الباحث القرآني

قوله عز وجل: الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً. روي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أن رجلاً يقال له مرثد بن أبي مرثد قال للنبي ﷺ: أأنكح عناقاً، يعني: امرأة بغيَّة كانت بمكة؟ قال: فسكت عنه رسول الله ﷺ، حتى نزلت هذه الآية الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً، أَوْ مُشْرِكَةً، فقال: «يا مَرْثَدُ لا تَنْكِحْهَا» [[أخرجه الترمذي (3177) وقال: حديث حسن غريب وأبو داود (2051) والنسائي: 6/ 65 وعزاه السيوطي: 6/ 128 إلى الترمذي والنسائي وأبي داود وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي.]] وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «ليس هو على النكاح، ولكنه الجماع» ويقال: «إن أصحاب الصفة استأذنوا رسول الله ﷺ بأن يتزوجوا الزواني، وكانت لهن رايات كعلامة البيطار لتعرف أنها زانية، وقالوا: لنا في تزويجهن مراد، فأذن لنا فإنهن أخصب أهل المدينة وأكثرهم خيراً، والمدينة غالية السعر، وقد أصابنا الجهد. فإذا جاءنا الله تعالى بالخير طلقناهن وتزوجنا المسلمات» ، فنزلت الآية الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً. وقال سعيد بن جبير، والضحاك: الزانى لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله في الزنى، والزانية لا تزني إلا بزان مثلها في الزنى. وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني: الزنى. وقال الحسن البصري: الزَّانِي المجلود بالزنى، لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً مجلودة مثله في الزنى. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أن مجلوداً تزوج امرأة غير مجلودة، ففرق بينهما» [[عزاه السيوطي 6/ 126 إلى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه.]] ويقال: أراد به النكاح، لا يَنْكِحُ، يعني: لا يتزوج. وكان التزويج حراماً بهذه الآية، ثم نسخ بما روي أن رجلاً قال للنبي ﷺ: إن امرأتي لا ترد يد لامس، فقال: «طَلِّقْهَا» . قال: إني أحبها، فقال: «أَمْسِكْهَا» [[حديث ابن عباس: أخرجه أبو داود (2049) وبلفظ «غرّبها» و «فاستمتع بها» والنسائي 6/ 170 والبيهقي 7/ 155.]] . وقال سعيد بن المسيب: الزَّانِي لاَ يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً. كانوا يرون أن الآية التي بعدها نسختها وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ [النور: 32] الآية. ثم قال عز وجل: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ، يعني: يقذفون العفائف من النساء، الحرائر المسلمات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ على صدق مقالتهم، فَاجْلِدُوهُمْ يقول: للحكام ويقال: هذا الخطاب لجميع المسلمين، ثم إن المسلمين فوضوا الأمر إلى الإمام وإلى القاضي، ليقيم عليهم الحد. ثَمانِينَ جَلْدَةً، يعني: ثمانين سوطاً. وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً، أي: لا تقبلوا لهم شهادة بعد إقامة الحد عليهم. وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ، يعني: العاصين. قال عز وجل: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ، يعني: القذف. وَأَصْلَحُوا، يعني: العمل بعد توبتهم، فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ لذنوبهم بعد التوبة، رَحِيمٌ بهم بعد التوبة. وقال شريح: «يقبل توبته فيما بينه وبين الله تعالى، فأما شهادته فلا تقبل أبداً» وقال إبراهيم النخعي رحمه الله: «إذا تاب ذهب عنه الفسق، ولا تقبل شهادته أبداً» . وروي عن ابن عباس أنه قال: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا «تاب الله عليهم من الفسق وأما الشهادة فلا تقبل أبداً» وهكذا عن سعيد بن جبير ومجاهد. وروي عن جماعة من التابعين: أن شهادته تقبل إذا تاب مثل: عطاء، وطاوس، وسعيد بن المسيب، والشعبي، وغيرهم، وهو قول أهل المدينة، والأول قول أهل العراق وبه نأخذ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب