الباحث القرآني
قوله ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ﴾.
وقوله ﴿وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ فجعله أَمْراً كأنّه يقول: "وإحساناً بالوالدينِ" أي: "أَحْسِنُوا إحْسانا".
وقال ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ فهو على أحد وجهين إمّا أَنْ يكون يراد بـ"الحُسْنِ" "الحَسَنَ" كما تقول: "البُخْل" و"البَخلَ"، وإمّا أنْ يكونَ جعل "الحُسْنَ" هو "الحَسَنَ" في التشبيه كما تقول: "إنَّما أَنْتَ أَكلٌ وشُرْبٌ". قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثامن بعد المئة]:
وَخَيْلٍ قدْ دَلَفْتٌ لَها بِخَيْلٍ * تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وَجِيعٌ
"دَلَفْتُ": "قَصَدْتُ" فجعل التحية ضربا. وهذه الكلمة في الكلام ليست بكثيرة وقد جاءت في القرآن.وقد قرأها بعضهم ﴿حَسَنا﴾ يريد "قولوا لهم حَسَناً" وقال بعضهم ﴿قولوا للناسِ حُسْنى﴾ يؤنثها ولم ينّونها، وهذا لا يكاد يكون لا "الحُسْنى" لا يتكلم بها الا بالالف واللام، كما لا يتلكم بتذكيرها الا بالالف واللام [فـ] لو قلت: "جاءَني أَحْسَنُ وأَطْوَلُ" لم يَحْسُن حتّى تقول: "جاءَني الأَحْسَنُ والأَطْوَلُ" فكذلك هذا يقول: "جاءَتْنِي الحُسْنى والطُولى". إلاّ أَنهم قد جعلوا أِشياء من هذا أسماء نحو "دُنْيا" و "أُوْلَى". قال الراجز: [وهو الشاهد التاسع بعد المئة]:
* في سَعْيِ دُنْيا طالَ ما قَدْ مَدَّتِ *ِ
ويقولون: "هي خَيْرَةُ النِساءِ" ["هنّ خَيْراتُ النِّساء"] لا يكادون يفردونه وافراده جائز. وفي كتاب الله عز وجل ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ وذلك انه لم يرد "أَفْعَلَ" وانما اراد تأنيث الخير لأنه لما وصف فقال: "فلانٌ خَيْرٌ" أشبه الصفات فأدخل الهاء للمؤنث.
وأما قوله ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ﴾ ثم قال ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ ثم قال ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ﴾ فلأنه خاطبهم من بعدما حدث عنهم وذا في الكلام والشعر كثير. قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد العاشر بعد المئة]:
أسيئي بِنا أوّ أَحْسِنِي لا مَلُومَةٌ * لَدَيْنا وَلا مَقْليةٌ إِنْ تَقَلَّبِ
وانما يريدون "تَقَلَّيْتِ". وقال الآخر: [من الكامل وهوالشاهد الحادي عشر بعد المئة]:
شَطَّتْ مُزارَ العاشِقينَ فأصبحَتْ * عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ ابْنَةٌ مَخْرَمِ
إنَّما أراد "فأصبحت ابنَةُ مخرَمٍ عسراً على طلابُها". وجاز ان يجعل الكلام كأنه خاطبها لانه حين قال: "شَطَّتْ مَزارَ العاشِقين" كأنه قال: "شَطَطْتِ مزار العاشِقين" لأنه إيّاها يريدُ بهذا الكلام. ومثله مما يخرج من أوله قوله: [من الرجز وهو الشاهد الثاني عشر بعد المئة]:
* إنَّ تَميماً خُلِقَتْ مَلْمُوما *
فأراد القبيلة بقوله: "خُلِقَتْ" ثم قال "مَلْمُوما" على الحي أو الرجل، ولذلك قال:
* مثلَ الصَّفا لا تَشْتَكِي الكُلُوما *
ثم قال:
* قَوماً تَرَى واحدَهُم صِهْمِيما *
فجاء بالجماعة لانه اراد القبيلة او الحي ثم قال:
* لا راحِمَ الناسِ ولا مُرْحُوما *
وقال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثالث عشر بعد المئة]:
أقولُ لَهُ والرمحُ يأطِرُمَتْنَهُ * تأَمَّل خُفافاً إِنَّنِي أَنَاذلِكا
و "تَبَيَّنْ خْفافاً"، يريد: "أَنَا هُوَ". وفي كتاب الله عز وجل ﴿حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِي ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم﴾ فأخبر بلفظ الغائب وقد كان في المخاطبة لان ذلك يدل على المعنى. وقال الأسْودَ: [من البسيط وهو الشاهد الرابع عشر بعد المئة]:
وَجَفْنَةٍ كإِزاءِ الحَوْضُ مُتْرَعَةٍ * ترى جَوانِبَها بِالشَّحْمِ مَفْتُونا
فيكون على انه حمله على المعنى أَي: ترى كلَّ جانبٍ منها، او جعل صفة الجميع واحدا كنحو ما جاء في الكلام. وقوله "مأطِرُ مَتْنَه" يثنى متنه. وكذلك ﴿ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ﴾ ثم قال ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ لان الذي أخبر عنه هو الذي خاطب. قال رؤبة: [من الرجز وهو الشاهد الخامس عشر بعد المئة]:
الحَمْدُ لِلّهِ الاَعَزِّ الأَجْلَلِ * أَنْتَ مَلِيكُ الناسِ ربّاً فَاقْبَلِ
وقال زهير: [من الوافر وهو الشاهد السادس عشر بعد المئة]:
فإنّي لَوْ أُلاقِيكَ أجْتَهَدْنَا * وكانَ لِكُلِّ مُنْكَرَةٍ كِفاء
فأُبْرِىءَ مُوضَحاتِ الرأسِ مِنْهُ * وَقَدْ يَشْفِى من الجَرَبِ الهِناءُ
وقال الله تبارك وتعالى ﴿ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ﴾ فَذَكَّر بعد التأنيث كأنه أراد: هذا الامر الذي كنتم به تستعجلون. ومثله ﴿فَلَماَّ رَأَى ٱلشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي هَـٰذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّآ أَفَلَتْ﴾ فيكون هذا على: الذي أرى ربّي أي: هذا الشيء ربي. وهذا يشبه قول المفسرين ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمْ﴾ قال: إنَّما دخلت "إلى" لأن معنى "الرَفَث" و"الأفْضاء" واحد، فكأنه قال: "الافضاءُ إلى نِسائِكُمْ"، وانما يقال: "رَفْثَ بامرَأَتِه" ولا يقال: "إلى امرأته" وذا عندي كنحو ما يجوز من "الباء" في مكان "إلى" في [قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ﴾ وانما هو "أحسن اليّ" فلم "إلى" ووضع "الباء" مكانها] وفي مكان "على" في قوله ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمَّاً بِغَمٍّ﴾ انما هو "غمّاً على غَمٍّ" [وقوله] ﴿وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ﴾ أي: "على قِنطارٍ" كما تقول: "مررتُ بِهِ" و"مررت عَلَيْهِ" كما قال الشاعر: - وأخبرني من أثق به أنه سمعه من العرب -: [من الوافر وهو الشاهد الرابع والعشرون]:
إذا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ * لَعَمْرُ اللّهِ أَعْجَبَنِي رِضاها
يريد: "عنى". وذا يشبه ﴿وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ﴾ لانك تقول: "خَلَوْتُ إلَيْهِ وصنعنا كذا وكذا" و"خَلَوْتُ به". وان شئت جعلتها في معنى قوله ﴿مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ﴾ أي: "معَ اللّهِ"، وكما قال ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ﴾ أي: "على القَوْمِ"
{"ayah":"وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَ ٰلِدَیۡنِ إِحۡسَانࣰا وَذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسۡنࣰا وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّیۡتُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق