الباحث القرآني
﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا﴾ هذه واحدة، والثانية: ﴿مَا نُنْسِخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ ، والثالثة: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾، ففيها ثلاث قراءات، على قراءة ﴿نَنْسَخْ﴾ يكون في ننسي وجهان: ﴿نَنْسَأْهَا﴾ ، و﴿نُنْسِهَا﴾ هذا على قراءة ﴿مَا نَنْسَخْ﴾، وعلى قراءة ﴿مَا نُنْسِخْ﴾ يكون فيها قراءة واحدة ﴿مَا نُنْسِخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ ، ففي ﴿نَنْسَخْ﴾ قراءتان وجهان، وفي ﴿نُنْسِخْ﴾ وجه واحد وهي ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾ ﴿مَا نُنْسِخْ﴾ ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾ ، إذن القراءات ثلاثة: نَنْسَخْ نُنْسِي، نَنْسَخْ نَنْسَأ، نُنْسِخْ نُنْسِي، فعلى قراءة (نَنْسَخْ) بفتح النون يكون في (ننسأها) قراءتان: ﴿نَنْسَأْهَا﴾ ، والثاني ﴿نُنْسِهَا﴾، وعلى قراءة ضم النون ﴿نُنْسِخْ﴾ يكون في (ننسي) قراءة واحدة: ﴿نُنْسِهَا﴾ .
أما الإعراب ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾ فـ(ما) هذه شرطية، فهي اسم شرط جازم يجزم فعلين، الأول فعل الشرط والثاني جوابه، وفعل الشرط ﴿نَنْسَخْ﴾ وجوابه ﴿نَأْتِ﴾، وأما قوله: ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾ فهو معطوف عليه، وقوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ ﴿نَنْسَخْ﴾ بضمير الجمع للتعظيم وليس للتعدد لأن الله واحد.
وقوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ﴾، النسخ في اللغة الإزالة أو ما يشبه النقل، الإزالة كقولهم: نَسَخَت الشمسُ الظل، يعني: أزالته، وما يشبه النقل في قولهم: نسخت الكتاب، يعني ما هو بإزالة، ولا هو بنقل، لكنه يشبه النقل، لأنك ما نقلت حروفه، لأنه لو كان نسخ الكتاب أي نقله كان إذا نسخته انمحت الحروف من الأول؛ لأنك نقلته وليس الأمر كذلك.
أما في الشرع فإنه إزالة حكم دليل شرعي أو لفظه بدليل شرعي؛ لأن النسخ يكون بنسخ الحكم مع بقاء اللفظ، ويكون نسخ لفظ وحكم، ويكون نسخ لفظ مع بقاء الحكم، له ثلاثة أوجه.
وقوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾ (من) هذه ليست للتبعيض بل هي لبيان الجنس؛ لأن (ما) اسم شرط جازم مبهم، و﴿مِنْ آيَةٍ﴾ للبيان، وقوله: ﴿مِنْ آيَةٍ﴾ المراد بالآية نفس الآية ولَّا الآية حتى حكمها؟ حتى الحكم، لأننا نحن ذكرنا قبل قليل أن النسخ قد يكون للآية وقد يكون للحكم مع بقاء اللفظ، فقوله ﴿مِنْ آيَةٍ﴾ أي: لفظها أو حكمها، وقوله: ﴿مِنْ آيَةٍ﴾ المراد بها الآية الشرعية؛ لأنها محل النسخ الذي به الأمر والنهي دون الآيات الكونية.
وقوله تعالى: ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾ ﴿نُنْسِهَا﴾ فيها قراءتان: ﴿نُنْسِهَا﴾ و﴿نَنْسَأْهَا﴾ أما ﴿نُنْسِهَا﴾ فهي من النسيان وهو ذهول القلب عن معلوم، النسيان ذهول القلب عن معلوم هذا معنى ﴿نُنْسِهَا﴾، وأما ﴿نَنْسَأْهَا﴾ فهو من النَسَأ وهو التأخير، وما معنى التأخير؟ هل هو تأخير الحكم أو تأخير الإنزال؟ أن الله يؤخر إنزالها، ثم يأتي بخير منها؟ نعم يشملها هذا وهذا، بعضهم يقول هذا وبعضهم يقول هذا، والصحيح أنه يشمل فإن الله قد ينسئ حكمها، وقد ينسئ إنزالها، وأما على قراءة ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾ فهو من الإنساء.
والمراد بالإنساء هنا الإنساء الذي يكون معناه رفع الآية وليس مجرد النسيان؛ لأن مجرد النسيان ما يقتضي النسخ، فالنبي عليه الصلاة والسلام قد ينسى بعض الآيات وهي باقية كما في حديث أبي بن كعب حين صلى نسي الرسول آية فقال: «هَلَّا كُنْتَ ذَكَّرْتَنِيهَا، هَلَّا كُنْتَ ذَكَرْتَنِيهَا»[[أخرجه أبو داود في السنن (٩٠٧) عن المسور بن يزيد الأَسدي المالكي، والدارقطني في سننه (١٤٩٢) عن أبي بن كعب، واللفظ لأبي داود. ]]، ولكن المراد الإنساء الذي يقصد به رفع هذه الآية، فهو شبيه بالنسخ إلا أنه يفرق بينهما أن النسخ يبين الله لرسوله أنه نسخ هذا بهذا، والإنساء ينسأها من قلبه ولا يذكرها أبدًا، وإلا فالمعنى واحد من حيث الحكم إما بالنسخ أو بالإنساء.
أما على قراءة ﴿نَنْسَأَهَا﴾ يعني: نؤخِّر إنزالها، أو نؤخر حكمها، فعلى احتمال نؤخر حكمها يكون المراد بها المنسوخة؛ لأنه أُخر حكمها وترك، وعلى الاحتمال الثاني نؤخر إنزالها تكون الآية ما بعد نزلت ولا كلف الناس بها، ولكن الله تعالى أبدلها بغيرها.
وقوله: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ هو جواب الشرط، والخيرية هنا بالنسبة لمن؟ بالنسبة للمكلف، وكون الله سبحانه وتعالى ينسخ الآية ليأتي بخير منها واضح حكمته، الحكمة فيه واضحة، فما وجه الخيرية؟ يقول العلماء: إن النسخ إن كان إلى أشد فالخيرية بكثرة الثواب، وإن كان إلى أخف فالخيرية للتسهيل على العباد مع تمام الأجر وهذا واضح؛ لأن الناسخ إن كان أشد فهو لكثرة الثواب للعباد، وإن كان أخف فهو للتيسير عليهم وبيان نعمة الله سبحانه وتعالى، لكن قوله: ﴿أَوْ مِثْلِهَا﴾ يعني: أو نأت بمثلها.
قد يقول قائل: ما الفائدة إذن من النسخ؟ والله تبارك وتعالى حكيم ما يفعل شيئًا إلا لحكمة، فما الفائدة إذا كان مثله؟ يقال: الفائدة اختبار المكلف بالامتثال؛ لأنه إذا امتثل الأمر أولًا وآخرًا يدل على كمال عبوديته، وإذا لم يمتثل بالآخر دل على أنه يعبد هواه ولا يعبد مولاه، انظر مثلًا إلى تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، هذا مِثل ولا خير ولا دون؟ مثل، بالنسبة للمكلف ليس عنده فرق بين أن يتجه يمين أو شمال، واضح؟ لكن بالنسبة لاختبار المرء وامتثاله وكون -بالنسبة لتحويل القبلة- كون الذي حولت إليه أولى للاتجاه إليه يكون هذا فيه خير، ولهذا ضل من ضل وارتد من ارتد بسبب تحويل القبلة ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّه﴾ [البقرة ١٤٣].
فالإنسان يبتلى بمثل هذا النسخ، إن كان هو مؤمن عابدًا لله يقول: سمعنا وأطعنا، إن أمرتني يا رب أن أتجه إلى بيت المقدس اتجهت، وإن أمرتني أن أتجه إلى الكعبة اتجهت، لكن الإنسان اللي يعبد هواه يقول: لأيش هذا التغيير، أمس يقول: روح اتجه كذا، واليوم يقول: اتجه كذا؟ يتبين بذلك العابد حقًّا، ومن ليس بعابد، إذن الآية تدل على أن الله تعالى وعد، ووعده صدق بأنه ما يمكن ينسخ شيء إلا أبدله بخير منه، وأيش بعد؟ أو مثله، فإذا أبدله بخير منه فالأمر ظاهر في حدوث النسخ، وإن أبدله بمثله فإن حكمة النسخ فيه الاختبار والامتحان، هل ينقاد المرء لأوامر الله سبحانه وتعالى أو لا ينقاد، (...) لاحظوا من هذا المكان إلى تحويل القبلة كله في الحقيقة كما قاله ابن القيم كله توطئة لنسخ استقبال القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، ولهذا تجد الآيات التي بعدها كلها في التحدث مع أهل الكتاب الذين أنكروا غاية الإنكار تحويل القبلة من البيت المقدس إلى الكعبة.
* طالب: بالنسبة للخيرية هنا لو قلنا: إنه بالنسبة للآية (...) خير منها، ممكن هذا؟
* الشيخ: يعني قصدك لفظ الآية؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: لا، المقصود الحكم.
* الطالب: حتى الحكم لكن ما يكون مثله للمكلف؟
* الشيخ: وأيش هذا؟
* الطالب: يكون الحكم (...) هذا خير من..
* الشيخ: إي معلوم، إنه هو خير لا شك أنه خير، مثلًا ما أجد مثال للنسخ بالمثل إلا في استقبال القبلة.
* الطالب: لكن يدل هذا على أن الآيات تتفاضل بالخيرية؟
* الشيخ: لا، الأحكام فيها تفاضل في الخير، وكذلك الآيات أيضًا فيها تتفاضل بحسب نزولاتها، فآية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، والفاتحة أعظم سورة في كتاب الله، معلوم التفاضل بحسب ما تدل عليه، أما باعتبار المتكلم بها فلا تتفاضل، المتكلم بها واحد.
قال: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ الهمزة هذه للاستفهام والمراد به التقرير، وكلما جاءت على هذه الصيغة فالاستفهام فيها للتقرير مثل: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح ١] ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة ١٠٦] ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الحديد ١٦] وأمثالها كثير يراد بها التقرير، فقوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ يقرر الله سبحانه وتعالى المخاطب، سواء قلنا: إنه الرسول ﷺ أو كل من يتأتى خطابه يقرر الله إياه بالاستفهام بأنه يعلم أن الله على كل شيء قدير. الخطاب في قوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ لمن؟ للرسول ﷺ، أو لكل من يصح خطابه؟ وقد ذكرنا أن الأَوْلى أنه نقول: إنه عام لكل من يصح خطابه إلا إذا دلت القرينة على أنه خاص بالرسول ﷺ.
﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ كل شيء، هذا عام في جميع الأشياء ﴿أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾، يقدر الله سبحانه وتعالى أن يجعل السماء أرضًا؟ يقدر تنزل السماء وترتفع الأرض ولا ما يقدر؟ يقدر على ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ولا حاجة إلى التفصيل؛ لأن الله بين ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ شوف كلمة ﴿قَدِيرٌ﴾ لما أريد بها الوصف جاءت بهذه الصيغة (فعيل)، لكن إذا أريد بها الفاعل، أي أريد بها الفعل جاءت بلفظ الفاعل ﴿قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ﴾ [الأنعام ٦٥] ولم يقل: القدير، لكن إذا قصد بها الصفة دائمًا تأتي بلفظ قدير لتكون دالة على الكثرة والمبالغة في قدرته سبحانه تعالى.
وقوله: ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ معنى القدرة وصف يتمكن به الفاعل من الفعل بدون عجز، هذه القدرة، وصف يتمكن به الفاعل من الفعل بدون عجز، القوة وصف يتمكن به من الفعل بدون ضعف، إذن المقابل للقدرة العجز، والمقابل للقوة الضعف، قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً﴾ [الروم ٥٤] ولم يقل: قدرة، وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر ٤٤] ولم يقل: قويًّا.
﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ يعني: أنك قد علمت وتبين لك قدرة الله على كل شيء، ومن ذلك أنه قادر على أن ينسخ ما يشاء ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد ٣٩] ينسخ ما يشاء من الآيات ويبقي ما يشاء، هذا من تمام قدرته سبحانه وتعالى.
﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ﴾ نقول فيها: مثل ما قلنا في الأول ﴿أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ تقديم ما حقه التأخير يدل على الاختصاص والحصر، وأن الله وحده الذي له ملك السماوات والأرض، والملك يشمل ملك الأعيان وملك التصرف، فأعيان السماوات والأرض ملك لله، السماء ملك لله، والأرض ملك لله، والتصرف أيضًا أنه يملك سبحانه وتعالى أن يتصرف فيها كما يشاء، لا معارض له ولا ممانع، ولا يرد على هذا إضافة الملك للإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء ٣]، وأيش في هذا؟ فإن هذه الإضافة ليست على سبيل الإطلاق؛ لأن ملك الإنسان للأشياء ملك محدود وناقص ومقيد، محدود من متى؟ من استيلائه عليه إلى أن يخرج عن ملكه ببيع أو هبة أو موت أو غير ذلك.
كذلك هو ناقص هل يملكه ملكًا مطلقًا يتصرف فيه كما يشاء؟ لا، ولهذا لو قال هذا ملكي أنا (...) يجوز ولا ما يجوز؟ ما يملك هذا الشيء، إذن فملكه ناقص، كذلك أيضًا ملك الإنسان مقيد، مقيد لا يتصرف إلا حيث أُمِر، لو قال: أنا عندي هذه الدراهم، أبغي أشتري بها خمر، أبغي أشتري بها الشطرنج، (...) ملكي أيش نقول؟ نقول: الشرع ما يمكنك من هذا، فأنت تصرفك محدود وملكك محدود، ولهذا قال بعض العلماء: إن ملك الإنسان لمملوكاته على سبيل المجاز لا الحقيقة، لكن إن أعطي التصرف الكامل للإنسان فهو مالك، وإن كان له بعض التصرف فهو أجير أو مستعير أو ما أشبه ذلك.
وقوله: ﴿مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ «السَّمَاواتُ سَبْعٌ وَالْأَرْضُ سَبْعٌ »[[أخرجه الحاكم في المستدرك (٦٤٣٠) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. ]] أيضًا كما جاءت به السنة صريحة، وجاء به القرآن ظاهرًا ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ وهذا النسخ من تمام ملكه ولَّا لا؟ نسخ الآيات بعضها ببعض من تمام ملكه، هو الذي يمحو ما يشاء ويثبت ما أحد يعترض عليه.
﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ ﴿مَا لَكُمْ﴾ أظن (ما) نافية.
* طالب: حجازية.
* الشيخ: حجازية؟
* طالب: نعم حجازية، الخبر ﴿لَكُمْ﴾، ﴿مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ اسمها.
* الشيخ: اسمها (...).
* طالب: (...) زائدة.
* الشيخ: (...) زائدة يعني حجازية.
* طالب: اللي في القرآن جميعًا.
* الشيخ: لا، كلكم موافقون على هذا الآن؟
* طالب: أصله ما لكم ولي ولا نصير.
* الشيخ: من يحفظ بيت الألفية؟ ؎إِعْمَالَ لَيْسَ أُعْمِلَتْ مَا دُونَ إِنْ ∗∗∗ مَــعَ بَــقَــا الــنَّــفْــيِ وَتَــرْتِــيــبٍزُكِــنْ
* طالب: (...).
* الشيخ: هذا كالفصل ترتيب، وترتيب زكن، الآن ترتيب موجود؟
* طالب: لا.
* الشيخ: لا، تقدم الخبر، إذن فليست حجازية هنا اتفق التميميون والحجازيون على أنها غير عاملة، ولهذا من شروطها أربعة كما مر علينا أحدها الترتيب، لو قلت: ما زيد قائمًا صح، لكن ما قائمًا زيدٌ ما يصح.
* طالب: (...) حجازية (...)؟
* الشيخ: لا، الحجازية معناها أنها لتعمل (...) حجازية (...) الحجازية التي تعمل عمل ليس خاصة.
﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ﴾ (من) حرف جر زائد إعرابًا، لكنه أصليُّ المعنى، إذ إن الغرض منه التنصيص على العموم، يعني: ما لكم أي ولي، والولي: فعيل بمعنى فاعل، أي من أحد يتولاكم فيجلب لكم الخير، ﴿وَلَا نَصِيرٍ﴾ أي: ناصر يدفع عنكم الشر، وهذا كقول النبي عليه الصلاة والسلام: «وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ»[[أخرجه الترمذي (٢٥١٦) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. ]]، فكل إنسان ما له من دون الله أي: من غير الله وسواه ولي يجلب له الخير، ولا ناصر يدفع عنه الشر أبدًا، فإذا كان الأمر كذلك، والله تعالى له تمام القدرة وتمام الملك وتمام الرعاية، فدل هذا على أن النسخ من حقه سبحانه وتعالى، وأنه لا ينسخ إلا لمصلحة من كان وليهم يتولى أمورهم، ويشرع لهم ما فيه الخير.
* الشيخ: ثم قال: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾..
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي السماء والأرض قصده أنه تجمع الأرض وتفرد السماء، ما ورد.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: هذا -والله أعلم- لأن السماوات أعظم فتذكر مجموعة ليستفاد منها العظمة في الجمع؛ لأنه لا شك أن السماوات أعظم من الأرض؛ لأنها أوسع وأعلى وأشد وأقوى، فهذا -والله أعلم- هو الحكمة، لأجل أن يكون الإنسان مستحضرًا للكمية والكيفية في عظمة السماوات.
* الطالب: وردت بالإفراد جميعًا؟
* الشيخ: إي، بالإفراد جميعًا ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ﴾ [الزخرف ٨٤]
قال: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾، (أم) هنا متصلة ولَّا منقطعة؟
* طالب: منقطعة.
* الشيخ: منقطعة، وقد ذكرنا أن الفرق بين المتصلة والمنقطعة من كم؟ من عدة أوجه، الوجه الأول؟ الفرق بين أم المتصلة وأم المنقطعة؟ من يعرف؟
* طالب: المتصلة (...) معها معادل، والمنقطعة ليس معها معادل.
* الشيخ: هذه واحدة، ثانيًا؟
* طالب: المنقطعة تكون بمعنى (بل)، والمتصلة تكون بمعنى (أو).
* الشيخ: إي نعم، هذان فرقان، فهنا ما هو بمعنى أو يعني ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض أو تريدون أن تسألوا ما يصح، فهي بمعنى (بل)، أيضًا ما في معادل، تقول مثلًا: أتحب الخبز أم الرز، هذه أيش نسميها؟ متصلة، ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [المنافقون ٦] وأيش يصير؟ متصلة نعم.
قال: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ فهي منقطعة بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام، يعني: بل، أتريدون والإضراب هنا ليس للإبطال.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...)، وأما قوله: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ قلنا: إنها بمعنى (بل) وهمزة الاستفهام، والإضراب هنا ليس للإبطال؛ لأن الأول ليس بباطل، بل هو باق، فالإضراب هنا إضراب انتقال، وقوله: ﴿تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا﴾ الإرادة: هنا بمعنى المشيئة، وإن شئت فقل: بمعنى المحبة؛ لأن الإنسان محبته مشيئته، ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ والخطاب هنا هل هو للمسلمين أو لكل أحد؟ قال بعض المفسرين: إن الخطاب لليهود حينما سألوا النبي ﷺ آيات يأتي بها، وقيل: إنه للمشركين ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [الإسراء ٩٠]، وقيل: إنه للمسلمين.
ولكن الآية صالحة للأقوال كلها، لأن محمدًا ﷺ رسول للجميع، لكن تخصيصها باليهود يبعده قوله: ﴿كَمَا سُئِلَ مُوسَى﴾ ولم يقل: كما سألتم موسى من قبل، إنما نحن نقول: إن الآية صالحة للجميع، يعني: أتريدون أن توردوا الأسئلة على رسولكم كما كانت بنو إسرائيل تورد الأسئلة على رسولها، وهذا لا شك أن الاستفهام يراد به الإنكار، يراد به الإنكار على من يكثرون السؤال على النبي عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة ١٠١]، وذكر النبي عليه الصلاة والسلام صح عنه: «أَنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ جُرْمًا مَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»[[أخرجه مسلم (٢٣٥٨ / ١٣٣) من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. ]]، هذا أعظم المسلمين جرمًا والعياذ بالله فالحاصل..
* طالب: من سئل ولا؟
* الشيخ: «مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»، فهذا نهي وإنكار على الذين يسألون الرسول ﷺ مسائل، إما أنها ما وقعت أو مسائل فرضية لا تقع يمكن إلا نادرًا، والمطلوب من المسلم أن يسكت إذا قيل له شيء فعل وإذا لم يقل له شيء فهو عفو، من هذه المسائل مثلًا قول الأقرع بن حابس لما قال الرسول ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ» فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ »[[أخرجه النسائي في السنن (٢٦٢٠) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. ]] هذا السؤال في غير محله.
فعلى هذا نقول ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ﴾: هذا إنكار لأي شيء؟ في سؤال النبي ﷺ عن أمور لم يُكلَّف الإنسان بها، وأما ما كُلِّف الإنسان به فلا حرج فيه، والصحابة دائمًا يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام، ويرضى الله سؤالهم فيبين الحكم، ونقل عن ابن عباس «أن في القرآن من سؤال المسلمين للرسول عليه الصلاة والسلام اثني عشر سؤالًا »[[مسند البزار (٥٠٦٥) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.]] وهي يمكن عدها، نعدها الآن؟ جب لنا سؤال من سؤال المسلمين اللي في القرآن.
طالب: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ [البقرة ٢٢٢].
* الشيخ: قلناها.
* طالب: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ [النازعات ٤٢].
* الشيخ: ذكرناها.
* طالب: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾ [البقرة ٢٢٠]
* الشيخ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى﴾ سبعة.
* الطالب: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا﴾ [طه ١٠٥]
* الشيخ: نعم، ثمانية.
* الطالب: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة ٢١٧]
* الشيخ: تسعة.
* الطالب: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ [الإسراء ٨٥]
* الشيخ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ﴾ عشرة.
* طالب: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ﴾ [المائدة ٤]
* الشيخ: نعم، إحدى عشر.
* طالب: (...).
* الشيخ: ذكرناها، ما بقي إلا واحدة.
* طالب: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ [الكهف ٨٣]
* الشيخ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾ هذه اثنا عشر.
* طالب: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة ١٨٦]
* الشيخ: لا ما هي منها.
* طالب: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ﴾ [النساء ١٢٧].
* الشيخ: طيب، ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي﴾ ما تصلح؟
* طالب: لا تصلح.
* الشيخ: تصلح؟
* طالب: مثل ﴿يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾.
* الشيخ: نعم هم سألوا الرسول ﷺ قالوا:« يا رسول الله ﷺ أقريب فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ »[[أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة برقم (٥٢٢) مرسلًا من حديث عيينة بن أبي عمران.]] لكن ما قالوا: يسألونك.
* طالب: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾ (...).
* الشيخ: طيب الاستفتاء مبني على السؤال، لكن بس الإنسان، إن كان مراد ابن عباس السؤال بهذا اللفظ، احنا نسقط ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾ مرتين يبقى عندنا واحدة.
* طالب: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾.
* الشيخ: ذكرناها، هي اللي عدت.
* طالب: (...).
* الشيخ: إذا كان المعنى واحد ما في عبرة في (...).
* طالب: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾ [البقرة ٢١٥]
* الشيخ: قلناها، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ [الأنفال ١] قلتوها؟
* الطلبة: ما قلناها.
* الشيخ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ اثنا عشر، بإسقاط ﴿يَسْتَفْتُونَكَ﴾، طيب، على كل حال هنا ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا﴾، الصحابة رضي الله عنهم بقي فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام كم من سنة؟ ثلاث وعشرين سنة، ما سألوه إلا اثني عشر سؤالًا، هذا كما جاء في القرآن، وأما في السنة فكثيرًا ما يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام عن أشياء.
* طالب: يا شيخ؟ الأقرع بن حابس الذي سأل النبي ﷺ عن سراقة؟
* الشيخ: لا الأقرع بن حابس، سراقة سأله لما أمر بالتمتع، قال: «ألعامنا هذا أم لأبد؟ قال: «بَلْ لِأَبَدٍ»[[متفق عليه؛ البخاري برقم (١٧٨٥) ومسلم برقم (١٢١٨ / ١٤٧) من حديث جابر بن عبد الله.]].
* طالب: هل السؤال للرسول ﷺ خاص أم عام؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: خاص أم عام؟
* الشيخ: أيش؟
* الطالب: (...)
* الشيخ: هو بعد وفاة الرسول ما هو ممكن هذا، بعد وفاة الرسول ما يمكن يحرم شيء ولا يحلل شيء؛ لأن الحرام والحلال قد ثبت، ولهذا بعد وفاة الرسول اسأل ولا حرج عليك، لكن ما ينبغي عاد أن تسأل الأغلوطات، هؤلاء الذين يأتون بهذه الأشياء التي تحرج ولا يكون فيها خير، تجده مثلًا يسأل: ما لون كلب أصحاب الكهف؟
* طالب: ما لونه؟
* الشيخ: دوّر، راجع بالكتب كتب التاريخ، يمكن يمضي خمسة أيام ستة أيام وهو يطالع كتب التاريخ، والفائدة؟ لا شيء، الفائدة لا شيء، ومن هذا أيضًا عناية بعض المحدثين بالمبهَمين، جاء رجل إلى رسول الله فقال: يا رسول الله كذا وكذا، جاء أعرابي فقال: يا رسول الله كذا وكذا، بعض الناس يكون عنده نهمة ليطلع من هذا السائل؟ ومن هذا الرجل؟ هذا بالحقيقة لا شك أن العلم به خير من الجهل به، لكنه من فروع العلم، بمعنى إنه ما ينبغي أن نمضي أعمارنا بطلب مَن هذا القائل من هذا السائل.
* طالب: شيخ، ممكن السؤال هذا يترتب عليه أشياء مفيدة؟
* الشيخ: احنا قلنا: إن معرفته خير، لكن ما هو معنى أن نمضي أعمارنا عشان نفهمه، فالحاصل إن السؤال عن الأشياء التي تعتبر أغلوطات وألغاز وأحاجي حتى بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ما ينبغي، ولهذا كان بعض السلف إذا سُئل عن شيء قال للسائل: أوقعت بك؟ إن قال: نعم، قال: سيعين الله، الله ما ينزل بلية إلا أنزل لها حلًّا، وإن قال: ما وقعت بي، قال: ما أنا مفتيك؛ لأنهم ما (...) يتعبون أنفسهم مثلًا في طلب الحكم إذا كانوا ما يحسنونه، أو أنهم يضعون حكمًا قد يتغير رأيه فيه فيما بعد، ويكون هذا السائل قد أخذ به، إلا في أمر وقع، يعني إذا وقع الأمر لا بد من إيجاد الحل، فالمسائل الأغلوطات التي يأتي بها بعض الناس ويسألون إذا كان ليس فيها مصلحة فلا تنبغي، أما إذا كان فيها مصلحة مثل إنسان بيمرن طلبته على هذه المسائل، فهذا لا شك إنه من باب العلم، وهو طريق من طرق التعليم، وقد ألقى النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه لغزًا، ما هو؟
* الطلبة: الشجر.
* الشيخ: الشجر. ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ﴾ [البقرة ١٠٨] ﴿رَسُولَكُمْ﴾ أضافه الله تعالى إليهم، فقال: ﴿رَسُولَكُمْ﴾، مع أنه في آيات كثيرة أضافه الله إلى نفسه ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ﴾ [المائدة ١٥]، فما هو الجمع بين ذلك، هل هذا من باب التعارض والتناقض؟ أو أن كل واحدة من الإضافتين تُنَزَّل على حال؟ نقول: كل واحدة من الإضافتين تنزل على حال، فهو رسول الله باعتبار أنه أرسله، وهو رسولنا باعتبار أنه أُرسل إلينا، نعم، والمراد به محمد ﷺ بالإجماع، ﴿كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾، هو موسى سُئِل؟
* الطلبة: كثير ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء ١٥٣]
* الشيخ: إي نعم، إلى هذا الحد ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء ١٥٣]، والبقرة عدة أسئلة وردت فيها، و﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ﴾ [الأعراف ١٣٨]، وغير ذلك، فبنو إسرائيل هم المشهورون بالأسئلة والتعنت والإعياء والإعجاز، أما هذه الأمة فإنها قد أدبها الله عز وجل فأحسن تأديبها، ما يسألون إلا عن أمر لهم فيه حاجة، ﴿كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾، الاستنباط بيأتي بعد، وهذا إنكار من الله عز وجل على هذه الأمة أن يكون دأبهم السؤال للرسول ﷺ كما كان دأب بني إسرائيل.
﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾، ﴿يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ﴾، يعني يأخذه بديلًا، شو عنه؟ عن الإيمان، وهذا يشمل من بقي على كفره بعد عرض الإيمان عليه، ومن ارتد بعد إيمانه فإنه في الحقيقة تبديل؛ لأن كل مخلوق يولد على الفطرة، كل مولود يولد على الفطرة، فإذا كفر فقد تبدل الكفر بالإيمان، ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾، طيب، ما مناسبة آخر الآية لأولها؟ مناسبتها ظاهرة؛ لأن كثيرًا من الناس الذين يسألون قد يسألون ولا يعملون، لا سيما في الوقت الحاضر، فإن كثيرًا من الناس يسأل فلان وفلان وفلان وفلان، ما يريد أن يعمل، يريد أن يعلم ما عند الناس فقط، أما العمل فلا، ولهذا نحن جربنا ذلك في مواسم الحج، تجد السؤال يُطرح على عدة علماء، ومعنى ذلك أن السائل ما أراد الحق؛ لأنه لو أراد الحق لكان إذا استفتى من يثق به أخذ به وانتهى، لكن يجي يسأل هذا ويسأل هذا، وتجد هذا السؤال يتردد بين علماء كثيرين، كلما بحثنا عالم ولا عنده علم منه؛ لأنه مسؤول عنه، ربما يبحث عن الأسهل نعم، وربما إذا كلهم ما جازوا له، قال: خلاص، دول متناقضين ما عندهم علم، والعلم براسنا (...) وهذا أمر معروف، فالإنسان الذي يتبدل الكفر بالإيمان، بمعنى أنه لا يتبع الحق بعد ظهوره ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾، ﴿ضَلَّ﴾ بمعنى: تاه، و﴿سَوَاءَ﴾ بمعنى: وسط، و﴿السَّبِيلِ﴾ الطريق، يعني: خرج عن وسط الطريق إلى حافات الطريق وإلى شُعَبها، وطريق الله تعالى واحد، فالواجب عليك أن تمشي في سواء الصراط، في الوسط حتى لا تضل.
ثم قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا﴾، ﴿وَدَّ﴾ بمعنى: أحب، بل إن الود خالص المحبة، خالص المحبة يسمى ودًّا، والمعنى أن كثيرًا من أهل الكتاب يودون بكل قلوبهم أن يردوكم كفارًا، ويردوا بمعنى يُرجعوا، وعلى هذا فهي تنصب مفعولين؛ الأول: الكاف في ﴿يَرُدُّونَكُمْ﴾، والثاني ﴿كُفَّارًا﴾، يردونكم، أي: يرجعونكم كفارًا، وقوله: ﴿لَوْ﴾ هذه مصدرية ولّا شرطية؟
* طالب: مصدرية.
* الشيخ: هذه مصدرية، يعني: ودوا ردَّكم كفارًا، فهي مصدرية، وهي كلما أتت بعد ما يدل على المودة والمحبة فإنها مصدرية، أحب لو تفعل كذا وكذا، أود لو تفعل كذا وكذا، ﴿وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ [الممتحنة ٢]، فتكون مصدرية كلما جاءت بعد فعل يدل على المحبة. وقوله: ﴿يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ﴾، وهذا أشد إن الإنسان - والعياذ بالله - بعد أن يؤمن يرتد، ولهذا الكافر الأصلي اللي ما آمن من قبل يُقَرّ على كفره، وأما الذي آمن ثم كفر فإنه لا يقر، بل يقال: إما أن ترجع إلى الإسلام الذي خرجت منه، وإما أن تُضرب عنقك.
وقوله: ﴿كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾، ﴿حَسَدًا﴾ هذه مفعول من أجله، أي: لأجل الحسد، وعامله قوله: ﴿وَدَّ﴾، يعني: هذا الود لا لشيء، ولكن حسدًا؛ لأن أهل الكتاب يعلمون أن الإيمان سعادة في الدنيا والآخرة.
في هذه الآية، أولًا: إثبات النسخ، وأنه جائز عقلًا وواقع شرعًا، وهذا ما اتفقت عليه الأمة إلا أبا مسلم الأصفهاني فإنه زعم أن النسخ مستحيل، وأجاب عما ثبت نسخه بأن هذا من باب التخصيص وليس من باب النسخ، وذلك لأن الأحكام النازلة ليس لها أمد تنتهي إليه، بل أمدها إلى يوم القيامة، فإذا نُسخت فمعناه أننا خصصنا الزمن الذي بعد النسخ، أخرجناه من الحكم، فمثلًا وجوب مصابرة الإنسان لعشرة حين نزل كان واجبًا إلى متى؟ إلى يوم القيامة، شاملًا لجميع الأزمان، فلما نُسخ أُخرج بعض الزمن الذي شمله الحكم، فصار هذا تخصيصًا، فيسميه تخصيصًا، وعلى هذا فيكون الخلاف بين أبي مسلم وبين جمهور الأمة بل عامة الأمة خلافًا لفظيًّا؛ لأنهم متفقون على جواز مثل هذا الأمر، إلا أنه هو يسميه تخصيصًا وغيره يسميه نسخًا، والصواب تسميته نسخًا؛ لأنه صريح القرآن، ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾، ولأنه هو الذي جاء عن السلف ثبوت النسخ، فالصواب إذن جواز النسخ، وقوع النسخ شرعًا، وجوازه عقلًا، ولا مانع.
* ومن فوائد الآية: أن الشريعة تابعة للمصالح؛ لأن النسخ لا يكون إلا لمصلحة، فإن الله لا يبدل حكمًا بحكم إلا لمصلحة.
ومنها من فوائد الآية: أن الناسخ خير من المنسوخ؛ لقوله: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾، أو مماثل له عملًا، وإن كان خيرًا منها مآلًا، لقوله: ﴿أَوْ مِثْلِهَا﴾.
ومن فوائد الآية أيضًا: أن أحكام الله سبحانه وتعالى تختلف في الخيرية من زمان إلى زمان، بمعنى أنه قد يكون الحكم خيرًا للعباد في هذا الوقت، ويكون غيره خيرًا لهم في وقت آخر، أليس كذلك؟ إي نعم. أليس كذلك؟ إي نعم.
ومنها من فوائد الآية: عظمة الله عز وجل في قوله: ﴿مَا نَنْسَخْ﴾، فإنه الضمير هنا ضمير تعظيم، ما قال: ما أنسخ، قال: ﴿مَا نَنْسَخْ﴾، الضمير هنا ضمير تعظيم، وهو سبحانه وتعالى أهل العظمة.
ومنها أيضًا، من فوائد الآية: إثبات تمام قدرة الله عز وجل؛ لقوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
ومنها: أن القدرة عامة شاملة؛ لقوله: ﴿عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
ومنها: أن القادر على تغيير الأمور الحسية قادر على تغيير الأمور المعنوية، فالأمور القدرية الكونية الله قادر عليها، فإذا كان قادرًا عليها فكذلك الأمور الشرعية المعنوية، وهذا فائدة قوله بعد ذكر النسخ: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾؛ لأنه قد يقول قائل: ما الفائدة من قوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾؟ والفائدة أن القادر على تغيير الأمور الحسية قادر على تغيير الأمور المعنوية.
ثم قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ من فوائد الآية أيضًا: تقرير عموم ملك الله؛ لقوله: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾.
ومنها، من فوائد الآية: اختصاص الملك لله، يُستفاد من أين؟ من اين يُستفاد اختصاص الملك لله؟
* طالب: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
* طالب: ﴿لَهُ مُلْكُ﴾، تقديم (...).
* الشيخ: تقديم الخبر، تقديم الخبر يدل على الحصر، له وحده ملك السماوات والأرض.
ومنها: أن إضافة الملك إلى العباد إضافة مقيدة، فالله أضاف الملك للعباد، ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء ٣]، ولكنها إضافة مقيدة، تؤخذ من قوله؟
* طالب: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾.
* الشيخ: لا.
* الطالب: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء ٣]
* الشيخ: لا.
* الطالب: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ﴾.
* الشيخ: نعم ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، أنا مثلًا عندما يضاف الملك لي ملك مقيد، ما هو ملك مطلق، الملك المطلق لله وحده لا شريك له.
ومنها: أن من ملك الله أنه ينسخ ما يشاء ويُثبت؛ لأن هذا كالتعليل لقوله: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ﴾، فالمالك للسماوات والأرض يتصرف فيهما كما يشاء.
ومنها، من فوائد الآية أيضًا: أنه لا أحد يدفع عن أحد أراد الله به سوءًا، ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
ومنها: أنه يجب على المرء أن يلجأ إلى ربه في طلب الولاية والنصر، تؤخذ من أين؟ إنه يجب على الإنسان إنه يرجع إلى الله في طلب الولاية والنصر من أين تؤخذ؟
* طالب: ﴿وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.
* الشيخ: إي نعم؛ لأنا متى علمنا ذلك، احنا ما نطلب من أحد يتولانا إلا الله، ولا أحد ينصرنا إلا الله، طيب، فإذا قال قائل: إن الله يقول: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال ٦٢]، ويقول: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ [التوبة ٤٠]، فأثبت نصرًا لغير الله؟ فالجواب على ذلك: أن إثبات النصر لغير الله إثبات السبب، سبب فقط وليس مستقلًّا، والنصر المستقل من عند الله، أما انتصارنا بعضنا ببعض فإنه من باب الأخذ بالأسباب، ليس على وجه الاستقلال.
* طالب: شيخ، ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ﴾ [محمد ٧] (...)؟
* الشيخ: إي نعم، نفس الشيء، يعني تنصروا دينه، تفعل ما يكون به نصر الدين.
* الطالب: هل يجوز إن الواحد يقول: مولانا؟
* الشيخ: إي، يجوز، ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم ٤]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب ٥]، و﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ [المائدة ٥٥]، طيب.
* * *
* الشيخ: قال تعالى: ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ [البقرة ١٠٨]
يستفاد من هذه الآية إنكار كثرة الأسئلة؛ لأن هذا الاستفهام ﴿أَمْ تُرِيدُونَ﴾ يقصد به الإنكار، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام محذرًا من ذلك: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا أَهَلَكَ الذَّيِنَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِم وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيائِهِم»[[متفق عليه، البخاري برقم (٧٢٨٨)، ومسلم برقم (١٣٣٧ / ١٣١) من حديث أبي هريرة.]] وأخبر ﷺ: «أَنَّ أَعْظَمَ المُسْلِمِينَ جُرْمًا مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ»[[متفق عليه، البخاري برقم (٧٢٨٩)، ومسلم برقم (٢٣٥٨ / ١٣٢) من حديث سعد بن أبي وقاص.]].
ومنها، هل نقول: هذا الحكم جارٍ حتى الآن؟ نقول: نعم، هو جارٍ حتى الآن، فلا ينبغي كثرة السؤال إلا لمصلحة، إما رجل وقعت به مسألة فيسأل عن حكمها، أو طالب علم يتعلم ليستنتج المسائل من أصولها، وأما الأسئلة التي مجرد استظهار ما عند الإنسان فقط، أو أقبح من ذلك مَن يستظهر ما عند الإنسان ليضرب آراء العلماء بعضها ببعض، وما أشبه ذلك، أو لأجل إعنات المسؤول وإحراجه فكل هذا من الأشياء المذمومة التي لا ينبغي، فالسؤال نقول: لا ينبغي إلا في حالين: حال رجل وقعت به مسألة يحتاج إلى معرفة حكمها، والحال الثانية طالب علم يحتاج إلى معرفة أحكام المسائل لينتفع وينفع، ويعرف كيف يستنتج المسائل من أصولها، وأما مجرد كثرة الأسئلة للنظر ما عند الإنسان، أو لضرب آراء العلماء بعضها ببعض، أو لإعنات الإنسان وإحراجه، وما أشبه ذلك، فهذا من الأمور المذمومة.
* طالب: لكن لو كان مثلًا طالب عند معلم يريد أن يختبر المعلم هذا ليثق بأقواله (...)؟
* الشيخ: هذا أيضًا قد يكون هذا لمصلحة، لكن هذا بعيد، كيف متعلم يبي يختبر معلم؟
* الطالب: قد يكون عالمًا بمسألة.
* الشيخ: لكن أنت تأخذ المتعلم ولا المعلم؟
* الطالب: متعلم عالم بمسألة، يعني بحث في مسألة، أراد أن يختبر هذا الإنسان ليثق بأقواله ليأخذ بها؟
* الشيخ: على كل حال إذا كان لمصلحة ما فيه بأس، إن كان يريد أن يُظهر أيضًا إن كان يريد أن يظهر عجزه وغلطه فهذا غلط أيضًا ما يجوز؛ لأن هذا من باب محاولة إظهار عيوب المسلمين.
* ومن فوائد الآية: أن اليهود كانوا أيضًا سألوا موسى، سألوا موسى عن أشياء، فكان العاقبة فيها سليمة ولا وخيمة؟ وخيمة، يسألون عن أشياء بُيِّنت لهم لكنهم ما عملوا بها، فكان نتيجة السؤال الخيبة.
ومن فوائدها أيضًا: إثبات رسالة موسى عليه الصلاة والسلام، تؤخذ من أين؟
* طالب: ﴿كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾.
* الشيخ: ﴿كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾، ﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾، يعني وهو رسول.
ومن فوائد الآية أيضًا: ذم من استبدل الكفر بالإيمان، بمعنى أخذ الكفر بديلًا عنه؛ لقوله: ﴿وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾.
* ومن فوائدها: عكس هذه المسألة أن من يتبدل الإيمان بالكفر فقد هُدِي إلى سواء السبيل، أي إلى وسطه وخياره.
ومنها: أنه يجب على السائل أن يعمل بما سأل وأجيب به؛ لأنه إذا علم ولم يعمل فقد تبدل الكفر بالإيمان، بعد ما تبين له أنكر، فالواجب على المرء إذا سأل أن يعمل، ولهذا قال العلماء: ومن سأل مفتيًا ملتزمًا بقوله حَرُم عليه أن يسأل غيره؛ لأنه لما سأله ملتزمًا قوله وأيش صار يعتقد؟ أن ما قاله فهو الشرع، إذا كان تعتقد هذا لا تسأل غيره، نعم إذا سألت إنسان تثق به وأفتاك وبناء على أن فتواه هي الشرع، ولكنك سمعت في مجلس عالم آخر حكمًا نقيض ما أُفتيت به مدعمًا بالأدلة، فحينئذ لك أن تنتقل، أو سألت عالمًا مقتنعًا بقوله للضرورة، ما عندك مثلًا في البلد أعلم منه وسألته على أساس أنك إذا وجدت من هو أعلم سألته، فهذا أيضًا يجوز أنك تسأل غيره إذا وجدت أعلم منه؛ لأن الإنسان أحيانًا يقول: أنا بسأل هذا العالم اللي عندنا على أنني في اعتقادي إني إذا وجدت من هو أعلم سأبحث عن الحق، فهذا لا بأس به، وإلا فلا ينبغي، على أنه أيضًا إذا سألت عالمًا ملتزمًا بقوله وذهبت تسأل آخر ربما تختلف الفتوى، وحينئذ تبقى متذبذبًا، من تتبع؟ فأنت الحمد لله ما دام أنك فعلت ما أوجب الله عليك، ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل ٤٣] (...) ومن أهل الذكر فامش على قوله ولا تسأل ولا تبحث.
* طالب: هل في فرق بين خير وأخير؟
* الشيخ: لا، الخير والأخير.
* الطالب: وأبلغ أخير؟
* الشيخ: لا، أصل خير هي أخير، بس إنها حذفت الهمزة تخفيفًا مثل شر وأشر.
{"ayahs_start":106,"ayahs":["۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ","أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۗ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرٍ","أَمۡ تُرِیدُونَ أَن تَسۡـَٔلُوا۟ رَسُولَكُمۡ كَمَا سُىِٕلَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۗ وَمَن یَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِیمَـٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ"],"ayah":"۞ مَا نَنسَخۡ مِنۡ ءَایَةٍ أَوۡ نُنسِهَا نَأۡتِ بِخَیۡرࣲ مِّنۡهَاۤ أَوۡ مِثۡلِهَاۤۗ أَلَمۡ تَعۡلَمۡ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق