الباحث القرآني
﴿وإذا وقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أخْرَجْنا لَهم دابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهم إنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ﴾ هَذا انْتِقالٌ إلى التَّذْكِيرِ بِالقِيامَةِ وما ادُّخِرَ لَهم مِنَ الوَعِيدِ. فَهَذِهِ الجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى الجُمَلِ قَبْلَها عَطْفَ قِصَّةٍ عَلى قِصَّةٍ. ومُناسِبَةُ ذِكْرِها ما تَقَدَّمَ مِن قَوْلِهِ ﴿إنَّكَ لا تُسْمِعُ المَوْتى﴾ [النمل: ٨٠] إلى قَوْلِهِ ﴿عَنْ ضَلالَتِهِمْ﴾ [النمل: ٨١] . والضَّمِيرُ عائِدٌ إلى المَوْتى والصُّمِّ والعُمْيِ وهُمُ المُشْرِكُونَ.
و”القَوْلُ“ أُرِيدَ بِهِ أخْبارُ الوَعِيدِ الَّتِي كَذَّبُوها مُتَهَكِّمِينَ بِاسْتِبْطاءِ وُقُوعِها بِقَوْلِهِمْ ﴿مَتى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ [النمل: ٧١]، فالتَّعْرِيفُ فِيهِ لِلْعَهْدِ يُفَسِّرُهُ المَقامُ.
والوُقُوعُ مُسْتَعارٌ لِحُلُولِ وقَتِهِ وذَلِكَ مِن وقْتِ تَهَيُّؤِ العالَمِ لِلْفَناءِ إلى أنْ يَدْخُلَ أهْلُ الجَنَّةَ الجَنَّةَ وأهْلُ النّارِ النّارَ.
والآيَةُ تُشِيرُ إلى شَيْءٍ مِن أشْراطِ حُلُولِ الوَعِيدِ الَّذِي أُنْذِرُوا بِهِ وهو الوَعِيدُ الأكْبَرُ يَعْنِي وعِيدَ البَعْثِ، فَتُشِيرُ إلى شَيْءٍ مِن أشْراطِ السّاعَةِ وهو مِن خَوارِقِ العاداتِ. والتَّعْبِيرُ عَنْ وُقُوعِهِ بِصِيغَةِ الماضِي لِتَقْرِيبِ زَمَنِ الحالِ مِنَ المُضِيِّ، أيْ أشْرَفَ وُقُوعُهُ، عَلى أنَّ فِعْلَ المُضِيِّ مَعَ إذا يَنْقَلِبُ إلى الِاسْتِقْبالِ.
والدّابَّةُ: اسْمٌ لِلْحَيِّ مِن غَيْرِ الإنْسانِ، مُشْتَقٌّ مِنَ الدَّبِيبِ، وهو المَشْيُ عَلى (p-٣٩)الأرْضِ وهو مِن خَصائِصِ الأحْياءِ. وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى لَفْظِ ”دابَّةٍ“ في سُورَةِ الأنْعامِ. وقَدْ رُوِيَتْ في وصْفِ هَذِهِ الدّابَّةِ ووَقْتِ خُرُوجِها ومَكانِها أخْبارٌ مُضْطَرِبَةٌ ضَعِيفَةُ الأسانِيدِ فانْظُرْها في تَفْسِيرِ القُرْطُبِيِّ وغَيْرِهِ إذْ لا طائِلَ في جَلْبِها ونَقْدِها.
وإخْراجُ الدّابَّةِ مِنَ الأرْضِ لِيُرِيَهم كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ المَوْتى إذْ كانُوا قَدْ أنْكَرُوا البَعْثَ. ولا شَكَّ أنَّ كَلامَها لَهم خِطابٌ لَهم بِحُلُولِ الحَشْرِ. وإنَّما خَلَقَ اللَّهُ الكَلامَ لَهم عَلى لِسانِ دابَّةٍ تَحْقِيرًا لَهم وتَنْدِيمًا عَلى إعْراضِهِمْ عَنْ قَبُولِ أبْلَغِ كَلامٍ وأوْقَعِهِ مِن أشْرَفِ إنْسانٍ وأفْصَحِهِ، لِيَكُونَ لَهم خِزْيًا في آخِرِ الدَّهْرِ يُعَيَّرُونَ بِهِ في المَحْشَرِ. فَيُقالُ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ أعْرَضُوا عَنْ كَلامِ رَسُولٍ كَرِيمٍ فَخُوطِبُوا عَلى لِسانِ حَيَوانٍ بَهِيمٍ. عَلى نَحْوِ ما قِيلَ: اسْتِفادَةُ القابِلِ مِنَ المَبْدَإ تَتَوَقَّفُ عَلى المُناسَبَةِ بَيْنَهُما.
وجُمْلَةُ ﴿إنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِإظْهارِ هَذا الخارِقِ لِلْعادَةِ حَيْثُ لَمْ يُوقِنِ المُشْرِكُونَ بِآياتِ القُرْآنِ فَجَعَلَ ذَلِكَ إلْجاءً لَهم حِينَ لا يَنْفَعُهم.
وقَرَأ الجُمْهُورُ إنَّ النّاسَ بِكَسْرِ هَمْزَةِ ”إنَّ“، ومَوْقِعُ ”إنَّ“ في مِثْلِ هَذا التَّعْلِيلُ. وقَرَأ عاصِمٌ وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ (﴿أنَّ النّاسَ﴾) بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وهي أيْضًا لِلتَّعْلِيلِ؛ لِأنَّ فَتْحَ هَمْزَةِ (أنَّ) يُؤْذِنُ بِتَقْدِيرِ حَرْفِ جَرِّ وهو باءُ السَّبَبِيَّةِ، أيْ تُكَلِّمُهم بِحاصِلِ هَذا وهو المَصْدَرُ. والمَعْنى: أنَّها تُسَجِّلُ عَلى النّاسِ وهُمُ المُشْرِكُونَ عَدَمَ تَصْدِيقِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ. وهو تَسْجِيلُ تَوْبِيخٍ وتَنْدِيمٍ؛ لِأنَّهم حِينَئِذٍ قَدْ وقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ ﴿لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ﴾ [الأنعام: ١٥٨] . وحَمْلُ هَذِهِ الجُمْلَةِ عَلى أنْ تَكُونَ حِكايَةً لِما تُكَلِّمُهم بِهِ الدّابَّةُ بِعِيدٌ.
{"ayah":"۞ وَإِذَا وَقَعَ ٱلۡقَوۡلُ عَلَیۡهِمۡ أَخۡرَجۡنَا لَهُمۡ دَاۤبَّةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ تُكَلِّمُهُمۡ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا لَا یُوقِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق