الباحث القرآني
يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ، لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ [[في ر: "دينهم".]] هُزُوًا وَلَعِبًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ: ﴿هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ: هَلْ لَكَمَ عَلَيْنَا مَطْعَنٌ أَوْ عَيْبٌ إِلَّا هَذَا؟ وَهَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَا مَذَمَّةٍ، فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا [[في د: "منقطع".]] كَمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [الْبُرُوجِ:٨] وَكَقَوْلِهِ: ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [التَّوْبَةِ:٧٤] وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: "مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَميل إِلَّا أَنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ". [[رواه البخاري في صحيحه برقم (١٤٦٨) ورواه مسلم في صحيحه برقم (٩٨٣) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.]]
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ﴾ مَعْطُوفٌ عَلَى ﴿أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزلَ مِنْ قَبْلُ﴾ أَيْ: وَآمَنَّا بِأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ، أَيْ: خَارِجُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ.
ثُمَّ قَالَ: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ﴾ أَيْ: هَلْ أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ جَزَاءٍ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِمَّا تَظُنُّونَهُ بِنَا؟ وَهُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ هُمْ مُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْقَصِيرَةِ، فَقَوْلُهُ: ﴿مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ﴾ أَيْ: أَبْعَدَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ ﴿وَغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ أَيْ: غَضَبًا لَا يَرْضَى بَعْدَهُ أَبَدًا، ﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ﴾ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَكَمَا سَيَأْتِي إِيضَاحُهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى] [[زيادة من أ.]]
وَقَدْ قَالَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: عَنْ عَلْقَمَة بْنِ مَرْثَد، عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، أَهِيَ مِمَّا مَسَخَ اللَّهُ [تَعَالَى] [[زيادة من أ.]] ؟ فَقَالَ [[في ر: "قال".]] إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا -أَوْ قَالَ: لَمْ يَمْسَخْ قَوْمًا-فَيَجْعَلْ لَهُمْ نَسْلا وَلَا عَقِبًا [[في أ: "عاقبة".]] وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كانت قبل ذلك".
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ومِسْعَر كِلَاهُمَا، عَنْ مُغِيرة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيِّ، بِهِ. [[صحيح مسلم برقم (٢٦٦٣) .]]
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْأَعْيَنِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، أَهِيَ مِنْ نَسْلِ الْيَهُودِ؟ فَقَالَ: "لَا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَلْعَنْ قَوْمًا [[في ر، أ: "قوما قط".]] فَيَمْسَخُهُمْ [[في ر، أ: "فمسخهم".]] فَكَانَ لَهُمْ نَسْلٌ، وَلَكِنْ هَذَا خَلْقٌ كَانَ، فَلَمَّا غَضِبَ اللَّهُ عَلَى الْيَهُودِ فَمَسَخَهُمْ، جَعَلَهُمْ [[في أ: "فجعلهم".]] مِثْلَهُمْ".
وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ، بِهِ. [[مسند الطيالسي برقم (٣٠٧) ومسند أحمد (١/٣٩٥) وفي إسناده محمد بن زيد الكندي وهو مجهول، وأبو الأعين العبدي ضعيف.]]
وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ [[في أ: "حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح".]] حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الْحَيَّاتُ مَسْخ الْجِنِّ، كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ". هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا [[ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (١٠٨٠) "موارد" والطبراني في المعجم الكبير (١١/٣٤١) والبزار في مسنده برقم (١٢٣٢) "كشف الأستار" وابن أبي حاتم في العلل (٢/٢٩٠) من طرق عن عبد العزيز بن المختار به.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: "هذا الحديث هو موقوف لا يرفعه إلا عبد العزيز بن المختار ولا بأس في حديثه".
ولم يتبين لي وجه غرابته عند الحافظ ابن كثير إلا أن يكون قصد أن عبد العزيز بن المختار قد خالفه فيه معمر، فرواه عن أيوب عن عكرمة به موقوفاً.
رواه الطبراني فى المعجم الكبير (١١/٣٤١) . فهذا بعيد وهو محتمل، وقد صحح هذا الحديث الحافظ المقدسى في المختارة، كما في السلسلة الصحيحة للشيخ ناصر الألباني (٤/٤٣٩) .]] .
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ وَقُرِئَ ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ، "وَالطَّاغُوتَ" مَنْصُوبٌ بِهِ، أَيْ: وَجُعِلَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَدَ الطَّاغُوتَ. وَقُرِئَ: ﴿وَعَبْدَ الطَّاغُوتَ﴾ بِالْإِضَافَةِ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى: وَجَعَلَ مِنْهُمْ خَدَمَ الطَّاغُوتِ، أَيْ: خُدَّامَهُ وَعَبِيدَهُ. وَقُرِئَ ﴿وَعُبُدَ الطَّاغُوتَ﴾ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ الْجَمْعِ: عَبْدُ وعَبيد وعُبُد، مِثْلَ ثِمَارٍ وثُمُر. حَكَاهَا ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الْأَعْمَشِ. وَحُكِيَ عَنْ بُرَيْدةَ الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: "وعَابد الطَّاغُوتِ"، وَعَنْ أُبَيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ: "وَعَبَدُوا"، وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِئِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: ﴿وَعُبِدَ الطَّاغُوتَ﴾ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، ثُمَّ اسْتَبْعَدَ مَعْنَاهَا. وَالظَّاهِرُ [[في أ: "والظاهر على".]] أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْرِيضِ بِهِمْ، أَيْ: وَقَدْ عُبِدَتِ الطَّاغُوتُ فِيكُمْ، وَكُنْتُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَعَاطَوْا ذَلِكَ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ يَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى أَنَّكُمْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ الطَّاعِنِينَ فِي دِينِنَا، وَالَّذِي [[في ر: "الذي".]] هُوَ تَوْحِيدُ اللَّهِ وَإِفْرَادُهُ بِالْعِبَادَاتِ دُونَ [مَا] [[زيادة من ر، أ.]] سِوَاهُ، كَيْفَ يَصْدُرُ مِنْكُمْ هَذَا وَأَنْتُمْ قَدْ وُجِدَ مِنْكُمْ [[في أ: "فيكم".]] جَمِيعُ مَا ذُكِرَ؟ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا﴾ أَيْ: مِمَّا تَظُنُّونَ بِنَا ﴿وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾
وَهَذَا مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ أَفَعَلَ التَّفْضِيلِ فِيمَا لَيْسَ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ مُشَارَكَةٌ، كَقَوْلِهِ: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا﴾ [الفرقان: ٢٤]
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ وَهَذِهِ صِفَةُ الْمُنَافِقِينَ مِنْهُمْ، أَنَّهُمْ يُصَانِعُونَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الظَّاهِرِ وَقُلُوبُهُمْ مُنْطَوِيَةٌ عَلَى الْكُفْرِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَقَدْ دَخَلُوا [بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ] ﴾ [[زيادة من أ.]] أَيْ [[في ر، أ: "إلى".]] عِنْدِكَ يَا مُحَمَّدُ ﴿بِالْكُفْرِ﴾ أَيْ: مُسْتَصْحِبِينَ الْكُفْرَ فِي قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ خَرَجُوا وَهُوَ كَامِنٌ فِيهَا، لَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا قَدْ سَمِعُوا مِنْكَ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَا نَجَعَتْ فِيهِمُ الْمَوَاعِظُ وَلَا الزَّوَاجِرُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: ﴿وَهُمْ [قَدْ] خَرَجُوا بِهِ﴾ [[زيادة من ر، أ، وهو الصواب".]] فَخَصَّهُمْ بِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ﴾ أَيْ: وَاللَّهُ عَالِمٌ بِسَرَائِرِهِمْ وَمَا تَنْطَوِي عَلَيْهِمْ ضَمَائِرُهُمْ [[في ر: "ضمائركم".]] وَإِنْ أَظْهَرُوا لِخَلْقِهِ خِلَافَ ذَلِكَ، وَتَزَيَّنُوا بِمَا لَيْسَ فِيهِمْ، فَإِنَّ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْهُمْ، وَسَيَجْزِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ أَتَمَّ الْجَزَاءِ.
* * *
وَقَوْلُهُ: ﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ﴾ أَيْ: يُبَادِرُونَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ تَعَاطِي الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ وَالِاعْتِدَاءِ عَلَى النَّاسِ، وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَهُمْ بِالْبَاطِلِ ﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أَيْ: لَبِئْسَ [[في ر: "أي بئس".]] الْعَمَلُ كَانَ عَمَلُهُمْ وَبِئْسَ الِاعْتِدَاءُ اعْتِدَاؤُهُمْ. [[في ر، أ: "وبئس الاعتماد اعتمادهم".]]
قَوْلُهُ: ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ يَعْنِي: هَلَّا كَانَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ تَعَاطِي ذَلِكَ. وَالرَّبَّانِيُّونَ وَهُمُ: الْعُلَمَاءُ الْعُمَّالُ أَرْبَابُ الْوِلَايَاتِ عَلَيْهِمْ، وَالْأَحْبَارُ: وَهُمُ الْعُلَمَاءُ فَقَطْ.
﴿لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الرَّبَّانِيِّينَ، أَنَّهُمْ: بِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ. يَعْنِي: فِي تَرْكِهِمْ ذَلِكَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: قَالَ لِهَؤُلَاءِ حِينَ لَمْ يَنْهُوا، وَلِهَؤُلَاءِ حِينَ عَلِمُوا. قَالَ: وذلك الأركان. قال: "ويعملون"و "ويصنعون" وَاحِدٌ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا ابْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا قَيْس، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَشَدُّ تَوْبِيخًا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ قَالَ: كَذَا قَرَأَ.
وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَخْوَفُ عِنْدِي مِنْهَا: إِنَّا لَا نَنْهَى. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذَكَرَهُ [[في أ: "يذكر".]] يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الْوَضَّاحِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ سَعِيدٍ الهمذاني، قَالَ: رَأَيْتُهُ [[في ر، أ: "لقيته".]] بالرِّيِّ فَحَدَّثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَر قَالَ: خَطَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا الناس، إنما هلك من كان [[في ر: إنما هلك من هلك".]] قبلكم بِرُكُوبِهِمُ الْمَعَاصِي، وَلَمْ يَنْهَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ، فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الْمَعَاصِي وَلَمْ يَنْهَهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ أَخَذَتْهُمُ الْعُقُوبَاتُ. فَمُروا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهُوا عَنِ الْمُنْكَرِ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمْ مِثْلُ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَا يَقْطَعُ رِزْقًا وَلَا يُقَرِّبُ أَجَلًا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا، شَرِيك، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَا مِنْ قَوْمٍ يَكُونُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مَنْ يَعْمَلُ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ مِنْهُ وَأَمْنَعُ، لَمْ يُغَيِّرُوا، إِلَّا أَصَابَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعَذَابٍ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. [[المسند (٤/٣٦٣) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢/٣٣١) من طريق يزيد بن هارون به.]]
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مَسَدَّد، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يَعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، يَقْدِرُونَ أَنْ يُغِّيرُوا عَلَيْهِ، فَلَا يُغَيِّرُونَ إِلَّا أَصَابَهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ قَبْلَ أَنْ يَمُوتُوا". [[سنن أبي داود برقم (٤٣٣٩) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢/٣٣٢) من طريق مسدد، عن أبي الأحوص به.]]
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ وَكِيع، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عبَيد اللَّهِ [[في أ: "عبد الله ".]] بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهِ. [[سنن ابن ماجة برقم (٤٠٠٩) .]]
قَالَ الْحَافِظُ المِزِّي: وهكذا رواه شعبة، عن إسحاق، به. [[تحفة الأشراف (٢/٤٢٦) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (٢/٣٣١) فقال: حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا محمد ابن جعفر، حدثنا شعبة، فذكره.]]
{"ayahs_start":59,"ayahs":["قُلۡ یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ هَلۡ تَنقِمُونَ مِنَّاۤ إِلَّاۤ أَنۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡنَا وَمَاۤ أُنزِلَ مِن قَبۡلُ وَأَنَّ أَكۡثَرَكُمۡ فَـٰسِقُونَ","قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ","وَإِذَا جَاۤءُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُوا۟ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُوا۟ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡتُمُونَ","وَتَرَىٰ كَثِیرࣰا مِّنۡهُمۡ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَ ٰنِ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ","لَوۡلَا یَنۡهَىٰهُمُ ٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ عَن قَوۡلِهِمُ ٱلۡإِثۡمَ وَأَكۡلِهِمُ ٱلسُّحۡتَۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُوا۟ یَصۡنَعُونَ"],"ayah":"قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق