أحَدُهُما: عَنِ اسْتِماعِ القُرْآَنِ. والثّانِي: عَنِ اتِّباعِ النَّبِيِّ ﷺ .
فَأمّا "النَّفَقُ"، فَقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: النَّفَقُ في الأرْضِ: المَدْخَلُ، وهو السِّرْبُ. والسُّلَّمُ في السَّماءِ: المِصْعَدُ. وقالَ الزَّجّاجُ: النَّفَقُ: الطَّرِيقُ النّافِذُ في الأرْضِ. والنّافِقاءُ، مَمْدُودٌ: أحَدُ جُحْرِهِ اليَرْبُوعُ يَخْرِقُهُ مِن باطِنِ الأرْضِ إلى جِلْدَةِ الأرْضِ، فَإذا بَلَغَ الجِلْدَةَ أرَقُها، حَتّى إنْ رابَهُ رَيْبٌ، دَفَعَ بِرَأْسِهِ ذَلِكَ المَكانَ وخَرَجَ ومِنهُ سُمِّيَ المُنافِقُ، لِأنَّهُ أبْطَنَ غَيْرَ ما أظْهَرَ، كالنّافِقاءِ الَّذِي ظاهِرُهُ غَيْرُ بَيِّنٍ، وباطِنُهُ حَفْرٌ في الأرْضِ.
"والسُّلَّمُ" مُشْتَقٌّ مِنَ السَّلامَةِ، وهو الشَّيْءُ الَّذِي يُسَلِّمُكَ إلى مِصْعَدِكَ. والمَعْنى: فَإنِ اسْتَطَعْتَ هَذا فافْعَلْ، "وَحَذَفَ" فافْعَلْ، لِأنَّ في الكَلامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ.
وَقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: السُّلَّمُ: السَّبَبُ والمُرْقاةُ، تَقُولُ: اتَّخَذَتْنِي سُلَّمًا لَحاجَتِكَ، أيْ: سَبَبًا.
وَفِي قَوْلِهِ: ﴿فَتَأْتِيَهم بِآيَةٍ﴾ قَوْلانِ
أحَدُهُما: بِآَيَةٍ قَدْ سَألُوكَ إيّاها: وذَلِكَ أنَّهم سَألُوا نُزُولَ مَلِكٍ، ومِثْلُ آَياتِ الأنْبِياءِ، كَعَصا مُوسى، وناقَةِ صالِحٍ.
والثّانِي: بِآَيَةٍ هي أفْضَلُ مِن آَيَتِكَ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهم عَلى الهُدى﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. (p-٣٣)
أحَدُها: لَوْ شاءَ أنْ يُطَبِّعَهم عَلى الهُدى لَطَبَعَهم.
والثّانِي: لَوْ شاءَ لَأنْزَلَ مَلائِكَةً تَضْطَرُّهم إلى الإيمانِ، ذَكَرَهُما الزَّجّاجُ.
والثّالِثُ: لَوْ شاءَ لَآَمَنُوا كُلُّهم فَأخْبَرَ إنَّما تَرَكُوا الإيمانَ بِمَشِيئَتِهِ، ونافِذِ قَضائِهِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الجاهِلِينَ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: لا تَجْهَلُ أنَّهُ لَوْ شاءَ لَجَمَعَهم عَلى الهُدى.
والثّانِي: لا تَجْهَلُ أنَّهُ يُؤْمِنُ بِكَ بَعْضُهم ويَكْفُرُ بَعْضُهم.
والثّالِثُ: لا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لا صَبْرَ لَهُ، لِأنَّ قِلَّةَ الصَّبْرِ مِن أخْلاقِ الجاهِلِينَ.
{"ayah":"وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَیۡكَ إِعۡرَاضُهُمۡ فَإِنِ ٱسۡتَطَعۡتَ أَن تَبۡتَغِیَ نَفَقࣰا فِی ٱلۡأَرۡضِ أَوۡ سُلَّمࣰا فِی ٱلسَّمَاۤءِ فَتَأۡتِیَهُم بِـَٔایَةࣲۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَمَعَهُمۡ عَلَى ٱلۡهُدَىٰۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡجَـٰهِلِینَ"}