الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ﴾ في (مَعْنى) نَسْخِها ثَلاثَةُ تَأْوِيلاتٍ: أحَدُها: أنَّهُ قَبْضُها، وهو قَوْلُ السُّدِّيِّ.
والثّانِي: أنَّهُ تَبْدِيلُها، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: أنَّهُ إثْباتُ خَطِّها وتَبْدِيلُ حُكْمِها، وهو قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ.
( أوْ نُنْسِها ) فِيهِ قِراءَتانِ: أحَدُهُما: هَذِهِ، والثّانِيَةُ: ( أوْ نَنْسَأها ) فَمَن قَرَأ: ( أوْ نَنْسَها ) فَفي تَأْوِيلِهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ: أحَدُها: أنَّهُ بِمَعْنى أوْ نُمْسِكُها، وقَدْ ذُكِرَ أنَّها كانَتْ في مُصْحَفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ما نُمْسِكُ مِن آيَةٍ أوْ نَنْسَخْها نَجِيءُ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها وذَلِكَ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ، كانَ يَقْرَأُ الآيَةَ، ثُمَّ يَنْسى وتُرْفَعُ،» وكانَ سَعْدُ بْنُ أبِي وقّاصٍ (p-١٧٢)
يَقْرَأُ: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾، بِمَعْنى الخِطابِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: أوْ تَنْسى أنْتَ يا مُحَمَّدُ، وقالَ القاسِمُ بْنُ رَبِيعَةَ لِسَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ: فَإنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ يَقْرَأُ: ﴿أوْ نُنْسِها﴾، فَقالَ سَعْدٌ: إنَّ القُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ عَلى ابْنِ المُسَيِّبِ، ولا عَلى آلِ المُسَيِّبِ قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى﴾ [الأعْلى: ٦] ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ﴾ [الكَهْفِ: ٢٤] وهَذا مَعْنى قَوْلِ مُجاهِدٍ وقَتادَةَ.
والثّانِي: أنَّ ذَلِكَ بِمَعْنى التَّرْكِ، مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾، أيْ تَرَكُوهُ فَتَرَكَهُمْ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الكَلامِ: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ﴾ يَعْنِي نَرْفَعُها ونُبَدِّلُها، ﴿أوْ نُنْسِها﴾ أيْ نَتْرُكُها ولا نُبَدِّلُها ولا نَنْسَخُها، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ والسُّدِّيِّ.
والثّالِثُ: أنَّ قَوْلَهُ: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾ قالَ: النّاسِخُ والمَنسُوخُ، وهَذا قَوْلُ الضَّحّاكِ.
والرّابِعُ: أنَّ مَعْنى نُنْسِها أيْ نَمْحُها، وهَذا قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ.
وَأمّا مَن قَرَأ: ( أوْ نَنْسَأُها ) فَمَعْناهُ نُؤَخِّرُها، مِن قَوْلِهِمْ: نَسَأْتُ هَذا الأمْرَ، إذا أخَّرْتَهُ، ومِن ذَلِكَ قَوْلِهِمْ: بِعْتُ بِنَساءٍ أيْ بِتَأْخِيرٍ، وهَذا قَوْلُ عَطاءٍ وابْنِ أبِي نَجِيحٍ.
﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها﴾ فِيهِ تَأْوِيلانِ: أحَدُهُما: أيْ خَيْرٍ لَكم في المَنفَعَةِ، وأرْفَقَ بِكُمْ، وهَذا قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ: والثّانِي: أنَّ مَعْنى (خَيْرٍ) مِنها، أيْ أخَفَّ مِنها، بِالتَّرْخِيصِ فِيها، وهَذا مَعْنى قَوْلِ قَتادَةَ.
فَيَكُونُ تَأْوِيلُ الآيَةِ، ما نُغَيِّرُ مِن حُكْمِ آيَةٍ فَنُبَدِّلُهُ، أوْ نَتْرُكُهُ فَلا نُبَدِّلُهُ، نَأْتِ بِخَيْرٍ لَكم أيُّها المُؤْمِنُونَ حُكْمًا مِنها، إمّا بِالتَّخْفِيفِ في العاجِلِ، كالَّذِي كانَ مِن نَسْخِ قِيامِ اللَّيْلِ تَخْفِيفًا، وإمّا بِالنَّفْعِ بِكَثْرَةِ الثَّوابِ في الآجِلِ، كالَّذِي كانَ مِن نَسْخِ صِيامِ أيّامٍ مَعْدُوداتٍ بِشَهْرِ رَمَضانَ.
وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ مِثْلِها﴾ يَعْنِي مِثْلَ حُكْمِها، في الخِفَّةِ والثِّقَلِ والثَّوابِ والأجْرِ، كالَّذِي كانَ مِن نَسْخِ اسْتِقْبالِ بَيْتِ المَقْدِسِ، بِاسْتِقْبالِ الكَعْبَةِ، وذَلِكَ (p-١٧٣)
مِثْلُهُ في المَشَقَّةِ والثَّوابِ ﴿ألَمْ تَعْلَمْ أنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ﴿ألَمْ تَعْلَمْ أنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ فَإنْ قِيلَ: أوَكانَ النَّبِيُّ ﷺ غَيْرَ عالِمٍ بِأنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأرْضِ؟ قِيلَ: عَنْ هَذا ثَلاثَةُ أجْوِبَةٍ: أحَدُها: أنَّ قَوْلَهُ: (ألَمْ تَعْلَمْ) بِمَعْنى أعَلِمْتَ.
والثّانِي: أنَّهُ خارِجٌ مَخْرَجَ التَّقْرِيرِ، لا مَخْرَجَ الِاسْتِفْهامِ.
كَما قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وَإذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ أأنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّيَ إلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ [المائِدَةِ: ١١٦] خَرَجَ مَخْرَجَ التَّقْرِيرِ لا مَخْرَجَ الِاسْتِفْهامِ.
والثّالِثُ: أنَّ هَذا الخِطابَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، والمُرادُ بِهِ أُمَّتُهُ، ألا تَراهُ قالَ بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿وَما لَكم مِن دُونِ اللَّهِ مِن ولِيٍّ ولا نَصِيرٍ﴾
{"ayahs_start":106,"ayahs":["۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ","أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرٍ"],"ayah":"۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق