الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذْ أخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إلا اللَّهَ وبِالوالِدَيْنِ إحْسانًا﴾ يَدُلُّ عَلى تَأْكِيدِ حَقِّ الوالِدَيْنِ ووُجُوبِ الإحْسانِ إلَيْهِما كافِرَيْنِ كانا أوْ مُؤْمِنَيْنِ؛ لِأنَّهُ قَرَنَهُ إلى الأمْرِ بِعِبادَتِهِ تَعالى وقَوْلُهُ: ﴿وذِي القُرْبى﴾ يَدُلُّ عَلى وُجُوبِ صِلَةِ الرَّحِمِ والإحْسانِ إلى اليَتامى والمَساكِينِ. ﴿وقُولُوا لِلنّاسِ حُسْنًا﴾ رُوِيَ عَنْ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: " وقُولُوا لِلنّاسِ حُسْنًا كُلُّهم "،
قالَ أبُو بَكْرٍ: وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهم كانُوا مُتَعَبِّدِينَ بِذَلِكَ في المُسْلِمِ والكافِرِ وقَدْ قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ عَلى مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجادِلْهم بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥] والإحْسانُ المَذْكُورُ في الآيَةِ إنَّما هو الدُّعاءُ إلَيْهِ والنُّصْحُ فِيهِ لِكُلِّ أحَدٍ ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وقَتادَةَ أنَّها مَنسُوخَةٌ بِالأمْرِ بِالقِتالِ.
وقَدْ قالَ تَعالى: ﴿لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلا مَن ظُلِمَ﴾ [النساء: ١٤٨] وقَدْ أمَرَ اللَّهُ تَعالى بِلَعْنِ الكُفّارِ والبَراءَةِ مِنهم والإنْكارِ عَلى أهْلِ المَعاصِي، وهَذا مِمّا لا يَخْتَلِفُ فِيهِ شَرائِعُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ المَأْمُورَ بِهِ مِنَ القَوْلِ الحَسَنِ أحَدُ وجْهَيْنِ: إمّا أنْ يَكُونَ خاصًّا في المُسْلِمِينَ ومَن لا يَسْتَحِقُّ اللَّعْنَ والنَّكِيرَ، وإنْ كانَ عامًّا فَهو الدُّعاءُ إلى اللَّهِ تَعالى والأمْرُ بِالمَعْرُوفِ والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ، وذَلِكَ كُلُّهُ حَسَنٌ وأخْبَرَنا اللَّهُ تَعالى أنَّهُ كانَ أخَذَ المِيثاقَ عَلى بَنِي إسْرائِيلَ بِما ذُكِرَ، والمِيثاقُ هو العَقْدُ المُؤَكَّدُ إمّا بِوَعِيدٍ أوْ بِيَمِينٍ، وهو نَحْوُ أمْرِ اللَّهِ الصَّحابَةَ بِمُبايَعَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلى (p-٤٨)شَرائِطِها المَذْكُورَةِ وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وإذْ أخَذْنا مِيثاقَكم لا تَسْفِكُونَ دِماءَكم ولا تُخْرِجُونَ أنْفُسَكم مِن دِيارِكُمْ﴾ يَحْتَمِلُ وجْهَيْنِ:
أحَدُهُما: أنْ لا يَقْتُلَ بَعْضُكم بَعْضًا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩] وكَذَلِكَ إخْراجُهم مِن دِيارِهِمْ، وكَقَوْلِهِ: ﴿وقاتَلُوا وقُتِلُوا﴾ [آل عمران: ١٩٥]
والآخَرُ: أنْ لا يَقْتُلَ كُلُّ واحِدٍ نَفْسَهُ، إمّا بِأنْ يُباشِرَ ذَلِكَ كَما يَفْعَلُهُ الهِنْدُ وكَثِيرٌ مِمَّنْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ اليَأْسُ مِنَ الخَلاصِ مِن شِدَّةٍ هو فِيها، أوْ بِأنْ يَقْتُلَ غَيْرَهُ فَيُقْتَلَ بِهِ فَيَكُونَ في مَعْنى قَتْلِ نَفْسِهِ واحْتِمالُ اللَّفْظَيْنِ المَعْنَيَيْنِ يُوجِبُ أنْ يَكُونَ عَلَيْهِما جَمِيعًا وهَذا الَّذِي أخْبَرَ اللَّهُ بِهِ مِن حُكْمِ شَرِيعَةِ التَّوْراةِ مِمّا كانَ يَكْتُمُهُ اليَهُودُ لِما عَلَيْهِمْ في ذَلِكَ الوَكْسِ ويَلْزَمُهم في ذَلِكَ مِنَ الذَّمِّ، فَأطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ وجَعَلَهُ دَلالَةً وحُجَّةً عَلَيْهِمْ في جَحْدِهِمْ نُبُوَّتَهُ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ السَّلامُ مِمَّنْ قَرَأ الكُتُبَ ولا عَرَفَ ما فِيها إلّا بِإعْلامِ اللَّهِ تَعالى إيّاهُ، وكَذَلِكَ جَمِيعُ ما حَكى اللَّهُ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ عَنْهم مِن قَوْلِهِ: ﴿وكانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٨٩] وسائِرُ ما ذَمَّهم هو تَوْقِيفٌ مِنهُ لَهُ عَلى ما كانُوا يَكْتُمُونَ وتَقْرِيعٌ لَهم عَلى ظُلْمِهِمْ وكُفْرِهِمْ وإظْهارِ قَبائِحِهِمْ، وجَمِيعُهُ دَلالَةٌ عَلى نُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ.
{"ayahs_start":83,"ayahs":["وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَ ٰلِدَیۡنِ إِحۡسَانࣰا وَذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسۡنࣰا وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّیۡتُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ","وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَكُمۡ لَا تَسۡفِكُونَ دِمَاۤءَكُمۡ وَلَا تُخۡرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِیَـٰرِكُمۡ ثُمَّ أَقۡرَرۡتُمۡ وَأَنتُمۡ تَشۡهَدُونَ"],"ayah":"وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِیثَـٰقَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ لَا تَعۡبُدُونَ إِلَّا ٱللَّهَ وَبِٱلۡوَ ٰلِدَیۡنِ إِحۡسَانࣰا وَذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسۡنࣰا وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ثُمَّ تَوَلَّیۡتُمۡ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنكُمۡ وَأَنتُم مُّعۡرِضُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق