الباحث القرآني
الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنى والتقحب، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء واللاتي على خلاف صفته، وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله، أو في مشركة. والفاسقة الخبيثة المسافحة. كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها، وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أو المشركين. ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنى: محرّم عليه محظور لما فيه من التشبه بالفساق، وحضور موقع التهمة، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة وأنواع المفاسد. ومجالسة الخطائين كم فيها من التعرّض لاقتراف الآثام، فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب، وقد نبه على ذلك بقوله وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ وقيل: كان بالمدينة موسرات من بغايا المشركين، فرغب فقراء المهاجرين في نكاحهنّ، فاستأذنوا رسول الله ﷺ، فنزلت. وعن عائشة رضى الله عنها أن الرجل إذا زنى بامرأة، ليس له أن يتزوجها لهذه الآية، وإذا باشرها كان زانيا. وقد أجازه ابن عباس رضى الله عنهما وشبهه بمن سرق ثمر شجرة ثم اشتراه. وعن النبي ﷺ أنه سئل عن ذلك؟ فقال: أوله سفاح وآخره نكاح. والحرام لا يحرم الحلال. وقيل: المراد بالنكاح الوطء، وليس بقول لأمرين، أحدهما: أن هذه الكلمة أينما وردت في القرآن لم ترد إلا في معنى العقد. والثاني: فساد المعنى وأداؤه إلى قولك: الزاني لا يزنى إلا بزانية والزانية لا يزنى بها إلا زان. وقيل: كان نكاح الزانية محرّما في أول الإسلام ثم نسخ، والناسخ قوله: وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ. وقيل الإجماع، وروى ذلك عن سعيد بن المسيب رضى الله عنه. فإن قلت: أى فرق بين معنى الجملة الأولى ومعنى الثانية؟ قلت: معنى الأولى صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف ولكن في الفواجر. ومعنى الثانية: صفة الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفاء ولكن للزناة، وهما معنيان مختلفان [[قال محمود: «إن قلت أى فرق بين الجملتين في المعنى؟ قلت: معنى الأولى صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف، ولكن في الفواجر ومعنى الثانية صفة الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفاء ولكن للزناة وهما معنيان مختلفان» قال أحمد: وليس فيما ذكره إيضاح إطباق الجملتين. ونحن نوضحه فنقول: الأقسام أربعة: الزاني لا يرغب إلا في زانية. الزانية لا ترغب إلا في زان. العفيف لا يرغب إلا في عفيفة. العفيفة لا ترغب إلا في عفيف. وهذه الأقسام الأربعة مختلفة المعاني، وحاصرة للقسمة فنقول: اختصرت الآية من هذه الأربعة قسمين، واقتصرت على قسمين أحرى من المسكوت عنهما، فجاءت مختصرة جامعة، فالقسم الأول صريح في القسم الأول ويفهم الثالث، والقسم الثاني صريح في القسم الثاني ويفهم الرابع، والقسم الثالث والرابع متلازمان، من حيث أن المقتضى لانحصار رغبة العفيف في العفيفة هو اجتماعهما في العفة، وذلك بعينه مقتض لانحصار رغبتها فيه، ثم يقصر التعبير عن وصف الزناة والأعفاء بما لا يقل عن ذكر الزناة وجودا وسلبا، فان معنى الأول الزانية لا ينكحها عفيف، ومعنى الثاني:
العفيفة لا ينكحها زان. والسر في ذلك أن الكلام في أحكامهم، فذكر الأعفاء بسلب نقائصهم، حتى لا يخرج بالكلام عما هو المقصود منه، ثم بينه في إسناد النكاح في هذين القسمين المذكور دون الإناث، بخلاف قوله الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فانه جعل لكل واحد منهما ثم استقلالا، وقدم الزانية على الزاني. والسبب فيه أن الكلام الأول في حكم الزنا، والأصل فيه المرأة لما يبدو منها من الايماض والاطماع، والكلام الثاني في نكاح الزناة إذا وقع ذلك على الصحة، والأصل في النكاح الذكور وهم المبتدءون بالخطبة، فلم يسند إلا لهم لهذا- وإن كان الغرض من الآية تنفير الأعفاء من الذكور والإناث من مناكحة الزناة ذكورا وإناثا، زجرا لهم عن الفاحشة- ولذلك قرن الزنا والشرك. ومن ثم كره مالك رحمه الله مناكحة المشهورين بالفاحشة، وقد نقل بعض أصحابه الإجماع في المذهب على أن للمرأة أو لمن قام من أوليائها فسخ نكاح الفاسق. ومالك أبعد الناس من اعتبار الكفاءة إلا في الدين. وأما في النسب، فقد بلغه أنهم فرقوا بين عربية ومولى فاستعظمه وتلا يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ.]] . فإن قلت: كيف قدمت الزانية على الزاني أولا، ثم قدم عليها ثانيا؟ قلت:
سيقت تلك الآية لعقوبتهما على ما جنيا، والمرأة هي المادة التي منها نشأت الجناية لأنها لو لم تطمع الرجل ولم تومض له ولم تمكنه لم يطمع ولم يتمكن، فلما كانت أصلا وأولا في ذلك بدأ بذكرها. وأمّا الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه، لأنه هو الراغب والخاطب، ومنه يبدأ الطلب. وعن عمرو بن عبيد رضى الله عنه: لا ينكح، بالجزم على النهى. والمرفوع فيه أيضا معنى النهى، ولكن أبلغ وآكد، كما أن «رحمك الله، ويرحمك» أبلغ من «ليرحمك» ويجوز أن يكون خبرا محضا على معنى: أن عادتهم جارية على ذلك، وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادة ويتصوّن عنها. وقرئ: وحرم، بفتح الحاء [[قوله «بفتح الحاء» لعله: بفتح الحاء والراء. (ع)]] .
{"ayah":"ٱلزَّانِی لَا یَنكِحُ إِلَّا زَانِیَةً أَوۡ مُشۡرِكَةࣰ وَٱلزَّانِیَةُ لَا یَنكِحُهَاۤ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكࣱۚ وَحُرِّمَ ذَ ٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق