الباحث القرآني

واخْتَلَفُوا في ضَمِّ الهاءِ وكَسْرِها مِن ضَمِيرِ التَثْنِيَةِ والجَمْعِ إذا وقَعَتْ بَعْدَ ياءٍ ساكِنَةٍ نَحْوُ: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ و﴿إلَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ٧٧] و﴿لَدَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ٤٤]، و﴿عَلَيْهِما﴾ [البقرة: ٢٢٩] و(إلَيْهِما) و﴿فِيهِما﴾ [البقرة: ٢١٩]، و﴿عَلَيْهِنَّ﴾ [البقرة: ٢٢٨] و﴿إلَيْهِنَّ﴾ [يوسف: ٣١] و﴿فِيهِنَّ﴾ [البقرة: ١٩٧]، و﴿أبِيهِمْ﴾ [يوسف: ٦٣] و﴿صَياصِيهِمْ﴾ [الأحزاب: ٢٦] و﴿بِجَنَّتَيْهِمْ﴾ [سبإ: ١٦] و﴿تَرْمِيهِمْ﴾ [الفيل: ٤] و﴿وَما نُرِيهِمْ﴾ [الزخرف: ٤٨] و﴿بَيْنَ أيْدِيهِنَّ﴾ [الممتحنة: ١٢] وشِبْهُ ذَلِكَ. وقَرَأ يَعْقُوبُ جَمِيعَ ذَلِكَ بِضَمِّ الهاءِ، وافَقَهُ حَمْزَةُ فِي: ﴿عَلَيْهِمْ﴾ و﴿إلَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ٧٧] و﴿لَدَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ٤٤] فَقَطْ، فَإنْ سَقَطَتْ مِنهُ الياءُ لِعِلَّةٍ جَزَمَ، أوْ بِناءً نَحْوُ: ﴿وَإنْ يَأْتِهِمْ﴾ [الأعراف: ١٦٩]، ﴿وَيُخْزِهِمْ﴾ [التوبة: ١٤]، ﴿أوَلَمْ يَكْفِهِمْ﴾ [العنكبوت: ٥١]، ﴿فاسْتَفْتِهِمْ﴾ [الصافات: ١١]، ﴿فَآتِهِمْ﴾ [الأعراف: ٣٨]، فَإنَّ رُوَيْسًا يَضُمُّ الهاءَ في ذَلِكَ كُلِّهِ إلّا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ﴾ [الأنفال: ١٦] في الأنْفالِ، فَإنَّ كَسْرَها (p-٢٧٣)بِلا خِلافٍ، واخْتُلِفَ عَنْهُ في ﴿وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ﴾ [الحجر: ٣] في الحِجْرِ، و﴿يُغْنِهِمُ اللَهُ﴾ [النور: ٣٢] في النُورِ، ﴿وَقِهِمُ السَيِّئاتِ﴾ [غافر: ٩]، ﴿وَقِهِمْ عَذابَ الجَحِيمِ﴾ [غافر: ٧] وكِلاهُما في غافِرٍ، فَكَسَرَ الهاءَ في الأرْبَعَةِ القاضِي أبُو العَلاءِ عَنِ النُحاسِ. وَكَذَلِكَ رَوى الهُذَلِيُّ عَنِ الحَمّامِيِّ في الثَلاثَةِ الأُوَلِ، وكَذا نَصَّ الأهْوازِيُّ، وقالَ الهُذَلِيُّ: هَكَذا أُخِذَ عَلَيْنا في التِلاوَةِ ولَمْ نَجِدْهُ في الأصْلِ مَكْتُوبًا، زادَ ابْنُ خَيْرُونَ عَنْهُ كَسْرَ الرابِعَةِ وهي ﴿وَقِهِمْ عَذابَ الجَحِيمِ﴾ [غافر: ٧] وضَمَّ الهاءَ في الأرْبَعَةِ الجُمْهُورُ، عَنْ رُوَيْسٍ، وانْفَرَدَ فارِسُ بْنُ أحْمَدَ، عَنْ يَعْقُوبَ بِضَمِّ الهاءِ في (﴿بِبَغْيِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٤٦]) في الأنْعامِ، و(حُلِيِّهُمْ) في الأعْرافِ، ولَمْ يَرْوِ ذَلِكَ غَيْرُهُ، وانْفَرَدَ ابْنُ مِهْرانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بِكَسْرِ الهاءِ مِن ﴿أيْدِيهِنَّ وأرْجُلِهِنَّ﴾ [الممتحنة: ١٢] وبِذَلِكَ، قَرَأ الباقُونَ في جَمِيعِ البابِ واخْتَلَفُوا في صِلَةِ مِيمِ الجَمْعِ بِواوٍ وإسْكانِها، وإذا وقَعَتْ قَبْلَ مُحَرَّكٍ نَحْوُ ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾، ﴿وَمِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: ٣]، ﴿عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهم لا يُؤْمِنُونَ﴾ [البقرة: ٦]، ﴿عَلى قُلُوبِهِمْ وعَلى سَمْعِهِمْ وعَلى أبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ ولَهم عَذابٌ﴾ [البقرة: ٧] فَضَمَّ المِيمَ مِن جَمِيعِ ذَلِكَ، ووَصَلَها بِواوٍ في اللَفْظِ وصْلًا ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو جَعْفَرٍ، واخْتُلِفَ، عَنْ قالُونَ، فَقَطَعَ لَهُ بِالإسْكانِ صاحِبُ «الكافِي»، وهو الَّذِي في «العُنْوانِ»، وكَذا قَطَعَ في «الهِدايَةِ» مِن طَرِيقِ أبِي نَشِيطٍ، وهو الِاخْتِيارُ لَهُ في «التَبْصِرَةِ»، ولَمْ يَذْكُرْ في «الإرْشادِ» غَيْرَهُ، وبِهِ قَرَأ الدانِيُّ عَلى أبِي الحَسَنِ مِن طَرِيقِ أبِي نَشِيطٍ، وعَلى أبِي الفَتْحِ، عَنْ قِراءَتِهِ عَلى عَبْدِ اللَهِ بْنِ الحُسَيْنِ مِن طَرِيقِ الحُلْوانِيِّ وصاحِبِ «التَجْرِيدِ» عَنِ ابْنِ نَفِيسٍ مِن طَرِيقِ أبِي نَشِيطٍ وعَلَيْهِ، وعَلى الفارِسِيِّ والمالِكِيِّ مِن طَرِيقِ الحُلْوانِيِّ، وقَرَأ الهُذَلِيُّ أيْضًا مِن طَرِيقِ أبِي نَشِيطٍ، وبِالصِلَةِ قَطَعَ صاحِبُ «الهِدايَةِ» لِلْحُلْوانِيِّ، وبِهِ قَرَأ الدانِيُّ عَلى أبِي الفَتْحِ مِنَ الطَرِيقَيْنِ، عَنْ قِراءَتِهِ عَلى عَبْدِ الباقِي بْنِ الحَسَنِ، وعَنْ قِراءَتِهِ عَلى عَبْدِ اللَهِ بْنِ الحُسَيْنِ، وطَرِيقِ الجَمّالِ عَنِ الحُلْوانِيِّ، وبِهِ قَرَأ الهُذَلِيُّ، وأطْلَقَ الوَجْهَيْنِ عَنْ قالُونَ بْنِ بَلِّيمَةَ صاحِبِ «التَلْخِيصِ» مِنَ الطَرِيقَيْنِ، ونَصَّ عَلى الخِلافِ صاحِبُ التَيْسِيرِ مِن طَرِيقِ أبِي نَشِيطٍ وأطْلَقَ التَخْيِيرَ لَهُ في «الشاطِبِيَّةِ»، وكَذا جُمْهُورُ الأئِمَّةِ العِراقِيِّينَ مِنَ الطَرِيقَيْنِ (p-٢٧٤)وانْفَرَدَ الهُذَلِيُّ عَنِ الهاشِمِيِّ عَنِ ابْنِ جَمّازٍ بِعَدَمِ الصِلَةِ مُطْلَقًا كَيْفَ وقَعَتْ، إلّا أنَّهُ مُقَيَّدٌ بِما لَمْ يَكُنْ قَبْلَ هَمْزِ قَطْعٍ، كَما سَيَأْتِي في بابِ النَقْلِ، ووافَقَ ورْشًا عَلى الصِلَةِ إذا وقَعَ بَعْدَ مِيمِ الجَمْعِ هَمْزَةُ قَطْعٍ نَحْوُ (﴿عَلَيْهِمْ أأنْذَرْتَهم أمْ﴾ [البقرة: ٦]) (﴿مَعَكم إنَّما﴾ [البقرة: ١٤]) (﴿وَأنَّهم إلَيْهِ﴾ [البقرة: ٤٦]) والباقُونَ بِإسْكانِ المِيمِ في جَمِيعِ القُرْآنِ، وأجْمَعُوا عَلى إسْكانِها وقْفًا، واخْتَلَفُوا في كَسْرِ مِيمِ الجَمْعِ وضَمِّها وضَمِّ ما قَبْلَها وكَسْرِهِ إذا كانَ بَعْدَ المِيمِ ساكِنٌ، وكانَ قَبْلَها هاءٌ وقَبْلَها كَسْرَةٌ، أوْ ياءٌ ساكِنَةٌ نَحْوُ: ﴿قُلُوبِهِمُ العِجْلَ﴾ [البقرة: ٩٣]، و﴿بِهِمُ الأسْبابُ﴾ [البقرة: ١٦٦]، و﴿يُغْنِيَهُمُ اللَهُ﴾ [النور: ٣٣]، و﴿يُرِيهِمُ اللَهُ﴾ [البقرة: ١٦٧]، و﴿عَلَيْهِمُ القِتالُ﴾ [البقرة: ٢٤٦]، و﴿مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي﴾ [الذاريات: ٦٠]، فَكَسَرَ المِيمَ والهاءَ في ذَلِكَ كُلِّهِ أبُو عَمْرٍو وضَمَّ المِيمَ وكَسَرَ الهاءِ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وابْنُ عامِرٍ، وعاصِمٌ وأبُو جَعْفَرٍ، وضَمَّ المِيمَ والهاءَ جَمِيعًا حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وخَلَفٌ، وأتْبَعَ يَعْقُوبُ المِيمَ الهاءَ عَلى أصْلِهِ المُتَقَدِّمِ، فَضَمَّها حَيْثُ ضَمَّ الهاءَ وكَسَرَها حَيْثُ كَسَرَها، فَيَضُمُّ نَحْوَ (﴿يُرِيهِمُ اللَهُ﴾ [البقرة: ١٦٧])، (﴿عَلَيْهِمُ القِتالُ﴾ [البقرة: ٢٤٦]) ؛ لِوُجُودِ ضَمَّةِ الهاءِ، وبِكَسْرِ نَحْوِ ﴿فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ﴾ [البقرة: ٩٣] ؛ لِوُجُودِ الكَسْرَةِ، ورُوَيْسٌ عَلى الخِلافِ في نَحْوِ ﴿يُغْنِهِمُ اللَهُ﴾ [النور: ٣٢]. هَذا حُكْمُ الوَصْلِ، وأمّا حُكْمُ الوَقْفِ فَكُلُّهم عَلى إسْكانِ المِيمِ، وهي في الهاءِ عَلى أُصُولِهِمْ، فَحَمْزَةُ يَضُمُّ نَحْوَ: ﴿عَلَيْهِمُ القِتالُ﴾ [البقرة: ٢٤٦] و﴿إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ﴾ [يس: ١٤] ويَعْقُوبُ يَضُمُّ ذَلِكَ، ويَضُمُّ في نَحْوِ ﴿يُرِيهِمُ اللَهُ﴾ [البقرة: ١٦٧] و﴿لا يَهْدِيهِمُ اللَهُ﴾ [النحل: ١٠٤] ورُوَيْسٌ في نَحْوِ: ﴿يُغْنِهِمُ اللَهُ﴾ [النور: ٣٢] عَلى أصْلِهِ بِالوَجْهَيْنِ، وأجْمَعُوا عَلى ضَمِّ المِيمِ إذا كانَ قَبْلَها ضَمٌّ، سَواءٌ كانَ هاءً أمْ كافًا أمْ تاءً نَحْوَ﴿يَلْعَنُهُمُ اللَهُ ويَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩]، ﴿وَمِنهُمُ الَّذِينَ﴾ [التوبة: ٦١]، و﴿عَنْهُمُ ابْتِغاءَ﴾ [الإسراء: ٢٨]، و﴿عَلَيْكُمُ القِتالُ﴾ [البقرة: ٢١٦]، ﴿وَأنْتُمُ الأعْلَوْنَ﴾ [آل عمران: ١٣٩] وما أشْبَهَ ذَلِكَ، وإذا وقَفُوا سَكَّنُوا المِيمَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب