الباحث القرآني
(p-٥٨)القَوْلُ في تَفْسِيرِ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ﴾
رُوِيَ عن جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصادِقِ، رَضِيَ اللهُ عنهُ أنَّهُ قالَ: البَسْمَلَةُ تِيجانُ السُوَرِ.
ورُوِيَ «أنَّ رَجُلًا قالَ بِحَضْرَةِ النَبِيِّ ﷺ: تَعِسَ الشَيْطانُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: لا تَقُلْ ذَلِكَ؛ فَإنَّهُ يَتَعاظَمُ عِنْدَهُ، ولَكِنْ قُلْ: بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ؛ فَإنَّهُ يَصْغُرُ حَتّى يَصِيرَ أقَلَّ مِن ذُبابٍ».
وقالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ رَضِيَ اللهُ عنهُ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ في القُرْآنِ وحْدَهُ ولَّوْا عَلى أدْبارِهِمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء: ٤٦] قالَ: مَعْناهُ: إذا قُلْتَ: (بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ).
ورُوِيَ عن جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ لَهُ: «كَيْفَ تَفْتَتِحُ الصَلاةَ يا جابِرُ ؟ قالَ: بِالحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ. قالَ: "قُلْ: بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ".»
ورَوى أبُو هُرَيْرَةَ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ: " «أتانِي جِبْرِيلُ، فَعَلَّمَنِي الصَلاةَ، فَقَرَأ: بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ، -يَجْهَرُ بِها-".»
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذانِ الحَدِيثانِ يَقْتَضِيانِ أنَّها آيَةٌ مِنَ الحَمْدِ، ويَرُدُّ ذَلِكَ حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الصَحِيحُ؛ إذْ قالَ لَهُ النَبِيُّ ﷺ: «هَلْ لَكَ ألّا تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ حَتّى تَعْلَمَ سُورَةً ما أُنْزِلَ في التَوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الفُرْقانِ (p-٥٩)مِثْلُها"؟ قالَ: فَجَعَلْتُ أُبْطِئُ في المَشْيِ رَجاءَ ذَلِكَ، فَقالَ لِي: كَيْفَ تَقْرَأُ إذا افْتَتَحْتَ الصَلاةَ؟ قالَ: فَقَرَأْتُ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ حَتّى أتَيْتُ عَلى آخِرِها.»
ويَرُدُّهُ الحَدِيثُ الصَحِيحُ: «يَقُولُ اللهُ تَعالى: قَسَمْتُ الصَلاةَ بَيْنِي وبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، يَقُولُ العَبْدُ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾». ويَرُدُّهُ أنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنِ النَبِيِّ ﷺ، ولا عن أبِي بَكْرٍ، ولا عن عُمَرَ، ولا عُثْمانَ، رَضِيَ اللهُ عنهم أنَّهم قَرَءُوا في صَلاتِهِمْ: «بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ».
ويَرُدُّهُ عَدَدُ آياتِ السُورَةِ؛ لِأنَّ الإجْماعَ أنَّها سَبْعُ آياتٍ إلّا ما رُوِيَ عن حُسَيْنٍ الجُعْفِيِّ أنَّها سِتُّ آياتٍ، وهَذا شاذٌّ لا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وكَذَلِكَ رُوِيَ عن عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ أنَّهُ جَعَلَ ﴿إيّاكَ نَعْبُدُ﴾ آيَةً، فَهي عَلى عَدِّهِ ثَمانِي آياتٍ، وهَذا أيْضًا شاذٌّ. وقَوْلُ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ المَثانِي﴾ [الحجر: ٨٧] هو الفَصْلُ في ذَلِكَ.
والشافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ يَعُدُّ: (بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ) آيَةً مِنَ الحَمْدِ، وكَثِيرٌ مِن قُرّاءِ مَكَّةَ والكُوفَةِ، ولا يَعُدُّونَ ﴿أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾. ومالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ، وأبُو حَنِيفَةَ، وجُمْهُورُ الفُقَهاءِ والقُرّاءُ لا يَعُدُّونَ البَسْمَلَةَ آيَةً.
والَّذِي يَحْتَمِلُهُ عِنْدِي حَدِيثُ جابِرٍ، وأبِي هُرَيْرَةَ -إذا صَحّا- أنَّ النَبِيَّ ﷺ رَأى قِراءَةَ جابِرٍ وحِكايَتَهُ أمْرَ الصَلاةِ قِراءَةً في غَيْرِ الصَلاةِ عَلى جِهَةِ التَعَلُّمِ، فَأمَرَهُ بِالبَسْمَلَةِ لِهَذا، لا لِأنَّها آيَةٌ، وكَذَلِكَ في حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ رَآها قِراءَةَ تَعْلِيمٍ، ولَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَ أُبَيٍّ لِأنَّهُ (p-٦٠)قَصَدَ تَخْصِيصَ السُورَةِ، ووَسَمَها مِنَ الفَضْلِ بِما لَها، فَلَمْ يُدْخِلْ مَعَها ما لَيْسَ مِنها، ولَيْسَ هَذا القَصْدُ في حَدِيثِ جابِرٍ وأبِي هُرَيْرَةَ، واللهُ أعْلَمُ.
وقالَ ابْنُ المُبارَكِ: إنَّ البَسْمَلَةَ آيَةٌ في أوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، وهَذا قَوْلٌ شاذٌّ رَدَّ الناسُ عَلَيْهِ.
ورَوى الشَعْبِيُّ والأعْمَشُ «أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَكْتُبُ «بِاسْمِكَ اللهُمَّ»، حَتّى أُمِرَ أنْ يَكْتُبَ: «بِسْمِ اللهِ» فَكَتَبَها. فَلَمّا نَزَلَتْ: ﴿قُلِ ادْعُوا اللهَ أوِ ادْعُوا الرَحْمَنَ﴾ [الإسراء: ١١٠] كَتَبَ: «بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ». فَلَمّا نَزَلَتْ: ﴿إنَّهُ مِن سُلَيْمانَ وإنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ﴾ [النمل: ٣٠] كَتَبَها،» ورَوى عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلٍ: «أنَّ جِبْرِيلَ أوَّلَ ما جاءَ النَبِيَّ عَلَيْهِ السَلامُ قالَ لَهُ: قُلْ: "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ"»، ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّ أوَّلَ ما نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ: "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ"، وفي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ خَدِيجَةَ، وحَمْلِها رَسُولَ اللهِ ﷺ إلى ورَقَةَ، «أنَّ جِبْرِيلَ قالَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِما السَلامُ: قُلْ: "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ" فَقالَها: فَقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بِقارِئٍ»... الحَدِيثَ.
والبَسْمَلَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا. فَقالَ بَعْضُ الناسِ: إنَّ رِوايَةً بَلَغَتْهم أنَّ مَلائِكَةَ (p-٦١)النارِ الَّذِينَ قالَ اللهُ فِيهِمْ: ﴿عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ [المدثر: ٣٠] إنَّما تَرَتَّبَ عَدَدُهم عَلى حُرُوفِ بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ، لِكُلِّ حَرْفٍ مَلَكٌ، وهم يَقُولُونَ في كُلِّ أفْعالِهِمْ: "بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ" فَمِن هُنالِكَ هي قُوَّتُهُمْ، وبِاسْمِ اللهِ اسْتَضْلَعُوا.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللهُ: وهَذِهِ مِن مِلَحِ التَفْسِيرِ، ولَيْسَتْ مِن مَتِينِ العِلْمِ، وهي نَظِيرُ قَوْلِهِمْ في لَيْلَةِ القَدْرِ: إنَّها لَيْلَةُ سَبْعٍ وعِشْرِينَ، مُراعاةً لِلَفْظَةِ (هِيَ) في كَلِماتِ سُورَةِ: (إنّا أنْزَلْناهُ)، ونَظِيرُ قَوْلِهِمْ في عَدَدِ المَلائِكَةِ الَّذِينَ ابْتَدَرُوا قَوْلَ القائِلِ: "رَبَّنا ولَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ"، فَإنَّها بِضْعَةٌ وثَلاثُونَ حَرْفًا، قالُوا: فَلِذَلِكَ قالَ النَبِيُّ ﷺ: «لَقَدْ رَأيْتُ بِضْعَةً وثَلاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَها أيُّهم يَكْتُبُها أوَّلَ».
والباءُ فِي: بِسْمِ اللهِ مُتَعَلِّقَةٌ عِنْدَ نُحاةِ البَصْرَةِ بِاسْمٍ تَقْدِيرُهُ: ابْتِداءٌ مُسْتَقِرٌّ أو ثابِتٌ بِسْمِ اللهِ. وعِنْدَ نُحاةِ الكُوفَةِ بِفِعْلٍ تَقْدِيرُهُ: ابْتَدَأْتُ "بِسْمِ اللهِ"، فَ: "بِسْمِ اللهِ" في مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلى مَذْهَبِ البَصْرِيِّينَ، وفي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلى مَذْهَبِ الكُوفِيِّينَ، كَذا أطْلَقَ القَوْلَ قَوْمٌ، والظاهِرُ مِن مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ: أنَّ الباءَ مُتَعَلِّقَةٌ بِاسْمٍ كَما تَقَدَّمَ، و"بِسْمِ اللهِ" في مَوْضِعِ نَصْبٍ مُتَعَلِّقَةٌ بِثابِتٍ أو مُسْتَقِرٍّ بِمَنزِلَةِ "فِي الدارِ" مِن قَوْلِكَ: (زَيْدٌ في الدارِ)، وكُسِرَتْ باءُ الجَرِّ لِيُناسِبَ لَفْظُها عَمَلَها، أو لِكَوْنِها لا تَدْخُلُ إلّا عَلى الأسْماءِ، فَخُصَّتْ بِالخَفْضِ الَّذِي لا يَكُونُ إلّا في الأسْماءِ، ولِيُفَرَّقَ بَيْنَها وبَيْنَ ما قَدْ يَكُونُ مِنَ الحُرُوفِ اسْمًا نَحْوَ (الكافِ) في قَوْلِ الأعْشى: (p-٦٢)
؎ أتَنْتَهُونَ ولا يَنْهى ذَوِي شَطَطٍ كالطَعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَيْتُ والفَتْلُ
وحُذِفَتِ الألِفُ مِن "بِسْمِ اللهِ" في الخَطِّ اخْتِصارًا وتَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمالِ، واخْتَلَفَ النُحاةُ إذا كُتِبَ "بِاسْمِ الرَحْمَنِ، وبِاسْمِ القاهِرِ" فَقالَ الكِسائِيُّ، وسَعِيدٌ الأخْفَشُ: يُحْذَفُ الألِفُ. وقالَ يَحْيى بْنُ زِيادٍ: لا تُحْذَفُ إلّا مَعَ "بِسْمِ اللهِ" فَقَطْ؛ لِأنَّ الِاسْتِعْمالَ إنَّما كَثُرَ فِيهِ.
قالَ القاضِي أبُو مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: فَأمّا في غَيْرِ اسْمِ اللهِ تَعالى فَلا خِلافَ في ثُبُوتِ الألِفِ.
واسْمٌ أصْلُهُ "سِمُوٌّ" بِكَسْرِ السِينِ أو "سُمُوٌّ" بِضَمِّها، وهو عِنْدَ البَصْرِيِّينَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُمُوِّ، يُقالُ: سَما يَسْمُو، فَعَلى هَذا تُضَمُّ السِينُ في قَوْلِكَ: سُمُوٌّ، ويُقالُ: سَمِيَ يَسْمى فَعَلى هَذا تُكْسَرُ، وحُذِفَتِ الواوُ مِن سُمُوٍّ، وكُسِرَتِ السِينُ مِن "سِمٍ"، كَما قالَ الشاعِرُ:
؎ بِاسْمِ الَّذِي في كُلِّ سُورَةٍ سِمُهْ ∗∗∗......................................
وسُكِّنَتِ السِينُ مِن بِسْمِ اعْتِلالًا عَلى غَيْرِ قِياسٍ، وإنَّما اسْتُدِلَّ عَلى هَذا الأصْلِ الَّذِي ذَكَرْناهُ بِقَوْلِهِمْ في التَصْغِيرِ (سُمَيٌّ)، وفي الجَمْعِ أسْماءٌ، وفي جَمْعِ الجَمْعِ (أسامِيُّ)، وقالَ الكُوفِيُّونَ: أصْلُ اسْمٍ واسْمٌ مِنَ (السِمَةِ)، وهي العَلامَةُ؛ لِأنَّ الِاسْمَ عَلامَةٌ لِمَن وُضِعَ لَهُ، وحُذِفَتْ فاؤُهُ اعْتِلالًا عَلى غَيْرِ قِياسٍ، والتَصْغِيرُ والجَمْعُ المَذْكُورانِ يَرُدّانِ هَذا المَذْهَبَ الكُوفِيَّ، وأمّا المَعْنى فِيهِ فَجَيِّدٌ، لَوْلا ما يَلْزَمُهم مِن أنْ (p-٦٣)يُقالَ في التَصْغِيرِ "وُسَيْمٌ"، وفي الجَمْعِ "أوسامٌ"؛ لِأنَّ التَصْغِيرَ والجَمْعَ يَرُدّانِ الأشْياءَ إلى أُصُولِها.
وقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ في هَذا المَوْضِعِ "الِاسْمَ والمُسَمّى" هَلْ هُما واحِدٌ؟ (p-٦٤)فَقالَ الطَبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: إنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعٍ لِلْمَسْألَةِ، وأنْحى في خُطْبَتِهِ عَلى المُتَكَلِّمِينَ في هَذِهِ المَسْألَةِ ونَحْوِها، ولَكِنْ بِحَسْبِ ما قَدْ تُدُووِلَ القَوْلُ فِيها، فَلْنَقُلْ: إنَّ الِاسْمَ "كَزَيْدٍ، وأسَدٍ، وفَرَسٍ" قَدْ يَرِدُ في الكَلامِ، يُرادُ بِهِ الذاتُ، كَقَوْلِكَ: "زَيْدٌ قائِمٌ" "والأسَدُ شُجاعٌ"، وقَدْ يَرِدُ ويُرادُ بِهِ التَسْمِيَةُ ذاتُها، كَقَوْلِكَ: "أسَدٌ ثَلاثَةُ أحْرُفٍ"، فَفي الأوَّلِ يُقالُ: الِاسْمُ هو المُسَمّى، بِمَعْنى "يُرادُ بِهِ المُسَمّى"، وفي الثانِي: لا يُرادُ بِهِ (p-٦٥)المُسَمّى، ومِن وُرُودِ الأوَّلِ قَوْلُكَ: "يا رَحْمَنُ، اغْفِرْ لِي" وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿الرَحْمَنُ﴾ [الرحمن: ١] ﴿عَلَّمَ القُرْآنَ﴾ [الرحمن: ٢]، ومِنَ الوُرُودِ الثانِي قَوْلُكَ: "الرَحْمَنُ وصْفُ اللهِ تَعالى"، وأمّا "اسْمٌ" الَّذِي هو "ألِفٌ، وسِينٌ، ومِيمٌ"، فَقَدْ يَجْرِي في لُغَةِ العَرَبِ مَجْرى الذاتِ، يُقالُ: "ذاتٌ، ونَفْسٌ، واسْمٌ، وعَيْنٌ" بِمَعْنًى، وعَلى هَذا حَمَلَ أكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى﴾ [الأعلى: ١]، وقَوْلَهُ: ﴿تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلالِ والإكْرامِ﴾ [الرحمن: ٧٨]، وقَوْلَهُ: ﴿ما تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إلّا أسْماءً سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤُكُمْ﴾ [يوسف: ٤٠]، وعَضَّدُوا ذَلِكَ بِقَوْلِ لَبِيَدٍ:
؎ إلى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَلامِ عَلَيْكُما ∗∗∗ ومَن يَبْكِ حَوْلًا كامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرَ
وقالُوا: إنَّ لَبَيْدًا أرادَ التَحِيَّةَ.
وقَدْ يَجْرِي "اسْمٌ" في اللُغَةِ مَجْرى ذاتِ العِبارَةِ، وهو الأكْثَرُ مِنَ اسْتِعْمالِهِ، فَمِنهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها﴾ [البقرة: ٣١]، عَلى أشْهَرِ التَأْوِيلاتِ فِيهِ، ومِنهُ قَوْلُ النَبِيِّ عَلَيْهِ السَلامُ: «إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ»، وعَلى هَذا النَحْوِ اسْتَعْمَلَ النَحْوِيُّونَ الِاسْمَ في تَصْرِيفِ أقْوالِهِمْ فالَّذِي (p-٦٦)يَتَنَخَّلُ مِن هَذا أنَّ الأسْماءَ قَدْ تَجِيءُ يُرادُ بِها ذَواتُ المُسَمَّياتِ، وفي هَذا يُقالُ: الِاسْمُ هو المُسَمّى، وقَدْ تَجِيءُ يُرادُ بِها ذَواتُها نَفْسُها لا مُسَمَّياتُها، ومَرَّ بِي أنَّ مالِكًا رَحِمَهُ اللهُ سُئِلَ عَنِ الِاسْمِ. أهُوَ المُسَمّى؟ فَقالَ: "لَيْسَ بِهِ، ولا هو غَيْرُهُ"، يُرِيدُ دائِمًا في كُلِّ مَوْضِعٍ، وهَذا مُوافِقٌ لِما قُلْناهُ.
والمَكْتُوبَةُ الَّتِي لَفَظَها (اللهُ) أبْهَرُ أسْماءِ اللهِ تَعالى، وأكْثَرُها اسْتِعْمالًا، وهو المُتَقَدِّمُ لِسائِرِها في الأغْلَبِ، وإنَّما تَجِيءُ الأُخَرُ أوصافًا.
واخْتَلَفَ الناسُ في اشْتِقاقِهِ: فَقالَتْ فِرْقَةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ: هو اسْمٌ مُرْتَجَلٌ، لا اشْتِقاقَ لَهُ مِن فِعْلٍ، وإنَّما هو اسْمٌ مَوْضُوعٌ لَهُ تَبارَكَ وتَعالى، والألِفُ واللامُ لازِمَةٌ لَهُ، لا لِتَعْرِيفٍ ولا لِغَيْرِهِ، بَلْ هَكَذا وُضِعَ الِاسْمُ. وذَهَبَ كَثِيرٌ مِن أهْلِ العِلْمِ إلى أنَّهُ مُشْتَقٌّ مِن ألِهَ الرَجُلُ إذا عَبَدَ، وتَألَّهَ إذا تَنَسَّكَ، ومِن ذَلِكَ قَوْلُ رُؤْبَةَ بْنِ العَجّاجِ:
؎ لِلَّهِ دَرُّ الغانِياتِ المُدَّهِ ∗∗∗ سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ مِن تَألُّهِي
ومِن ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعالى: "وَيَذَرَكَ وإلَهَتَكَ" عَلى هَذِهِ القِراءَةِ، فَإنَّ ابْنَ عَبّاسٍ وغَيْرَهُ قالَ: وعِبادَتَكَ، قالُوا: فاسْمُ اللهِ مُشْتَقٌّ مِن هَذا الفِعْلِ؛ لِأنَّهُ الَّذِي يَأْلَهُهُ كُلُّ خَلْقٍ ويَعْبُدُهُ، حَكاهُ النَقّاشُ في صَدْرِ سُورَةِ آلِ عِمْرانَ. فَإلَهٌ فِعالٌ مِن هَذا.
واخْتُلِفَ -كَيْفَ تَعَلَّلَ (إلَهٌ) حَتّى جاءَ (اللهُ)؟ فَقِيلَ: حُذِفَتِ الهَمْزَةُ حَذْفًا عَلى غَيْرِ قِياسٍ، ودَخَلَتِ الألِفُ واللامُ لِلتَّعْظِيمِ عَلى (لاهٍ)، وقِيلَ: بَلْ دَخَلَتا عَلى (إلَهٍ) ثُمَّ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الهَمْزَةِ إلى اللامِ فَجاءَ (ألَّلاهُ)، ثُمَّ أُدْغِمَتِ اللامُ في اللامِ. وقِيلَ: إنَّ أصْلَ الكَلِمَةِ (لاهٍ)، وعَلَيْهِ دَخَلَتِ الألِفُ واللامُ، والأوَّلُ أقْوى.
ورُوِيَ عَنِ الخَلِيلِ أنَّ أصْلَ إلَهٍ (وَلاهٌ) وأنَّ الهَمْزَةَ مُبْدَلَةٌ مِن واوٍ كَما هي في (p-٦٧)إشاحٍ ووِشاحٍ وإسادَةٍ ووِسادَةٍ، وقِيلَ: إنَّ أصْلَ الكَلِمَةِ (وَلاهٌ) كَما قالَ الخَلِيلُ، إلّا أنَّها مَأْخُوذَةٌ مِن (وَلِهَ) الرَجُلُ إذا تَحَيَّرَ؛ لِأنَّهُ تَعالى تَتَحَيَّرُ الألْبابُ في حَقائِقِ صِفاتِهِ، والفِكْرُ في المَعْرِفَةِ بِهِ، وحُذِفَتِ الألِفُ الأخِيرَةُ مِنَ اللهِ لِئَلّا يُشْكِلَ بِخَطِّ اللاتِ، وقِيلَ: طُرِحَتْ تَخْفِيفًا، وقِيلَ: هي لُغَةٌ فاسْتُعْمِلَتْ في الخَطِّ، ومِنها قَوْلُ الشاعِرِ:
؎ أقْبَلَ سَيْلٌ جاءَ مِن أمْرِ اللهْ ∗∗∗ يَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلَّةْ
(والرَحْمَنُ) صِفَةُ مُبالَغَةٍ مِنَ الرَحْمَةِ، ومَعْناها أنَّهُ انْتَهى إلى غايَةِ الرَحْمَةِ، كَما يَدُلُّ عَلى الِانْتِهاءِ سَكْرانُ وغَضْبانُ، وهي صِفَةٌ تَخْتَصُّ بِاللهِ ولا تُطْلَقُ عَلى البَشَرِ. وهي أبْلَغُ مِن فَعِيلٍ، وفَعِيلٌ أبْلَغُ مِن فاعِلٍ؛ لِأنَّ راحِمًا يُقالُ لِمَن رَحِمَ ولَوْ مَرَّةً واحِدَةً، ورَحِيمًا يُقالُ لِمَن كَثُرَ مِنهُ ذَلِكَ، والرَحْمَنُ النِهايَةُ في الرَحْمَةِ. وقالَ بَعْضُ الناسِ: الرَحْمَنُ الرَحِيمُ بِمَعْنًى واحِدٍ، كالنَدْمانِ والنَدِيمِ، نَعَمْ إنَّهُما مِن فِعْلٍ واحِدٍ، ولَكِنَّ أحَدَهُما أبْلَغُ مِنَ الآخَرِ.
وأمّا المُفَسِّرُونَ فَعَبَّرُوا عَنِ "الرَحْمَنِ الرَحِيمِ" بِعِباراتٍ، فَمِنها أنَّ العَرْزَمِيَّ قالَ: مَعْناهُ الرَحْمَنُ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ في الأمْطارِ، ونِعَمِ الحَواسِّ، والنِعَمِ العامَّةِ، الرَحِيمُ (p-٦٨)بِالمُؤْمِنِينَ في الهِدايَةِ لَهُمْ، واللُطْفِ بِهِمْ، ومِنها أنَّ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ وابْنَ مَسْعُودٍ رَوَيا أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «الرَحْمَنُ رَحْمَنُ الدُنْيا والآخِرَةِ، والرَحِيمُ رَحِيمُ الآخِرَةِ».
وقالَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ: الرَحْمَنُ اسْمٌ عامٌّ في جَمِيعِ أنْواعِ الرَحْمَةِ يَخْتَصُّ بِهِ اللهُ. والرَحِيمُ: إنَّما هو مِن جِهَةِ المُؤْمِنِينَ كَما قالَ: ﴿وَكانَ بِالمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣] وهَذِهِ كُلُّها أقْوالٌ تَتَعاضَدُ. وقالَ عَطاءٌ الخُراسانِيُّ: كانَ الرَحْمَنُ، فَلَمّا اخْتُزِلَ، وسُمِّيَ بِهِ مُسَيْلِمَةُ الكَذّابُ قالَ اللهُ سُبْحانَهُ لِنَفْسِهِ: (الرَحْمَنُ الرَحِيمُ)، فَهَذا الِاقْتِرانُ بَيْنَ الصِفَتَيْنِ لَيْسَ لِأحَدٍ إلّا لِلَّهِ تَعالى، وهَذا قَوْلٌ ضَعِيفٌ؛ لِأنَّ بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنَ الرَحِيمِ كانَ قَبْلَ أنْ يَنْجُمَ أمْرُ مُسَيْلِمَةَ. وأيْضًا فَتَسَمِّي مُسَيْلِمَةَ بِهَذا لَمْ يَكُنْ مِمّا تَأصَّلَ وثَبَتَ.
وقالَ قَوْمٌ: إنَّ العَرَبَ كانَتْ لا تَعْرِفُ لَفْظَةَ الرَحْمَنِ، ولا كانَتْ في لُغَتِها، واسْتَدَلُّوا عَلى ذَلِكَ بِقَوْلِ العَرَبِ: ﴿وَما الرَحْمَنُ أنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا﴾ [الفرقان: ٦٠]، وهَذا القَوْلُ ضَعِيفٌ، وإنَّما وقَفَتِ العَرَبُ عَلى تَعْيِينِ الإلَهِ الَّذِي أُمِرُوا بِالسُجُودِ لَهُ لا عَلى نَفْسِ اللَفْظِ.
واخْتُلِفَ في وصْلِ الرَحِيمِ بِالحَمْدِ، فَرُوِيَ عن أُمِّ سَلَمَةَ «عَنِ النَبِيِّ ﷺ (الرَحِيمْ الحَمْدُ)» تُسَكَّنُ المِيمُ، ويُوقَفُ عَلَيْها ويُبْتَدَأُ بِألِفٍ مَقْطُوعَةٍ، وقَرَأ بِهِ قَوْمٌ مِنَ الكُوفِيِّينَ، وقَرَأ جُمْهُورُ الناسِ (الرَحِيمِ الحَمْدُ) يُعْرِبُ (الرَحِيمِ) بِالخَفْضِ، وتُوصَلُ الألِفُ مِنَ الحَمْدِ، ومَن شاءَ أنْ يُقَدِّرَ أنَّهُ أسْكَنَ المِيمَ، ثُمَّ لَمّا وصَلَ حَرَّكَها لِلِالتِقاءِ، ولَمْ يُعْتَدَّ بِألِفِ الوَصْلِ فَذَلِكَ سائِغٌ، والأوَّلُ أخْصَرَ، وحَكى الكِسائِيُّ عن بَعْضِ العَرَبِ أنَّها تُقْرَأُ (الرَحِيمَ الحَمْدُ) بِفَتْحِ المِيمِ وصِلَةِ الألِفِ، كَأنَّها سُكِّنَتِ المِيمُ وقُطِعَتِ الألِفُ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ حَرَكَتُها عَلى المِيمِ وحُذِفَتْ، ولَمْ تُرْوَ هَذِهِ قِراءَةً عن أحَدٍ فِيما عَلِمْتُ، وهَذا هو نَظَرُ يَحْيى بْنِ زِيادٍ في قَوْلِهِ تَعالى:(الم اللهُ).
(p-٦٩)بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
***
﴿بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ﴾
قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُوسى بْنُ جَعْفَرٍ، عن أبِيهِ، وعَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، وقَتادَةُ، وأبُو العالِيَةِ، ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى بْنِ حِبّانَ: إنَّها مَكِّيَّةٌ، ويُؤَيِّدُ هَذا أنَّ في سُورَةِ الحِجْرِ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ المَثانِي﴾ [الحجر: ٨٧] والحِجْرِ مَكِّيَّةٌ بِإجْماعٍ.
وفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «إنَّها السَبْعُ المَثانِي، والسَبْعُ الطُوَلِ» نَزَلَتْ بَعْدَ الحِجْرِ بِمَدَدٍ، ولا خِلافَ أنْ فَرْضَ الصَلاةِ كانَ بِمَكَّةَ، وما حَفِظَ أنَّهُ كانَتْ قَطُّ في الإسْلامِ صَلاةٌ بِغَيْرٍ ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾، ورُوِيَ عن عَطاءِ بْنِ يَسارٍ، وسِوادَةَ بْنِ زِيادٍ، والزُهْرِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وعَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ بْنِ عُمَيْرٍ أنَّ سُورَةَ الحَمْدِ مَدَنِيَّةٌ.
وأمّا أسْماؤُها - فَلا خِلافَ أنَّها يُقالُ لَها: فاتِحَةُ الكِتابِ، لِأنَّ مَوْضِعَها يُعْطِي ذَلِكَ، واخْتَلَفَ هَلْ يُقالُ لَها: أُمُّ الكِتابِ؟ فَكَرِهَ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ ذَلِكَ، فَقالَ: أُمُّ (p-٧٠)الكِتابِ الحَلّالِ والحَرامِ. قالَ اللهُ تَعالى: ﴿آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ﴾ [آل عمران: ٧] وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ وغَيْرُهُ: يُقالُ لَها: أُمُّ الكِتابِ. وقالَ البُخارِيُّ: سُمِّيَتْ أُمَّ الكِتابِ لِأنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتابَتِها في المُصْحَفِ، وبِقِراءَتِها في الصَلاةِ. وفي تَسْمِيَتِها بِأُمِّ الكِتابِ حَدِيثٌ رَواهُ أبُو هُرَيْرَةَ، واخْتَلَفَ هَلْ يُقالُ لَها أُمُّ القُرْآنِ؟ فَكَرِهُ ذَلِكَ ابْنُ سِيرِينَ، وجَوَّزَهُ جُمْهُورُ العُلَماءِ، قالَ يَحْيى بْنُ يَعْمُرَ: أُمُّ القُرى مَكَّةُ، وأُمُّ خُراسانَ مَرْوٌ، وأُمُّ القُرْآنِ سُورَةُ الحَمْدِ، وقالَ الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَنِ: اسْمُها أُمُّ القُرْآنِ، وأمّا المَثانِي فَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها تُثَنّى في كُلِّ رَكْعَةٍ، وقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأنَّها اسْتُثْنِيَتْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ فَلَمْ تَنْزِلْ عَلى أحَدٍ قَبْلَها ذُخْرًا لَها.
وأمّا فَضْلُ هَذِهِ السُورَةِ فَقَدْ «قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ في حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إنَّها لَمْ يَنْزِلْ في التَوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الفُرْقانِ مِثْلُها» ويُرْوى أنَّها تَعْدِلُ ثُلْثَيِ القُرْآنِ، وهَذا العَدْلُ إمّا أنْ يَكُونَ في المَعانِي، وإمّا أنْ يَكُونَ تَفْضِيلًا مِنَ اللهِ تَعالى لا يُعَلَّلُ، وكَذَلِكَ يَجِيءُ عَدْلُ ﴿قُلْ هو اللهُ أحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١]، وعَدْلُ ﴿إذا زُلْزِلَتِ﴾ [الزلزلة: ١] وغَيْرُها.
(p-٧١)وَرَوى أنَسُ بْنُ مالِكٍ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ: «لِلْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ فَضْلُ ثَلاثِينَ حَسَنَةً عَلى سائِرِ الكَلامِ»، ووَرَدَ حَدِيثٌ آخَرُ أنَّ النَبِيَّ ﷺ قالَ: «مَن قالَ: لا إلَهَ إلّا اللهُ كُتِبَتْ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً، ومَن قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ كُتِبَتْ لَهُ ثَلاثُونَ حَسَنَةً» وهَذا الحَدِيثُ هو في الَّذِي يَقُولُها مِنَ المُؤْمِنِينَ مُؤْتَجِرًا طالِبَ ثَوابٍ، لِأنَّ قَوْلَهُ: ( الحَمْد لِلَّهِ ) في ضِمْنِها التَوْحِيدُ الَّذِي هو مَعْنى لا إلَهَ إلّا اللهُ، فَفي قَوْلِهِ تَوْحِيدٌ وحَمْدٌ، وفي قَوْلِ: "لا إلَهَ إلّا اللهُ" تَوْحِيدٌ فَقَطْ، فَأمّا إذا أُخِذا بِمَوْضِعِهِما مِن شَرْعِ المِلَّةِ، ومَحَلِّهُما مِن دَفْعِ الكُفْرِ والإشْراكِ، فَـ "لا إلَهَ إلّا اللهُ" أفْضَلُ، والحاكِمُ بِذَلِكَ قَوْلُ النَبِيِّ ﷺ: «أفْضَلُ ما قُلْتُهُ أنا والنَبِيُّونَ مِن قَبْلِي: لا إلَهَ إلّا اللهُ».
{"ayah":"بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق