الباحث القرآني
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾، في ”نُنْسِها“، غَيْرُ وجْهٍ قَدْ قُرِئَ بِهِ: ”أوْ نُنْسِها“، و”نَنْسَها“، و”نَنْسَأْها“، فَأمّا ”اَلنَّسْخُ“، في اللُّغَةِ، فَإبْطالُ شَيْءٍ، وإقامَةُ آخَرَ مَقامَهُ، العَرَبُ تَقُولُ: ”نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ“، والمَعْنى: أذْهَبَتِ الظِّلَّ، وحَلَّتْ مَحَلَّهُ، وقالَ أهْلُ اللُّغَةِ في مَعْنى ”أوْ نُنْسِها“، قَوْلَيْنِ، قالَ بَعْضُهُمْ: ”أوْ نُنْسِها“، مِن ”اَلنِّسْيانُ“، وقالُوا: دَلِيلُنا عَلى ذَلِكَ قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى﴾ [الأعلى: ٦] ﴿إلا ما شاءَ اللَّهُ﴾ [الأعلى: ٧]، فَقَدْ أعْلَمَ اللَّهُ أنَّهُ يَشاءُ أنْ يُنْسى، وهَذا القَوْلُ عِنْدِي لَيْسَ بِجائِزٍ، لِأنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - قَدْ أنْبَأ النَّبِيَّ ﷺ في قَوْلِهِ: ﴿وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أوْحَيْنا إلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٨٦]، أنَّهُ لا يَشاءُ أنْ يَذْهَبَ بِالَّذِي أوْحى بِهِ إلى النَّبِيِّ ﷺ، وفي قَوْلِهِ: ﴿فَلا تَنْسى﴾ [الأعلى: ٦] ﴿إلا ما شاءَ اللَّهُ﴾ [الأعلى: ٧]، قَوْلانِ يُبْطِلانِ هَذا القَوْلَ الَّذِي حَكَيْنا عَنْ بَعْضِ أهْلِ اللُّغَةِ، أحَدُهُما: ”فَلا تَنْسى“، أيْ: لَسْتَ تَتْرُكُ إلّا ما شاءَ اللَّهُ أنْ تَتْرُكَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ ”إلّا ما شاءَ اللَّهُ“، مِمّا يَلْحَقُ بِالبَشَرِيَّةِ، ثُمَّ تَذْكُرُ بَعْدُ، (p-١٩٠)لَيْسَ أنَّهُ عَلى طَرِيقِ السَّلْبِ لِلنَّبِيِّ ﷺ شَيْئًا أُوتِيَهُ مِنَ الحِكْمَةِ، وقِيلَ في ”﴿أوْ نُنْسِها﴾“، قَوْلٌ آخَرَ، وهو خَطَأٌ أيْضًا، قالُوا: ”أوْ نَتْرُكْها“، وهَذا يُقالُ فِيهِ: ”نَسِيتُ“، إذا تَرَكْتُ، ولا يُقالُ: ”أُنْسِيتُ“، أيْ: تَرَكْتُ، وإنَّما مَعْنى ”﴿أوْ نُنْسِها﴾“: ”أوْ نَتْرُكْها“، أيْ: نَأْمُرْ بِتَرْكِها.
فَإنْ قالَ قائِلٌ: ما مَعْنى تَرَكِها غَيْرُ النَّسْخِ؟ وما الفارِقُ بَيْنَ التَّرْكِ والنَّسْخِ؟ فالجَوابُ في ذَلِكَ أنَّ النَّسْخَ يَأْتِي في الكِتابِ في نَسْخِ الآيَةِ بِآيَةٍ، فَتُبْطِلُ الثّانِيَةُ العَمَلَ بِالأُولى، ومَعْنى التَّرْكِ أنْ تَأْتِيَ الآيَةُ بِضَرْبٍ مِنَ العَمَلِ، فَيُؤْمَرَ المُسْلِمُونَ بِتَرْكِ ذَلِكَ بِغَيْرِ آيَةٍ تَأْتِي ناسِخَةً لِلَّتِي قَبْلَها، نَحْوَ: ﴿إذا جاءَكُمُ المُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فامْتَحِنُوهُنَّ﴾ [الممتحنة: ١٠]، ثُمَّ أُمِرَ المُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَرْكِ المِحْنَةِ، فَهَذا مَعْنى التَّرْكِ، ومَعْنى النَّسْخِ قَدْ بَيَّنّاهُ، فَهَذا هو الحَقُّ، ومَن قَرَأ: ”أوْ نَنْسَأْها“، أرادَ: ”نُؤَخِّرْها“، و”اَلنَّسْءُ“، في اللُّغَةِ: اَلتَّأْخِيرُ، يُقالُ: ”نَسَأ اللَّهُ في أجَلِهِ“، و”أنْسَأ اللَّهُ أجَلَهُ“، أيْ: أخَّرَ أجَلَهُ.
وَقَوْلُهُ: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها﴾، اَلْمَعْنى بِخَيْرٍ مِنها لَكُمْ، ﴿أوْ مِثْلِها﴾، فَأمّا ما يُؤْتى فِيهِ بِخَيْرٍ مِنَ المَنسُوخِ فَتَمامُ الصِّيامِ، الَّذِي نَسَخَ الإباحَةَ في الإفْطارِ لِمَنِ اسْتَطاعَ الصِّيامَ، ودَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ﴾ [البقرة: ١٨٥]، فَهَذا هو خَيْرٌ لَنا، كَما قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -، وأمّا قَوْلُهُ: ﴿أوْ مِثْلِها﴾، أيْ: نَأْتِ بِآيَةٍ ثَوابُها كَثَوابِ الَّتِي قَبْلَها، والفائِدَةُ في (p-١٩١)ذَلِكَ أنْ يَكُونَ النّاسِخُ أسْهَلَ في المَأْخَذِ مِنَ المَنسُوخِ، والإيمانُ بِهِ أسْوَغَ، والنّاسُ إلَيْهِ أسْرَعَ، نَحْوَ القِبْلَةِ الَّتِي كانَتْ عَلى جِهَةٍ، ثُمَّ أمَرَ اللَّهِ النَّبِيَّ ﷺ بِجَعْلِ البَيْتِ قِبْلَةَ المُسْلِمِينَ، وعَدَلَ بِها عَنِ القَصْدِ لِبَيْتِ المَقْدِسِ، فَهَذا - وإنْ كانَ السُّجُودُ إلى سائِرِ النَّواحِي مُتَساوِيًا في العَمَلِ، والثَّوابِ، فالَّذِي أمَرَ اللَّهُ بِهِ في ذَلِكَ الوَقْتِ كانَ الأصْلَحَ، والأدْعى لِلْعَرَبِ، وغَيْرِهِمْ، إلى الإسْلامِ.
{"ayah":"۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق