الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا وَقع القَوْل عَلَيْهِم﴾ أَي: حق الْعَذَاب عَلَيْهِم، وَقَالَ قَتَادَة: إِذا غضب الله عَلَيْهِم. وَعَن ابْن عمر: إِذا لم يأمروا بِمَعْرُوف، وَلم ينهوا عَن مُنكر. وَقَوله: ﴿أخرجنَا لَهُم دَابَّة من الأَرْض﴾ رُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: لَيست بِدَابَّة لَهَا ذَنْب، وَلَكِن لَهَا لحية. كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَنه رجل وَلَيْسَت بِدَابَّة، وَالْأَكْثَرُونَ على أَنَّهَا دَابَّة، (وَهِي) تخرج فِي آخر الزَّمَان. وَيُقَال: إِن أول أَشْرَاط السَّاعَة طُلُوع لشمس من مغْرِبهَا وَخُرُوج دَابَّة الأَرْض. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَهَا زغب وَرِيش وَأَرْبع قَوَائِم. وَعَن ابْن الزبير قَالَ: هِيَ دَابَّة رَأسهَا من رَأس ثَوْر، وعينها عين خِنْزِير، وأذنها أذن فيل، وقرنها قرن إبل، وعنقها عنق نعَامَة، وصدرها صدر أَسد، وجلدها جلد نمر، وخاصرتها خاصرة هر، وقوائمها قَوَائِم بعير، بَين كل مفصلين مِنْهَا اثْنَا عشر ذِرَاعا. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: تخرج من الصَّفَا تجْرِي كجري الْفرس ثَلَاثَة أَيَّام لَا يخرج إِلَّا ثلثهَا، ويبلغ رَأسهَا السَّمَاء. وَفِي بعض المسانيد: عَن النَّبِي أَنه قَالَ: (" بئس الشّعب شعب جِيَاد، قيل: وَلم يَا رَسُول الله؟ قَالَ) : تخرج مِنْهُ الدَّابَّة، وتصرخ ثَلَاث صرخات يسْمعهَا من بَين الْخَافِقين ". وَعَن حُذَيْفَة بن أسيد قَالَ: تخرج الدَّابَّة ثَلَاثًا، تخرج الخرجة الأولى بِبَعْض الأودية، ثمَّ تكمن، ثمَّ تخرج فِي قبائل الْعَرَب، ثمَّ تخرج فِي جَوف، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهَا تخرج فِي الْمَسْجِد الْحَرَام. وَعَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه صعد الصَّفَا وقرع بعصاه الْحجر وَقَالَ: إِن الدَّابَّة لتسمع قرع عصاي هَذِه. وروى قَرِيبا من هَذَا عَن عبد الله بن عَمْرو. وَقد روى حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عَليّ بن زيد، عَن خَالِد بن أَوْس، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " تخرج الدَّابَّة وَمَعَهَا عَصا مُوسَى وَخَاتم سُلَيْمَان، فتجلو وَجه الْمُؤمن، وتحطم وَجه الْكَافِر، حَتَّى إِن الْقَوْم يَجْتَمعُونَ على الخوان فَتَقول: هَذَا لهَذَا يَا كَافِر، وَتقول: هَذَا لهَذَا يَا مُؤمن ". قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الْخَبَر أَبُو عبد الله عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أَحْمد، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس بن سراج، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس بن مَحْبُوب، أخبرنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ، أخبرنَا عبد بن حميد، عَن روح بن عبَادَة، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، الحَدِيث. وَفِي التَّفْسِير: أَن دَابَّة الأَرْض تسم وَجه الْمُؤمن بنكتة بَيْضَاء، فيبيض بهَا وَجهه، وَتَسِم وَجه الْكَافِر بنكتة سَوْدَاء، فيسود بهَا وَجهه. وَعَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا وَقع لقَوْل عَلَيْهِم﴾ ثمَّ قَالَ: طوفوا بِالْبَيْتِ قبل أَن يرفع، واقرءوا الْقُرْآن قبل أَن يرفع، وَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله قبل أَن تنسى، ثمَّ ذكر أَنه يَأْتِي زمَان ينسى النَّاس فِيهِ قَول لَا إِلَه إِلَّا الله، وَتَقَع النَّاس فِي أشعار الْجَاهِلِيَّة. وَقَوله: ﴿تكلمهم﴾ وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَسَعِيد بن جُبَير وَعَاصِم الجحدري: " تكلمهم " أَي: تجرحهم، والكلم هُوَ الْجراحَة، وَيُقَال: تسمهم، قَالَ الشَّاعِر: ((فِي الْكَلم مطرقا يكذب عَن إعرابه ... بِنَقص الْآيَة الْكَلم إِذا الْكَلم التَّام)) وَالْقِرَاءَة لمعروفة: ﴿تكلمهم﴾ وَقَالَ بعض أهل لعلم: ظُهُور الْآيَة مِنْهَا كَلَام، ونطق على وَجه الْمجَاز لَا أَنَّهَا تَتَكَلَّم، وَالأَصَح أَنَّهَا تَتَكَلَّم، وَاخْتلف القَوْل أَنَّهَا بِمَاذَا تَتَكَلَّم؟ فأحد الْقَوْلَيْنِ: أَن كَلَامهَا أَن هَذَا مُؤمن وَهَذَا كَافِر، وَالْقَوْل الآخر: أَنَّهَا تَتَكَلَّم بِمَا قَالَ الله تَعَالَى: ﴿أَن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون﴾ . وَقُرِئَ: " أَن " و " إِن " بِنصب الْألف وكسره، فَمن قَرَأَ " أَن " بِنصب الْألف فَمَعْنَاه: بِأَن، وَمن قَرَأَ: " إِن " فعلى الِاسْتِئْنَاف، وَقَرَأَ أبي بن كَعْب: " دَابَّة تنبئهم "، وَفِي بعض الْقِرَاءَة: " تحدثهم " وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود: " تكلمهم بِأَن النَّاس كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يوقنون ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب