الباحث القرآني

(p-٤٦٩٤)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ القَصَصِ سُمِّيَتْ بِهِ لِاشْتِمالِها عَلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلَمّا جاءَهُ وقَصَّ عَلَيْهِ القَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ [القصص: ٢٥] الدّالَّةَ عَلى أنَّ مَن هَرَبَ مِن مَكانِ الأعْداءِ، إلى مَكانِ الأنْبِياءِ اعْتِبارًا بِقِصَصِهِمُ الدّالَّةِ عَلى نَجاةِ الهارِبِينَ، وهَلاكِ الباقِينَ بِمَكانِ الأعْداءِ- أمِنَ مِنَ الهَلاكِ. وهَذا أيْضًا مِن أعْظَمِ مَقاصِدِ القُرْآنِ، مَعَ اشْتِمالِها عَلى ما لا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ غَيْرُها مِن أنْباءِ مُوسى، أفادَهُ المَهايِمِيُّ. والسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ كُلُّها. وقِيلَ إلّا مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ﴾ [القصص: ٥٢] إلى قَوْلِهِ ﴿الجاهِلِينَ﴾ [القصص: ٥٥] فَقَدْ أخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّها نَزَلَتْ هي وآخِرُ الحَدِيدِ في أصْحابِ النَّجاشِيِّ الَّذِينَ قَدِمُوا وشَهِدُوا وقْعَةَ أُحُدٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ﴾ [القصص: ٨٥] الآيَةَ، لِما رُوِيَ مِن نُزُولِها بِالجُحْفَةِ حِينَ الهِجْرَةِ إلى المَدِينَةِ. واللَّهُ أعْلَمُ. وهي ثَمانٍ وثَمانُونَ آيَةً، بِالِاتِّفاقِ. (p-٤٦٩٥)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١ - ٤] ﴿طسم﴾ ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ [القصص: ٢] ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَبَإ مُوسى وفِرْعَوْنَ بِالحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص: ٣] ﴿إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ وجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنهم يُذَبِّحُ أبْناءَهم ويَسْتَحْيِي نِساءَهم إنَّهُ كانَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾ [القصص: ٤] ﴿طسم﴾ تَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى هَذِهِ الحُرُوفِ غَيْرَ ما مَرَّةٍ: ﴿تِلْكَ آياتُ الكِتابِ المُبِينِ﴾ [القصص: ٢] ﴿نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَبَإ مُوسى وفِرْعَوْنَ بِالحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [القصص: ٣] أيْ: نَقْرَأُ عَلَيْكَ، بِواسِطَةِ الرُّوحِ الأمِينِ، تِلاوَةً مُلْتَبِسَةً بِالحَقِّ. كَما قالَ تَعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أحْسَنَ القَصَصِ﴾ [يوسف: ٣] ثُمَّ اسْتَأْنَفَ ما يَجْرِي مَجْرى التَّفْسِيرِ لِلْمُجْمَلِ المَوْعُودِ، بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ﴾ [القصص: ٤] أيْ: تَكَبَّرَ وتَجاوَزَ الحَدَّ في الطُّغْيانِ، في أرْضِ مِصْرَ: ﴿وجَعَلَ أهْلَها شِيَعًا﴾ [القصص: ٤] أيْ: فِرَقًا وأصْنامًا في اسْتِخْدامِهِ وطاعَتِهِ: ﴿يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنهُمْ﴾ [القصص: ٤] وهم بَنُو إسْرائِيلَ: ﴿يُذَبِّحُ أبْناءَهم ويَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ﴾ [القصص: ٤] وذَلِكَ إماتَةٌ لِرِجالِهِمْ، وتَقْلِيلًا لِعَدَدِهِمْ، كَيْلا يَكْثُرُوا فَيُنازِعُوهُ المُلْكَ: ﴿إنَّهُ كانَ مِنَ المُفْسِدِينَ﴾ [القصص: ٤] أيِ: المُتَمَكِّنِينَ في الإفْسادِ وقَهْرِ العِبادِ. ثُمَّ أشارَ تَعالى إلى فَرَجِهِ الَّذِي جَعَلَهُ لِتِلْكَ الطّائِفَةِ، بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب