الباحث القرآني
وروى أنه أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نفر من اليهود فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟
فقال «أو من باللَّه وما أنزل إلينا إلى قوله: ونحن له مسلمون» فقالوا حين سمعوا ذكر عيسى عليه السلام: ما نعلم أهل دين أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم، ولا دينا شراً من دينكم [[أخرجه الواحدي في الأسباب. والوسط عن ابن عباس بهذا وأخرجه الطبري من رواية ابن إسحاق حدثني محمد بن أبى محمد، مولى زيد بن ثابت. حدثني سعيد أو عكرمة عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما قال أتى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نفر من اليهود وفيهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبى رافع. وعازر وآزار ابني آزار.
وأشيع فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فذكر نحوه. وفيه فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته. وقالوا لا نؤمن بعيسى ولا نؤمن بمن آمن به.]] . فنزلت.
وعن نعيم بن ميسرة: وإنّ أكثركم، بالكسر. ويحتمل أن ينتصب (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ) بفعل محذوف يدل عليه هل تنقمون، أى: ولا تنقمون أن أكثركم فاسقون، أو يرتفع على الابتداء والخبر محذوف، أى وفسقكم ثابت معلوم عندكم، لأنكم علمتم أنا على الحق وأنكم على الباطل، إلا أن حب الرياسة وكسب الأموال لا يدعكم فتنصفوا ذلِكَ إشارة إلى المنقوم، ولا بدّ من حذف مضاف قبله، أو قبل «من» تقديره: بشرّ من أهل ذلك، أو دين من لعنه اللَّه. ومَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ في محل الرفع على قولك: هو من لعنه اللَّه، كقوله تعالى: (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) أو في محل الجر على البدل من شرّ. وقرئ: مثوبة. ومثوبة. ومثالهما: مشورة، ومسورة. فإن قلت:
المثوبة مختصة بالإحسان، فكيف جاءت في الإساءة؟ قلت: وضعت المثوبة موضع العقوبة على طريقة قوله:
تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعُ [[مر شرح هذا الشاهد ص 60 من هذا الجزء فراجعه إن شئت اه مصححه.]] ومنه (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) . فإن قلت: المعاقبون من الفريقين هم اليهود، فلم شورك بينهم [[(قوله فلم شورك بينهم) لعله بينهما، أو بينهم وبين المسلمين. (ع)]] في العقوبة؟ قلت: كان اليهود- لعنوا- يزعمون أن المسلمين ضالون مستوجبون للعقاب، فقيل لهم: من لعنه اللَّه شر عقوبة في الحقيقة واليقين من أهل الإسلام في زعمكم ودعواكم وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ عطف على صلة [[قال محمود: «وعبد الطاغوت عطف عل صلة من ... الخ» قال أحمد رحمه اللَّه: السؤال يلزم القدرية لأنهم يزعمون أن اللَّه تعالى إنما أراد منهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وأن عبادتهم للطاغوت قبيحة واللَّه تعالى لا يريد القبائح بل تقع في الوجود على خلاف مشيئته، فلذلك يضطر الزمخشري إلى تأويل الجعل بالخذلان أو بالحكم، وكذلك أول قوله تعالى: (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) بمعنى حكمنا عليهم بذلك. هذا مقتضى قاعدة القدرية. وأما على عقيدة أهل السنة الموحدين حقا، فالآية على ظاهرها، واللَّه تعالى هو الذي أشقاهم وخلق في قلوبهم طاعة الطاغوت وعبادته، ما شاء اللَّه كان وما لم يشأ لم يكن. وإذا روجع القدري في تحقيق الخذلان أو الحكم الذي يستروح إلى التأويل به، لم يقدر منه على حقيقة، ولم يفسره بغير الخلق إن اعترف بالحق وترك ارتكاب المراء، والتذبذب مع الأهواء، واللَّه ولى التوفيق.]] «من» كأنه قيل: ومن عبد الطاغوت. وفي قراءة أبىّ وعبدوا الطاغوت، على المعنى. وعن ابن مسعود: ومن عبدوا. وقرئ وعابد الطاغوت، عطفاً على القردة. وعابدى. وعباد. وعبد. وعبد. ومعناه: الغلوّ في العبودية، كقولهم، رجل حذر وفطن، للبليغ في الحذر والفطنة. قال:
أَبَنِى لُبَيْنَى إنَّ أُمَّكُمُ ... أَمَةٌ وَإنَّ أبَاكُمُو عَبْدُ [[أبنى لبينى لست معترفا ... ليكون ألأم منكم أحد
أبنى لبينى إن أمكم ... أمة وإن أباكم عبد
لأوس بن حجر. وقيل لطرفة بن العبد، والهمزة للنداء، والعبد كالحذر البليغ في العبودية. ورواه الفراء بالضم، لكن قال: إن ضم الباء ضرورة. وقال السيوطي: إنه بالضم اسم جمع لعبد بالسكون، لكن ظاهر البيت يخالفه. يقول: يا بنى لبينى، لست معترفا لأن يكون أحد أشد لؤما منكم، فان أبويكم رقيقين. وتخصيص الأمة بالرقيقة والعبد بالرقيق: عرف شائع في اللغة. وأداهم نداء الغريب، لأنه أغيظ للمواجهة بالذم. وكرر النداء مع هذه الاضافة للاستخفاف بهم.]]
وعبد، بوزن حطم. وعبيد. وعبد- بضمتين- جمع عبيد: وعبدة بوزن كفرة. وعبد، وأصله عبدة، فحذفت التاء للإضافة. أو هو كخدم في جمع خادم. وعبد [[قوله «وعبد» لعله بفتح العين وضم الباء كندس. أفاده الصحاح. (ع)]] وعباد. وأعبد.
وعبد الطاغوت، على البناء للمفعول، وحذف الراجع، بمعنى: وعبد الطاغوت فيهم، أو بينهم.
وعبد الطاغوت بمعنى صار الطاغوت معبوداً من دون اللَّه، كقولك «أمر» إذا صار أميراً.
وعبد الطاغوت، بالجر عطفاً على: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ) . فإن قلت: كيف جاز أن يجعل اللَّه منهم عباد الطاغوت؟ [[قوله «فان قلت كيف جاز أن يجعل ... الخ» السؤال مبنى على أنه لا يجوز عليه تعالى خلق الشر. وهو مذهب المعتزلة. أما عند أهل السنة فيجوز كما تقرر في علم التوحيد. (ع)]] قلت: فيه وجهان، أحدهما: أنه خذلهم حتى عبدوه. والثاني: أنه حكم عليهم بذلك ووصفهم به، كقوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) وقيل الطاغوت: العجل لأنه معبود من دون اللَّه، ولأن عبادتهم للعجل مما زينه لهم الشيطان، فكانت عبادتهم له عبادة للشيطان وهو الطاغوت. وعن ابن عباس رضى اللَّه تعالى عنه:
أطاعوا الكهنة، وكل من أطاع أحداً في معصية اللَّه فقد عبده. وقرأ الحسن: الطواغيت.
وقيل: وجعل منهم القردة أصحاب السبت، والخنازير كفار أهل مائدة عيسى. وقيل: كلا المسخين من أصحاب السبت، فشبانهم مسخوا قردة، ومشايخهم مسخوا خنازير. وروى أنها لما نزلت كان المسلمون يعيرون اليهود ويقولون يا إخوة القردة والخنازير فينكسون رءوسهم أُولئِكَ الملعونون الممسوخون شَرٌّ مَكاناً جعلت الشرارة للمكان وهي لأهله. وفيه مبالغة ليست في قولك: أولئك شر وأضل، لدخوله في باب الكناية التي هي أخت المجاز.
نزلت في ناس من اليهود كانوا يدخلون على رسول اللَّه صلى اللَّه تعالى عليه وسلم يظهرون له الإيمان نفاقا، فأخبره اللَّه تعالى بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسك كما دخلوا، لم يتعلق بهم شيء مما سمعوا به من تذكيرك بآيات اللَّه ومواعظك. وقوله: (بِالْكُفْرِ) و (بِهِ) حالان، أى دخلوا كافرين [[قال محمود: «المجروران حالان أى دخلوا كافرين ... الخ» قال أحمد: وفي تصدير الجملة الثانية بالضمير تأكيد لاتحاد حالهم في الكفر، أى وقد دخلوا بالكفر وخرجوا وهم أولئك على حالهم في الكفر، كما تقول:
لقيت زيدا بعد عوده من سفره وهو هو، أى على حاله. وفي المثل «وعبد الحميد عبد الحميد» أى حالته باقية، واللَّه أعلم.]] وخرجوا كافرين. وتقديره: ملتبسين بالكفر. وكذلك قوله: (وَقَدْ دَخَلُوا) (وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا) ولذلك دخلت (قَدْ) تقريبا للماضي من الحال. ولمعنى آخر: وهو أن أمارات النفاق كانت لائحة عليهم، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم متوقعاً لإظهار اللَّه ما كتموه، فدخل حرف التوقع وهو متعلق بقوله: (قالُوا آمَنَّا) أى قالوا ذلك وهذه حالهم.
{"ayahs_start":60,"ayahs":["قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ","وَإِذَا جَاۤءُوكُمۡ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا وَقَد دَّخَلُوا۟ بِٱلۡكُفۡرِ وَهُمۡ قَدۡ خَرَجُوا۟ بِهِۦۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡتُمُونَ"],"ayah":"قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق