﴿وَإنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ﴾ عَظُمَ وشَقَّ ﴿إعْراضُهُمْ﴾ عَنْكَ وعَنِ الإيمانِ بِما جِئْتَ بِهِ. ﴿فَإنِ اسْتَطَعْتَ أنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا في الأرْضِ أوْ سُلَّمًا في السَّماءِ فَتَأْتِيَهم بِآيَةٍ﴾ مَنفَذًا تَنْفُذُ فِيهِ إلى جَوْفِ الأرْضِ فَتُطَلِّعَ لَهم آيَةً، أوْ مَصْعَدًا تَصْعَدُ بِهِ إلى السَّماءِ فَتُنْزِلُ مِنها آيَةً، وفي الأرْضِ صِفَةٌ لِنَفَقًا وفي السَّماءِ صِفَةٌ لِسُلَّمًا، ويَجُوزُ أنْ يَكُونا مُتَعَلِّقَيْنِ بِتَبْتَغِي، أوْ حالَيْنِ مِنَ المُسْتَكِنِّ وجَوابُ الشَّرْطِ الثّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فافْعَلْ، والجُمْلَةُ جَوابُ الأوَّلِ والمَقْصُودُ بَيانُ حِرْصِهِ البالِغِ عَلى إسْلامِ قَوْمِهِ، وأنَّهُ لَوْ قَدَرَ أنْ يَأْتِيَهم بِآيَةٍ مِن تَحْتِ الأرْضِ أوْ مِن فَوْقِ السَّماءِ لَأتى بِها رَجاءَ إيمانِهِمْ ﴿وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهم عَلى الهُدى﴾ أيْ ولَوْ شاءَ اللَّهُ جَمَعَهم عَلى الهُدى لَوَفَّقَهم لِلْإيمانِ حَتّى يُؤْمِنُوا ولَكِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ مَشِيئَتُهُ، فَلا تَتَهالَكُ عَلَيْهِ والمُعْتَزِلَةُ أوَّلُوهُ بِأنَّهُ لَوْ شاءَ لَجَمَعَهم عَلى الهُدى بِأنْ يَأْتِيَهم بِآيَةٍ مُلْجِئَةٍ ولَكِنْ لَمْ يَفْعَلْ لِخُرُوجِهِ عَنِ الحِكْمَةِ. ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ بِالحِرْصِ عَلى ما لا يَكُونُ، والجَزَعِ في مَواطِنِ الصَّبْرِ فَإنَّ ذَلِكَ مِن دَأْبِ الجَهَلَةِ.
{"ayah":"وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِیَ نَفَقࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمࣰا فِی ٱلسَّمَاۤءِ فَتَأۡتِیَهُم بِـَٔایَةࣲۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ"}