الباحث القرآني
الفَصْلُ الثّامِنُ
فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: ﴿صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، وفِيهِ فَوائِدُ
الفائِدَةُ الأُولى: في حَدِّ النِّعْمَةِ، وقَدِ اخْتُلِفَ فِيها، فَمِنهم مَن قالَ: إنَّها عِبارَةٌ عَنِ المَنفَعَةِ المَفْعُولَةِ عَلى جِهَةِ الإحْسانِ إلى الغَيْرِ، ومِنهم مَن يَقُولُ: المَنفَعَةُ الحَسَنَةُ المَفْعُولَةُ عَلى جِهَةِ الإحْسانِ إلى الغَيْرِ، قالُوا وإنَّما زِدْنا هَذا القَيْدَ لِأنَّ النِّعْمَةَ يُسْتَحَقُّ بِها الشُّكْرُ، وإذا كانَتْ قَبِيحَةً لا يُسْتَحَقُّ بِها الشُّكْرُ، والحَقُّ أنَّ هَذا القَيْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، لِأنَّهُ يَجُوزُ أنْ يُسْتَحَقَّ الشُّكْرُ بِالإحْسانِ وإنْ كانَ فِعْلُهُ مَحْظُورًا، لِأنَّ جِهَةَ اسْتِحْقاقِ الشُّكْرِ غَيْرُ جِهَةِ الذَّنْبِ والعِقابِ، فَأيُّ امْتِناعٍ في اجْتِماعِهِما ؟ ألا تَرى أنَّ الفاسِقَ يَسْتَحِقُّ بِإنْعامِهِ الشُّكْرَ، والذَّمَّ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَلِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ الأمْرُ هَهُنا كَذَلِكَ.
ولْنَرْجِعْ إلى تَفْسِيرِ الحَدِّ المَذْكُورِ فَنَقُولُ: أمّا قَوْلُنا: ”المَنفَعَةُ“ فَلِأنَّ المَضَرَّةَ المَحْضَةَ لا تَكُونُ نِعْمَةً، وقَوْلُنا: ”المَفْعُولَةُ عَلى جِهَةِ الإحْسانِ“ لِأنَّهُ لَوْ كانَ نَفْعًا حَقًّا وقَصَدَ الفاعِلُ بِهِ نَفْعَ نَفْسِهِ لا نَفْعَ المَفْعُولِ بِهِ لا يَكُونُ نِعْمَةً، وذَلِكَ كَمَن أحْسَنَ إلى جارِيَتِهِ لِيَرْبَحَ عَلَيْها.
إذا عَرَفْتَ حَدَّ النِّعْمَةِ فَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ فُرُوعٌ:
الفَرْعُ الأوَّلُ: اعْلَمْ أنَّ كُلَّ ما يَصِلُ إلى الخَلْقِ مِنَ النَّفْعِ ودَفْعِ الضَّرَرِ فَهو مِنَ اللَّهِ تَعالى عَلى ما قالَ تَعالى: ﴿وما بِكم مِن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ﴾ [النحل: ٥٣] ثُمَّ إنَّ النِّعْمَةَ عَلى ثَلاثَةِ أقْسامٍ:
أحَدُها: نِعْمَةٌ تَفَرَّدَ اللَّهُ بِإيجادِها، نَحْوَ أنْ خَلَقَ ورَزَقَ.
وثانِيها: نِعْمَةٌ وصَلَتْ مِن جِهَةِ غَيْرِ اللَّهِ في ظاهِرِ الأمْرِ، وفي الحَقِيقَةِ فَهي أيْضًا إنَّما وصَلَتْ مِنَ اللَّهِ تَعالى، وذَلِكَ لِأنَّهُ تَعالى هو الخالِقُ لِتِلْكَ النِّعْمَةِ، والخالِقُ لِذَلِكَ المُنْعِمِ، والخالِقُ لِداعِيَةِ الإنْعامِ بِتِلْكَ النِّعْمَةِ في قَلْبِ ذَلِكَ المُنْعِمِ، إلّا أنَّهُ تَعالى لَمّا أجْرى تِلْكَ النِّعْمَةَ عَلى يَدِ ذَلِكَ العَبْدِ كانَ ذَلِكَ العَبْدُ مَشْكُورًا، ولَكِنَّ المَشْكُورَ في الحَقِيقَةِ هو اللَّهُ تَعالى ولِهَذا قالَ: ﴿أنِ اشْكُرْ لِي ولِوالِدَيْكَ إلَيَّ المَصِيرُ﴾ [لقمان: ١٤] فَبَدَأ بِنَفْسِهِ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ إنْعامَ الخَلْقِ لا يَتِمُّ إلّا بِإنْعامِ اللَّهِ.
وثالِثُها: نِعَمٌ وصَلَتْ مِنَ اللَّهِ إلَيْنا بِسَبَبِ طاعَتِنا، وهي أيْضًا مِنَ اللَّهِ تَعالى؛ لِأنَّهُ لَوْلا أنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى وفَّقَنا لِلطّاعاتِ وأعانَنا عَلَيْها وهَدانا إلَيْها وأزاحَ الأعْذارَ عَنّا وإلّا لَما وصَلْنا إلى شَيْءٍ مِنها، فَظَهَرَ بِهَذا التَّقْرِيرِ أنَّ جَمِيعَ النِّعَمِ في الحَقِيقَةِ مِنَ اللَّهِ تَعالى.
الفَرْعُ الثّانِي: أنَّ أوَّلَ نِعَمِ اللَّهِ عَلى العَبِيدِ هو أنْ خَلَقَهم أحْياءً، ويَدُلُّ عَلَيْهِ العَقْلُ والنَّقْلُ، أمّا العَقْلُ فَهو أنَّ الشَّيْءَ لا يَكُونُ نِعْمَةً إلّا إذا كانَ بِحَيْثُ يُمْكُنُ الِانْتِفاعُ بِهِ، ولا يُمْكُنُ الِانْتِفاعُ بِهِ إلّا عِنْدَ حُصُولِ (p-٢٠٩)الحَياةِ، فَإنَّ الجَمادَ والمَيِّتَ لا يُمْكِنُهُ أنْ يَنْتَفِعَ بِشَيْءٍ، فَثَبَتَ أنَّ أصْلَ جَمِيعِ النِّعَمِ هو الحَياةُ، وأمّا النَّقْلُ فَهو أنَّهُ تَعالى قالَ: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأحْياكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨] ثُمَّ قالَ عَقِيبَهُ: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكم ما في الأرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩] فَبَدَأ بِذِكْرِ الحَياةِ وثَنّى بِذِكْرِ الأشْياءِ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِها، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّ أصْلَ جَمِيعِ النِّعَمِ هو الحَياةُ.
الفَرْعُ الثّالِثُ: اخْتَلَفُوا في أنَّهُ هَلْ لِلَّهِ تَعالى نِعْمَةٌ عَلى الكافِرِ أمْ لا ؟ فَقالَ بَعْضُ أصْحابِنا: لَيْسَ لِلَّهِ تَعالى عَلى الكافِرِ نِعْمَةٌ، وقالَتِ المُعْتَزِلَةُ: لِلَّهِ عَلى الكافِرِ نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ ونِعْمَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ. واحْتَجَّ الأصْحابُ عَلى صِحَّةِ قَوْلِهِمْ بِالقُرْآنِ والمَعْقُولِ: أمّا القُرْآنُ فَآياتٌ. إحْداها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ وذَلِكَ لِأنَّهُ لَوْ كانَ لِلَّهِ عَلى الكافِرِ نِعْمَةٌ لَكانُوا داخِلِينَ تَحْتَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ ولَوْ كانَ ذَلِكَ لَكانَ قَوْلُهُ: ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ ﴿صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ طَلَبًا لِصِراطِ الكُفّارِ، وذَلِكَ باطِلٌ، فَثَبَتَ بِهَذِهِ الآيَةِ أنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ نِعْمَةٌ عَلى الكُفّارِ، فَإنْ قالُوا: إنَّ قَوْلَهُ ”الصِّراطَ“ يَدْفَعُ ذَلِكَ، قُلْنا: إنَّ قَوْلَهُ: ﴿صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ بَدَلٌ مِن قَوْلِهِ: ﴿الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ فَكانَ التَّقْدِيرُ اهْدِنا صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، وحِينَئِذٍ يَعُودُ المَحْذُورُ المَذْكُورُ.
والآيَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّما نُمْلِي لَهم خَيْرٌ لِأنْفُسِهِمْ إنَّما نُمْلِي لَهم لِيَزْدادُوا إثْمًا﴾ [آل عمران: ١٧٨] وأمّا المَعْقُولُ فَهو أنَّ نِعَمَ الدُّنْيا في مُقابَلَةِ عَذابِ الآخِرَةِ عَلى الدَّوامِ قَلِيلَةٌ كالقَطْرَةِ في البَحْرِ، ومِثْلُ هَذا لا يَكُونُ نِعْمَةً، بِدَلِيلِ أنَّ مَن جَعَلَ السُّمَّ في الحَلْواءِ لَمْ يَعُدِ النَّفْعُ الحاصِلُ مِنهُ نِعْمَةٌ لِأجْلِ أنَّ ذَلِكَ النَّفْعَ حَقِيرٌ في مُقابَلَةِ ذَلِكَ الضَّرَرِ الكَثِيرِ، فَكَذا هَهُنا.
وأمّا الَّذِينَ قالُوا إنَّ لِلَّهِ عَلى الكافِرِ نِعَمًا كَثِيرَةً فَقَدِ احْتَجُّوا بِآياتٍ:
إحْداها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ياأيُّها النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكم والَّذِينَ مِن قَبْلِكم لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ فِراشًا والسَّماءَ بِناءً﴾ [البقرة: ٢١ - ٢٢] فَنَبَّهَ عَلى أنَّهُ يَجِبُ عَلى الكُلِّ طاعَةُ اللَّهِ لِمَكانِ هَذِهِ النِّعَمِ العَظِيمَةِ.
وثانِيها: قَوْلُهُ: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُمْ أمْواتًا فَأحْياكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨] ذَكَرَ ذَلِكَ في مَعْرِضِ الِامْتِنانِ وشَرْحِ النِّعَمِ.
وثالِثُها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يابَنِي إسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٤٠] .
ورابِعُها: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقَلِيلٌ مِن عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] وقَوْلُ إبْلِيسَ: ﴿ولا تَجِدُ أكْثَرَهم شاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٧] ولَوْ لَمْ تَحْصُلِ النِّعَمُ لَمْ يَلْزَمِ الشُّكْرُ، ولَمْ يَلْزَمْ مِن عَدَمِ إقْدامِهِمْ عَلى الشُّكْرِ مَحْذُورٌ؛ لِأنَّ الشُّكْرَ لا يُمْكِنُ إلّا عِنْدَ حُصُولِ النِّعْمَةِ.
الفائِدَةُ الثّانِيَةُ: قَوْلُهُ: ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ ﴿صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ يَدُلُّ عَلى إمامَةِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ لِأنّا ذَكَرْنا أنَّ تَقْدِيرَ الآيَةِ: اهْدِنا صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ واللَّهُ تَعالى قَدْ بَيَّنَ في آيَةٍ أُخْرى أنَّ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَن هم فَقالَ: ﴿فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ﴾ الآيَةَ [النساء: ٦٩] ولا شَكَّ أنَّ رَأْسَ الصِّدِّيقِينَ ورَئِيسَهم أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَكانَ مَعْنى الآيَةِ أنَّ اللَّهَ أمَرَنا أنْ نَطْلُبَ الهِدايَةَ الَّتِي كانَ عَلَيْها أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وسائِرُ الصِّدِّيقِينَ، ولَوْ كانَ أبُو بَكْرٍ ظالِمًا لَما جازَ الِاقْتِداءُ بِهِ، فَثَبَتَ بِما ذَكَرْناهُ دَلالَةُ هَذِهِ الآيَةِ عَلى إمامَةِ أبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
الفائِدَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ يَتَناوَلُ كُلَّ مَن كانَ لِلَّهِ عَلَيْهِ نِعْمَةٌ وهَذِهِ النِّعْمَةُ إمّا أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنها نِعْمَةَ الدُّنْيا أوْ نِعْمَةَ الدِّينِ، ولَمّا بَطَلَ الأوَّلُ ثَبَتَ أنَّ المُرادَ مِنهُ نِعْمَةُ الدِّينِ، فَنَقُولُ: كُلُّ نِعْمَةٍ (p-٢١٠)دِينِيَّةٍ سِوى الإيمانِ فَهي مَشْرُوطَةٌ بِحُصُولِ الإيمانِ، وأمّا النِّعْمَةُ الَّتِي هي الإيمانُ فَيُمْكِنُ حُصُولُها خالِيًا عَنْ سائِرِ النِّعَمِ الدِّينِيَّةِ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ المُرادَ مِن قَوْلِهِ: ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ هو نِعْمَةُ الإيمانِ، فَرَجَعَ حاصِلُ القَوْلِ في قَوْلِهِ ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ ﴿صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ أنَّهُ طَلَبٌ لِنِعْمَةِ الإيمانِ، وإذا ثَبَتَ هَذا الأصْلُ فَنَقُولُ: يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أحْكامٌ:
الحُكْمُ الأوَّلُ: أنَّهُ لَمّا ثَبَتَ أنَّ المُرادَ مِن هَذِهِ النِّعْمَةِ نِعْمَةُ الإيمانِ، ولَفْظُ الآيَةِ صَرِيحٌ في أنَّ اللَّهَ تَعالى هو المُنْعِمُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ؛ ثَبَتَ أنَّ خالِقَ الإيمانِ والمُعْطِيَ لِلْإيمانِ هو اللَّهُ تَعالى، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى فَسادِ قَوْلِ المُعْتَزِلَةِ، ولِأنَّ الإيمانَ أعْظَمُ النِّعَمِ، فَلَوْ كانَ فاعِلُهُ هو العَبْدَ لَكانَ إنْعامُ العَبْدِ أشْرَفَ وأعْلى مِن إنْعامِ اللَّهِ، ولَوْ كانَ كَذَلِكَ لَما حَسُنَ مِنَ اللَّهِ أنْ يَذْكُرَ إنْعامَهُ في مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ.
الحُكْمُ الثّانِي: يَجِبُ أنْ لا يَبْقى المُؤْمِنُ مُخَلَّدًا في النّارِ، لِأنَّ قَوْلَهُ: ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ مَذْكُورٌ في مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ لِهَذا الإنْعامِ، ولَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أثَرٌ في دَفْعِ العِقابِ المُؤَبَّدِ لَكانَ قَلِيلَ الفائِدَةِ فَما كانَ يَحْسُنُ مِنَ اللَّهِ تَعالى ذِكْرُهُ في مَعْرِضِ التَّعْظِيمِ.
الحُكْمُ الثّالِثُ: دَلَّتِ الآيَةُ عَلى أنَّهُ لا يَجِبُ عَلى اللَّهِ رِعايَةُ الصَّلاحِ والأصْلَحِ في الدِّينِ، لِأنَّهُ لَوْ كانَ الإرْشادُ واجِبًا عَلى اللَّهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إنْعامًا؛ لِأنَّ أداءَ الواجِبِ لا يَكُونُ إنْعامًا، وحَيْثُ سَمّاهُ اللَّهُ تَعالى إنْعامًا عَلِمْنا أنَّهُ غَيْرُ واجِبٍ.
الحُكْمُ الرّابِعُ: لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِالإنْعامِ هو أنَّ اللَّهَ تَعالى أقْدَرَ المُكَلَّفَ عَلَيْهِ وأرْشَدَهُ إلَيْهِ وأزاحَ أعْذارَهُ وعِلَلَهُ عَنْهُ؛ لِأنَّ كُلَّ ذَلِكَ حاصِلٌ في حَقِّ الكُفّارِ، فَلَمّا خَصَّ اللَّهُ تَعالى بَعْضَ المُكَلَّفِينَ بِهَذا الإنْعامِ مَعَ أنَّ هَذا الإقْدارَ وإزاحَةَ العِلَلِ عامٌّ في حَقِّ الكُلِّ عَلِمْنا أنَّ المُرادَ مِنَ الإنْعامِ لَيْسَ هو الإقْدارَ عَلَيْهِ وإزاحَةَ المَوانِعِ عَنْهُ.
* * *
الفَصْلُ التّاسِعُ
فِي قَوْلِهِ تَعالى ﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضّالِّينَ﴾ وفِيهِ فَوائِدُ
الفائِدَةُ الأُولى: المَشْهُورُ أنَّ المَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ هُمُ اليَهُودُ؛ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَن لَعَنَهُ اللَّهُ وغَضِبَ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: ٦٠] والضّالِّينَ: هُمُ النَّصارى لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وأضَلُّوا كَثِيرًا وضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾ [المائدة: ٧٧] وقِيلَ: هَذا ضَعِيفٌ؛ لِأنَّ مُنْكِرِي الصّانِعِ والمُشْرِكِينَ أخْبَثُ دِينًا مِنَ اليَهُودِ والنَّصارى، فَكانَ الِاحْتِرازُ عَنْ دِينِهِمْ أوْلى، بَلِ الأوْلى أنْ يُحْمَلَ المَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ عَلى كُلِّ مَن أخْطَأ في الأعْمالِ الظّاهِرَةِ وهُمُ الفُسّاقُ، ويُحْمَلُ الضّالُّونَ عَلى كُلِّ مَن أخْطَأ في الِاعْتِقادِ لِأنَّ اللَّفْظَ عامٌّ، والتَّقْيِيدُ خِلافُ الأصْلِ، ويُحْتَمَلُ أنْ يُقالَ: المَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ هُمُ الكُفّارُ، والضّالُّونَ هُمُ المُنافِقُونَ، وذَلِكَ لِأنَّهُ تَعالى بَدَأ بِذِكْرِ المُؤْمِنِينَ والثَّناءِ عَلَيْهِمْ في خَمْسِ آياتٍ مِن أوَّلِ البَقَرَةِ، ثُمَّ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ الكُفّارِ وهو قَوْلُهُ: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٦] ثُمَّ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ المُنافِقِينَ وهو قَوْلُهُ: ﴿ومِنَ النّاسِ مَن يَقُولُ آمَنّا﴾ [البقرة: ٨] فَكَذا هَهُنا بَدَأ بِذِكْرِ المُؤْمِنِينَ وهو قَوْلُهُ: ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ ثُمَّ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ الكُفّارِ وهو قَوْلُهُ: ﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ ثُمَّ أتْبَعَهُ بِذِكْرِ المُنافِقِينَ وهو قَوْلُهُ: ﴿ولا الضّالِّينَ﴾ .
الفائِدَةُ الثّانِيَةُ: لَمّا حَكَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِكَوْنِهِمْ ضالِّينَ امْتَنَعَ كَوْنُهم مُؤْمِنِينَ، وإلّا لَزِمَ انْقِلابُ خَبَرِ اللَّهِ الصِّدْقِ كَذِبًا، وذَلِكَ مُحالٌ، والمُفْضِي إلى المُحالِ مُحالٌ.
(p-٢١١)الفائِدَةُ الثّالِثَةُ: قَوْلُهُ: ﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضّالِّينَ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ أحَدًا مِنَ المَلائِكَةِ والأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ ما أقْدَمَ عَلى عَمَلٍ يُخالِفُ قَوْلَ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، ولا عَلى اعْتِقادِ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، لِأنَّهُ لَوْ صَدَرَ عَنْهُ ذَلِكَ لَكانَ قَدْ ضَلَّ عَنِ الحَقِّ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَماذا بَعْدَ الحَقِّ إلّا الضَّلالُ﴾ [يونس: ٣٢] ولَوْ كانُوا ضالِّينَ لَما جازَ الِاقْتِداءُ بِهِمْ، ولا الِاقْتِداءُ بِطَرِيقِهِمْ، ولَكانُوا خارِجِينَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ ولَمّا كانَ ذَلِكَ باطِلًا عَلِمْنا بِهَذِهِ الآيَةِ عِصْمَةَ الأنْبِياءِ والمَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ.
الفائِدَةُ الرّابِعَةُ: الغَضَبُ تَغَيُّرٌ يَحْصُلُ عِنْدَ غَلَيانِ دَمِ القَلْبِ لِشَهْوَةِ الِانْتِقامِ، واعْلَمْ أنَّ هَذا عَلى اللَّهِ تَعالى مُحالٌ، لَكِنْ هَهُنا قاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ، وهي أنَّ جَمِيعَ الأعْراضِ النَّفْسانِيَّةِ - أعْنِي الرَّحْمَةَ والفَرَحَ والسُّرُورَ والغَضَبَ والحَياءَ والغَيْرَةَ والمَكْرَ والخِداعَ والتَّكَبُّرَ والِاسْتِهْزاءَ - لَها أوائِلُ، ولَها غاياتٌ، ومِثالُهُ الغَضَبُ فَإنَّ أوَّلَهُ غَلَيانُ دَمِ القَلْبِ، وغايَتَهُ إرادَةُ إيصالِ الضَّرَرِ إلى المَغْضُوبِ عَلَيْهِ، فَلَفْظُ الغَضَبِ في حَقِّ اللَّهِ تَعالى لا يُحْمَلُ عَلى أوَّلِهِ الَّذِي هو غَلَيانُ دَمِ القَلْبِ بَلْ عَلى غايَتِهِ الَّذِي هو إرادَةُ الإضْرارِ، وأيْضًا الحَياءُ لَهُ أوَّلٌ وهو انْكِسارٌ يَحْصُلُ في النَّفْسِ، ولَهُ غَرَضٌ وهو تَرْكُ الفِعْلِ، فَلَفْظُ الحَياءِ في حَقِّ اللَّهِ يُحْمَلُ عَلى تَرْكِ الفِعْلِ لا عَلى انْكِسارِ النَّفْسِ، وهَذِهِ قاعِدَةٌ شَرِيفَةٌ في هَذا البابِ.
الفائِدَةُ الخامِسَةُ: قالَتِ المُعْتَزِلَةُ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَدُلُّ عَلى كَوْنِهِمْ فاعِلِينَ لِلْقَبائِحِ بِاخْتِيارِهِمْ وإلّا لَكانَ الغَضَبُ عَلَيْهِمْ ظُلْمًا مِنَ اللَّهِ تَعالى وقالَ أصْحابُنا: لَمّا ذُكِرَ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وأتْبَعَهُ بِذِكْرِ كَوْنِهِمْ ضالِّينَ دَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ عِلَّةٌ لِكَوْنِهِمْ ضالِّينَ، وحِينَئِذٍ تَكُونُ صِفَةُ اللَّهِ مُؤَثِّرَةً في صِفَةِ العَبْدِ، أمّا لَوْ قُلْنا إنَّ كَوْنَهم ضالِّينَ يُوجِبُ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لَزِمَ أنْ تَكُونَ صِفَةُ العَبْدِ مُؤَثِّرَةً في صِفَةِ اللَّهِ تَعالى، وذَلِكَ مُحالٌ.
الفائِدَةُ السّادِسَةُ: أوَّلُ السُّورَةِ مُشْتَمِلٌ عَلى الحَمْدِ لِلَّهِ والثَّناءِ عَلَيْهِ والمَدْحِ لَهُ، وآخِرُها مُشْتَمِلٌ عَلى الذَّمِّ لِلْمُعْرِضِينَ عَنِ الإيمانِ بِهِ والإقْرارِ بِطاعَتِهِ، وذَلِكَ يَدُلُّ عَلى أنَّ مَطْلَعَ الخَيْراتِ وعُنْوانَ السَّعاداتِ هو الإقْبالُ عَلى اللَّهِ تَعالى، ومَطْلَعَ الآفاتِ ورَأْسَ المَخافاتِ هو الإعْراضُ عَنِ اللَّهِ تَعالى والبَعْدُ عَنْ طاعَتِهِ والِاجْتِنابُ عَنْ خِدْمَتِهِ.
الفائِدَةُ السّابِعَةُ: دَلَّتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى أنَّ المُكَلَّفِينَ ثَلاثُ فِرَقٍ: أهْلُ الطّاعَةِ، وإلَيْهِمُ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، وأهْلُ المَعْصِيَةِ وإلَيْهِمُ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، وأهْلُ الجَهْلِ في دِينِ اللَّهِ والكُفْرِ وإلَيْهِمُ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ ولا الضّالِّينَ.
فَإنْ قِيلَ: لِمَ قَدَّمَ ذِكْرَ العُصاةِ عَلى ذِكْرِ الكَفَرَةِ ؟ قُلْنا: لِأنَّ كُلَّ واحِدٍ يَحْتَرِزُ عَنِ الكُفْرِ، أمّا قَدْ لا يَحْتَرِزُ عَنِ الفِسْقِ فَكانَ أهَمَّ فَلِهَذا السَّبَبِ قُدِّمَ.
الفائِدَةُ الثّامِنَةُ: في الآيَةِ سُؤالٌ، وهو أنَّ غَضَبَ اللَّهِ إنَّما تَوَلَّدَ عَنْ عِلْمِهِ بِصُدُورِ القَبِيحِ والجِنايَةِ عَنْهُ، فَهَذا العِلْمُ إمّا أنْ يُقالَ إنَّهُ قَدِيمٌ، أوْ مُحْدَثٌ، فَإنْ كانَ هَذا العِلْمُ قَدِيمًا فَلِمَ خَلَقَهُ ولِمَ أخْرَجَهُ مِنَ العَدَمِ إلى الوُجُودِ مَعَ عِلْمِهِ بِأنَّهُ لا يَسْتَفِيدُ مِن دُخُولِهِ في الوُجُودِ إلّا العَذابَ الدّائِمَ، ولِأنَّ مَن كانَ غَضْبانَ عَلى الشَّيْءِ كَيْفَ يُعْقَلُ إقَدامُهُ عَلى إيجادِهِ وعَلى تَكْوِينِهِ ؟ وأمّا إنْ كانَ ذَلِكَ العِلْمُ حادِثًا كانَ البارِي تَعالى مَحَلًّا لِلْحَوادِثِ، ولِأنَّهُ يَلْزَمُ أنْ يَفْتَقِرَ إحْداثُ ذَلِكَ العِلْمِ إلى سَبْقِ عِلْمٍ آخَرَ، ويَتَسَلْسَلَ، وهو مُحالٌ، وجَوابُهُ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ.
الفائِدَةُ التّاسِعَةُ: في الآيَةِ سُؤالٌ آخَرُ، وهو أنَّ مَن أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ امْتَنَعَ أنْ يَكُونَ مَغْضُوبًا عَلَيْهِ وأنْ (p-٢١٢)يَكُونَ مِنَ الضّالِّينَ فَلَمّا ذَكَرَ قَوْلَهُ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ فَما الفائِدَةُ في أنْ ذَكَرَ عَقِيبَهُ ”﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضّالِّينَ﴾“ ؟ والجَوابُ: الإيمانُ إنَّما يَكْمُلُ بِالرَّجاءِ والخَوْفِ، كَما قالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «لَوْ وُزِنَ خَوْفُ المُؤْمِنِ ورَجاؤُهُ لاعْتَدَلا»، فَقَوْلُهُ ”﴿صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾“ يُوجِبُ الرَّجاءَ الكامِلَ، وقَوْلُهُ ”﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضّالِّينَ﴾“ يُوجِبُ الخَوْفَ الكامِلَ، وحِينَئِذٍ يَقْوى الإيمانُ بِرُكْنَيْهِ وطَرَفَيْهِ ويَنْتَهِي إلى حَدِّ الكَمالِ.
الفائِدَةُ العاشِرَةُ: في الآيَةِ سُؤالٌ آخَرُ، ما الحِكْمَةُ في أنَّهُ تَعالى جَعَلَ المَقْبُولِينَ طائِفَةً واحِدَةً وهُمُ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، والمَرْدُودِينَ فَرِيقَيْنِ: المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، والضّالِّينَ ؟ والجَوابُ أنَّ الَّذِينَ كَمُلَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ هُمُ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ مَعْرِفَةِ الحَقِّ لِذاتِهِ والخَيْرِ لِأجْلِ العَمَلِ بِهِ، فَهَؤُلاءِ هُمُ المُرادُونَ بِقَوْلِهِ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ، فَإنِ اخْتَلَّ قَيْدُ العَمَلِ فَهُمُ الفَسَقَةُ وهُمُ المَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ كَما قالَ تَعالى: ﴿ومَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فِيها وغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ ولَعَنَهُ﴾ [النساء: ٩٣] وإنِ اخْتَلَّ قَيْدُ العِلْمِ فَهُمُ الضّالُّونَ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَماذا بَعْدَ الحَقِّ إلّا الضَّلالُ﴾ [يونس: ٣٢] وهَذا آخِرُ كَلامِنا في تَفْسِيرِ كُلِّ واحِدَةٍ مِن آياتِ هَذِهِ السُّورَةِ عَلى التَّفْصِيلِ، واللَّهُ أعْلَمُ.
{"ayah":"صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق