الباحث القرآني
* فَصْلٌ في ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
قالَ ابْنُ عُمَرَ: نَزَلَتْ في كُلِّ سُورَةٍ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَماءُ: هَلْ هي آيَةٌ كامِلَةٌ، أمْ لا؟ وفِيهِ [عَنْ ] أحْمَدَ رِوايَتانِ.
واخْتَلَفُوا: هَلْ هي مِنَ الفاتِحَةِ، أمْ لا؟ فِيهِ عَنْ أحْمَدَ رِوايَتانِ أيْضًا.
فَأُمًّا مَن قالَ: إنَّها مِنَ الفاتِحَةِ، فَإنَّهُ يُوجِبُ قِراءَتَها في الصَّلاةِ إذا قالَ بِوُجُوبِ الفاتِحَةِ، وأمّا مَن لَمْ يَرَها مِنَ الفاتِحَةِ فَإنَّهُ يَقُولُ: قِراءَتُها في الصَّلاةِ سُنَّةٌ.
ما عَدا مالِكًا فَإنَّهُ لا يَسْتَحِبُّ قِراءَتَها في الصَّلاةِ.
واخْتَلَفُوا في الجَهْرِ بِها في الصَّلاةِ فِيما يَجْهَرُ بِهِ، فَنَقَلَ جَماعَةٌ عَنْ أحْمَدَ: أنَّهُ لا يُسَنُّ الجَهْرُ بِها، وهو قَوْلُ أبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمانَ، وعَلِيِّ، وابْنِ مَسْعُودٍ، وعَمّارِ بْنِ ياسِرٍ، (p-٨)وابْنِ مُغَفَّلٍ، وابْنِ الزُّبَيْرِ، وابْنِ عَبّاسٍ، وقالَ بِهِ مِن كُبَراءِ التّابِعِينَ ومَن بَعْدَهُمُ: الحَسَنُ، والشَّعْبِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وإبْراهِيمُ، وقَتادَةُ، وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، والأعْمَشُ، وسُفْيانُ الثَّوْرِيُّ، ومالِكٌ، وأبُو حَنِيفَةَ، وأبُو عَبِيدٍ في آَخَرِينَ.
وَذَهَبَ الشّافِعِيُّ إلى أنَّ الجَهْرَ مَسْنُونٌ، وهو مَرْوِيٌّ عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيانَ، وعَطاءٍ، وطاوُوسٍ، ومُجاهِدٍ.
فَأُمًّا تَفْسِيرُها:
فَقَوْلُهُ "بِسْمِ اللَّهِ" اخْتِصارٌ، كَأنَّهُ قالَ: أبْدَأُ بِسْمِ اللَّهِ أوْ: بَدَأْتُ بِاسْمِ اللَّهِ.
وَفِي الِاسْمِ خَمْسُ لُغاتٍ: "إسْمٌ" بِكَسْرِ الألِفِ، و"أُسْمٌ" بِضَمِّ الألِفِ إذا ابْتَدَأْتَ بِها، و"سِمٌ" بِكَسْرِ السِّينِ، و"سُمٌ" بِضَمِّها، و"سَمًا" .
قالَ الشّاعِرُ:
؎ واللَّهُ أسْماكَ سُمًا مُبارَكًا آَثَرَكَ اللَّهُ بِهِ إيثارَكا
وَأنْشَدُوا:
؎ بِاسْمِ الَّذِي في كُلِّ سُورَةٍ سِمُهُ
قالَ الفَرّاءُ: بَعْضُ قَيْسٍ [يَقُولُونَ ] "سِمُهُ"، يُرِيدُونَ: اسْمَهُ، وبَعْضُ قُضاعَةَ يَقُولُونَ: سُمُهُ.
أنْشَدَنِي بَعْضُهُمْ:
؎ وعامُنا أعْجَبَنا مُقَدِّمُهُ ∗∗∗ يُدْعى أبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ سُمُهُ
والقِرْضابُ: القِطاعُ، يُقالُ: سَيْفٌ قِرْضابٌ.
واخْتَلَفَ العُلَماءُ في اسْمِ اللَّهِ الَّذِي هو "اللَّهُ":
فَقالَ قَوْمٌ: إنَّهُ مُشْتَقٌّ، وقالَ آخَرُونَ: إنَّهُ عِلْمٌ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ.
وَفِيهِ عَنَ الخَلِيلِ (p-٩)رِوايَتانِ.
إحْداهُما: أنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ، ولا يَجُوزُ حَذْفُ الألِفِ واللّامِ مِنهُ كَما يَجُوزُ مِنَ الرَّحْمَنِ.
والثّانِيَةُ: رَواها عَنْهُ سِيبَوَيْهِ: أنَّهُ مُشْتَقٌّ.
وَذَكَرَ أبُو سُلَيْمانَ الخَطّابِيُّ عَنْ بَعْضِ العُلَماءِ أنَّ أصْلَهُ في الكَلامِ مُشْتَقٌّ مِن: ألَهَ الرَّجُلُ يَأْلَهُ: إذا فَزِعَ إلَيْهِ مِن أمْرٍ نَزَلَ بِهِ.
فَألَهَ، أيْ: أجارَهُ وأمِنَهُ، فَسُمِّيَ إلَهًا كَما يُسَمّى الرَّجُلُ إمامًا.
وَقالَ غَيْرُهُ: أصْلُهُ ولّاهُ. فَأُبْدِلَتِ الواوُ هَمْزَةً فَقِيلَ: إلَهٌ كَما قالُوا: وِسادَةٌ وإسادَةٌ، ووِشاحٌ وإشاحٌ.
واشْتُقَّ مِنَ الوَلَهِ، لِأنَّ قُلُوبَ العِبادِ تُوَلَّهُ نَحْوَهُ. كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ إذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإلَيْهِ تَجْأرُونَ﴾ [ النَّحْلِ: ٥٣ ] .
وَكانَ القِياسُ أنْ يُقالَ: مَأْلُوهٌ، كَما قِيلَ: مَعْبُودٌ، إلّا أنَّهم خالَفُوا بِهِ البِناءَ لِيَكُونَ عِلْمًا، كَما قالُوا لِلْمَكْتُوبِ: كِتابٌ، ولِلْمَحْسُوبِ: حِسابٌ.
وَقالَ بَعْضُهُمْ: أصْلُهُ مِن: ألَهَ الرَّجُلُ يَأْلَهُ إذا تَحَيَّرَ؛ لِأنَّ القُلُوبَ تَتَحَيَّرُ عِنْدَ التَّفَكُّرِ في عَظَمَتِهِ.
وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ اللُّغَوِيِّينَ: ألَهَ الرَّجُلُ يَأْلَهُ إلاهَةً، بِمَعْنى: عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادَةً.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: ﴿وَيَذَرَكَ وآلِهَتَكَ﴾ [ الأعْرافِ: ١٢٧ ] أيْ: عِبادَتُكَ.
قالَ: والتَّألُّهُ: التَّعَبُّدُ.
قالَ رُؤْبَةُ:
؎ لِلَّهِ دَرُّ الغانِياتِ المَدَّهْ ∗∗∗ سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مَن تَأْلِهِي
فَمَعْنى الإلَهُ: المَعْبُودُ.
فَأمّا "الرَّحْمَنُ":
فَذَهَبَ الجُمْهُورُ إلى أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحْمَةِ، مَبْنِيٌّ عَلى المُبالَغَةِ، ومَعْناهُ: ذُو الرَّحْمَةِ الَّتِي لا نَظِيرَ لَهُ فِيها.
وَبِناءُ فِعْلانِ في كَلامِهِمْ لِلْمُبالَغَةِ، فَإنَّهم يَقُولُونَ لِلشَّدِيدِ الِامْتِلاءِ: مَلْآَنُ، ولِلشَّدِيدِ الشِّبَعِ: شَبْعانُ.
قالَ الخَطّابِيُّ: فِـ "الرَّحْمَنُ": ذُو الرَّحْمَةِ الشّامِلَةِ الَّتِي وسِعَتِ الخَلْقَ في أرْزاقِهِمْ ومَصالِحِهِمْ، وعَمَّتِ المُؤْمِنَ والكافِرَ.
وَ"الرَّحِيمُ": خاصٌّ لِلْمُؤْمِنِينَ.
قالَ عَزَّ وجَلَّ: ﴿وَكانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [ الأحْزابُ: ٤٣ ] .
والرَّحِيمُ: بِمَعْنى الرّاحِمِ.
{"ayah":"بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق