الباحث القرآني

قَوْلُهُ ﴿وَإذا وقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ﴾ فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: وجَبَ الغَضَبُ عَلَيْهِمْ، قالَهُ قَتادَةُ. الثّانِي: إذا حَقَّ القَوْلُ عَلَيْهِمْ بِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ، قالَهُ مُجاهِدٌ. الثّالِثُ: إذا لَمْ يُؤْمَرُوا بِالمَعْرُوفِ ويُنْهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وجَبَ السُّخْطُ عَلَيْهِمْ، قالَهُ ابْنُ عُمَرَ وأبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ. الرّابِعُ: إذا نَزَلَ العَذابُ، حَكاهُ الكَلْبِيُّ. ﴿أخْرَجْنا لَهم دابَّةً مِنَ الأرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾ فِيها قَوْلانِ: أحَدُهُما: ما حَكاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ الدّابَّةِ فَقالَ: أما واللَّهِ لَها ذَنَبٌ وإنَّ لَها لَلِحْيَةً، وفي هَذا القَوْلِ إشارَةٌ إلى أنَّها مِنَ الإنْسِ وإنْ لَمْ يُصَرِّحْ. الثّانِي: وهو قَوْلُ الجُمْهُورِ أنَّها دابَّةٌ مِن دَوابِّ الأرْضِ، واخْتَلَفَ مَن قالَ بِهَذا في صِفَتِها عَلى ثَلاثَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها دابَّةٌ ذاتُ زَغَبٍ ورِيشٍ لَها أرْبَعُ قَوائِمَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: أنَّها دابَّةٌ ذاتُ وبَرٍ تُناغِي السَّماءَ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ. القَوْلُ الثّالِثُ: أنَّها دابَّةٌ رَأْسُها رَأْسُ ثَوْرِ وعَيْنُها عَيْنُ خِنْزِيرٍ وأُذُنُها أُذُنُ فِيلِ وقَرْنُها قَرْنُ آيِلٍ وعُنُقُها عُنُقُ نَعامَةِ وصَدْرُها صَدْرُ أسَدٍ ولَوْنُها لَوْنُ نَمِرٍ وخاصِرَتُها خاصِرَةُ هِرٍّ وذَنَبُها ذَنَبُ كَبْشٍ وقَوائِمُها قَوائِمُ بَعِيرٍ، بَيْنَ كُلِّ مَفْصِلَيْنِ اثْنا عَشَرَ ذِراعًا تَخْرُجُ مَعَها عَصا مُوسى وخاتَمُ سُلَيْمانَ فَتَنْكُتُ في وجْهِ المُسْلِمِ بِعَصا مُوسى نُكْتَةً بَيْضاءَ وتَنْكُتُ في وجْهِ الكافِرِ بِخاتَمِ سُلَيْمانَ فَيَسْوَدُّ وجْهُهُ، قالَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ. (p-٢٢٧)وَفِي قَوْلِهِ: ﴿مِنَ الأرْضِ﴾ أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّها تَخْرُجُ مِن بَعْضِ أوْدِيَةِ تِهامَةَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. الثّانِي: مِن صَخْرَةٍ مِن شِعْبِ أجْيادَ، قالَهُ ابْنُ عُمَرَ. الثّالِثُ: مِنَ الصَّفا، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. الرّابِعُ: مِن بَحْرِ سَدُومَ، قالَهُ ابْنُ مُنَبِّهٍ. وَفِي ﴿تُكَلِّمُهُمْ﴾ قِراءَتانِ: الشّاذَّةُ مِنهُما: ( تَسِمُهم ) بِفَتْحِ التّاءِ، وفي تَأْوِيلِها وجْهانِ: أحَدُهُما: تَسِمُهم في وُجُوهِهِمْ بِالبَياضِ في وجْهِ المُؤْمِنِ، وبِالسَّوادِ في وجْهِ الكافِرِ حَتّى يَتَنادى النّاسُ في أسْواقِهِمْ يا مُؤْمِنُ يا كافِرُ، وقَدْ رَوى أبُو أُمامَةَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «تَخْرُجُ الدّابَّةُ فَتَسِمُ النّاسَ عَلى خَراطِيمِهِمْ» . الثّانِي: مَعْناهُ تَجْرَحُهم وهَذا مُخْتَصٌّ بِالكافِرِ والمُنافِقِ، وجَرْحُهُ إظْهارُ كُفْرِهِ ونِفاقِهِ ومِنهُ جَرْحُ الشُّهُودِ بِالتَّفْسِيقِ، ويُشْبِهُ أنْ يَكُونَ قَوْلَ ابْنِ عَبّاسٍ. والقِراءَةُ الثّانِيَةُ: وعَلَيْها الجُمْهُورُ ﴿تُكَلِّمُهُمْ﴾ بِضَمِّ التّاءِ وكَسْرِ اللّامِ مِنَ الكَلامِ، وحَكى قَتادَةُ أنَّها في بَعْضِ القِراءَةِ: ﴿تُنَبِّئُهُمْ﴾ وحَكى يَحْيى بْنُ سَلّامٍ أنَّها في بَعْضِ القِراءَةِ: ( تُحَدِّثُهم ) . وَفِي كَلامِها عَلى هَذا التَّأْوِيلِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّ كَلامَها ظُهُورُ الآياتِ مِنها مِن غَيْرِ نُطْقٍ ولا لَفْظٍ. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّهُ كَلامٌ مَنطُوقٌ بِهِ. (p-٢٢٨)فَعَلى هَذا فِيما تُكُلِّمَ بِهِ قَوْلانِ: أحَدُهُما: أنَّها تُكَلِّمُهم بِأنَّ هَذا مُؤْمِنٌ وهَذا كافِرٌ. الثّانِي: تُكَلِّمُهم بِما قالَهُ اللَّهُ ﴿أنَّ النّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ﴾ قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وعَطاءٌ. وَحَكى ابْنُ البَيْلَمانِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّ الدّابَّةَ تَخْرُجُ لَيْلَةَ جَمْعٍ وهي لَيْلَةُ النَّحْرِ والنّاسُ يَسِيرُونَ إلى مِنًى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب