الباحث القرآني
قولهم: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً﴾ الآية.
الكَره والكُره لغتان بمعنى عند البصريين والكسائي.
وقال الفراء: الكَره بالفتح أن يكون على الشيء، والكُره المشقة، هذا معنى قوله.
وقال القتبي: الكره بالفتح بمعنى القهر والضم بمعنى المشقة.
ومعنى الآية عند أبي بكير وغيره: أنها نهي للرجل يحبس المرأة، وليس له بها حاجة رجاء أن يرثها، ونهاه أن يعضلها حتى تفتدي منه بما أخذت منه، أو ببعضه.
* * *
وقوله: ﴿إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾، معناه أن تشتم عرضه، أو تخالف أمره وتبذو عليه، فكل فاحشة (نعتت) مبينة فهي من البَذاء باللسان، وكل فاحشة مطلقة فهو الزنا، والزنا يُسْتَر ويَخفى، فلا تكون مبينة، والنطق بالبذاء يظهر، فهو مبين من لسان فاعله، ودل (على) ذلك قوله: ﴿يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ [الأحزاب: ٣٠] عنى بذلك مخالفة (أمر) الرسول ﷺ والأذى بالنطق ونعوذ بالله من أن يعني بذلك الزنا، هذا معنى قول ابن بكير.
وقيل: إن الآية ناسخة لما كانوا عليه في الجاهلية، وذلك أنه كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها كان ابنه من غيرها، أو قريبه أولى بها من غيرهما، ومنها بنفسها، فإن شاء نكحها وإن شاء منعها من النكاح وهو العضل فحرم الله ذلك على المؤمنين بهذه الآية.
فمعنى الوراثة هو أن يأخذها لنفسه، ويكون بها أولى من ولي نفسها، ومن غيره، ومعنى العضل: أن يأخذها ويمنعها من تزوج غيره، كذلك قال جماعة أهل التفسير، ولكن اختلفوا (فقيل كان ذلك سنة قريش في الجاهلية).
وقيل: كان ذلك سنة الأنصار.
وقيل: كان ذلك سنة الجميع يمنع امرأة قريبه أن تتزوج ويغصبها نفسها إن شاء.
قال الضحاك: كان الرجل إذا مات وترك امرأته أتى حميمه، فألقى ثوبه عليها، فورث نكاحها وكان أحق بها، وكان ذلك عندهم نكاحاً، فإن شاء أمسك حتى تفتدي منه، وقال ابن عباس: كان حميم الميت يلقي ثوبه على امرأته فإن شاء تزوجها بذلك، وإن شاء حبسها حتى تموت، فيرثها فذلك.
* * *
قوله: ﴿لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً﴾ لأنهم يمنعونها من التزويج حتى تموت، فيرثها بذلك إلا أن تذهب إلى أهلها قبل أن يلقي عليها ثوبه فتكون أحق بنفسها، كذلك حكمهم فيها. وقال زيد بن أسلم: كان الرجل إذا مات في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله وكان يعضلها حتى يتزوجها أو يزوجها من أراد. وكان أهل تهامة يسيء الرجل صحبة (المرأة) حتى يطلقها، أو يشترط عليها ألا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي ببعض ما أعطاها، فنهى الله عن ذلك.
وقال مالك: كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها كان نكاحها بيد ابن زوجها، يعني من غيرها، فإذا ماتت قبل أن تنكح كان ميراثها له، فكان الرجل يعضل امرأة أبيه عن النكاح حتى تموت فيرثها فنهى الله عن ذلك ونسخه.
* * *
قوله: ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ﴾ الآية.
أي: تحبسوهن عن النكاح لتأخذوا من أموالهن إذا متن ما كان موتاكم ساقوا لهن من صدقاتهن، قال ذلك ابن عباس والحسن وعكرمة فهو خطاب عند هؤلاء لورثة الميت.
وروي عن ابن عباس في معناها أيضاً أنها في مخاطبة الأزواج ألا يحبسوا النساء وهم كارهون لهن ليأخذوا منهن ما دفعوا إليهن.
قال قتادة المعنى: لا ينبغي لك أن تحبس امرأتك وأنت كاره لها لتفتدي منك. وقال بعض أهل التفسير نزل صدر الآية في الجاهلية، وآخرها في أمر الإسلام فقوله: ﴿لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً﴾ في الجاهلية.
* * *
وقوله: ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ﴾ في الإسلام وهو ما ذكرنا من قول قتادة وما روي عن ابن عباس. وقال الضحاك: العضل أن يكره الرجل المرأة حتى تفتدي منه قال الله: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ﴾. وقيل: إن المنهي عن العضل هنا أولياء النساء، قاله مجاهد، وقال ابن زيد: كان العضل في قريش بمكة، ينكح الرجل المرأة الشريفة ثم لا توافقه فيفارقها على ألا تتزوج إلا بإذنه، فيشهد بذلك عليها، فإذا خطبها الخاطب لم تتزوج حتى تعطي الأول، وترضيه فيأذن لها وإلا منعها.
* * *
وقوله: ﴿إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾ الآية.
سمح للأزواج في المضارة إذا أتين بفاحشة ظاهرة يفتدين ببعض ما أعطوهن قال ذلك الحسن.
وقال عطاء: كان الرجل إذا أصابت امرأته فاحشة سلَّمَت إليه ما أخذت منه، وأخرجها، فنسخ ذلك بالحدود.
وقال أبو قلابة: للرجل أن يضار بالمرأة إذا أتت بفاحشة، ويضيق عليها حتى تختلع منه.
وقال ابن عباس: الفاحشة هنا النشوز، إذا نشزت وجاز له أن يأخذ منها الفدية. وقيل: الفاحشة هو بذاء اللسان على زوجها، والزنى، والنشوز، فله إذا فعلت شيئاً من ذلك أن يأخذ منها الفدية ويضارر بها حتى تفتدي منه، وإذا كانت الفاحشة بالألف واللام فهي الزنا واللواط.
* * *
قوله: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ﴾ الآية.
أي: صاحبوهن بالمعروف في المبيت والكلام. وقيل: المعروف إمساكهن بأداء حقوقهن التي لهن عليكم أو تسرحوهن بإحسان. قوله: ﴿فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ﴾ الآية.
﴿خَيْراً كَثِيراً﴾ أي: في إمساكه ﴿خَيْراً كَثِيراً﴾ أي: في الصبر على إمساك ما تكرهون.
فالهاء في "فيه" تعود على الإمساك. قال مجاهد المعنى: ويجعل الله في الكراهة خيراً كثيراً. قال السدي: ﴿وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾ أي: الولد.
قال ابن عباس: خيراً كثيراً أي: يعطف عليها، ويرزق منها ولداً ويجعل الله في ولدها خيراً كثيراً.
فالهاء في (فيه) على قول مجاهد تعود على الكراهة.
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ كَرۡهࣰاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُوا۟ بِبَعۡضِ مَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَیَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِیهِ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق