قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ﴾ ، قال المفسرون: (كان رسول الله ﷺ يحرص على إيمان قومه ومتابعتهم إياه أشد الحرص، وكان إذا سألوه آية أراد أن يريهم الله ذلك؛ طمعاً في إيمانهم ، فقال الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ﴾) [[أخرجه ابن أبي حاتم 4/ 1284 بسند جيد عن ابن عباس. وانظر: "البغوي" 3/ 140.]] ، قال ابن عباس: (أي: عن الإيمان بك وبالقرآن) [[لم أقف عليه، وهذا معنى ظاهر، ولم يختلف فيه.
انظر: الطبري 7/ 183، والسمرقندي 1/ 482، والبغوي 3/ 140، والقرطبي 6/ 417.]].
وقال الزجاج: (عظم عليك أن أعرضوا إذ طلبوا منك أن ينزل عليك [[لفظ: (عليك) ساقط من (ش).]] ملك فلم ينزل) [["معاني الزجاج" 2/ 243، وفيه تصرف واختصار.]].
وقوله تعالى: ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ﴾ ، النفق [[انظر: "العين" 5/ 177، و"الجمهرة" 2/ 967، و"تهذيب اللغة" 4/ 3635، و"الصحاح" 4/ 560، و"المجمل" 3/ 877، و"مقاييس اللغة" 5/ 454، و"المفردات" ص 819، و"اللسان" 8/ 4508 (نفق).]]: سرب في الأرض له مخلص إلى مكان آخر [[هذا قول أهل اللغة والتفسير، وقد أخرجه الطبري 7/ 184، من طرق جيدة عن ابن عباس وقتادة والسدي.
وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 190، و"غريب القرآن" ص 136، و"تفسير غريب القرآن" ص 153، و"معاني الزجاج" 2/ 244، و"الزاهر" 1/ 132، و"معاني النحاس" 2/ 419.]].
وقوله تعالى: ﴿أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ﴾، وجواب ﴿أَن﴾ مضمر تقديره ﴿فَإِنِ اسْتَطَعْتَ﴾ ذلك فافعل [[انظر: الطبري 7/ 184، والسمرقندي 1/ 482، والبغوي 3/ 141، وابن عطية 5/ 188، و"التبيان" 1/ 331، و"الفريد" 2/ 143، و"الدر المصون" 4/ 607.]].
قال الفراء: (وإنما تفعله العرب في كل موضع يُعرف فيه معنى الجواب، ألا ترى أنك تقول للرجل: إن استطعت أن تتصدق. إن رأيت أن تقوم معنا. تترك الجواب لمعرفتك بمعرفته [به] [[لفظ: (به) ساقط من (ش) وكذا في بعض نسخ "معاني الفراء" 1/ 231 كما في حاشيته.]]، فإذا جاء ما لا يُعرف جوابه إلا بظهوره أظهرته، كقولك للرجل: إن تقم تُصِبْ خيرًا لابد في هذا من جواب؛ لأن معناه لا يعرف إذا طرح) [["معاني الفراء" 1/ 331 - 332.]].
وقال الزجاج: (أعلم الله عز وجل أنه بشر لا يقدر على الإتيان بآية إلا بإذن الله تعالى) [["معاني الزجاج" 2/ 244، وانظر: "معاني النحاس" 2/ 420.]]، وفي تعجيزه عن الإتيان بما سألوه أمر له بالصبر إلى أن يدخل وقت الآيات ووقت العقاب.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ أخبر الله تعالى نبيه ﷺ أنهم إنما تركوا الإيمان وأعرضوا عنه بمشيئة الله ونافذ قضائه فيهم، وأنه لو شاء [الله] [[لفظ (الجلاله) ساقط من (أ).]] لاجتمعوا على الإيمان، كما قال الله تعالى [[في (أ) كما قال تعالى.]]: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 185، و"معاني الزجاج" 2/ 244، و"معاني النحاس" 2/ 420، و"تفسير السمرقندي" 1/ 482.]] [يونس: 99].
وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾، قال أهل التفسير: (أي: فإنه يؤمن بك بعضهم دون بعض، وأنهم لا يجتمعون على الهدى) [[انظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 189، وابن الجوزي 3/ 33.]].
وقال أهل المعاني: (معناه: لا يشتد تحسرك على تكذيبهم ولا تجزع من إعراضهم عنك، فتقارب حال الجاهل، وغلظ الخطاب تبعيدًا وزجرًا له عن هذه الحال) [[انظر: "تفسير الماوردي" 2/ 109، وابن الجوزي 3/ 33.]].
{"ayah":"وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِیَ نَفَقࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمࣰا فِی ٱلسَّمَاۤءِ فَتَأۡتِیَهُم بِـَٔایَةࣲۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ"}