الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ قال ابن عباس [[الطبري 13/ 67.]] والمفسرون [[أخرجه الطبري 13/ 66 عن أسباط والضحاك ومجاهد وقتادة وسفيان، والثعلبي 7/ 112 ب، والبغوي 4/ 479، والقرطبي 9/ 264.]]: على السرير، قال أهل اللغة [["تهذيب اللغة" (عرش) 3/ 2391، و"اللسان" (عرش) 5/ 2880.]]: العرش السرير الرفيع: وهو سرير الملك، قال الله تعالى: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: 23]. قال أهل التفسير [[الثعلبي 7/ 112 ب، و"زاد المسير" 4/ 290، والبغوي 4/ 279.]]: أجلسهما عليه. وقوله تعالى: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾ وقال ابن عباس [[الثعلبي 7/ 112 ب، و"زاد المسير" 4/ 290.]] في رواية عطاء: يريد خروا لله عند ذلك سجودًا، ونحو هذا روى الضحاك عنه. وقال عامة المفسرين [[الطبري 13/ 68، والثعلبي 7/ 112 ب، والبغوي 4/ 280، و"زاد المسير" 4/ 290، وابن عطية 8/ 80، والقرطبي 9/ 265، وابن أبي حاتم 7/ 2202.]]: وخروا ليوسف سجدًا على جهة التحية، لا على معنى العبادة، وكان أهل ذلك الدهر يحييَّ بعضهم بعضًا بالسجود والانحناء، فحظر رسول الله ﷺ هذا ونهى عنه [[أخرجه الترمذي في "جامعه" (2728) كتاب الاستئذان والآداب، باب: ما جاء في المصافحة، وابن ماجه في "سننه" (3702) كتاب الأدب، باب: المصافحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه، أينحني له؟ قال: "لا" قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: "لا" قال: فيأخذه بيده ويصافحه؟ قال: "نعم". قال الترمذي: هذا حديث حسن، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (ح 2195).]]، والسجود معناه في اللغة [["تهذيب اللغة" (سجد) 2/ 1630، و"اللسان" (سجد) 4/ 1941.]]: الانحناء مع الخضوع والتذلل، ذكرنا ذلك فيما تقدم، وعلى هذا كان ذلك سجودًا من غير سقوط على الأرض كما يقال: قد سجد القف [[قال الليث: القف: ما ارتفع من متون الأرض وصلبت حجارته، وقال شمر: القف ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلاً، انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 3021 - 3022، و"اللسان" (قفف) 6/ 3705.]] من الأرض للحوافر، إذا خضع لها فذل ومنه [[القائل زيد الخيل "ديوانه" / 66، و"الزاهر" 1/ 141، و"اللسان" (سجد) 4/ 1941.]]: تَرَى الأُكْمَ منه سُجَّدًا للحَوَافِرِ قال ابن الأنباري [["الزاهر" 1/ 47، 48، والرازي 18/ 212.]]: والخرور في هذا القول لا يُعْنى به السقوط والوقوع، لكن المراد به: المرور، سمعت أبا العباس يحكي هذا، واحتج بقوله: ﴿لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا﴾ [الفرقان: 73] يعني: لم يمروا، قال ابن عباس [["زاد المسير" 4/ 290، و"تنوير المقباس" ص 154.]] في رواية الكلبي: السجود هاهنا مما كانت الأعاجم تستعمله في تعظيمها رؤساءها، ليس سقوط على الأرض، لكنه كالركوع. قال الأزهري [[و [[ما بين القوسين من (ب)، وانظر: "الدر المصون" 6/ 558.]] "تهذيب اللغة" (سجد) 2/ 1631 بتصرف.]]: والأشبه بظاهر الكتاب أنهم سجدوا ليوسف دل عليه رؤياه الأولى حين قال: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: 4] فظاهر التلاوة أنهم سجدوا ليوسف تعظيمًا له، من غير أن أشركوا بالله، وكأنهم لم يكونوا نهوا عن السجود لغير الله في شريعتهم، قال (¬3): وفيه وجه آخر لأهل العربية وهو: أن يجعل اللام لام أجل، المعنى: وخروا من أجله سجدًا، شكرًا للذي أنعم عليهم فجمع شملهم. وقوله تعالى: ﴿وَقَدْ أَحْسَنَ بِي﴾ أي إليَّ، (يقال) [[البيت في: "ديوانه" ص 53، و"الشعر والشعراء" ص 343، و"أمالي الشجري" 1/ 48، و"الدر المصون" / 558، و"الكشاف" 2/ 195، و"الخزانة" 2/ 381، وقوله (مقلية) من القلي بكسر القاف وهو البغض، تقلت: تبغضت: "اللسان" (سوأ) 4/ 2138، و"التنبيه والإيضاح" 1/ 21، و"تهذيب اللغة" 1/ 823 (حسن)، و"الأغاني" 9/ 38، و"أمالي القالي" 2/ 109، و"تاج العروس" (سوأ) 1/ 176.]]: أحسن به وإليه، قال كثير [["زاد المسير" 4/ 291، والبغوي 4/ 280، والثعلبي 7/ 113 أ.]]: أسِيئي بِنَا أو أحْسِنِي لا مَلُومةً ... لدَيْنَا ولا مَقْلِيَّةً إنْ تَقَلَّتِ ﴿إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ﴾ قال أهل المعاني (¬6): ذكر إخراجه من السجن ولم يذكر إخراجه من البئر كرمًا، لئلا يذكر إخوته صنيعهم به، ولأن النعمة في إخراجه من السجن كانت أعظم، إذ كان دخوله السجن سبب ذنب هم به. وقوله تعالى: ﴿وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ﴾ والبدو [["تهذيب اللغة" (بدا) 1/ 287، و"اللسان" (بدا) 1/ 235.]]: بسيط الأرض يظهر فيه الشخص من بعيد، وأصله من بدا يبدو بدوًا، إذا خرج إلى المراعي في الصحاري، ثم سمي المكان باسم المصدر فيقال: بدو وحضر، قال قتادة [[الطبري 13/ 71، وأخرجه ابن أبي حاتم 7/ 2203 عن قتادة وأبو الشيخ عن علي ابن أبي طلحة كما في "الدر" 4/ 72.]]: كان يعقوب وولده بأرض كنعان أهل مَوَاشٍ وبريَّة. وقال ابن عباس [[الرازي 18/ 215، والقرطبي 9/ 267.]] في رواية عطاء والضحاك: كان يعقوب قد تحول إلى بدا وسكنها، ومنها قدم على يوسف، وله بها مسجد تحت جبلها. قال ابن الأنباري [[الرازي 18/ 215.]]: بدا اسم موضع معروف يقال: هو بين شعب وبدا، وهما موضعان ذكرهما جميل أوكثير فقال [[البيت لكثير وهو في "ديوانه" ص 363، و"خزانة الأدب" 9/ 462، و"الدر" 6/ 83، و"شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي ص 1288، و"اللسان" (بدا) 1/ 236، و"معجم ما استعجم" ص230، ونسب لجميل بثينه في "ملحق ديوانه" ص 245، و"ديوان المعاني" 1/ 260، ولكثير ولجميل في "شرح شو اهد المغني" 1/ 464، و"معجم البلدان" 3/ 351، وفيه (التي) بدل الذي، وشغبي: يوضع في بلاد بني عُذرة به منبر وسوق، وبدا: واد قرب إيلة من ساحل البحر، وقيل بواد القرى وقيل بوادي عُذرة قرب الشام. انظر: "معجم البلدان" 1/ 356 - 357.]]: وأنتِ التي حَبّبْتِ شَغْبًا إلى ... بدا إليَّ وأوْطَانِي بلادٌ سِواهُمَا والبدو على هذا القول معناه قصد هذا الموضع الذي يقال له بدا، يقال بدا القوم يبدون بدوًا، إذا أتوا بدًا، كما يقال: غار القوم غورًا، إذا أتوا الغور، فكان تلخيص الحرف: ﴿وَجَاءَ بِكُمْ﴾ من قصد بدا، وعلى هذا القول كان يعقوب وولده [[في (أ)، (ج): (وولد)، من غير هاء.]] حضريين؛ لأن البدو لم يرد به البادية، لكنه عني به قَصْدُ بدا. وقوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾ قال أبو عبيدة [["مجاز القرآن" 1/ 319.]] معناه: أفسد وحمل بعضنا على بعض، قال ابن عباس [[القرطبي 9/ 267.]]: دخل بيننا بالحسد، ومضى الكلام في نزغ الشيطان في آخر سورة الأعراف [[عند قوله تعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [آية: 200]، وقال هنالك ما ملخصه: نزغ الشيطان وساوسه وتحسه في القلب بما يسول للإنسان من المعاصي، وروى أبو عبيد عن أبي زيد: نزعت بين القوم إذا أفسدت.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ﴾ قال الأزهري [["تهذيب اللغة" (لطف) 4/ 3267 وفيه عمرو عن أبيه أن قال .. ، وانظر: "اللسان" (لطف) 7/ 4536.]]: اللطيف من أسماء الله عز وجل معناه: الرفيق بعباده، عمرو بن أبي عمرو: اللطيف الذي يوصَّلُ إليك أربك في رفق. ثعلب عن ابن الأعرابي [["اللسان" (لطف) 7/ 4036، و"تهذيب اللغة" (لطف) 4/ 3267.]]: يقال: لطف فلان لفلان يلطف، إذا رفق لطفًا. قال أهل التفسير [[الثعلبي 7/ 113 أ، و"زاد المسير" 4/ 291.]]: إن ربي عالم بدقائق الأمور وحقائقها، إنه هو العليم بخلقه الحكيم فيهم بما يشاء.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب