الباحث القرآني

قَوْلُهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ إلى آخِرِها. أمّا قَوْلُهُ: ﴿اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ﴾ فَفِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: مَعْناهُ أرْشِدْنا ودُلَّنا. والثّانِي: مَعْناهُ وفِّقْنا، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. وَأمّا الصِّراطُ فَفِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أنَّهُ السَّبِيلُ المُسْتَقِيمُ، ومِنهُ قَوْلُ جَرِيرٍ: ؎ أمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلى صِراطٍ إذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ والثّانِي: أنَّهُ الطَّرِيقُ الواضِحُ ومِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ﴾ [الأعْرافِ: ٨٦] وقالَ الشّاعِرُ: ؎ ... ... ... ∗∗∗ ∗∗∗ فَصَدَّ عَنْ نَهْجِ الصِّراطِ القاصِدِ وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِن مُسْتَرَطِ الطَّعامِ، وهو مَمَرُّهُ في الحَلْقِ. وَفي الدُّعاءِ بِهَذِهِ الهِدايَةِ، ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّهم دَعَوْا بِاسْتِدامَةِ الهِدايَةِ، وإنْ كانُوا قَدْ هُدُوا. والثّانِي: مَعْناهُ زِدْنا هِدايَةً. (p-٥٩) والثّالِثُ: أنَّهم دَعَوْا بِها إخْلاصًا لِلرَّغْبَةِ، ورَجاءً لِثَوابِ الدُّعاءِ. واخْتَلَفُوا في المُرادِ بِالصِّراطِ المُسْتَقِيمِ، عَلى أرْبَعَةِ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُ كِتابُ اللَّهِ تَعالى، وهو قَوْلُ عَلِيٍّ وعَبْدِ اللَّهِ، ويُرْوى نَحْوُهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. والثّانِي: أنَّهُ الإسْلامُ، وهو قَوْلُ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، ومُحَمَّدِ بْنِ الحَنَفِيَّةِ. والثّالِثُ: أنَّهُ الطَّرِيقُ الهادِي إلى دِينِ اللَّهِ تَعالى، الَّذِي لا عِوَجَ فِيهِ، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ. والرّابِعُ: هو رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وأخْيارُ أهْلِ بَيْتِهِ وأصْحابِهِ، وهو قَوْلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ وأبِي العالِيَةِ الرِّياحِيِّ. وَفي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ خَمْسَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: أنَّهُمُ المَلائِكَةُ. والثّانِي: أنَّهُمُ الأنْبِياءُ. (p-٦٠) والثّالِثُ: أنَّهُمُ المُؤْمِنُونَ بِالكُتُبِ السّالِفَةِ. والرّابِعُ: أنَّهُمُ المُسْلِمُونَ وهو قَوْلُ وكِيعٍ. والخامِسُ: هُمُ النَّبِيُّ ﷺ، ومَن مَعَهُ مِن أصْحابِهِ، وهَذا قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ. وَقَرَأ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ وعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: (صِراطَ مَن أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وأمّا قَوْلُهُ: ﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ولا الضّالِّينَ﴾ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ قالَ: «سَألْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، عَنِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ، فَقالَ: (هُمُ اليَهُودُ وعَنِ الضّالِّينَ فَقالَ: (هُمُ النَّصارى)» . (p-٦١) وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ المُفَسِّرِينَ. وَفي غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، أرْبَعَةُ أقاوِيلَ: أحَدُها: الغَضَبُ المَعْرُوفُ مِنَ العِبادِ. والثّانِي: أنَّهُ إرادَةُ الِانْتِقامِ، لِأنَّ أصْلَ الغَضَبِ في اللُّغَةِ هو الغِلْظَةُ، وهَذِهِ الصِّفَةُ لا تَجُوزُ عَلى اللَّهِ تَعالى. والثّالِثُ: أنَّ غَضَبَهُ عَلَيْهِمْ هو ذَمُّهُ لَهم. والرّابِعُ: أنَّهُ نَوْعٌ مِنَ العُقُوبَةِ سُمِّيَ غَضَبًا، كَما سُمِّيَتْ نِعَمُهُ رَحْمَةً. والضَّلالُ ضِدُّ الهُدى، وخَصَّ اللَّهُ تَعالى اليَهُودَ بِالغَضَبِ، لِأنَّهم أشَدُّ عَداوَةً. وَقَرَأ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ (غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وغَيْرِ الضّالِّينَ) .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب