الباحث القرآني

قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ)، النسخ إبطال الشيء، تقول العرب: نَسَخَتِ الشَمسُ الظلَ إذا أَذْهَبَتْه وحَلَّت محله، فهذا النسخ إلى بدلٍ، لأن الظلِّ يزول ويبطل، وتكون الشمس بدلا عنه، ويجوز النسخ إلى غير بدلٍ وهو رفع الحكم وإبطاله من غير أن تقيم له بدلا، وقرأ ابن عامر (مَا نُنْسِخْ) بضم النون من: أُنْسِخَت الآيةُ أي: وجدتها منسوخة، كقولهم: أحمدتُ الرجلَ وأحْبَبْتُه، وأكذبتُه، وأبخلتُه [أي]: أصبته على هذه الأحوال، فيكون معنى قوله: (نُنْسِخْ): نجده منسوخا، وإنما نجده كذلك [لنسخه إياه]، وإذا كان كذلك كان معنى قراءة ابن عامر كمعنى قراءة من قرأ (مَا نَنسَخ) بفتح النون، يتفقان في المعنى وإنْ اختلفا في اللفظ. قوله تعالى (أَوْ نُنسِهَا)، [النسيان] ضد الذكر، والإنساء منقولة منه، يقال: نسي [الرجل] الشيءَ وأنسيته الشيء: إذا جعلته ينساه. ومعنى الآية: أَنّا إذا رفعنا آيةً من جهة النسخ أو الإنساء لها أتينا بخير من الذي نرفعه بأحد هذين [الوجهين] وهما: النسخ والإنساء، وقد يقع النسخ بالإنساء، وقرأ أبو عمرو (نَنْسَأْها) مفتوحة النون مهموزة من النَّسْء بمعنى التأخير، يقال: نَسَأْت الإبل عن الحوض إذا أَخرتَها، والمعنى: نؤخرها إلى وقتٍ ثانٍ فنأتي بدلا [منها] في الوقت المتقدم بما يقوم مقامها، ومعنى (نَأتِ بِخَيرٍ مِّنْهَا)، أي: أصلح لِمَنْ تُعُبدَ [بها]، وأنفع لهم وأسهل عليهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب