ السنة.
أحيانًا يعترضنا مسائل نبحث عنها في كتب الفقهاء، فقهاء الحنابلة وفقهاء الشافعية وغيرهم ما نجدها، نرجع إلى القرآن والسنة نجدها موجودة تتبين لنا، واضح؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: والكتاب والسنة الرجوع إليهما يفيد الإنسان في الحقيقة فائدتين عظيمتين؛ أولًا: الطمأنينة والاستقرار؛ لأن اتباع كلام أهل العلم وإن كان الإنسان قد يطمئن له بعض الشيء، لكن ما يكون طمأنينته إليه كطمأنينته إذا ما دلَّ عليه الكتاب والسنة.
الشيء الثاني: أنه يستطيع أن يُقنع غيره ويُطَمئن غيره، صح ولَّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: لأنك لو قال لك إنسان: طيب، (...) لِمَ نقول: هذا حرام؟ حرام؛ لأن الله يقول: حرام، أو لأن الرسول ﷺ يقول: حرام، حينئذ يطمئن، لكن لو تقول له: لأنه في الكتاب الفلاني حرام، الكتاب الفلاني هل صدر عن وحي؟ لا.
إذن الفائدة هذه: الطمأنينة وإقناع الغير؛ الرجوع للكتاب والسنة؛ ولهذا أنا أحب أن يكون دائمًا رجوعنا إلى الكتاب والسنة، وليس معنى ذلك أنني أقول: اطرحوا كلام أهل العلم، لا، كلام أهل العلم مفاتيح لهذه الخزائن، وكم من إنسان ما يهتدي بالكتاب والسنة إلا حيث يدخل ما دخله هؤلاء العلماء.
ففرق بين مَنْ يقول: اتبع الكتاب والسنة واقتدِ بكلام أهل العلم بالنسبة لفتح هذه الخزائن من الكتاب والسنة ومن يقول: اقتد بالكتاب والسنة واطرَح كلام أهل العلم ولا تلتفت له ولا تعدَّه شيئًا. هذا ما هو بصحيح هذا؛ لأن بعض الناس الآن ما يرى كلام أهل العلم شيئًا إطلاقًا، ولا يرجع إليه أبدًا، فهذا ما هو بصحيح. فدائمًا الحق يكون بين طرفين متطرفين، إي نعم.
إذن القرآن سبيل لكل شيء.
* فيه أيضًا: دليل على أن القَصص يسمى تلاوة، قَص الإنسان للقصة، يقال: تلاها عليهم، من قوله تعالى: ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ﴾ [القصص ٣].
* ومن الفوائد أيضًا: أهمية قصة موسى مع فرعون؛ ولهذا تكفَّل الله تعالى بتلاوتها على نبيه ﷺ لأهميتها وبيان فوائدها وكثرتها، وليس أن عندكم وقتًا حتى نقول: اجمعوا القصة من جميع أطرافها، واستنبطوا ما فيها من الفوائد، وهذه الطريقة سلكناها مع طلبة معهد ثانوي؛ كنا نُدَرِّس في الثانوي في معهد، وكان من المقرر عليهم سورة غافر، سورة غافر فيها قصة موسى، وطلبنا منهم استنباط الفوائد منها، لكن لما كان الطلبة نشيطين، ما هم مثل الوقت الحاضر يعني، هذا يمكن قبل حوالي عشرين سنة.
إنما على كل حال هذه القصة -قصة موسى وفرعون- من أهم القصص، ولهذا يكررها الله تعالى في القرآن بأساليب مختلفة، وهنا يقول: ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى﴾.
* وفيه أيضًا: دليل على -الفائدة الثانية- أن ما أخبر الله به فهو حق، جميع ما أخبر الله به عن هذه القصص فهو حق، وقد سبق أن قلنا: إن الحق إذا وُصف به الخبر فهو بمعنى الصدق، وإذا وُصف به الحكم فهو بمعنى العدل.
* من فوائدها؛ ومن الفوائد: أن هذه القصص سبب للإيمان.
* ومن فوائدها أيضًا: أنها زيادة في الإيمان، سبب لمن لم يؤمن أن يؤمن، ولمن آمن أن يزداد إيمانه ثباتًا وكَمِّيةً، ويش الدليل أنه ينتفع بها غير المؤمن؟ قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف ١١١]، كل إنسان ذو لب وعقل لا بد أن يعتبر وينتفع، إي نعم.
* ومن فوائد الآية: بيان ما كان عليه فرعون من العلو والجبروت: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص ٤].
* ومن فوائدها: أن مَن علا في الأرض وطلب العلو على الخلق فهو شبيه بفرعون، ورِث هذه من فرعون، وبئس الرجل يكون إمامُه فرعون.
* ومن فوائدها: أن تفريق الأمة سبب لفشلها وذُلها. من أين يؤخذ؟
* طالب: ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾ [القصص ٤].
* الشيخ: ﴿وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا﴾.
* ومن فوائدها أيضًا: أن حكمة الإنجليز المشهورة: (فرِّقْ تَسُد) فرعونية ولّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: فرعونية؛ لأنه هو الذي جعل (...) ليسود به.
* ومنها، من فوائد الآية: أن بني إسرائيل من أهل مصر مع أنهم في الأصل من أهل الشام، فيتفرع على هذه الفائدة: أن من سكن أرضًا وأقام فيها وإن لم يكن من أهلها في الأصل نُسِب إليها وصار من أهلها.
ومنها: بيان شدة استضعاف فرعون لبني إسرائيل؛ حيث كان يذبح أبناءهم ويستحيي نسائهم، لماذا؟ قيل: لأنه أُخبِر بأنه سيولد من بني إسرائيل ولد يكون هلاكك على يديه.
وقيل: لأن ذلك هو الطريق لإذلال الأمة؛ لأنه إذا ذهب الرجال وبقي النساء صرن إماءً للمستعبِد بلا شك، ما عندهن قَيِّم ولا مدافع.
* ومن الفوائد في الآية: أن هذا العمل -العلو في الأرض، والعتو على الخلق، والسعي بينهم بالتفريق- أنه من الإفساد. منين نأخذها؟
* طالب: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [القصص ٤].
* الشيخ: من قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
عكس ذلك إذن الذي يتواضع للحق وللخلق ويجمع الأمة ويَقصُر عدوانه يكون من المصلحين؛ لأن بضدها تتبين الأشياء، فإذا كانت هذه الأمور من الفساد فضدها من الصلاح.
* من فوائد الآية: إثبات إرادة الله في قوله: ﴿وَنُرِيدُ﴾، ووجه إثبات الإرادة من قوله: ﴿وَنُرِيدُ﴾ مع أن (نريد) فعل وليس اسمًا، نقول: لأن الفعل يدل على الحدث وزمانِه، فـ(نريد) مشتق منين؟
* طالب: من الإرادة.
* الشيخ: من الإرادة، (نريد) مشتق من الإرادة؛ وعليه فنقول: إنه يدل على إثبات الإرادة لله، أثبتها المعتزلة؛ الإرادة؟
* طالب: نفوها.
* طالب آخر: (...).
* الشيخ: نفوها. الأشاعرة أثبتوا الإرادة، قالوا: إن الله تعالى له إرادة؛ لأن التخصيص بكون الليل ليلًا والنهار نهارًا والحر حرًّا والبرد بردًا، يدل على إثبات الإرادة؛ إذ ما يقع هذا التخصيص إلا بإرادة، فهمتم؟
وهم -كما عرفنا من قبل- إنما يستدلون على إثبات الصفات بالعقل، وما خالف عقولهم وجب تأويله وصرفُه إلى ما يوافق العقل.
وقد مضى لنا هذا، ولكن لا بأس من إعادته؛ مضى أن هذه طريقة فاسدة، مخالفة للقرآن: ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾ [المؤمنون ٧١]، قال الإمام مالك رحمه الله: ليت شعري بأي شيء يوزن الكتاب والسنة، أفكلما جاءنا رجل أجدل من رجل اتبعناه وتركنا قول الآخر؟! يستقيم هذا ولّا لا؟
* طالب: ما يستقيم.
* الشيخ: ما يستقيم.
إذن نقول: إثبات صفات الله بالطرق العقلية ونفي ما لم يدل عليه العقل فهذا في الحقيقة عدوان وطريق فاسد. على أننا نقول: إنه يمكننا أن نُثبِت ما نفيتم بطريق العقل كما أثبتم أنتم ما أثبتم بطريق العقل، بل أفلح وأبلغ.
ظهور صفة الرحمة في المخلوقات أبلغ من ظهور صفة الإرادة.
* طالب: الإحسان.
* الشيخ: نعم، الإحسان إلى الخلق بالرزق والإمداد والإعداد وبجميع ما يتمتعون به، هذا ظاهر لكل أحد ولَّا لا؟ لكن كون هذا حَرًّا وهذا بردًا يدل على الإرادة، دلالة هذا على الإرادة أخفى من دلالة النعم على الرحمة بلا شك ولَّا لا؟
أيضًا نصره للطائعين وخذلانه للعاصين يدل على الحب والبغض ولَّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: لولا أنه يحب هؤلاء ما نصرهم، ولولا أنه يبغض هؤلاء لنصرهم، وهذا معروف، حتى الإنسان إذا صار يبغض واحدًا ما ينصره، وإذا صار يحبه ينصره. إذن نصرُه لهؤلاء وإذلاله لهؤلاء دلَّ على إثبات المحبة والبغض، وهم ينكرون ذلك ويقولون: العقل ما يدل عليه.
فإذن -الحمد لله- الحق واضح، ما من شيء يزعم هؤلاء أن العقل ينكره أو لا يثبته إلا وجدنا أن العقل يثبته كما أثبته الشرع.
* فيه أيضًا دليل.. يستفاد من فوائد الآية: تمام قدرة الله عز وجل، تمام القدرة؛ وجهُه أن هؤلاء المستضعفين جعلهم أئمة ووارثين لهؤلاء الطغاة، ولَّا لا؟ طيب، جعلهم وارثين بقدرتهم ولّا بقدرة الله فقط؟
* طالب: (...).
* الشيخ: في الحقيقة (...)؛ يعني: المسلمون من هذه الأمة ورثوا ديار الروم وديار الفرس بفعلهم وجهادهم، لكن إرث بني إسرائيل لديار فرعون بلا سبب منهم، بل هو من الله عز وجل محض، ولهذا قال: ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾، فهو بفعل الله سبحانه وتعالى المحض.
* يستفاد منه -كما قلت قبل قليل- تمام قدرة الله عز وجل، وأن الله ييسر لعباده من النصر ما لم يكن في مقدورهم ولا في حسبانهم.
* فيه أيضًا من فوائد الآية: أن من استُضعف لقيامه بالحق فلا بد أن تكون العاقبة له، كل من استُضعف لقيامه بالحق فلا بد أن تكون العاقبة له؛ لأن قوله: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ وإن كان في سياق بني إسرائيل فغيرهم داخل في العموم؛ العموم اللفظي إذا قلنا: ﴿عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا﴾ في أي مكان وزمان، أو العموم المعنوي وذلك بقياس غيرهم عليهم؛ لأن الدلالات -دلالات العموم- إما لفظية أو معنوية، فالقياس الصحيح دلالة اللفظ على المقيس دلالة معنوية، فحينئذٍ نقول: ﴿عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾ إذا جعلناهم هم بني إسرائيل فقط، فالمستضعفون بقيامهم في الحق من غيرهم مثلهم ولَّا لا؟
* طالب: مثلهم.
* الشيخ: مثلهم؛ لأن الله يقول: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ﴾ بعدها؟ ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الفتح ٢٣]، سنة الله في الخلق واحدة؛ لأنه سبحانه وتعالى ليس بينه وبين أحد نسب حتى يراعيه، أو حسب حتى يراعيه: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ﴾ مَن؟ ﴿أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات ١٣].
فإذن نقول: في هذه الآية دليل على أن من استُضعِف في طريق الحق -يعني لقيامه بالحق- فإن العاقبة له.
هنا قد توردون عليَّ أن أناسًا استضعفوا في الحق وقُتلوا أو طُرِدوا أو ما أشبه ذلك، فأين العاقبة التي تلزمهم؟
نقول: إن العاقبة لا تكون للشخص الجسدي فقط، بل للشخص المعنوي. مقالة هذا لا بد أن تُنْصَر. وانظروا الآن من سبقنا من أهل العلم، كل عالِم أُوذِيَ في الحق -سواء قُتل أو ما قُتل- فإنك تجد مقالاته تبقى وتنتشر أكثر من غيره، أكثر بكثير من غيره، وهذا واضح لمن تأمله.
إذن فالنصر للقائل في حياته أو لمقالته بعد وفاته، والإنسان المجاهد لله هو لا يريد أن يبقى بنفسه، ويش همه؟ أن يبقى هذا الحق الذي قام به، ما يهمه أنه يبقى هو أو ما يبقى إذا كان يدعو إلى الله، أما من يدعو إلى نفسه -ونسأل الله أن يعيذنا من ذلك جميعًا- فهذا نعم هو الذي يقول إذا قُتل أو أوذي: إنه ما انتصر، لكن من يدعو لله ما يهمه إلا أن تنتصر هذه الدعوة،؛ ولهذا هو يقاتل لها ومن أجلها.
* طالب: (...)، كيف لعدوه بالمقابل يقرأ هذه القصة ويقول: لا بد من نصر الله؟
* الشيخ: إي، لكن لا بد من نصر الحق بأسبابه، إذا أعيتك الأمور جاء النصر من عند الله بدون سبب، لكن ما دام أنه أنت مأمور بطريق معينة قد لا تُنصر لمخالفتك إياه، قد لا تُنْصَر من أجل مخالفتك إياه وتقصيرك؛ لأن الإنسان ليس معناه كل من حسنت نيته حسن فعله ونُصِر، لا، قد يختلف الأمر، ولذلك مسائل هذه الأمور من أدق المسائل، ونحن قد تكلمنا عنها كثيرًا؛ لأن هذه المسائل دقيقة جدًّا، والإنسان يمشي كأنه كُرة في يَمٍّ، نعم، تقلبها الرياح، أحيانًا يجيئها ريح عاصف تبعدها أميالًا، لذلك الإنسان يجب أن يكون متزنًا، ما يكون متهورًا، إذا تهوَّر ثم خالفه النصر، فالبلاء من عند نفسه.
* فيه أيضًا، من فوائد الآية: فضائل بني إسرائيل، مناقب بني إسرائيل؛ لقوله: ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾، وهنا قد يُشْكِل على الإنسان أن الله تعالى يقول هنا: ﴿وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً﴾، وفي آيات كثيرة يَذُمُّ بني إسرائيل؟
نقول: الله سبحانه وتعالى بيَّن السبب في جعل هؤلاء أئمة، فقال تعالى في سورة (آلم تنزيل) السجدة: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة ٢٤]، فهم حين كانوا متصفين بهذين الوصفين الصبر واليقين كانوا أئمةً، وقد أخذ شيخ الإسلام من هذه الآية جملة، فقال: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، لكن لما تخلف الصبر وتخلف اليقين منهم ويش صاروا؟
* طالب: قردة.
* الشيخ: صاروا على العكس، نعم، صاروا قردة خاسئين، وجاءت الآيات بذمهم، فالآيات لا يكذب بعضها بعضًا، ولكن هناك أشياء توجب تقلُّب أحكام بعض الآيات؛ لتخلف السبب.
* ومن فوائد الآية: أن المسلمين إذا استولَوا على بلاد الكفار ملكوها، منين نأخذها؟
* طالب: ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.
* الشيخ: من قوله: ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾، والوارث يملك ما ورث، ولَّا لا؟ الوارث يملك ما ورث، فهم يجعلهم الله وارثين كاملًا؛ ولهذا قال أهل العلم: إن الأراضي تُملك.
* ومن فوائد الآية: أن الأراضي ليست من الغنائم المحضة، فهنا قال: ﴿نَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ مع أن الرسول ﷺ يقول: «أُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١ / ٣) من حديث جابر بن عبد الله.]]، شوفوا هذا الآن هذا التقرير اللي أقرر، شوفوا هل هو صحيح ولَّا ما هو بصحيح؟
* طالب: (...).
* الشيخ: أعتقد أنه ما هو بصحيح؛ لأن الله تعالى ورَّث بني إسرائيل أرضهم وأموالهم، أرض بني فرعون وأموالهم، قال الله تعالى في سورة الشعراء..
* طالب: ﴿كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء ٥٩].
* الشيخ: لا، قبلها: ﴿فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء ٥٧ - ٥٩]، فالكنوز ما فيه شك أنها مغانم، وهو يقول: ﴿وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ فكيف نجيب عن الحديث؟
الجواب أن نقول: إن هؤلاء لم يرثوها بالقتال، والغنيمة معروفة أنها ما أخذت عن طريق قتال الأعداء، هؤلاء ما ورثوها بالقتال، بقوة الله عز وجل التي ليس لهم إليها سبيل؛ وعلى هذا فلا تُخالف قول الرسول ﷺ: «أُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي».
* طالب: المساكن والأراضي التي (...)؟
* الشيخ: المساكن والأراضي كنوز أيضًا.
* الطالب: يعني: تدخل على أنها (...)؟
* الشيخ: لا، أنا قلت: التقرير، ما قررت هل هو صحيح ولَّا غير صحيح؟
* الطالب: على (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، الأراضي قيمة نعم، الأراضي قيمة، إي نعم.
* طالب: تدخل في الغنائم؟
* الشيخ: نحن قلنا: إن الغنائم الشيء المنقول، ثم إننا أبطلنا هذا وقلنا: إن بني إسرائيل أُورثوا الأراضي وأُورثوا الكنوز، والكنوز شيء منقول، ولَّا لا؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: وأوردنا على هذا الإشكال في قول الرسول ﷺ: «أُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي».
وهب أنك قلت: إن الأراضي ما هي من الغنائم لكن الكنوز من الغنائم. أجبنا على هذا؛ فقلنا: إن ملك بني إسرائيل لأرض آل فرعون وكنوزهم بغير قتال، والغنائم التي تُملَك هي التي تكون بطريق القتال، هذا الذي قاله الرسول عليه الصلاة والسلام: «إِنَّهَا لَمْ تُحَلَّ لِأَحِدٍ قَبْلِي».
* طالب: كان فيه غنائم يا شيخ؟
* الشيخ: فيما سبق؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: فيه غنائم، لكنها ما تحل للمقاتلين.
* الطالب: وما شأنها؟
* الشيخ: شأنها أنها تُجمع ثم تَنزل عليها نار من السماء فتحرقها، ثم إنه إذا كان فيها شيء من الغلول ما تَنْزِل النار، سبحان الله العظيم! ما تنزل، حتى لا يُفقد شيء، إذا فُقد شيء نزلت النار وأحرقتها.
* طالب: حكمة إحراق الغنائم (...)؟
* الشيخ: الحكمة منها لأجل قطع التعلق بها نهائيًّا؛ لأنها هي لو تبقى تداولها الناس بالبيع والشراء والانتفاع وصار ملكوها.
* الطالب: وهذه الأمة آخر الأمم.
* الشيخ: نعم.
* الطالب: فلو مثلًا مُنعت من الغنائم لكان أولى؛ لأنها أقوى إيمانًا.
* الشيخ: لا، ما هو صحيح هذا، ما هو علشان هذا، لكن هذه الأمة اللهُ سبحانه وتعالى أمدَّها بأشياء لتستعين بها، ولا مانع أن الإنسان اللي يكون أفضل أنه يُمَدَّ بأشياء ليصل إلى الفضيلة، أليس النبي عليه الصلاة والسلام قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ ومع ذلك هو يستغفر الله سبحانه وتعالى، ونحن أيضًا مأمورون بأن نصلي عليه مع أن الله يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب ٥٦]، إي نعم، فلا يلزم من الوصول إلى الكمال ألا يسعى الإنسان بأسبابه.
* طالب: النبي علل يا شيخ رأى ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا.
* الشيخ: إي، هذه هي، وحتى الرسول قال: «جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي»[[أخرجه أحمد (٥١١٤) من حديث ابن عمر.]] لأجل يعيننا على هذا.
* طالب: (...) قصة اللي وجد الغلول؟
* الشيخ: بس المشكلة إبراهيم يقول: كيف أنها تُحَلُّ لنا ونحن أفضل الأمم؟ لماذا لا يوكل الأمر إلى مناقبنا وفضائلنا؟
نحن نقول: هذا من نعمة الله، من تمام نعمة الله أن نصل إلى درجة الكمال، وتحل هذه المغانم لأجل أن نستعين بها على (...).
* من فوائد الآية الكريمة: أن التمكين في الأرض -تمكين الإنسان في الأرض- من نعمة الله علينا؛ لقوله: ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [القصص ٦]، ولَّا لا؟ لأن هذا من جملة ما أنعم الله على بني إسرائيل أنْ مكنهم في الأرض، فكون الإنسان يُمكَّن له في الأرض سواء كان هذا التمكين عن طريق السلطة، سلطة السلطان، أو عن طريق سلطة القرآن.
لاحظوا يا جماعة أن التمكين في الأرض ما هو معناه أن الإنسان يحكم الناس ليكون سلطانًا عليهم، لا، بل من التمكين في الأرض أن الله يمكِّن له حتى يكون لقوله سلطان على المؤمنين.
فمثلًا شيخ الإسلام ابن تيمية مُكِّن له في الأرض ولّا لا؟ مُكِّن له في الأرض أعظم من تمكين الولاة في وقته، تمكين الولاة في وقته انقضى بموتهم، لكن تمكين الله لهذا الرجل حتى كان قوله معتبرًا بين الناس باقٍ إلى الآن؛ فإذن التمكين في الأرض وإن كان يتبادر إلى الذهن أنه تمكين السلطان، فينبغي أن نقول: وتمكين أيش؟ القرآن، بمعنى: أن من قام بالحق فإنه يكون لقوله سلطان وقوة، وهذا أيضًا جاء بالحديث شاهدًا له «بأن الله تعالى إذا أحب عبدًا وضع له القبول في الأرض»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٢٠٩)، ومسلم (٢٦٣٧ / ١٥٧) من حديث أبي هريرة.]]، بمعنى أنه يكون له قبول ولقوله نفاذ، فهذه من تمكين الله تعالى في الأرض.
* ومن فوائد الآية أيضًا: كان موقفها ذذكرناه، لكن قوله: ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ﴾ [القصص ٦]، هذا من جملة الأمثلة على قدرة الله عز وجل.
* من فوائدها: أن فرعون وقومه كانوا يَحذرون من بني إسرائيل، فأراهم الله تعالى ما كانوا يَحذرون. وهنا إشكال: كيف أراهم الله تعالى ما كانوا يحذرون مع أنهم هَلكوا؟
* طالب: أراه عندما أدركه الغرق قال: ﴿قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس ٩٠].
* الشيخ: قصده ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ﴾؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: ﴿وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا﴾ [القصص ٦].
* الطالب: جنودهم معهم، اللي غرقوا كلهم (...).
* الشيخ: إي، لكن أقول: مَنْ غرق ما عرف (...).
* الطالب: عرف، لما غرقوا كل (...)، كل واحد وكل شخص عرف بأن بني إسرائيل قد (...).
* الشيخ: يعني عند خروج روحه مثلًا؟
* الطالب: في آخر لحظة.
* الشيخ: طيب، في آخر لحظة عرف.
* الطالب: (...).
* الشيخ: إي، كذا؟ هذا هو الأصل، وبعضهم قال: إن ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾، ما هو المراد الهلاك، المراد بـ﴿مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ منازعة آل فرعون؛ فإن بني إسرائيل لما بُعِث موسى استقووا، وقصة السحرة واضحة فيها، لما اجتمعوا واجتمع الناس في يوم عيدهم وفي الضحى في رابعة النهار وصارت الهزيمة على مَن؟ على آل فرعون، الهزيمة على آل فرعون، هُزِمُوا حسًّا ومعنًى، ولَّا لا؟ هُزموا حسًّا بأن عصا موسى ﷺ جعلت تَلْقَف ما يأفكون، وهُزموا معنًى بأن السحرة أنفسهم آمنوا وصرحوا للملأ بأن فرعون هو الذي أكرههم على السحر، وبَيَّنوا أن الرب الحقيقي هو رب موسى وهارون سبحانه وتعالى. هذه هزيمة معنوية، بالإضافة إلى الهزيمة الحسية، أليست هذه تغيظ آل فرعون؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: تغيظ فرعون وهامان وجنودهما غيظًا عظيمًا.
إذن يمكن أن نجيب عن هذا بجوابين:
أحدهما: ما ذكرتم؛ أن كل واحد في آخر لحظة في حياته يتبين له أنه خاسر وأن بني إسرائيل هم الغالبون.
والثاني: أن نقول: إن الله تعالى أراهم منازعة بني إسرائيل لهم وظهورَ بني إسرائيل عليهم في ذلك الْمَجْمَع العظيم: ﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ﴾، ﴿يَوْمُ الزِّينَةِ﴾ هو يوم العيد يتزين الناس به، ﴿وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ﴾ يجمعون، ﴿ضُحًى﴾ [طه ٥٩] في رابعة النهار.
هذا الموعد الذي من موسى وهو الذي اقترحه، موسى هو الذي اقترحه؛ لأنه واثق عليه الصلاة والسلام بأن الله سينصره، حصل هذا الاجتماع في هذا اليوم، وصار في الحقيقة يوم عيد لبني إسرائيل ويوم شر وسوء لفرعون، نظير ما قال أبو جهل: إننا ما نرجع حتى نصل إلى بدر ننحر الجزور ونسقي الخمور وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدًا[[دلائل النبوة للبيهقي (٩٤٨) من حديث عروة بن الزبير.]]. صحيح (...)، سمعت العرب والعجم أيضًا بهذه الغزوة، لكن كانوا تغنِّي لهم القيان ولَّا يُغنى عليهم؟ لهم ولّا عليهم؟
* طالب: عليهم.
* الشيخ: عليهم في الحقيقة، سمعوا ما به ظهور عوَرِهم وظهور -والعياذ بالله- جبروتِهم، حتى أعز الله تعالى الإسلام والمسلمين في (...).
* طالب: (...) ﴿وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾ [الشعراء ٥٦].
* الشيخ: نعم.
* الطالب: حصل خوف في ما كانوا يحذرون.
* الشيخ: إي، هذا يؤيد الوجه الثاني.
* الطالب: نعم.
* الشيخ: ترى ما فيه مانع أننا (...) نمشي شوي، المهم الفائدة نعم.
* طالب: الفائدة (...) أنه جعل كل معركة (...) لجعلهم أئمة؟
* الشيخ: إي نعم، إي الجعل له معان في الحقيقة متعددة، الجعل هو كل معانيه تعود إلى التصيير في الحقيقة، كل معانيه بالنسبة لله عز وجل تعود إلى التصيير، لكن التصيير تصيير المعدوم موجودًا.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["طسۤمۤ","تِلۡكَ ءَایَـٰتُ ٱلۡكِتَـٰبِ ٱلۡمُبِینِ","نَتۡلُوا۟ عَلَیۡكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرۡعَوۡنَ بِٱلۡحَقِّ لِقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ","إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِیَعࣰا یَسۡتَضۡعِفُ طَاۤىِٕفَةࣰ مِّنۡهُمۡ یُذَبِّحُ أَبۡنَاۤءَهُمۡ وَیَسۡتَحۡیِۦ نِسَاۤءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ","وَنُرِیدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱسۡتُضۡعِفُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَنَجۡعَلَهُمۡ أَىِٕمَّةࣰ وَنَجۡعَلَهُمُ ٱلۡوَ ٰرِثِینَ","وَنُمَكِّنَ لَهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَنُرِیَ فِرۡعَوۡنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا مِنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَحۡذَرُونَ"],"ayah":"إِنَّ فِرۡعَوۡنَ عَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلَ أَهۡلَهَا شِیَعࣰا یَسۡتَضۡعِفُ طَاۤىِٕفَةࣰ مِّنۡهُمۡ یُذَبِّحُ أَبۡنَاۤءَهُمۡ وَیَسۡتَحۡیِۦ نِسَاۤءَهُمۡۚ إِنَّهُۥ كَانَ مِنَ ٱلۡمُفۡسِدِینَ"}