الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هُمُ النَّبِيُّونَ، والصِّدِّيقُونَ، والشُّهَداءُ، والصّالِحُونَ. وقَرَأ (p-١٦)الأكْثَرُونَ "عَلَيْهِمْ" بِكَسْرِ الهاءِ، وكَذَلِكَ "لَدَيْهِمْ" و "إلَيْهِمْ" وقَرَأهُنَّ حَمْزَةُ بِضَمِّها. وكانَ ابْنُ كَثِيرٍ يَصِلُ [ضَمَّ ] المِيمِ بِواوٍ. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: حَكى اللُّغَوِيُّونَ في "عَلَيْهِمْ" عَشْرَ لُغاتٍ، قُرِئَ بِعامَّتِها "عَلَيْهُمْ" بِضَمِّ الهاءِ وإسْكانِ المِيمِ "وَعَلَيْهِمْ" بِكَسْرِ الهاءِ وإسْكانِ المِيمِ، و"عَلَيْهِمِي" بِكَسْرِ الهاءِ والمِيمِ وإلْحاقِ ياءٍ بَعْدَ الكَسْرَةِ، و"عَلَيْهِمُو" بِكَسْرِ الهاءِ وضَمِّ المِيمِ وزِيادَةِ واوٍ بَعْدَ الضَّمَّةُ، و"عَلَيْهُمُو" بِضَمِّ الهاءِ والمِيمِ وإدْخالِ واوٍ بَعْدَ المِيمِ و"عَلَيُهُمْ" بِضَمِّ الهاءِ والمِيمِ مِن غَيْرِ زِيادَةِ واوٍ، وهَذِهِ الأوْجُهُ السِّتَّةُ مَأْثُورَةٌ عَنِ القُرّاءِ، وأوْجُهٌ أرْبَعَةٌ مَنقُولَةٌ عَنِ العَرَبِ "عَلَيْهُمِي" بِضَمِّ الهاءِ وكَسْرِ المِيمِ وإدْخالِ ياءٍ، و"عَلَيْهُمِ" بِضَمِّ الهاءِ وكَسْرِ المِيمِ مِن غَيْرِ زِيادَةِ ياءٍ، و"عَلَيْهِمُ" بِكَسْرِ الهاءِ وضَمِّ المِيمِ مِن غَيْرِ إلْحاقِ واوٍ، و"عَلَيْهِمِ" بِكَسْرِ الهاءِ والمِيمِ ولا ياءَ بَعْدَ المِيمِ.
فَأمّا « "المَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ" فَهُمُ اليَهُودُ؛ "والضّالُّونَ": النَّصارى.»
رَواهُ عُدَيُّ بْنُ حاتِمٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ .
قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: والضَّلالُ: الحِيرَةُ والعُدُولُ عَنِ الحَقِّ.
* فَصْلٌ
وَمِنَ السُّنَّةِ في حَقِّ قارِئِ الفاتِحَةِ أنْ يُعْقِبَها بِـ "آَمِينَ" . قالَ شَيْخُنا أبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: وسَواءٌ كانَ خارِجَ الصَّلاةِ أوْ فِيها، لِما رَوى أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « "إذا قالَ الإمامُ ﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضّالِّينَ﴾ فَقالَ مِن خَلْفِهِ: آَمِينَ، فَوافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أهْلِ السَّماءِ، غَفَرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ" .»
(p-١٧)وَفِي مَعْنى آَمِينَ: ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّ مَعْنى آَمِينَ: كَذَلِكَ يَكُونُ. حَكاهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، والحَسَنِ.
والثّانِي: أنَّها بِمَعْنى: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ. قالَهُ الحَسَنُ والزُّجاجُ.
والثّالِثُ: أنَّهُ اسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ تَعالى. قالَهُ مُجاهِدٌ، وهِلالُ بْنُ يُسافٍ، وجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
وَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَعْناها: يا آَمِينُ أجِبْ دُعاءَنا، فَسَقَطَتْ يا، كَما سَقَطَتْ في قَوْلِهِ: ﴿يُوسُفُ أعْرِضْ عَنْ هَذا﴾ [ يُوسُفَ: ٢٩ ] تَأْوِيلُهُ يا يُوسُفُ. ومِن طَوَّلَ الألِفَ فَقالَ: آَمِينَ، أدْخَلَ ألِفَ النِّداءِ عَلى ألِفِ أمِينَ، كَما يُقالُ: آَزَيْدٌ أقْبِلْ. ومَعْناهُ: يا زَيْدُ. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: وهَذا القَوْلُ خَطَأٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ؛ لِأنَّهُ إذا أدْخَلَ "يا" عَلى "آَمِينَ" كانَ مُنادى مُفْرَدًا، فَحُكْمُ آَخِرِهِ الرَّفْعُ، فَلَمّا أجْمَعَتِ العَرَبُ عَلى فَتْحِ نُونِهِ، دَلَّ عَلى أنَّهُ غَيْرُ مُنادى، وإنَّما فُتِحَتْ نُونُ "آَمِينَ" لِسُكُونِها وسُكُونِ الياءِ الَّتِي قَبْلَها، كَما تَقُولُالعَرَبُ: لَيْتَ، ولَعَلَّ. قالَ: وفي "آَمِينَ" لُغَتانِ "آَمِينَ" بِالقَصْرِ، و"آَمِينَ" بِالمَدِّ، والنُّونُ فِيهِما مَفْتُوحَةٌ.
أنْشَدَنا أبُو العَبّاسِ عَنِ ابْنِ الأعْرابِيِّ:
؎ سَقى اللَّهُ حَيًّا بَيْنَ صارَةِ والحِمى (حِمى) فَيْدَ صَوْبِ المُدْجِناتِ المَواطِرِ
؎ أمِينُ وأدّى اللَّهُ رَكْبًا إلَيْهِمُ ∗∗∗ بِخَيْرٍ ووَقاهم حِمامَ المُقادَرِ
وَأنْشَدَنا أبُو العَبّاسِ أيْضًا:
؎ تَباعَدَ مِنِّي فُطْحُلٌ وابْنُ أُمِّهِ ∗∗∗ أمِينٌ فَزادَ اللَّهُ ما بَيْنَنا بُعْدًا
(p-١٨)وَأنْشَدَنا أبُو العَبّاسِ أيْضًا:
؎ يا رَبِّ لا تَسْلُبْنِي حُبَّها أبَدًا ∗∗∗ ويَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قالَ آَمِينًا
وَأنْشَدَنِي أُبَيُّ:
؎ أمِينٌ ومَن أعْطاكَ مِنِّي هَوادَةً ∗∗∗ رَمى اللَّهُ في أطْرافِهِ فاقْفَعَلَّتِ
وَأنْشَدَنِي أُبَيُّ:
؎ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ هِجْتَ لِي بارِحَ الهَوى ∗∗∗ أصابَ حِمامُ المَوْتِ أهُوَنَنا وجْدًا
؎ أمِينَ وأضْناهُ الهَوى فَوْقَ ما بِهِ ∗∗∗ [أمِينَ ] ولاقى مِن تَبارِيحِهِ جُهْدًا
* فَصْلٌ
نَقَلَ الأكْثَرُونَ عَنْ أحْمَدَ أنَّ الفاتِحَةَ شَرْطٌ في صِحَّةِ الصَّلاةِ، فَمَن تَرَكَها مَعَ القُدْرَةِ عَلَيْها لَمْ تَصِحَّ صَلاتُهُ، وهو قَوْلُ مالِكٍ، والشّافِعِيِّ. وقالَ أبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لا تَتَعَيَّنُ، وهي رِوايَةٌ عَنْ أحْمَدَ، ويَدُلُّ عَلى الرِّوايَةِ الأُولى ما رُوِيَ في "الصَّحِيحَيْنِ" مِن حَدِيثِ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: « "لا صَلاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بِفاتِحَةِ الكِتابِ" .»
واللَّهُ تَعالى أعْلَمُ بِالصَّوابِ.
{"ayah":"صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق