الباحث القرآني

﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ إلا زانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً﴾ تَقْبِيحٌ لِأمْرِ الزّانِي أشَدَّ تَقْبِيحٍ بِبَيانِ أنَّهُ بَعْدَ أنْ رَضِيَ بِالزِّنا لا يَلِيقُ بِهِ أنَّ يَنْكِحَ العَفِيفَةَ المُؤْمِنَةَ فَبَيْنَهُما كَما بَيْنَ سُهَيْلٍ والثُّرَيّا فَتَرى هَذِهِ شامِيَّةً إذا ما اسْتَقَلَّتْ وتَرى ذاكَ إذا ما اسْتَقَلَّ يَمانِيًّا وإنَّما يَلِيقُ بِهِ أنْ يَنْكِحَ زانِيَةً هي في ذَلِكَ طِبْقَهُ لِيُوافِقَ- كَما قِيلَ- شَنَّ طَبَقِهِ أوْ مُشْرِكَةٍ هي أسْوَأُ مِنهُ حالًا وأقْبَحُ أفْعالًا «فَلا يَنْكِحُ» خَبَرٌ مُرادٌ مِنهُ لا يَلِيقُ بِهِ أنْ يَنْكِحَ كَما تَقُولُ: السُّلْطانُ لا يَكْذِبُ أيْ لا يَلِيقُ بِهِ أنْ يَكْذِبَ نَزَلَ فِيهِ عَدَمُ لِياقَةِ الفِعْلِ مَنزِلَةَ عَدِمِهِ وهو كَثِيرٌ في الكَلامِ، ثُمَّ المُرادُ اللِّياقَةُ وعَدَمُ اللِّياقَةِ مِن حَيْثُ الزِّنا فَيَكُونُ فِيهِ مِن تَقْبِيحِ الزِّنا ما فِيهِ. ولا يُشَكِّلُ صِحَّةُ نِكاحِ الزّانِي المُسْلِمِ الزّانِيَةَ المُسْلِمَةَ وكَذا العَفِيفَةُ المُسَلِّمَةُ وعَدَمُ صِحَّةِ نِكاحِهِ المُشْرِكَةِ المَذْكُورَةِ في الآيَةِ إذا فَسَّرَتْ بِالوَثَنِيَّةِ بِالإجْماعِ لِأنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ اللِّياقَةِ وعَدَمِ اللِّياقَةِ مِن حَيْثُ الزِّنا بَلْ مِن حَيْثِيَّةٍ أُخْرى يَعْلَمُها الشّارِعُ كَما لا يَخْفى، وعَلى هَذا الطَّرْزِ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلا زانٍ أوْ مُشْرِكٌ﴾ أيِ الزّانِيَةِ بَعْدَ أنْ رَضِيَتْ بِالزِّنا فَوَلَغَ فِيها كَلْبٌ شَهْوَةَ الزّانِي لا يَلِيقُ أنْ يَنْكِحَها مِن حَيْثُ إنَّها كَذَلِكَ إلّا مَن هو مِثْلُها وهو الزّانِي أوْ مَن هو أسْوَأُ حالًا مِنها وهو المُشْرِكُ، وأمّا المُسْلِمُ العَفِيفُ فَإنَّ غِيرَتُهُ تَأْبى وُرُودَ جِفْرَتِها. ؎تَجْتَنِبُ الأسُودُ وُرُودَ ماءٍ إذا كانَ الكِلابُ يَلْغْنَ فِيهِ ولا يُشْكِلُ عَلى هَذا صِحَّةِ نِكاحِهِ إيّاها وعَدَمُ صِحَّةِ نِكاحِ المُشْرِكِ سَواءً فَسَّرَ بِالوَثَنِيِّ أوْ بِالكِتابِيِّ لِيَحْتاجَ إلى الجَوابِ وهو ظاهِرٌ والإشارَةُ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وحُرِّمَ ذَلِكَ عَلى المُؤْمِنِينَ﴾ يُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ لِلزِّنا المَفْهُومِ مِمّا تَقَدَّمَ والتَّحْرِيمُ عَلَيْهِ عَلى ظاهِرِهِ وكَذا المُؤْمِنِينَ، ولَعَلَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ وما قَبْلَها مُتَضَمِّنَةٌ لِتَعْلِيلِ ما تَقَدَّمَ مِنَ الأمْرِ والنَّهْيِ ولِذا لَمْ يَعْطِفْ قَوْلَهُ سُبْحانَهُ: ﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ﴾ إلَخْ عَلَيْهِ كَما عَطَفَ قَوْلَهُ عَزَّ وجَلَّ الآتِي: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ (p-85)المُحْصَناتِ﴾ إلَخْ، وأمَرَ إشْعارَ ما تَقَدَّمَ بِالتَّحْرِيمِ سَهْلٌ، وتَخْصِيصُ المُؤْمِنِينَ بِالتَّحْرِيمِ عَلَيْهِمْ عَلى رَأْيِ مَن يَقُولُ: إنَّ الكَفّارَ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ بِالفُرُوعِ ظاهِرٌ، وأمّا عَلى رَأْيِ مَن يَقُولُ بِتَكْلِيفِهِمْ بِها كالأُصُولِ وإنْ لَمْ تَصِحَّ مِنهم إلّا بَعْدَ الإيمانِ فَتَخْصِيصُهم بِالذِّكْرِ لِشَرَفِهِمْ، ويُحْتَمَلُ أنْ تَكُونَ لِنِكاحِ الزّانِيَةِ وعَلَيْهِ فالمُرادُ مِنَ التَّحْرِيمِ المَنعُ وبِالمُؤْمِنِينَ المُؤْمِنُونَ الكامِلُونَ، ومَعْنى مَنعِهِمْ عَنْ نِكاحِ الزَّوانِي جَعَلَ نُفُوسَهم أبِيَّةً عَنِ المَيْلِ إلَيْهِ فَلا يَلِيقُ ذَلِكَ بِهِمْ، ولا يَأْبى حَمْلَ الآيَةِ عَلى ما قَرَّرَ فِيها ما رُوِيَ في سَبَبِ نُزُولِها مِمّا أخْرَجَ أبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ وابْنُ المُنْذِرِ وغَيْرُهم عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قالَ: ««كانَ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ مَرْثَدٌ يَحْمِلُ الأسارى مِن مَكَّةَ حَتّى يَأْتِيَ بِهِمُ المَدِينَةَ وكانَتِ امْرَأةَ بَغْيٍ بِمَكَّةَ يُقالُ لَها عِناقُ وكانَتْ صَدِيقَةً لَهُ وأنَّهُ وعَدَ رَجُلًا مِن أسارى مَكَّةَ بِحَمْلِهِ قالَ فَجِئْتُ حَتّى انْتَهَيْتُ إلى ظِلِّ حائِطٍ مِن حَوائِطَ مَكَّةَ في لَيْلَةً مُقْمِرَةً فَجاءَتْ عِناقُ فَأبْصَرَتْ سَوادَ ظَلٍّ تَحْتَ الحائِطِ فَلَمّا انْتَهَتْ إلى غُرْفَتِي فَقالَتْ: مَرْثَدٌ ؟ فَقُلْتُ: مَرْثَدٌ فَقالَتْ: مَرْحَبًا وأهْلًا هَلُمَّ فَبِتْ عِنْدَنا اللَّيْلَةَ قُلْتُ: يا عِناقُ حَرَّمَ اللَّهُ تَعالى الزِّنا قالَتْ: يا أهْلَ الخِيامِ هَذا الرَّجُلُ يَحْمِلُ أسْراكم قالَ فَتَبِعَنِي ثَمانِيَةٌ وسَلَكَتِ الخَنْدَمَةُ فانْتَهَيْتُ إلى غارٍ أوْ كَهْفٍ فَدَخَلَتْ فَجاؤُوا حَتّى قامُوا عَلى رَأْسِي فَطَلَّ بَوْلُهم عَلى رَأْسِي وعَماهُمُ اللَّهُ تَعالى عَنِّي ثُمَّ رَجَعُوا ورَجَعْتُ إلى صاحِبِي فَحَمَلَتْهُ حَتّى قَدِمْتُ المَدِينَةَ فَأتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ أنْكِحُ عِناقَ؟ فَأمْسَكَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا حَتّى نَزَلَ ﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ إلا زانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً﴾ الآيَةُ فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: يا مَرْثَدُ ﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ إلا زانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً والزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إلا زانٍ أوْ مُشْرِكٌ وحُرِّمَ ذَلِكَ عَلى المُؤْمِنِينَ﴾ فَلا تَنْكِحُها» لِأنَّ تَفْرِيعَ النَّهْيِ فِيهِ عَنْ نِكاحِ تِلْكَ البَغِيِّ مِمّا لا شُبْهَةَ في صِحَّتِهِ عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِ الآيَةِ المُفَرَّعِ عَلَيْها لِتَقْبِيحِ أمْرِ الزّانِي والزّانِيَةِ فَكَأنَّهُ قِيلَ: إذا عَلِمْتَ أمْرَ الزّانِيَةِ وأنَّها بَلَغَتْ في القُبْحِ إلى حَيْثُ لا يَلِيقُ أنْ يَنْكِحَها إلّا مِثْلُها أوْ مَن هو أسْوَأُ حالًا فَلا تَنْكِحُها. نَعَمْ في هَذا الخَبَرِ ما هو أوْفَقُ بِجَعْلِ الإشارَةِ فِيما مَرَّ إلى نِكاحِ الزّانِيَةِ ويَعْلَمُ مِنهُ وجْهَ تَقْدِيمِ ﴿الزّانِي﴾ والأخْبارُ عَنِ الزّانِيَةِ بِأنَّهُ لا يَنْكِحُها إلّا زانٍ أوْ مُشْرِكٌ عَلى خِلافِ ما تَقْتَضِيهِ المُقابَلَةُ، هَذا ولِلْعُلَماءِ في هَذِهِ الآيَةِ الجَلِيلَةِ كَلامٌ كَثِيرٌ لا بَأْسَ بِنَقْلِ ما تَيَسَّرَ مِنهُ وإبْداءِ بَعْضِ ما قِيلَ فِيهِ ثُمَّ انْظُرْ فِيهِ وفِيما قَدَّمْناهُ واخْتَرْ لِنَفْسِكَ ما يَحْلُو فَأقُولُ: نُقِلَ عَنِ الضَّحّاكِ والقَفّالِ، وقالَ النَّيْسابُورِيُّ: إنَّهُ أحْسَنُ الوُجُوهِ في الآيَةِ أنَّ قَوْلَهُ سُبْحانَهُ: ﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ﴾ إلَخْ حُكْمٌ مُؤَسَّسٌ عَلى الغالِبِ المُعْتادِ جِيءَ بِهِ لِزَجْرِ المُؤْمِنِينَ عَنْ نِكاحِ الزَّوانِي بَعْدَ زَجْرِهِمْ عَنِ الزِّنا وذَلِكَ أنَّ الفاسِقَ الخَبِيثَ الَّذِي مِن شَأْنِهِ الزِّنا والتَّقَحُّبُ لا يَرْغَبُ غالِبًا في نِكاحِ الصَّوالِحِ مِنَ النِّساءِ اللّاتِي عَلى خِلافِ صِفَتِهِ وإنَّما يَرْغَبُ في فاسِقَةٍ خَبِيثَةٍ مِن شَكْلِهِ أوْ في مُشْرِكَةٍ والفاسِقَةُ الخَبِيثَةُ المُسافِحَةُ كَذَلِكَ لا يَرْغَبُ في نِكاحِها الصُّلَحاءُ مِنَ الرِّجالِ ويَنْفِرُونَ عَنْها وإنَّما يَرْغَبُ فِيها مَن هو مِن شَكْلِها مِنَ الفَسَقَةِ والمُشْرِكِينَ، ونَظِيرُ هَذا الكَلامِ لا يَفْعَلُ الخَيْرَ إلّا تَقِيٌّ فَإنَّهُ جارٍ مَجْرى الغالِبِ، ومَعْنى التَّحْرِيمِ عَلى المُؤْمِنِينَ عَلى هَذا قِيلَ التَّنْزِيهُ وعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ لِلتَّغْلِيظِ، ووَجَّهَ ذَلِكَ أنَّ نِكاحَ الزَّوانِي مُتَضَمِّنُ التَّشَبُّهِ بِالفُسّاقِ والتَّعَرُّضِ لِلتُّهْمَةِ والتَّسَبُّبِ لِسُوءِ القالَةِ والطَّعْنِ في النَّسَبِ إلى كَثِيرٍ مِنَ المَفاسِدِ، وقِيلَ: التَّحْرِيمُ عَلى ظاهِرِهِ وذَلِكَ الفِعْلُ يَتَضَمَّنُ مُحَرَّماتٍ والحُرْمَةُ لَيْسَتْ راجِعَةً إلى نَفْسِ العَقْدِ لِيَكُونَ العَقْدُ باطِلًا وعَلى القَوْلَيْنِ الآيَةُ مُحْكَمَةٌ، ولا يَخْفى أنَّ حَمْلَ الزّانِي والزّانِيَةِ عَلى مَن شَأْنِهِما الزِّنا والتَّقَحُّبُ لا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ لِأنَّهُما فِيما تَقَدَّمَ لَمْ يَكُونا بِهَذا المَعْنى (p-86)والظّاهِرُ المُوافَقَةُ، وأيْضًا لا يَكادُ يُسَلِّمُ أنَّ الغالِبَ عَدَمُ رَغْبَةٍ مِن شَأْنِهِ الزِّنا في نِكاحِ العَفائِفِ ورَغْبَتِهِ في الزَّوانِي أوِ المُشْرِكاتِ فَكَثِيرًا ما شاهَدْنا كَثِيرًا مِنَ الزُّناةِ يَتَحَرَّوْنَ في النِّكاحِ أكْثَرَ مِن تَحَرِّي غَيْرِهِمْ فَلا يَكادُ أحَدُهم يَنْكِحُ مَن في أقارِبِها شُبْهَةَ زِنًا فَضْلًا عَنْ أنْ تَكُونَ فِيها وقَلِيلًا ما سَمِعْنا بِرَغْبَةِ الزّانِي في نِكاحِ زانِيَةٍ أوْ مُشْرِكَةٍ، وأيْضًا في حَمْلِ التَّحْرِيمِ عَلى التَّنْزِيهِ نَوْعٌ بَعْدُ وكَذا حَمْلُهُ عَلى ظاهِرِهِ مَعَ التِزامِ أنَّ الحُرْمَةَ لَيْسَتْ راجِعَةً إلى نَفْسِ العَقْدِ. وفِي البَحْرِ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وابْنِ عَبّاسٍ وأصْحابِهِ أنَّ الآيَةَ في قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ كانُوا يَزْنُونَ في جاهِلِيَّتِهِمْ بِبَغايا مَشْهُوراتٍ فَلَمّا جاءَ الإسْلامُ وأسْلَمُوا لَمْ يُمْكِنْهُمُ الزِّنا فَأرادُوا لِفَقْرِهِمْ زَواجَ أُولَئِكَ النِّسْوَةِ إذْ كانَ مَن عادَتِهِنَّ الإنْفاقُ عَلى مَن تَزَوَّجَهُنَّ فَنَزَلَتِ الآيَةُ لِذَلِكَ، والإشارَةُ بِالزّانِي إلى أحَدِ أُولَئِكَ القَوْمِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الزِّنا الَّذِي كانَ في الجاهِلِيَّةِ لِلتَّوْبِيخِ، ومَعْنى لا ﴿يَنْكِحُ إلا زانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً﴾ لا يُرِيدُ أنَّ يَتَزَوَّجَ إلّا زانِيَةً أوْ مُشْرِكَةً أيْ لا تَنْزِعُ نَفْسُهُ إلّا إلى هَذِهِ الخَسائِسِ لِقِلَّةِ انْضِباطِها، والإشارَةُ- بِذَلِكَ- إلى نِكاحِ أُولَئِكَ البَغايا والتَّحْرِيمِ عَلى ظاهِرِهِ، ويُرَدُّ عَلى هَذا التَّأْوِيلِ أنَّ الإجْماعَ عَلى أنَّ الزّانِيَةَ لا يَجُوزُ أنْ يَتَزَوَّجَها مُشْرِكٌ انْتَهى. وأنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذا لا يُرَدُّ بَعْدَ حَمْلِ نَفْيِ النِّكاحِ عَلى نَفْيِ إرادَةِ التَّزَوُّجِ إذْ يَكُونُ المَعْنى حِينَئِذٍ الزّانِيَةُ لا يُرِيدُ أنْ يَتَزَوَّجَها إلّا زانٍ أوْ مُشْرِكٌ ولَيْسَ في الإجْماعِ ما يَأْباهُ، وفِيهِ أيْضًا كَلامٌ سَتَعْلَمُهُ قَرِيبًا إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى، نَعْمْ كَوْنُ ﴿الزّانِي﴾ إشارَةً إلى أحَدِ أُولَئِكَ القَوْمِ وهم مِنَ المُهاجِرِينَ رِضْوانِ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ كَما جاءَ في آثارٍ كَثِيرَةٍ وقَدْ أسْلَمُوا وتابُوا مِنَ الزِّنا مَحَلَّ تَرَدُّدٍ إذْ يَبْعُدُ كُلُّ البُعْدِ أنْ يُسَمَّ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ بِالزِّنا صَحابِيًّا كانَ قَدْ زَنى قَبْلَ إسْلامِهِ ثُمَّ أسْلَمَ وتابَ فَخَرَجَ مِن ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ ولَدَتْهُ أُمُّهُ ويُطْلِقُ سُبْحانَهُ عَلَيْهِ هَذا الوَصْفَ الشَّنِيعَ الَّذِي غَفَرَهُ تَبارَكَ وتَعالى لَهُ بِمُجَرَّدِ أنَّهُ مالَ إلى نِكاحِ زانِيَةٍ بِسَبَبِ ما بِهِ مِنَ الفَقْرِ قَبْلَ العِلْمِ بِحَظْرِ ذَلِكَ مَعَ أنَّهم كانُوا نادِينَ عَلى فِراقِ مَن يَنْكِحُونَهُنَّ إذا وجَدُوا عَنْهُنَّ غِنًى. فَقَدْ أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ مُقاتِلٍ أنَّهُ قالَ: «لَما قَدِمَ المُهاجِرُونَ المَدِينَةَ قَدِمُوها وهم بِجُهْدٍ إلّا قَلِيلٌ مِنهم والمَدِينَةُ غالِيَةُ السِّعْرِ شَدِيدَةُ الجُهْدِ وفي السُّوقِ زَوانٍ مُتَعالِناتٍ مِن أهْلِ الكِتابِ وإماءُ لِبَعْضِ الأنْصارِ قَدْ رَفَعَتْ كُلُّ امْرَأةٍ مِنهُنَّ عَلى بابِها عَلامَةً لِتُعَرِّفَ أنَّها زانِيَةٌ وكُنَّ مِن أخْصَبِ أهْلِ المَدِينَةِ وأكْثَرِهِمْ خَيْرًا فَرَغِبَ أُناسٌ مِن مُهاجِرِي المُسْلِمِينَ فِيما يَكْتَسِبْنَ لِلَّذِي فِيهِمْ مِنَ الجُهْدِ فَأشارَ بَعْضُهم عَلى بَعْضٍ لَوْ تَزَوَّجْنا بَعْضَ هَؤُلاءِ الزَّوانِي فَنُصِيبُ مِن فُضُولِ ما يَكْتَسِبْنَ فَقالَ بَعْضُهُمْ: نَسْتَأْمِرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَأتَوْهُ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ شَقَّ عَلَيْنا الجُهْدُ ولا نَجِدُ ما نَأْكُلُ وفي السُّوقِ بَغايا نِساءِ أهْلِ الكِتابِ ووَلائِدِهُنَّ ووَلائِدُ الأنْصارُ يَكْتَسِبْنَ لِأنْفُسِهِنَّ فَيَصْلُحُ لَنا أنْ نَتَزَوَّجَ مِنهُنَّ فَنُصِيبُ مِن فُضُولِ ما يَكْتَسِبْنَ فَإذا وجَدْنا عَنْهُنَّ غِنًى تَرَكْناهُنَّ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى الآيَةَ»، وأيْضًا إطْلاقُ الزّانِي عَلَيْهِ بِهَذا المَعْنى لا يُوافِقُ إطْلاقَ الزّانِيَةِ عَلى إحْدى صاحِباتِ الرّاياتِ، وكَذا لا يُوافِقُ إطْلاقَ الزّانِيَ عَلى مَن أطْلَقَ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿الزّانِيَةُ والزّانِي فاجْلِدُوا﴾ إلَخْ. وقالَ أبُو مُسْلِمٍ وأبُو حَيّانَ وأخْرَجَهُ أبُو داوُدَ في ناسِخِهِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ، والضِّياءُ في المُخْتارَةِ وجَماعَةٌ مِن طَرِيقِ ابْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ النِّكاحَ بِمَعْنى الوَطْءِ أيِ الزِّنا و﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلَيْهِ، والمَعْنى الزّانِي لا يَطَأُ في وقْتِ زِناهُ إلّا زانِيَةً (p-87)مِنَ المُسْلِمِينَ أوْ أخَسُّ مِنها وهي المُشْرِكَةُ والزّانِيَةُ لا يَطَؤُها حِينَ زِناها إلّا زانَ مِنَ المُسْلِمِينَ أوْ أخَسَّ مِنهُ وهو المُشْرِكُ وحَرَّمَ اللَّهُ تَعالى الزِّنا عَلى المُؤْمِنِينَ. وتَعَقَّبَ بِأنَّهُ لا يَعْرِفُ النِّكاحَ في كِتابِ اللَّهِ تَعالى إلّا بِمَعْنى التَّزْوِيجِ وبِأنَّهُ يُؤَدِّي إلى قَوْلِكَ الزّانِي لا يَزْنِي إلّا بِزانِيَةٍ والزّانِيَةُ لا تَزْنِي إلّا بِزانٍ وهو غَيْرُ مُسْلِمٍ إذْ قَدْ يَزْنِي الزّانِي بِغَيْرِ زانِيَةٍ يَعْلَمُ أحَدُهُما بِالزِّنا والآخِرُ جاهِلٌ بِهِ يَظُنُّ الحَلَّ، وإذا ادَّعى أنَّ ذَلِكَ خارِجُ مَخْرَجَ الغالِبِ كانَ مِنَ الأخْبارِ بِالواضِحاتِ، وإنَّ حَمْلَ النَّفْيِ عَلى النَّهْيِ كانَ المَعْنى نَهْيُ الزّانِي عَنِ الزِّنا إلّا بِزانِيَةٍ وبِالعَكْسِ وهو ظاهِرُ الفَسادِ. وأُجِيبَ عَنِ الأوَّلِ بِأنَّ جُلَّ العُلَماءِ عَلى أنَّ النِّكاحَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿حَتّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البَقَرَةُ: 230] بِمَعْنى الوَطْءِ دُونَ العَقْدِ ورَدُّوا عَلى مَن فَسَّرَهُ بِالعَقْدِ وزَعَمَ أنَّ المُطَلَّقَةَ ثَلاثًا تَحِلُّ لِزَوْجِها الأوَّلِ بِعَقْدِ الثّانِي عَلَيْها دُونَ وطْءٍ، وعَنِ الثّانِي بِأنَّهُ إخْبارٌ خارِجٌ مَخْرَجَ الغالِبِ أُرِيدَ بِهِ تَشْنِيعُ أمْرِ الزِّنا ولِذَلِكَ زِيدَتِ المُشْرِكَةُ، والِاعْتِراضُ بِالوُضُوحِ لَيْسَ بِشَيْءٍ. ولِلْفاضِلِ سَرِيِّ الدِّينِ المِصْرِيِّ كَلامٌ طَوِيلٌ في ذَلِكَ، وما قِيلَ: إنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿الخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ﴾ [النُّورُ: 26] إلَخْ فَيَحْصُلُ التَّكْرارُ سَتَعْلَمُ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى أنَّهُ لا يَتِمُّ إلّا في قَوْلٍ، وقِيلَ: النِّكاحُ بِمَعْنى التَّزَوُّجِ والنَّفْيُ بِمَعْنى النَّهْيِ وعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ لِلْمُبالَغَةِ، وأيَّدَ بِقِراءَةِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ «لا يَنْكِحْ» بِالجَزْمِ والتَّحْرِيمِ عَلى ظاهِرِهِ. قالَ ابْنُ المُسَيِّبِ: وكانَ الحُكْمُ عامًا في الزُّناةِ أنْ لا يَتَزَوَّجُ أحَدُهم إلّا زانِيَةً ثُمَّ جاءَتِ الرُّخْصَةُ ونُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأنْكِحُوا الأيامى مِنكُمْ﴾ [النُّورُ: 32] وقَوْلُهُ سُبْحانَهُ: ﴿فانْكِحُوا ما طابَ لَكم مِنَ النِّساءِ﴾ [النِّساءُ: 3] ورُوِيَ القَوْلُ بِالنُّسَخِ عَنْ مُجاهِدٍ، وإلى ذَلِكَ ذَهَبَ الإمامُ الشّافِعِيُّ قالَ في الأُمِّ: اخْتَلَفَ أهْلُ التَّفْسِيرِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿الزّانِي لا يَنْكِحُ إلا زانِيَةً﴾ إلَخِ اخْتِلافًا مُتَبايِنًا، قِيلَ: هي عامَّةٌ ولَكِنَّها نُسِخَتْ أخْبَرَنا سُفْيانُ عَنْ يَحْيى عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ أنَّهُ قالَ: هي مَنسُوخَةٌ نَسَخَتْها ﴿وأنْكِحُوا الأيامى مِنكُمْ﴾ فَهي أيُ الزّانِيَةِ مِن أيامى المُسْلِمِينَ كَما قالَ ابْنُ المُسَيِّبِ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى، ولَنا دَلائِلُ مِنَ الكِتابِ والسَّنَةِ عَلى فَسادِ غَيْرِ هَذا القَوْلِ وبَسْطِ الكَلامِ، وقَدْ نَقَلَ هَذا عَنِ الإمامِ الشّافِعِيِّ البِقاعِيُّ ثُمَّ قالَ: إنَّ الشّافِعِيَّ لَمْ يَرُدَّ أنَّ هَذا الحُكْمَ نُسِخَ بِآيَةِ الأيامى فَقَطْ بَلْ مَعَ ما انْضَمَّ إلَيْها مِنَ الإجْماعِ وغَيْرِهِ مِنَ الآياتِ والأحادِيثِ بِحَيْثُ صَيَّرَ ذَلِكَ دَلالَتَها عَلى ما تَناوَلَتْهُ مُتَيَقِّنًا كَدَلالَةِ الخاصِّ عَلى ما تَناوَلَهُ فَلا يُقالُ: إنَّهُ خالَفَ أصْلَهُ في أنَّ الخاصَّ لا يُنْسَخُ بِالعامِّ بَلِ العامُّ المُتَأخِّرُ مَحْمُولٌ عَلى الخاصِّ لِأنَّ ما تَناوَلَهُ الخاصُّ مُتَيَقِّنٌ وما تَناوَلَهُ العامُّ مَظْنُونٌ اهْـ. والجِبائِيُّ يَزْعُمُ أنَّ النُّسَخَ بِالإجْماعِ ولَعَلَّهُ أرادَ أنَّهُ كاشِفٌ عَنْ ناسِخٍ وإلّا فالإجْماعُ لا يَكُونُ ناسِخًا كَما بَيَّنَ في عِلْمِ الأُصُولِ، نَعْمَ في تَحَقُّقُ الإجْماعِ هُنا كَلامٌ، واعْتُرِضَ هَذا الوَجْهِ بِأنَّهُ يُلْزِمُ عَلَيْهِ حَلُّ نِكاحِ المُشْرِكِ لِلْمُسْلِمَةِ، وأقُولُ: إنَّ نِكاحَ الكافِرِ لِلْمُسَلَّمَةِ كانَ حَلالًا قَبْلَ الهِجْرَةِ وبَعْدَها إلى سَنَةِ السِّتِّ وفِيها بَعْدَ الحُدَيْبِيَةِ نَزَلَتْ آيَةُ التَّحْرِيمِ كَما صَرَّحَ بِذَلِكَ العَلّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الهَيْتَمِيُّ وغَيْرُهُ، وقَدْ صَحَّ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ زَوَّجَ بِنْتَهُ زَيْنَبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها لِأبِي العاصِ بْنِ الرَّبِيعِ قَبْلَ البَعْثَةِ وبَعَثَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ثُمَّ هاجَرَ وهاجَرَتْ مَعَهُ وهي في نِكاحِ أبِي العاصِ ولَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا إذْ ذاكَ واسْتَمَرَّ الأمْرُ عَلى ذَلِكَ إلى سَنَةِ السِّتِّ فَلَمّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّحْرِيمِ لَمْ يَلْبَثْ إلّا يَسِيرًا حَتّى جاءَ وأظْهَرَ إسْلامَهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ فَرَدَّها ﷺ لَهُ بِنِكاحِهِ الأوَّلِ». فَيُحْتَمَلُ أنْ يَكُونَ النِّكاحُ المَذْكُورُ حَلالًا عِنْدَ نُزُولِ الآيَةِ الَّتِي مِن فِيها بِأنْ يَكُونَ نُزُولُها قَبْلَ سَنَةِ السِّتِّ (p-88)ثُمَّ نَسَخَ، وفي هَذِهِ السُّورَةِ آياتٌ نَصُّوا عَلى أنَّ نُزُولَها كانَ قَبْلَ ذَلِكَ وهي قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ جاءُوا بِالإفْكِ﴾ [النُّورُ: 11] إلَخْ قالَ: إنَّها نَزَلَتْ عامَ غَزْوَةِ بَنِي المُصْطَلَقِ وكانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتا مِن شَعْبانَ فَلَعَلَّ هَذِهِ الآيَةَ مِن هَذا القَبِيلِ بَلْ في أثَرٍ رَواهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ وذَكَرَهُ العِراقِيُّ وابْنُ حَجَرٍ ما ظاهَرَهُ أنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَكِّيَّةٌ فَإذا انْضَمَّ هَذا إلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ وقالَ بِهِ الشّافِعِيُّ يَكُونُ فِيها نَسْخانِ لَكِنْ لَمْ أرَ مَن نَبَّهَ عَلى ذَلِكَ، وإذا صَحَّ كانَ هَذا الوَجْهُ أقَلَّ مِنَ الأوْجُهِ السّابِقَةِ مُؤْنَةً وكَأنِّي بِكَ لا تُفَضِّلُ عَلَيْهِ غَيْرَهُ. وذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّ حُرْمَةَ التَّزَوُّجِ بِالزّانِيَةِ أوْ مِنَ الزّانِي إنْ لَمْ تَظْهَرِ التَّوْبَةُ مِنَ الزِّنا باقِيَةً إلى الآنِ، وعِنْدَهم أنَّهُ إنْ زَنى أحَدُ الزَّوْجَيْنِ يَفْسُدُ النِّكاحُ بَيْنَهُما، وقالَ بَعْضُهُمْ: لا يَنْفَسِخُ إلّا أنَّ الرَّجُلَ يُؤْمَرُ بِطَلاقِ زَوْجَتِهِ إذا زَنَتْ فَإنْ أمْسَكَها أثِمَ، وعِنْدَ بَعْضٍ مِنَ العُلَماءِ أنَّ الزِّنا عَيْبٌ مِنَ العُيُوبِ الَّتِي يَثْبُتُ بِها الخَبارُ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ فَبانَ لَها أنَّهُ مِمَّنْ يُعْرَفُ بِالزِّنا ثَبَتَ لَها الخِيارُ في البَقاءِ مَعَهُ أوْ فِراقِهِ، وعَنِ الحَسَنِ أنَّ حُرْمَةَ نِكاحِ الزّانِي لِلْعَفِيفَةِ إنَّما هي فِيما إذا كانَ مَجْلُودًا وكَذا حُرْمَةُ نِكاحِ العَفِيفِ لِلزّانِيَةِ إنَّما هي إذا كانَتْ مَجْلُودَةً فالمَجْلُودُ عِنْدَهُ لا يَتَزَوَّجُ إلّا مَجْلُودَةً والمَجْلُودَةُ لا يَتَزَوَّجُها إلّا مَجْلُودٌ وهو مُوافِقٌ لِما في بَعْضِ الأخْبارِ. فَقَدْ أخْرَجَ أبُو داوُدَ وابْنُ المُنْذِرِ وجَماعَةٌ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لا يَنْكِحُ الزّانِي المَجْلُودُ إلّا مِثْلَهُ»» وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ المُنْذِرِ «أنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأةً ثُمَّ إنَّهُ زَنى فَأُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدُّ فَجاؤُوا بِهِ إلى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعالى وجْهَهُ فَفَرَّقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ امْرَأتِهِ وقالَ لَهُ: لا تَتَزَوَّجْ إلّا مَجْلُودَةً مِثْلَكَ، وعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ والبَراءِ بْنِ عازِبٍ أنَّ مَن زَنى بِاِمْرَأةٍ لا يَجُوزُ لَهُ أنْ يَتَزَوَّجَها أصْلًا، وأبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ وابْنُ عُمَرَ وابْنُ عَبّاسٍ وجابِرٌ وجَماعَةٌ مِنَ التّابِعِينَ والأئِمَّةِ عَلى خِلافِهِ. واسْتَدَلَّ عَلى ذَلِكَ بِما أخْرَجَهُ الطَّبَرانِيُّ والدّارَقُطْنِيُّ مِن حَدِيثِ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْها قالَتْ: ««سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ رَجُلٍ زَنى بِاِمْرَأةٍ وأرادَ أنْ يَتَزَوَّجَها فَقالَ: الحَرامُ لا يُحَرِّمُ الحَلالَ»» هَذا ومِن أضْعَفِ ما قِيلَ في الآيَةِ: إنَّهُ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَعْناها ما في الحَدِيثِ مِن أنَّ مَن زَنى تَزْنِي امْرَأتُهُ ومَن زَنَتْ يَزْنِي زَوْجُها فَتَأمَّلْ جَمِيعَ ذاكَ واللَّهُ عَزَّ وجَلَّ يَتَوَلّى سُداكَ. وقَرَأ أبُو البَرْهَسَمِ «( وحَرَّمَ)» بِالبِناءِ لِلْفاعِلِ وهو اللَّهُ تَعالى، وزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُما «وحَرَّمَ» بِفَتْحِ الحَرَمِ وضَمِّ الرّاءَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب