هَذِهِ الدَّابَّةُ تَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ فَسَادِ النَّاسِ وتَرْكِهم أَوَامِرَ اللَّهِ وَتَبْدِيلِهِمُ الدِّينَ الْحَقَّ، يُخْرِجُ اللَّهُ لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ -قِيلَ: مِنْ مَكَّةَ. وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِهَا. كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ -فَتُكَلِّم النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وقَتَادَةُ -ورُوي عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تُكَلِّمُهُمْ كَلَامًا أَيْ: تُخَاطِبُهُمْ مُخَاطَبَةً.
وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: تُكَلِّمُهُمْ فَتَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ. وَيُرْوَى هَذَا عَنْ عَلِيٍّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَفِي هَذَا [الْقَوْلِ] [[زيادة من ف، أ.]] نَظَرٌ لَا يَخْفَى، وَاللَّهُ أعلم.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -فِي رِوَايَةٍ -تَجْرَحُهُمْ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ، قَالَ: كُلًّا [[في ف: "كل".]] تَفْعَلُ يَعْنِي هَذَا وَهَذَا، وَهُوَ قولٌ حَسَنٌ، وَلَا مُنَافَاةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي ذِكْرِ الدَّابَّةِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ كَثِيرَةٌ، فَلْنَذْكُرْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ:
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُرَات، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيفة بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ أَمْرَ السَّاعَةَ فَقَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوا عَشْرَ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانُ، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى بن مَرْيَمَ، وَالدَّجَّالُ، وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعر عَدَنٍ تَسُوقُ -أَوْ: تَحْشُرُ -النَّاسَ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا" [[رواه الإمام أحمد في المسند (٤/٦) ولكن باختلاف في الألفاظ، وهذا اللفظ هو سياق حديث ابن مهدي عن سفيان وهو في المسند (٤/٧) .]] .
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ، مِنْ طُرُقٍ، عَنْ فُرَات الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، عَنْ حُذَيفة مَوْقُوفًا [[في ف، أ: "به مرفوعا".]] . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ [[صحيح مسلم برقم (٢٩٠١) وسنن أبي داود برقم (٤٣١١) وسنن الترمذي برقم (٢١٨٣) وسنن ابن ماجه برقم (٤٠٤١) .]] . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْع، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْهُ مَرْفُوعًا [[في ف، أ: "موقوفا".]] [[صحيح مسلم برقم (٢٩٠١) .]] . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، فَأَمَّا طَلْحَةُ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمَير اللِّيثِيُّ: أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ حَدَّثَهُ، عَنْ حذَيفة بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ أَبِي سَريحَةَ، وَأَمَّا جَرِيرٌ فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبيد، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -وَحَدِيثُ طَلْحَةَ أَتَمُّ وَأَحْسَنُ -قَالَ: ذَكَرَ رسولُ اللَّهِ ﷺ الدَّابَّةَ فَقَالَ: "لَهَا ثَلَاثُ خَرْجَاتٍ مِنَ الدَّهْرِ، فَتَخْرُجُ خَرجة مِنْ أَقْصَى الْبَادِيَةِ، وَلَا يَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ -يَعْنِي: مَكَّةَ -ثُمَّ تَكْمُنُ زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ تَخْرُجُ خَرْجة أُخْرَى دُونَ تِلْكَ، فَيَعْلُو ذِكْرُهَا فِي أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَيَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ" يَعْنِي: مَكَّةَ. -قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "ثُمَّ بَيْنَمَا النَّاسُ فِي أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ عَلَى اللَّهِ حُرْمَةً وَأَكْرَمِهَا: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَمْ يَرُعْهم إِلَّا وَهِيَ تَرْغو [[في أ: "تربو".]] بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، تَنْفُضُ عَنْ رَأْسِهَا التُّرَابَ. فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا شتَّى وَمَعًا، وَبَقِيَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يُعْجِزُوا اللَّهَ، فَبَدَأَتْ بِهِمْ فجَلَت وُجُوهَهُمْ حَتَّى جَعَلَتْهَا كَأَنَّهَا الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ، وَوَلَّتْ فِي الْأَرْضِ لَا يُدْرِكُهَا طَالِبٌ، وَلَا يَنْجُو مِنْهَا هَارِبٌ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لِيَتَعَوَّذُ مِنْهَا بِالصَّلَاةِ، فَتَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِهِ فَتَقُولُ: يَا فُلَانُ، الآن تصلي؟ فَيُقْبِلُ عَلَيْهَا فَتَسِمُهُ [[في أ: "فتشمه".]] فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ تَنْطَلِقُ وَيَشْتَرِكُ النَّاسُ فِي الْأَمْوَالِ، وَيَصْطَحِبُونَ فِي الْأَمْصَارِ، يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ، حَتَّى إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَقُولُ: يَا كَافِرُ، اقْضِنِي حَقِّي. وَحَتَّى إِنَّ الْكَافِرَ لَيَقُولُ: يَا مُؤْمِنُ، اقْضِنِي حَقِّي" [[مسند الطيالسي برقم (١٠٦٩) .]] .
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقَيْنِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْد مَوْقُوفًا [[تفسير الطبري (٢٠/١٠) .]] فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ مَرْفُوعًا، وَأَنَّ ذَلِكَ فِي زمان عيسى بن مَرْيَمَ، وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَلَكِنَّ إِسْنَادَهُ لَا يَصِحُّ [[تفسير الطبري (٢٠/١١) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ أَبِي حَيَّان، عَنْ أَبِي زُرْعَة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَفظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا لَمْ أَنْسَهُ [[في ف: "لم أنساه".]] بَعْدُ: سمعتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: "إِنْ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحى، وَأَيَّتُهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَاحِبَتِهَا، فَالْأُخْرَى [[في ف: "والأخرى".]] عَلَى إِثْرِهَا قَرِيبًا" [[صحيح مسلم برقم (٢٩٤١) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ -مَوْلَى الحُرَقَة -عَنْ أَبِيهِ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا [[في ف، أ: "ستة".]] : طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أَوِ الدُّخَانَ، أَوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أَوْ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ، أَوْ أَمْرَ الْعَامَّةِ" [[صحيح مسلم برقم (٢٩٤٧) .]] . وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًّا: الدَّجَّالَ، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الْأَرْضِ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَأَمْرَ الْعَامَّةِ وخُويّصة أَحَدِكُمْ" [[صحيح مسلم برقم (٢٩٤٧) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ مَاجَةَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَة بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وابن لَهِيعة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سِنَان بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سِتًا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الْأَرْضِ، وَالدَّجَّالَ، وخُوَيّصة أَحَدِكُمْ، وَأَمْرَ الْعَامَّةِ". تَفَرَّدَ بِهِ [[سنن ابن ماجه برقم (٤٠٥٦) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٥٦) : "هذا إسناد حسن، سنان بن سعد مختلف فيه وفي اسمه".]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ أَيْضًا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَوْسِ [[في هـ، ف، أ: "أويس". والمثبت من المسند.]] بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "تَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ، وَمَعَهَا عَصَا مُوسَى وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَتَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْعَصَا، وتُجلي وجه المؤمن بِالْخَاتَمِ، حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى الْخُوَانِ يُعْرَفُ الْمُؤْمِنُ مِنَ الْكَافِرِ".
وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ بَهْز وَعَفَّانَ وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، بِهِ [[مسند الطيالسي برقم (٢٥٦٤) والمسند (٢/٢٩٥) من حديث عفان ويزيد، و (٢/٢٩١) من حديث بهز.]] . وَقَالَ: "فَتَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتَمِ، وَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنِ بِالْعَصَا، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْخُوَانِ الْوَاحِدِ لَيَجْتَمِعُونَ فَيَقُولُ هَذَا: يَا مُؤْمِنُ، وَيَقُولُ هَذَا: يَا كَافِرُ".
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شَيْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدَّبِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، بِهِ [[سنن ابن ماجه برقم (٤٠٦٦) .]] .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلة، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عُبَيْد، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَهَبَ بِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى مَوْضِعٍ بِالْبَادِيَةِ، قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ، فَإِذَا أَرْضٌ يَابِسَةٌ حَوْلَهَا رَمْلٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَإِذَا فِتْر فِي شِبْرٍ".
قَالَ ابْنُ بُرَيدة: فَحَجَجْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِسِنِينَ، فَأَرَانَا عَصًا لَهُ، فَإِذَا هُوَ بعَصاي هَذِهِ [[في ف، أ: "هذا".]] ، كَذَا وَكَذَا [[سنن ابن ماجه برقم (٤٠٦٧) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٥٩) : "هذا إسناد ضعيف".]] .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ دابةٌ ذَاتُ زَغَب، لَهَا أَرْبَعُ قَوَائِمَ، تَخْرُجُ مِنْ بَعْضِ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ [[تفسير عبد الرزاق (٢/٧١) .]] .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاء، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ صِدْع مِنَ الصَّفَا كجَرْي الْفَرَسِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لَمْ يَخْرُجْ ثُلُثُهَا.
وَقَالَ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنِ الدَّابَّةِ، فَقَالَ: الدَّابَّةُ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ صَخْرَةٍ بِجِيَادٍ، وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ مَعَهُمْ -أَوْ لَوْ شِئْتُ بِعَصَايَ الصَّخْرَةَ الَّتِي تَخْرُجُ الدَّابَّةُ مِنْ تَحْتِهَا. قِيلَ: فتصنعُ مَاذَا يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو؟ قَالَ: تَسْتَقْبِلُ الْمَشْرِقَ فَتَصْرُخُ صَرْخَةً تنفُذُه، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الشَّامَ فَتَصْرُخُ [[في أ: "ثم تصرخ".]] صَرْخَةً تُنْفِذُهُ، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الْمَغْرِبَ فَتَصْرُخُ صَرْخَةً تُنْفِذُهُ، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الْيَمَنَ فَتَصْرُخُ صَرْخَةً تُنْفِذُهُ، ثُمَّ تَرُوحُ مِنْ مَكَّةَ فَتُصْبِحُ [[في أ: "فتضع".]] بِعُسْفَانَ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: لَا أَعْلَمُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: تَخْرُجُ الدَّابَّةُ لَيْلَةَ جَمْع [[ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (١٥/١٨٠) من طريق عبد الملك بن المغيرة، عن ابن البيلمان، عن ابن عمر قال: "تخرج الدابة ليلة جمع والناس يسيرون إلى منى فتحملهم بين عجزها وذنبها فلا يبقى منافق إلا خطمته، قال: وتمسح المؤمن، قال: فيصبحون وهم أشر من الدجال".]] . وَرَوَاهُ ابن أبي حاتم. وفي إِسْنَادِهِ ابْنُ الْبَيْلَمَانِ [[في ف: "البيلماني".]] .
وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: أَنَّهُ حَكَى مِنْ كَلَامٍ عُزَير، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ قَالَ: وَتَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَدُومَ دَابَّةٌ تُكَلِّمُ النَّاسَ كُلٌّ يَسْمَعُهَا، وَتَضَعُ الْحَبَالَى قَبْلَ التَّمَامِ، وَيَعُودُ الْمَاءُ الْعَذْبُ أُجَاجًا، وَيَتَعَادَى الْأَخِلَّاءُ، وتُحرَقُ الْحِكْمَةُ، ويُرفَعُ الْعِلْمُ، وَتُكَلِّمُ الْأَرْضُ الَّتِي تَلِيهَا. وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَرْجُو النَّاسُ مَا لَا يَبْلُغُونَ، وَيَتْعَبُونَ فِيمَا لَا يَنَالُونَ، وَيَعْمَلُونَ فِيمَا لَا يَأْكُلُونَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ -كَاتَبِ اللَّيْثِ -حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: إِنَّ الدَّابَّةَ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، مَا بَيْنَ قَرْنَيْهَا فَرْسَخٌ [[في أ: "فرح".]] لِلرَّاكِبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ مِثْلُ الْحَرْبَةِ الضَّخْمَةِ.
وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا دَابَّةٌ لَهَا رِيشٌ وَزَغَبٌ وَحَافِرٌ، وَمَا لَهَا ذَنَبٌ، وَلَهَا لِحْيَةٌ، وَإِنَّهَا لَتُخْرِجُ حُضْر الْفَرَسِ الْجَوَادِ ثَلَاثًا، وَمَا خَرَجَ ثُلُثُهَا [[في ف، أ: "ثلثاها".]] . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ وَصَفَ الدَّابَّةَ فَقَالَ: رَأْسُهَا رَأْسُ ثَوْرِ، وَعَيْنُهَا عَيْنُ خِنْزِيرٍ، وَأُذُنُهَا أُذُنُ فِيلٍ، وَقَرْنُهَا قَرْنُ أيَّل، وَعُنُقُهَا عُنُقُ نَعَامَةٍ، وَصَدْرُهَا صَدْرُ أَسَدٍ، وَلَوْنُهَا لَوْنُ نَمر، وَخَاصِرَتُهَا خَاصِرَةُ هِرّ، وَذَنَبُهَا ذَنَبُ كَبْشٍ، وَقَوَائِمُهَا قَوَائِمُ بَعِيرٍ، بَيْنَ كُلِّ مَفْصَلَيْنِ اثْنَا [عَشَرَ] [[زيادة من ف، أ.]] ذِرَاعًا، تَخْرُجُ مَعَهَا عَصَا مُوسَى، وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ، فَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا نَكتَت فِي وَجْهِهِ بِعَصَا مُوسَى نُكْتَةً بَيْضَاءَ، فَتَفْشُو تِلْكَ النُّكْتَةُ حَتَّى يَبْيَضَّ لَهَا وَجْهُهُ، وَلَا يَبْقَى كَافِرٌ إِلَّا نَكَتت فِي وَجْهِهِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ بِخَاتَمِ سُلَيْمَانَ، فَتَفْشُو تِلْكَ النُّكْتَةُ حَتَّى يَسْوَدَّ لَهَا وَجْهُهُ، حَتَّى إِنَّ النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فِي الْأَسْوَاقِ: بِكَمْ ذَا يَا مُؤْمِنُ، بِكَمْ ذَا يَا كَافِرُ؟ وَحَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ يَجْلِسُونَ عَلَى مَائِدَتِهِمْ، فَيَعْرِفُونَ مُؤْمِنَهُمْ مِنْ كَافِرِهِمْ، ثُمَّ تَقُولُ لَهُمُ الدَّابَّةُ: يَا فُلَانُ، أَبْشِرْ، أَنْتَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَيَا فُلَانُ، أَنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ. فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ [[وهذا من الإسرائيليات مما لا فائدة من ذكره، وأوصاف الدابة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.]] .
{"ayah":"۞ وَإِذَا وَقَعَ ٱلۡقَوۡلُ عَلَیۡهِمۡ أَخۡرَجۡنَا لَهُمۡ دَاۤبَّةࣰ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ تُكَلِّمُهُمۡ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا لَا یُوقِنُونَ"}