* (بَاب ذكر التَّسْمِيَة)
اخْتلفُوا فِي التَّسْمِيَة بَين السُّور فَكَانَ ابْن كثير وقالون وَعَاصِم وَالْكسَائِيّ وَأَبُو جَعْفَر يبسملون بَين كل سورتين فِي جَمِيع الْقُرْآن مَا خلا الْأَنْفَال وَبَرَاءَة فَإِنَّهُ لَا خلاف فِي ترك الْبَسْمَلَة بَينهمَا. وَكَانَ الْبَاقُونَ فِيمَا قَرَأنَا لَهُم لَا يبسملون بَين السورتين، وَأَصْحَاب حَمْزَة وَخلف يصلونَ آخر السُّورَة بِأول الْأُخْرَى، ويختار فِي مَذْهَب ورش وَأبي عَمْرو وَابْن عَامر [وَيَعْقُوب] السكت بَين السورتين من غير قطع / وَابْن مُجَاهِد يرى وصل السُّورَة بالسورة وتبيين الْإِعْرَاب وَيرى السكت أَيْضا.
قلت: وَبِكُل من السكت والوصل قطع جمَاعَة من الْأَئِمَّة لورش وَأبي عَمْرو وَابْن عَامر وَيَعْقُوب، وبالسكت قَرَأَ الْمُؤلف لورش على جَمِيع شُيُوخه وَلأبي عَمْرو على أبي الْحسن وَأبي الْفَتْح وَابْن خاقَان وَلابْن عَامر على أبي الْحسن وبالوصل قَرَأَ على الْفَارِسِي لأبي عَمْرو وبالبسملة قَرَأَ لِابْنِ عَامر على الْفَارِسِي وَأبي الْفَتْح فَهَذَا من [الْمَوَاضِع] الَّتِي خرج فِيهَا عَن [طرق] الْكتاب وَالله الْمُوفق.
وَكَانَ بعض شُيُوخنَا يفصل فِي مَذْهَب هَؤُلَاءِ الساكتين بِالتَّسْمِيَةِ بَين المدثر وَالْقِيَامَة وَبَين الانفطار والمطففين وَبَين الْفجْر والبلد وَبَين الْعَصْر والهمزة ويسكت [فِيهِنَّ] سكتة خَفِيفَة فِي مَذْهَب حَمْزَة والواصلين وَلَيْسَ فِي ذَلِك أثر يرْوى عَنْهُم وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَاب من الشُّيُوخ.
وَلَا خلاف فِي التَّسْمِيَة فِي أول فَاتِحَة الْكتاب وَفِي أول كل سُورَة ابْتَدَأَ القارىء بهَا وَلم يصلها بِمَا قبلهَا فِي مَذْهَب من فصل [أَو من] لم يفصل.
فَأَما الِابْتِدَاء برءوس الْأَجْزَاء الَّتِي فِي بعض السُّور نَحْو: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء﴾ و ﴿تِلْكَ الرُّسُل﴾ وَشبهه فأصحابنا يخيرون القارىء بَين التَّسْمِيَة [وَتركهَا فِي ذَلِك فِي مَذْهَب الْجَمِيع. وَالْقطع عَلَيْهَا إِذا وصلت بأواخر السُّور غير جَائِز فِي ذَلِك وَالله أعلم] [وَصلى اللَّهِ على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ] .
{"ayah":"بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ"}