الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيْ: بِشَرٍّ مِمّا نَقَمْتُمْ مِن إيمانِنا ثَوابًا، و”مَثُوبَةً“، مَنصُوبٌ عَلى التَّمْيِيزِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿مَن لَعَنَهُ اللَّهُ﴾، مَوْضِعُ ”مَن“: إنْ شِئْتَ كانَ رَفْعًا، وإنْ شِئْتَ كانَ جَرًّا، فَأمّا مَن جَرَّ فَيَجْعَلُهُ بَدَلًا مِن ”شَرٍّ“، اَلْمَعْنى: ”أُنَبِّئُكم بِمَن لَعَنَهُ اللَّهُ“، و”مَن“، رَفْعٌ، فَبِإضْمارِ ”هو“، كَأنَّ قائِلًا قالَ: ”مَن ذَلِكَ؟“، فَقِيلَ: ”هو مَن لَعَنَهُ اللَّهُ“، كَما قالَ - جَلَّ ثَناؤُهُ -: ﴿قُلْ أفَأُنَبِّئُكم بِشَرٍّ مِن ذَلِكُمُ النّارُ﴾ [الحج: ٧٢]، كَأنَّهُ قالَ: ”هي النّارُ“ .
وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَبَدَ الطّاغُوتَ﴾، ”اَلطّاغُوتُ“، هو الشَّيْطانُ، وتَأْوِيلُ ”وَعَبَدَ الطّاغُوتَ“: أطاعَهُ فِيما سَوَّلَ لَهُ، وأغْراهُ بِهِ، وقَدْ قُرِئَتْ: ”وَعَبْدَ الطّاغُوتِ“، والَّذِي أخْتارُ: ”وَعَبَدَ الطّاغُوتَ“، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ”وَعَبَدُوا الطّاغُوتَ“، وهَذا يُقَوِّي ”وَعَبَدَ الطّاغُوتَ“، ومَن قالَ: ”وَعَبُدَ الطّاغُوتِ“، فَضَمَّ الباءَ، وجَرَّ ”اَلطّاغُوتِ“، فَإنَّهُ عِنْدَ بَعْضِ أهْلِ العَرَبِيَّةِ لَيْسَ بِالوَجْهِ مِن جِهَتَيْنِ، إحْداهُما أنَّ ”عَبُدَ“، عَلى ”فَعُلَ“، ولَيْسَ هَذا (p-١٨٨)مِن أمْثِلَةِ الجَمْعِ، لِأنَّهم فَسَّرُوهُ ”خَدَمَ الطّاغُوتِ“، والثّانِي أنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلى ”وَجَعَلَ مِنهم عَبُدَ الطّاغُوتِ“، فَأمّا مَن قَرَأ: ”وَعُبُدَ الطّاغُوتِ“، فَهو جَمْعُ ”عَبِيدٌ“، و”عُبُدٌ“، مِثْلَ: ”رَغِيفٌ“، و”رُغُفٌ“، و”سَرِيرٌ“، و”سُرُرٌ“، ويَكُونُ عَلى مَعْنى ”وَجَعَلَ مِنهم عُبُدَ الطّاغُوتِ“، عَلى ”جَعَلْتُ زَيْدًا أخاكَ“، أيْ: ”نَسَبْتُهُ إلَيْكَ“، ووَجْهُ ”وَعَبُدَ الطّاغُوتِ“، بِفَتْحِ العَيْنِ، وضَمِّ الباءِ، أنَّ الِاسْمَ يُبْنى عَلى ”فَعُلَ“، كَما قالُوا: ”عَلُمٌ زَيْدٌ“، وكَما أقُولُ: ”رَجُلٌ حَذُرٌ“، تَأْوِيلُ ”حَذُرٌ“، أنَّهُ مُبالِغٌ في الحَذَرِ، فَتَأْوِيلُ ”عَبُدَ“، أنَّهُ بَلَغَ الغايَةَ في طاعَةِ الشَّيْطانِ، وكَأنَّ اللَّفْظَ لَفْظٌ واحِدٌ، يَدُلُّ عَلى الجَمْعِ، كَما تَقُولُ لِلْقَوْمِ: ”مِنكم عَبُدُ العَصا“، تُرِيدُ ”مِنكم عَبِيدُ العَصا“، ويَجُوزُ بَعْدَ هَذِهِ الثَّلاثَةِ الأوْجُهِ الرَّفْعُ في قَوْلِهِ: ”وَعَبُدَ الطّاغُوتِ“، فَيَقُولُ: ”وَعَبُدُ الطّاغُوتِ“، وكَذَلِكَ ”وَعُبُدُ الطّاغُوتِ“، بِالرَّفْعِ، ولا تَقْرَأنَّ بِهَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ، وإنْ كانا جائِزَيْنِ، لِأنَّ القِراءَةَ لا تُبْتَدَعُ عَلى وجْهٍ يَجُوزُ، وإنَّما سَبِيلُ القِراءَةِ اتِّباعُ مَن تَقَدَّمَ، فَيَجُوزُ رَفْعُ ”وَعَبُدُ الطّاغُوتِ“، ”وَعُبُدُ الطّاغُوتِ“، عَلى مَعْنى الذَّمِّ، والمَعْنى: ”وَهم عُبُدُ الطّاغُوتِ“، كَأنَّهُ لَمّا قالَ: ﴿مَن لَعَنَهُ اللَّهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ وجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ والخَنازِيرَ﴾، دَلَّ الكَلامُ عَلى اتِّباعِهِمُ الشَّياطِينَ، فَقِيلَ: ”وَهم عُبُدُ الطّاغُوتِ“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ بَدَلًا مِن ”مَن“، في رَفْعِ ”مَن“، كَأنَّهُ لَمّا قِيلَ: ”مِنهم مَن لَعَنَهُ اللَّهُ، وغَضِبَ عَلَيْهِ“، قِيلَ: ”هم عَبُدُ الطّاغُوتِ“، و”عُبُدُ الطّاغُوتِ“، ويَجُوزُ في الكَلامِ أيْضًا: ”وَعَبْدَ الطّاغُوتِ“، بِإسْكانِ الباءِ، وفَتْحِ الدّالِ، ويَكُونُ عَلى وجْهَيْنِ، أحَدُهُما أنْ يَكُونَ مُخَفَّفًا مِن ”عَبُدَ“، كَما يُقالُ في ”عَضُدٌ“: ”عَضْدٌ“، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ ”عَبْدَ“، اِسْمًا واحِدًا يَدُلُّ عَلى الجِنْسِ، وكَذَلِكَ يَجُوزُ في ”عَبْدَ“، اَلرَّفْعُ، (p-١٨٩)والنَّصْبُ، مِن جِهَتَيْنِ، كَما وصَفْنا في ”عَبُدَ“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ النَّصْبُ مِن جِهَتَيْنِ، إحْداهُما عَلى ”وَجَعَلَ مِنهم عَبْدَ الطّاغُوتِ“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَنصُوبًا عَلى الذَّمِّ، عَلى ”أعْنِي عَبْدَ الطّاغُوتِ“، ويَجُوزُ في ”وَعَبْدَ“، ”وَعَبُدَ“، ”وَعُبُدَ“، اَلْجَرُّ عَلى البَدَلِ مِن ”مَن“، ويَكُونُ المَعْنى: ”هَلْ أُنَبِّئُكم بِمَن لَعَنَهُ اللَّهُ وعَبْدِ الطّاغُوتِ“، ولا يَجُوزُ القِراءَةُ بِشَيْءٍ مِن هَذِهِ الأوْجُهِ إلّا بِالثَّلاثَةِ الَّتِي رُوِيَتْ، وقَرَأ بِها القُرّاءُ، وهي ”عَبَدَ الطّاغُوتَ“، وهي أجْوَدُها، ثُمَّ ”وَعَبُدَ الطّاغُوتِ“، ثُمَّ ”وَعُبُدَ الطّاغُوتِ“ .
وَقَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ شَرٌّ مَكانًا وأضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾، أيْ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهم شَرٌّ مَكانًا، وأضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ، أيْ: عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ، و”مَكانًا“، مَنصُوبٌ عَلى التَّفْسِيرِ.
{"ayah":"قُلۡ هَلۡ أُنَبِّئُكُم بِشَرࣲّ مِّن ذَ ٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ ٱللَّهِۚ مَن لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَغَضِبَ عَلَیۡهِ وَجَعَلَ مِنۡهُمُ ٱلۡقِرَدَةَ وَٱلۡخَنَازِیرَ وَعَبَدَ ٱلطَّـٰغُوتَۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضَلُّ عَن سَوَاۤءِ ٱلسَّبِیلِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق