قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾ الآيَةَ.
أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ في ”الكُنى“، وابْنُ عَدِيٍّ، وابْنُ عَساكِرَ (p-٥٤٣)عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ مِمّا يَنْزِلُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ الوَحْيُ بِاللَّيْلِ، ويَنْساهُ بِالنَّهارِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها﴾ .
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «قَرَأ رَجُلانِ مِنَ الأنْصارِ سُورَةً أقْرَأهُما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وكانا يَقْرَآنِ بِها، فَقاما يَقْرَآنِ ذاتَ لَيْلَةٍ يُصَلِّيانِ، فَلَمْ يَقْدِرا مِنها عَلى حَرْفٍ، فَأصْبَحا غادِيَيْنِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: إنَّها مِمّا نُسِخَ أوْ نُسِيَ، فالهُوا عَنْها» . فَكانَ الزُّهْرِيُّ يَقْرَؤُها: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها﴾ بِضَمِّ النُّونِ خَفِيفَةً.
وأخْرَجَ البُخارِيُّ، والنَّسائِيُّ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في كِتابِ ”المَصاحِفِ“، والحاكِمُ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: قالَ عُمَرُ: أقْرَؤُنا أُبَيٌّ وأقْضانا عَلِيٌّ، وإنّا لَنَدَعُ شَيْئًا مِن قِراءَةِ أُبَيٍّ، وذَلِكَ أنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لا أدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ ﷺ . وقَدْ قالَ اللَّهُ (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نَنْسَأْها) .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وأبُو داوُدَ في ”ناسِخِهِ“، وابْنُهُ في ”المَصاحِفِ“، والنَّسائِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ (p-٥٤٤)وصَحَّحَهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ أنَّهُ قَرَأ (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ تَنْساها) فَقِيلَ لَهُ: إنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ يَقْرَأُ ﴿نُنْسِها﴾ فَقالَ سَعْدٌ: إنَّ القُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ عَلى المُسَيَّبِ ولا عَلى آلِ المُسَيَّبِ. قالَ اللَّهُ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى﴾ [الأعلى: ٦] [ الأعْلى: ٦]، ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ إذا نَسِيتَ﴾ [الكهف: ٢٤] [ الكَهْفِ: ٢٤] .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في “ الأسْماءِ والصِّفاتِ “ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نَنْساها) يَقُولُ: ما نُبَدِّلْ مِن آيَةٍ أوْ نَتْرُكْها لا نُبَدِّلْها ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها﴾ يَقُولُ: خَيْرٍ لَكم لَكم في المَنفَعَةِ وأرْفَقَ بِكم.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: خَطَبَنا عُمَرُ فَقالَ: يَقُولُ اللَّهُ تَعالى (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نَنْسَأْها) أيْ نُؤَخِّرْها.
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْ مُجاهِدٍ أنَّهُ قَرَأ (أوْ نَنْسَأْها) .
(p-٥٤٥)وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في “ ناسِخِهِ “ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ في قِراءَةِ أُبَيٍّ (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِكَ) .
وأخْرَجَ آدَمُ بْنُ أبِي إياسٍ وأبُو داوُدَ في “ ناسِخِهِ “، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والبَيْهَقِيُّ في “ الأسْماءِ والصِّفاتِ “ عَنْ مُجاهِدٍ عَنْ أصْحابِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ﴾ قالَ: نُثْبِتْ خَطَّها ونُبَدِّلْ حُكْمَها (أوْ نَنَسَأْها) قالَ: نُؤَخِّرْها عِنْدَنا.
وأخْرَجَ آدَمُ، وابْنُ جَرِيرٍ، والبَيْهَقِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ في قَوْلِهِ: (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نَنْساها) يَقُولُ: أوْ نَتْرُكْها نَرْفَعُها مِن عِنْدِهِمْ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الضَّحّاكِ قالَ: في قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ (ما نُنْسِكَ مِن آيَةٍ أوْ نَنْسَخْها) .
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ في “ ناسِخِهِ “، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: كانَتِ الآيَةُ تَنْسَخُ الآيَةَ، وكانَ نَبِيُّ اللَّهِ يَقْرَأُ الآيَةَ والسُّورَةَ وما شاءَ اللَّهُ مِنَ السُّورَةِ ثُمَّ تُرْفَعُ فَيُنَسِّيها اللَّهُ نَبِيَّهُ، فَقالَ اللَّهُ يَقُصُّ عَلى نَبِيِّهِ ﴿ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها﴾ يَقُولُ: فِيها تَخْفِيفٌ فِيها رُخْصَةٌ فِيها أمْرٌ فِيها نَهْيٌ.
(p-٥٤٦)وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في “ ناسِخِهِ “ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نَنْسَأْها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها ألَمْ تَعْلَمْ أنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) . ثُمَّ قالَ: ﴿وإذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ﴾ [النحل: ١٠١] [ النَّحْلِ: ١٠١] وقالَ: ﴿يَمْحُو اللَّهُ ما يَشاءُ ويُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] [ الرَّعْدِ: ٣٩] .
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أبِي العالِيَةِ قالَ: يَقُولُونَ: (ما نَنْسَخْ مِن آيَةٍ أوْ نَنْساها) كانَ اللَّهُ أنْزَلَ أُمُورًا مِنَ القُرْآنِ ثُمَّ رَفَعَها، فَقالَ: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنها أوْ مِثْلِها﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿أوْ نُنْسِها﴾ قالَ: إنَّ نَبِيَّكم ﷺ أُقْرِئَ قُرْآنًا ثُمَّ أُنْسِيَهُ فَلَمْ يَكُنْ شَيْئًا، ومِنَ القُرْآنِ ما قَدْ نُسِخَ وأنْتُمْ تَقْرَءُونَهُ.
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في “ ناسِخِهِ “، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في ”المَصاحِفِ“ وأبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ في ”فَضائِلِهِ“ عَنْ أبِي أُمامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ «أنَّ رَجُلًا كانَتْ مَعَهُ سُورَةٌ فَقامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقامَ بِها فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْها، وقامَ آخَرُ يَقْرَأُ بِها فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْها، وقامَ آخَرُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْها، فَأصْبَحُوا فَأتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَأخْبَرُوهُ، فَقالَ: إنَّها نُسِخَتِ البارِحَةَ» .
وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في “ ناسِخِهِ “، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ (p-٥٤٧)مِن وجْهٍ آخَرَ، عَنْ أبِي أُمامَةَ «أنَّ رَهْطًا مِنَ الأنْصارِ مِن أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ أخْبَرُوهُ أنَّ رَجُلًا قامَ مِن جَوْفِ اللَّيْلِ يُرِيدُ أنْ يَفْتَتِحَ سُورَةً كانَ قَدْ وعاها، فَلَمْ يَقْدِرْ مِنها عَلى شَيْءٍ إلّا ﷽، ووَقَعَ ذَلِكَ لِناسٍ مِن أصْحابِهِ، فَأصْبَحُوا فَسَألُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِ السُّورَةِ، فَسَكَتَ ساعَةً لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِمْ شَيْئًا، ثُمَّ قالَ: نُسِخَتِ البارِحَةَ. فَنُسِخَتْ مِن صُدُورِهِمْ ومِن كُلِّ شَيْءٍ كانَتْ فِيهِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وأحْمَدُ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ في “ ناسِخِهِ “، وابْنُ الضُّرَيْسِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ حِبّانَ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنْ أنَسٍ قالَ: أنْزَلَ اللَّهُ في الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْناهُ حَتّى نُسِخَ بَعْدُ: (أنْ بَلِّغُوا قَوْمَنا أنّا قَدْ لَقِينا رَبَّنا فَرَضِيَ عَنّا وأرْضانا) .
وأخْرَجَ مُسْلِمٌ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، وأبُو نُعَيْمٍ في “ الحِلْيَةِ “، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ قالَ: كُنّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُها في الطُّولِ والشِّدَّةِ بِـ ”بَراءَةَ“ فَأُنْسِيتُها غَيْرَ أنِّي حَفِظْتُ مِنها: (لَوْ كانَ لِابْنِ آدَمَ وادِيانِ مِن مالٍ لابْتَغى وادِيًا ثالِثًا ولا يَمْلَأُ جَوْفَهُ إلّا التُّرابُ)، وكُنّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُها (p-٥٤٨)بِإحْدى المُسَبِّحاتِ، أوَّلُها: ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ ما في السَّماواتِ﴾ [الصف: ١] فَأُنْسِيناها غَيْرَ أنِّي حَفِظْتُ مِنها: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢] فَتُكْتَبُ شَهادَةً في أعْناقِكم فَتُسْألُونَ عَنْها يَوْمَ القِيامَةِ) .
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ في ”فَضائِلِهِ“، وابْنُ الضُّرَيْسِ عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ قالَ: نَزَلَتْ سُورَةٌ شَدِيدَةٌ نَحْوَ ”بَراءَةَ“ في الشِّدَّةِ ثُمَّ رُفِعَتْ وحُفِظَ مِنها: (إنَّ اللَّهَ سَيُؤَيِّدُ الدِّينَ بِأقْوامٍ لا خَلاقَ لَهُمْ) .
ولَفْظُ ابْنِ الضُّرَيْسِ: (لِيُؤَيِّدَنَّ اللَّهُ هَذا الدِّينَ بِرِجالٍ ما لَهم في الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ، ولَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ وادِيَيْنِ مِن مالٍ لَتَمَنّى وادِيًا ثالِثًا، ولا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ، إلّا مَن تابَ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) .
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وأحْمَدُ، والطَّبَرانِيُّ في ”الأوْسَطِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”شُعَبِ الإيمانِ“ عَنْ أبِي واقِدٍ اللِّيثِيِّ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا أُوحِيَ إلَيْهِ أتَيْناهُ فَعَلَّمَنا مِمّا أُوحِيَ إلَيْهِ. قالَ: فَجِئْتُهُ ذاتَ يَوْمٍ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (إنّا أنْزَلْنا المالَ لِإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ، ولَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ وادِيًا لَأحَبَّ أنْ يَكُونَ إلَيْهِ (p-٥٤٩)الثّانِي، ولَوْ كانَ لَهُ الثّانِي لَأحَبَّ أنْ يَكُونَ إلَيْهِما الثّالِثُ، ولا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن تابَ») .
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وأحْمَدُ، وأبُو يَعْلى، والطَّبَرانِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ قالَ: «كُنّا نَقْرَأُ عَلى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: (لَوْ كانَ لِابْنِ آدَمَ وادِيانِ مِن ذَهَبٍ وفِضَّةٍ لابْتَغى الثّالِثَ، ولا يَمْلَأُ بَطْنَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن تابَ») .
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وأحْمَدُ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: «كُنّا نَقْرَأُ: (لَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ مِلْءَ وادٍ مالًا لَأحَبَّ إلَيْهِ مَثَلَهُ، ولا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن تابَ») .
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، والبُخارِيُّ، ومُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ مَلْءَ وادٍ مالًا لَأحَبَّ أنَّ لَهُ إلَيْهِ مِثْلَهُ، ولا يَمْلَأُ عَيْنَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن تابَ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: فَلا (p-٥٥٠)أدْرِي أمِنَ القُرْآنِ هو أمْ لا» .
وأخْرَجَ البَزّارُ، وابْنُ الضُّرَيْسِ، عَنْ بُرَيْدَةَ «سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقْرَأُ في الصَّلاةِ: (لَوْ أنَّ لِابْنِ آدَمَ وادِيًا مِن ذَهَبٍ لابْتَغى إلَيْهِ ثانِيًا، ولَوْ أُعْطِيَ ثانِيًا لابْتَغى ثالِثًا، ولا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن تابَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْ زِرٍّ قالَ: في قِراءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: (ابْنُ آدَمَ لَوْ أُعْطِي وادِيًا مِن مالٍ لالتَمَسَ ثانِيًا، ولَوْ أُعْطِي وادِيَيْنِ مِن مالٍ لالتَمَسَ ثالِثًا، ولا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلّا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَن تابَ) .
وأخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «كُنّا نَقْرَأُ: (لا تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكم فَإنَّهُ كُفْرٌ بِكم وإنَّ كُفْرًا بِكم أنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكُمْ») .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وأحْمَدُ، وابْنُ حِبّانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: إنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالحَقِّ، وأنْزَلَ مَعَهُ الكِتابَ، فَكانَ فِيما أنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ، فَرَجَمَ ورَجَمْنا بَعْدَهُ، ثُمَّ قالَ: قَدْ كُنّا نَقْرَأُ: (ولا تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكم فَإنَّهُ كُفْرٌ بِكم أنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكُمْ) .
(p-٥٥١)وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ وأبُو عُبَيْدٍ، والطَّبَرانِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، قالَ: «كُنّا نَقْرَأُ فِيما نَقْرَأُ: (لا تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكم فَإنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ) ثُمَّ قالَ لِزَيْدِ بْنِ ثابِتٍ: أكَذَلِكَ يا زَيْدُ؟ قالَ: نَعَمْ» .
وأخْرَجَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ في ”التَّمْهِيدِ“ مِن طَرِيقِ عَدِيِّ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ فَرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمِيرَةَ بْنِ فَرْوَةَ، أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ قالَ لِأُبَيٍّ: أوَلَيِسَ كُنّا نَقْرَأُ فِيما نَقْرَأُ مِن كِتابِ اللَّهِ: (إنَّ انْتِفاءَكم مِن آبائِكم كُفْرٌ بِكُمْ)، فَقالَ: بَلى، ثُمَّ قالَ: أوَلَيِسَ كُنّا نَقْرَأُ: «(الوَلَدُ لِلْفِراشِ ولِلْعاهِرِ الحَجَرُ»)، فِيما فَقَدْنا مِن كِتابِ اللَّهِ فَقالَ أُبَيٌّ: بَلى.
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قالَ: قالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: ألَمْ تَجِدْ فِيما أُنْزِلَ عَلَيْنا: (أنْ جاهِدُوا كَما جاهَدْتُمْ أوَّلَ مَرَّةٍ)، فَإنّا لا نَجِدُها؟ قالَ: أُسْقِطَتْ فِيما أُسْقِطَ مِنَ القُرْآنِ.
وأخْرَجَ أبُو عُبَيْدٍ، وابْنُ الضُّرَيْسِ، وابْنُ الأنْبارِيِّ في ”المَصاحِفِ“ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لا يَقُولَنَّ أحَدُكم: قَدْ أخَذْتُ القُرْآنَ كُلَّهُ. ما يُدْرِيهِ ما كُلُّهُ؟ قَدْ ذَهَبَ (p-٥٥٢)مِنهُ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، ولَكِنْ لِيَقُلْ: قَدْ أخَذْتُ ما ظَهَرَ مِنهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ في ”المُصَنَّفِ“، وابْنُ الأنْبارِيِّ، والبَيْهَقِيُّ في “ الدَّلائِلِ “ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمانِيِّ قالَ: القِراءَةُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في العامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ هَذِهِ القِراءَةُ الَّتِي يَقْرَؤُها النّاسُ الَّتِي جَمَعَ عُثْمانُ النّاسَ عَلَيْها.
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ، وابْنُ أشْتَةَ في ”المَصاحِفِ“ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قالَ: «كانَ جِبْرِيلُ يُعارِضُ النَّبِيَّ ﷺ كُلَّ سَنَةٍ في شَهْرِ رَمَضانَ، فَلَمّا كانَ العامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عارَضَهُ مَرَّتَيْنِ، فَيَرَوْنَ أنْ تَكُونَ قِراءَتُنا هَذِهِ عَلى العَرْضَةِ الأخِيرَةِ» .
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْ أبِي ظَبْيانَ قالَ: «قالَ لَنا ابْنُ عَبّاسٍ: أيَّ القِراءَتَيْنِ تَعُدُّونَ أوَّلَ؟ قُلْنا: قِراءَةَ عَبْدِ اللَّهِ، وقِراءَتُنا هي الأخِيرَةُ، فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ جِبْرِيلَ القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً في شَهْرِ رَمَضانَ، وإنَّهُ عَرَضَهُ عَلَيْهِ في آخِرِ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، فَشَهِدَ مِنهُ عَبْدُ اللَّهِ ما نُسِخَ وما بُدِّلَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: «قالَ لَنا ابْنُ عَبّاسٍ: أيَّ القُرْآنِ (p-٥٥٣)تَعُدُّونَ أوَّلَ؟ قُلْنا: قِراءَةَ عَبْدِ اللَّهِ.، قالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: كانَ يَعْرِضُ القُرْآنَ عَلى جِبْرِيلَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّهُ عَرَضَهُ عَلَيْهِ في آخِرِ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، فَقِراءَةُ عَبْدِ اللَّهِ آخِرُهُنَّ» .
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: «كانَ جِبْرِيلُ يُعارِضُ النَّبِيَّ ﷺ بِالقُرْآنِ في كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّهُ عارَضَهُ بِالقُرْآنِ في آخِرِ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ، فَأخَذْتُهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ ذَلِكَ العامَ» .
وأخْرَجَ ابْنُ الأنْبارِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: لَوْ أعْلَمُ أحَدًا أحْدَثَ بِالعَرْضَةِ الأخِيرَةِ مِنِّي لَرَحَلْتُ إلَيْهِ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنْ سَمُرَةَ قالَ: «عُرِضَ القُرْآنُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثَلاثَ عَرَضاتٍ فَيَقُولُونَ: إنَّ قِراءَتَنا هَذِهِ هي العَرْضَةُ الأخِيرَةُ» .
وأخْرَجَ أبُو جَعْفَرٍ النَّحّاسُ في “ ناسِخِهِ “ عَنْ أبِي البَخْتَرِيِّ قالَ: دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ المَسْجِدَ فَإذا رَجُلٌ يُخَوِّفُ فَقالَ: ما هَذا؟ فَقالُوا: رَجُلٌ يُذَكِّرُ النّاسَ، فَقالَ: لَيْسَ بِرَجُلٍ يُذَكِّرُ النّاسَ ولَكِنَّهُ يَقُولُ: أنا فُلانُ بْنُ فُلانٍ، فاعْرِفُونِي. فَأرْسَلَ إلَيْهِ فَقالَ: أتَعْرِفُ النّاسِخَ مِنَ المَنسُوخِ؟ فَقالَ: لا، قالَ: فاخْرُجْ مِن مَسْجِدِنا ولا تُذَكِّرْ فِيهِ.
(p-٥٥٤)وأخْرَجَ أبُو داوُدَ والنَّحّاسُ، كِلاهُما في ”النّاسِخِ والمَنسُوخِ“، والبَيْهَقِيُّ في ”سُنَنِهِ“ عَنْ أبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قالَ: مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَجُلٍ يَقُصُّ فَقالَ: أعَرَفْتَ النّاسِخَ مِنَ المَنسُوخِ؟ قالَ: لا، قالَ: هَلَكْتَ وأهْلَكْتَ.
وأخْرَجَ النَّحّاسُ، والطَّبَرانِيُّ عَنِ الضَّحّاكِ بْنِ مُزاحِمٍ قالَ: مَرَّ ابْنُ عَبّاسٍ بِقاصٍّ يَقُصُّ فَرَكَلَهُ بِرِجْلِهِ، وقالَ: أتَدْرِي النّاسِخَ مِنَ المَنسُوخِ؟ قالَ: لا. قالَ: هَلَكْتَ وأهْلَكْتَ.
وأخْرَجَ الدّارِمِيُّ في ”مُسْنَدِهِ“ والنَّحّاسُ عَنْ حُذَيْفَةَ قالَ: إنَّما يُفْتِي النّاسَ أحَدُ ثَلاثَةٍ؛ رَجُلٌ يَعْلَمُ ناسِخَ القُرْآنِ مِن مَنسُوخِهِ، وذَلِكَ عُمَرُ ورَجُلٌ قاضٍ لا يَجِدُ مِنَ القَضاءِ بُدًّا، ورَجُلٌ أحْمَقُ مُتَكَلِّفٌ. فَلَسْتُ بِالرَّجُلَيْنِ الماضِيَيْنِ، فَأكْرَهُ أنْ أكُونَ الثّالِثَ.
{"ayah":"۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}