الباحث القرآني
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿إِنَّا أَنزلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنا أنزلنا التوراة فيها بيانُ ما سألك هؤلاء اليهود عنه من حكم الزانيين المحصنين [[انظر تفسير" الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة.]]
="ونور"، يقول: فيها جلاء ما أظلم عليهم، وضياءُ ما التبس من الحكم [[انظر تفسير"نور" فيما سلف ٥: ٤٢٤/٩: ٤٢٨/١٠: ١٤٥]] ="يحكم" بها النبيون الذين أسلموا"، يقول: يحكم بحكم التوراة في ذلك، أي: فيما احتكموا إلى النبي ﷺ فيه من أمر الزانيين="النبيون الذين أسلموا"، وهم الذين أذعنوا لحكم الله وأقرُّوا به. [[انظر تفسير" الإسلام" فيما سلف من فهارس اللغة.]]
* * *
وإنما عنى الله تعالى ذكره بذلك نبيّنا محمدا ﷺ، في حكمه على الزانيين المحصنين من اليهود بالرجم، وفي تسويته بين دم قتلى النّضير وقريظة في القِصاص والدِّية، ومَنْ قبل محمد من الأنبياء يحكم بما فيها من حكم الله، كما:-
١٢٠٠٦ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا"، يعني النبي ﷺ.
١٢٠٠٧ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن نبيّ الله ﷺ كان يقول لما أنزلت هذه الآية: نحن نحكم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الأديان.
١٢٠٠٨ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري، قال، حدثنا رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: زنى رجل من اليهود وامرأة، [[في المطبوعة: "بامرأة"، وأثبت ما كان هنا في المخطوطة، وهو مطابق لما في تفسير عبد الرزاق. انظر التخريج.]] فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبي، فإنه نبي بُعِث بتخفيف، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله وقلنا:"فُتْيَا نبي من أنبيائك"!! قال: فأتوا النبي ﷺ وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما تقول في رجل وامرأة منهم زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة، حتى أتى بيت مِدْراسهم، [[في المطبوعة"بيت المدراس"، وفي المخطوطة: "بيت مدراس"، وفوق"مدراس" حرف"ط"، دلالة على الخطأ، وما أثبته هو الصواب، من تفسير عبد الرزاق. وقد مضى تفسير"بيت المدراس" فيما سلف ص: ٣٠٣، تعليق: ١.]] فقام على الباب فقال: أنشدُكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ قالوا: يحمّم ويجبَّه ويجلد="والتجبيه"، أن يحمل الزانيان على حمار، تُقَابل أقفيتهما، ويطاف بهما= وسكت شابٌّ [منهم] ، [[ما بين القوسين زيادة من تفسير عبد الرزاق.]] فلما رآه سكت، ألظَّ به النِّشْدَةَ، [["ألظ به"، ألح عليه، وقد مضى تفسيرها في ص: ٣٠٤: تعليق: ٢. و"النشدة": الاستحلاف بالله. يقال: "نشدتك الله نشدة ونشدة" (بفتح النون وكسرها) و"نشدانًا" (بكسر النون) : استحلفتك بالله.
وفيما نقله أخي السيد أحمد من تفسير عبد الرزاق (المخطوط) : "النشيد"؛ وقال أخي: "في أبي داود: النشدة"، وفي رواية أبي جعفر عن عبد الرزاق، اختلاف آخر عنه. و"النشيد": رفع الصوت، هكذا قالوا. وعندي أنه مصدر"نشدتك الله"، يزاد على مصادره.]] فقال: اللهم إذ نشدتَنا، فإنا نجد في التوراة الرجْمَ! فقال النبي ﷺ: فما أوّل ما ارْتَخَصْتم أمر الله؟ [[في المطبوعة: "ما ارتخص أمر الله"، وفي المخطوطة: ما يحصص" [محذوفة النقط] ، وهو خطأ لاشك فيه، وأثبت ما في تفسير عبد الرزاق.]] قال: زنى رجل ذو قرابة من ملك من ملوكنا، فأخَّر عنه الرجم. [[قوله: "فأخر عنه الرجم"؛ أي: أسقط عنه الحد، كأنه أبعده عنه وصرفه أن يلحقه. وفي الخبر أن رسول الله ﷺ قال لعمر: "أخر عني يا عمر"، قالوا في معناه: "معناه: أخر عني رأيك أو نفسك، فاختصر إيجازا وبلاغة". فقصروا في شرحه، وإنما أراد معنى صرفه وإبعاده. وهو في هذا الخبر بالمعنى الذي فسرته. وهو مما يزاد على كتب اللغة، أو على بيانها على الأصح.]] ثم زنى رجل في أسْوة من الناس، [[في المطبوعة: "في أسرة من الناس"، وهي بمثل ذلك في مخطوطة تفسير عبد الرزاق، ثم هي كذلك في سنن أبي داود وغيره. وفسروها فقالوا"الأسرة: عشيرة الرجل وأهل بيته، لأنه يتقوى بهم".
بيد أني أثبت ما هو واضح في المخطوطة: "في أسوة" بالواو، والواو هناك واضحة جدا، كبيرة الرأس، وما أظن الناسخ وضعها كذلك من عند نفسه، بل أرجح أنه وجد"الواو" ظاهرة في نسخة التفسير العتيقة التي نقل عنها، فأثبتها واضحة لذلك. فلو صح ما في المخطوطة، فهو عندي أرجح من رواية"في أسرة". وبيانها أنهم يقولون: "القوم أسوة في هذا الأمر"، أي: حالهم فيه واحدة. فأراد بقوله: "في أسوة من الناس"، أي: حاله حال سائر الناس، ليس من أشرافهم، أو من أهل بيت المملكة منهم، فهو يعامل كما يعامل سائر العامة. وقد جاء في أخبار رجم اليهوديين: "كنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد" (انظر ما سلف رقم: ١١٩٢٢) . فهو يعني بقوله: "في أسوة من الناس"، أنه من ضعفائهم وعامتهم. وهذا أرجح عندي من"في أسرة من الناس"، فإنه يوشك أن يكون"في أسرة من الناس"، مما يوحي بأن له عشيرة يحمونه ويدفعون عنه ويتقوى بهم، وهو خلاف ما يدل عليه سياق هذا الخبر.
ولولا أني لا أجد في يدي البرهان القاطع، لقلت إن الذي في المخطوطة هو الصواب. وذلك أني أذكر أني قرأت مثل هذا التعبير في غير هذا الموضع، وجهدت أن أجده، فلم أظفر بطائل. فإذا وجدته في مكان آخر أثبته إن شاء الله، وكان حجة في المعنى الذي فسرته، وفوق كل ذي علم عليم.]] فأراد رَجْمَه، فحال قومه دونه وقالوا: لا ترجمْ صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه! فاصطلحوا على هذه العقوبة بينهم. قال النبي ﷺ: فإني أحكم بما في التوراة! فأمر بهما فرجما= قال الزهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم:"إنا أنزلنا التوراة فيها هدًى ونورٌ يحكم بها النبيون الذين أسلموا"، فكان النبيُّ منهم. [[الأثر: ١٢٠٠٨- انظر تخريج هذا الخبر فيما سلف في التعليق على الأثرين، رقم: ١١٩٢٣، ١١٩٢٤.
وقد نقله أخي السيد أحمد في مسند أحمد في التعليق على الخبر رقم: ٧٧٤٧، من مخطوطة تفسير عبد الرزاق، ولم يشر إلى موضعه هنا من تفسير الطبري. وقد بينت الاختلاف بين الروايتين فيما سلف من التعليقات.]]
١٢٠٠٩ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله:"يحكم بها النبيون الذين أسلموا"، النبي ﷺ ومَنْ قبله من الأنبياء، يحكمون بما فيها من الحق.
١٢٠١٠ - حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عوف، عن الحسن في قوله:"يحكم بها النبيون الذين أسلموا"، يعني النبي ﷺ="للذين هادوا"، يعني اليهود، [[انظر تفسير"هاد" فيما سلف ص: ٣٠٩، تعليق: ١، والمراجع هناك.]] فاحكم بينهم ولا تخشهم.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ويحكم بالتوراة وأحكامها التي أنزل الله فيها في كل زمان -على ما أمر بالحكم به فيها- مع النبيين الذين أسلموا="الربانيون والأحبار".
* * *
و"الربانيون" جمع"رَبَّانيّ"، وهم العُلماء الحكماء البُصراء بسياسة الناس، وتدبير أمورهم، والقيام بمصالحهم= و"الأحبار"، هم العلماء.
* * *
وقد بينا معنى"الربانيين" فيما مضى بشواهده، وأقوالَ أهل التأويل فيه. [[انظر تفسير"الربانيون" فيما سلف ٦: ٥٤٠، ٥٤٤، وفيه بيان لا يستغني عن معرفته بصير باللغة.]]
* * *
وأما"الأحبار"، فإنهم جمع"حَبْر"، وهو العالم المحكم للشيء، ومنه قيل لكعْب:"كعب الأحبار".
وكان الفراء يقول: أكثر ما سمعت العرب تقول في واحد"الأحبار"،"حِبْر" بكسر"الحاء". [[انظر تفسير"الأحبار" فيما سلف ٦: ٥٤١، ٥٤٢ (الأثر: ٧٣١٢) ، ثم ص: ٥٤٤.]]
* * *
وكان بعض أهل التأويل يقول: عُنِي بـ"الربانيين والأحبار" في هذا الموضع: ابنا صوريا اللذان أقرَّا لرسول الله ﷺ بحكم الله تعالى ذكره في التوراة على الزانيين المحصنين.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٠١١ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: كان رجلان من اليهود أخوان، يقال لهما ابنا صُوريا، وقد اتبعا النبيّ ﷺ ولم يسلما، وأعطياه عهدًا أن لا يسألهما عن شيء في التوراة إلا أخبراه به. وكان أحدُهما رِبِّيًّا، والآخر حَبْرًا. وإنما اتَّبعا النبى ﷺ يتعلمان منه. فدعاهما، فسألهما، فأخبراه الأمر كيف كان حين زَنَى الشريف وزنى المسكين، وكيف غيَّروه، فأنزل الله:"إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا"، يعني النبي ﷺ="والربانيون والأحبار"، هما ابنا صوريا، للذين هادوا. ثم ذكر ابني صوريا فقال:"والربانيون والأحبار بما استُحْفِظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء".
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنّ التوراة يحكم بها مسلمو الأنبياء لليهود، والربانيون من خلقه والأحبار. وقد يجوز أن يكون عُني بذلك ابنا صوريا وغيرهما، غير أنه قد دخل في ظاهر التتزيل مسلمو الأنبياء وكل رَبَّاني وحبر. ولا دلالة في ظاهر التنزيل على أنه معنيٌّ به خاص من الربانيين والأحبار، ولا قامت بذلك حجة يجب التسليم لها. فكل رباني وحبر داخلٌ في الآية بظاهر التنزيل.
* * *
وبمثل الذي قلنا في تأويل"الأحبار"، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٠١٢ - حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك:"الربانيون" و"الأحبار"، قُرّاؤهم وفقهاؤهم.
١٢٠١٣ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حفص، عن أشعث، عن الحسن:"الربانيون والأحبار"، الفقهاء والعلماء.
١٢٠١٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"الربانيون"، العلماء الفقهاء، وهم فوق"الأحبار". [[الأثر: ١٢٠١٤- انظر قوله مجاهد بإسناد آخر رقم: ٧٣١٢.]]
١٢٠١٥ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"الربانيون"، فقهاء اليهود="والأحبار"، علماؤهم.
١٢٠١٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا سنيد بن داود قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة:"والربانيون والأحبار"، كلهم يحكم بما فيها من الحق.
١٢٠١٧ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد"الربانيون"، الولاة،="والأحبار"، العلماء.
* * *
وأما قوله:"بما استحفظوا من كتاب الله"، فإن معناه: يحكم النبيون الذين أسلموا بحكم التوراة، والربانيون والأحبار = يعني العلماء= بما استُودعوا علمه من كتاب الله الذي هو التوراة.
* * *
و"الباء" في قوله:"بما استحفظوا"، من صلة"الأحبار".
* * *
وأما قوله:"وكانوا عليه شهداء"، فإنه يعني: أن الربانيين والأحبار بما استودعوا من كتاب الله، يحكمون بالتوراة مع النبيين الذين أسلموا للذين هادوا، وكانوا على حكم النبيين الذين أسلموا للذين هادوا شهداء أنهم قضوا عليهم بكتاب الله الذي أنزله على نبيه موسى وقضائه عليهم، [[انظر تفسير"الشهداء" فيما سلف من فهارس اللغة (شهد) .]] كما:-
١٢٠١٨ - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس:"وكانوا عليه شهداء"، يعني الربانيين والأحبار، هم الشهداء لمحمد ﷺ بما قال، أنه حق جاء من عند الله، فهو نبي الله محمد، أتته اليهود. فقضى بينهم بالحق.
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لعلماء اليهود وأحبارهم: لا تخشوا الناس في تنفيذ حكمي الذي حكمت به على عبادي، وإمضائه عليهم على ما أمرت، فإنهم لا يقدرون لكم على ضر ولا نفع إلا بإذني، ولا تكتموا الرجمَ الذي جعلته حُكمًا في التوراة على الزانيين المحصنين، ولكن اخشوني دون كل أحدٍ من خلقي، فإن النفع والضر بيدي، وخافوا عقابي في كتمانكم ما استُحفِظتم من كتابي. [[انظر تفسير"الخشية" فيما سلف ٩: ٥١٧، تعليق: ٢، والمراجع هناك.]] كما:-
١٢٠١٩ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"فلا تخشوا الناس واخشون"، يقول: لا تخشوا الناس فتكتموا ما أنزلت.
* * *
وأما قوله:"ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلا" يقول: ولا تأخذوا بترك الحكم بآيات كتابي الذي أنزلته على موسى، أيها الأحبار، عوضًا خسِيسًا= وذلك هو"الثمن القليل". [[انظر تفسير"الاشتراء" فيما سلف ٨: ٥٤٢، تعليق: ٢، والمراجع هناك= وتفسير"الثمن القليل" فيما سلف ٧: ٥٠٠، تعليق: ٣، والمراجع هناك.]]
وإنما أراد تعالى ذكره، نهيَهم عن أكل السحت على تحريفهم كتاب الله، وتغييرهم حكمه عما حكم به في الزانيين المحصنين، وغير ذلك من الأحكام التي بدَّلوها طلبًا منهم للرشَى، كما:-
١٢٠٢٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلا"، قال: لا تأكلوا السحت على كتابي= وقال مرة أخرى، قال قال ابن زيد في قوله:"ولا تشتروا بآياتي ثمنًا" قال: لا تأخذوا به رشوة. [[في المخطوطة: "في قوله: لا تشتر ثمنًا، قال: لا تأخذ به رشوة"، وتركت ما في المطبوعة على حاله.]]
١٢٠٢١ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تشتروا بآياتي ثمنًا قليلا"، ولا تأخذوا طَمَعًا قليلا على أن تكتموا ما أنزلت. [[في المطبوعة: "طعمًا قليلا"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الموافق لما في الآثار السالفة. انظر ما سلف الآثار رقم: ٨٢١، ٢٤٩٨، ٨٣٣٣.]]
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون (٤٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ومن كتم حُكم الله الذي أنزله في كتابه وجعله حكمًا يين عباده، فأخفاه وحكم بغيره، كحكم اليهود في الزانيين المحصنين بالتجبيه والتحميم، وكتمانهم الرجم، [["التجبيه"، و"التحميم"، مضى تفسيره في الآثار والتعليقات السالفة.]] وكقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفي بعض بنصف الدية، وفي الأشراف بالقِصاص، وفي الأدنياء بالدية، وقد سوَّى الله بين جميعهم في الحكم عليهم في التوراة="فأولئك هم الكافرون"، يقول: هؤلاء الذين لم يحكموا بما أنزل الله في كتابه، ولكن بدَّلوا وغيروا حكمه، وكتموا الحقَّ الذي أنزله في كتابه="هم الكافرون"، يقول: هم الذين سَتَروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينُه، وغطَّوه عن الناس، وأظهروا لهم غيره، وقضوا به، لسحتٍ أخذوه منهم عليه. [[انظر تفسير"الكافر" فيما سلف من فهارس اللغة (كفر) .]]
* * *
وقد اختلف أهل التأويل في تأويل"الكفر" في هذا الموضع.
فقال بعضهم بنحو ما قلنا في ذلك، من أنه عنى به اليهود الذين حَرَّفوا كتاب الله وبدَّلوا حكمه.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٠٢٢ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب، عن النبي ﷺ في قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [سورة المائدة: ٤٥] ، ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة المائدة: ٤٧] ، في الكافرين كلها. [[الأثر: ١٢٠٢٢- مضى تخريج هذا الأثر، مطولا فيما سلف رقم: ١١٩٢٢، وتتمته برقم: ١١٩٣٩، ورواه أبو جعفر هناك مختصرًا، وهذا تمامه هنا.]]
١٢٠٢٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا محمد بن القاسم قال، حدثنا أبو حيان، عن أبي صالح قال: الثلاث الآيات التي في"المائدة"،"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"= ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ، ليس في أهل الإسلام منها شيءٌ، هي في الكفار. [[الأثر: ١٢٠٢٣-"أبو حيان" هو: "يحيى بن سعيد بن حيان التيمي"، سلف برقم: ٥٣٨٢، ٥٣٨٣، ٦٣١٨، ٨١٥٥. وكان في المخطوطة هنا: "أبو حباب"، وفي الأثر التالي، أيضا وكأن الراجح هو ما أثبت في المطبوعة. وانظر التعليق على الأثر التالي.]]
١٢٠٢٤ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي حيان، عن الضحاك:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، و"الظالمون" و"الفاسقون"، قال: نزلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب. [[الأثر: ١٢٠٢٤-"أبو حبان"، "يحيى بن سعيد بن حيان التيمي"، انظر التعليق على الأثر السالف، و"أبو حيان التيمي"، يروي عن الضحاك. وكان في المطبوعة هنا أيضا"أبي حباب". وانظر التعليق على الأثر السالف.]]
١٢٠٢٥ - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، سمعت عمران بن حدير قال، أتى أبا مجلز ناسٌ من بني عمرو بن سدوس، فقالوا: يا أبا مجلز، أرأيت قول الله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، أحق هو؟ قال: نعم! قالوا: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ ، أحق هو؟ قال: نعم! قالوا: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ، أحق هو؟ قال: نعم! قال فقالوا: يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدْعون، فإن هم تركوا شيئًا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبًا! فقالوا: لا والله، ولكنك تَفْرَقُ! [[في المطبوعة: "ولكنك تعرف"، وهو خطأ صرف، صوابه في المخطوطة."فرق يفرق فرقًا": فرغ وجزع.]] قال: أنتم أولى بهذا مني! لا أرى، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرَّجُون، ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك= أو نحوًا من هذا.
١٢٠٢٦ - حدثني المثنى قال، حدثنا حجاج قال، حدثنا حماد، عن عمران بن حدير قال: قعد إلى أبي مجلز نفرٌ من الإبَاضيَّة، قال فقالوا له: يقول الله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"،"فأولئك هم الظالمون"،"فأولئك هم الفاسقون"! قال أبو مجلز: إنهم يعملون بما يعلمون = يعني الأمراء = ويعلمون أنه ذنب! [[في المطبوعة: "إنهم يعملون ما يعملون"، وفي المخطوطة: "إنه يعملون بما يعملون"، وصواب القراءة ما أثبت.]] قال: وإنما أنزلت هذه الآية في اليهود! والنصارى قالوا: أما والله إنك لتعلم مثل ما نعلم، ولكنك تخشاهم! قال: أنتم أحق بذلك منّا! أمّا نحن فلا نعرف ما تعرفون! [قالوا] : [[ظاهر السياق يقتضي زيادة ما زدت بين القوسين، فهو منهم تقريع لأبي مجلز وسائر من يقول بقوله، ويخالف الإباضية.]] ولكنكم تعرفونه، ولكن يمنعكم أن تمضوا أمركم من خشيتهم! [[الأثران: ١٢٠٢٥، ١٢٠٢٦- اللهم إني أبرأ إليك من الضلالة. وبعد، فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا، قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله، وفي القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه، وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام. فلما وقف على هذين الخبرين، اتخذهما رأيًا يرى به صواب القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير ما أنزل الله، وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها، والعامل عليها.
والناظر في هذين الخبرين لا محيص له عن معرفة السائل والمسئول، فأبو مجلز (لاحق بن حميد الشيباني السدوسي) تابعي ثقة، وكان يحب عليا رضي الله عنه. وكان قوم أبي مجلز، وهم بنو شيبان، من شيعة علي يوم الجمل وصفين. فلما كان أمر الحكمين يوم صفين، واعتزلت الخوارج، كان فيمن خرج على علي رضي الله عنه، طائفة من بني شيبان، ومن بني سدوس بن شيبان بن ذهل. وهؤلاء الذين سألوا أبا مجلز، ناس من بني عمرو بن سدوس (كما في الأثر: ١٢٠٢٥) ، وهم نفر من الإباضية (كما في الأثر: ١٢٠٢٦) ، والإباضية من جماعة الخوارج الحرورية، هم أصحاب عبد الله بن إباض التيمي (انظر هذا التفسير ٧: ١٥٢-١٥٣، تعليق: ١) ، وهم يقولون بمقالة سائر الخوارج في التحكيم، وفي تكفير علي رضي الله عنه إذ حكم الحكمين، وأن عليًا لم يحكم بما أنزل الله، في أمر التحكيم. ثم إن عبد الله بن إباض قال" إن من خالف الخوارج كافر ليس بمشرك، فخالف أصحابه، وأقام الخوارج على أن أحكام المشركين تجري على من خالفهم.
ثم افترقت الإباضية بعد عبد الله بن إباض الإمام افتراقًا لا ندري معه -في أمر هذين الخبرين- من أي الفرق كان هؤلاء السائلون، بيد أن الإباضية كلها تقول: إن دور مخالفيهم دور توحيد، إلا معسكر السلطان فإنه دار كفر عندهم. ثم قالوا أيضًا: إن جميع ما افترض الله سبحانه على خلقه إيمان، وأن كل كبيرة فهي كفر نعمة، لا كفر شرك، وأن مرتكبي الكبائر في النار خالدون مخلدون فيها.
ومن البين أن الذين سألوا أبا مجلز من الإباضية، إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء، لأنهم في معسكر السلطان، ولأنهم ربما عصوا أو ارتكبوا بعض ما نهاهم الله عن ارتكابه. ولذلك قال لهم في الخبر الأول (رقم: ١٢٠٢٥) : "فإن هم تركوا شيئًا منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنبًا"، وقال لهم في الخبر الثاني"إنهم يعملون بما يعملون ويعلمون أنه ذنب".
وإذن، فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا، من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه ﷺ. فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه.
والذي نحن فيه اليوم، هو هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء، وإيثار أحكام غير حكمه في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في شريعة الله، بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع، على أحكام الله المنزلة، وادعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زماننا، ولعلل وأسباب انقضت، فسقطت الأحكام كلها بانقضائها. فأين هذا مما بيناه من حديث أبي مجلز، والنفر من الإباضية من بني عمرو بن سدوس!!
ولو كان الأمر على ما ظنوا في خبر أبي مجلز، أنهم أرادوا مخالفة السلطان في حكم من أحكام الشريعة. فإنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن سن حاكم حكما وجعله شريعة ملزمة للقضاء بها. هذه واحدة. وأخرى، أن الحاكم الذي حكم في قضية بعينها بغير حكم الله فيها، فإنه إما أن يكون حكم بها وهو جاهل، فهذا أمره أمر الجاهل بالشريعة. وإما أن يكون حكم بها هوى ومعصية، فهذا ذنب تناوله التوبة، وتلحقه المغفرة. وإما أن يكون حكم به متأولا حكمًا خالف به سائر العلماء، فهذا حكمه حكم كل متأول يستمد تأويله من الإقرار بنص الكتاب، وسنة رسول الله.
وأما أن يكون كان في زمن أبي مجلز أو قبله أو بعده حاكم حكم بقضاء في أمر، جاحدًا لحكم من أحكام الشريعة، أو مؤثرًا لأحكام أهل الكفر على أحكام أهل الإسلام، فذلك لم يكن قط. فلا يمكن صرف كلام أبي مجلز والإباضيين إليه. فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابها، وصرفها إلى غير معناها، رغبة في نصرة سلطان، أو احتيالا على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله وفرض على عباده، فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله: أن يستتاب، فإن أصر وكابر وجحد حكم الله، ورضى بتبديل الأحكام= فحكم الكافر المصر على كفره معروف لأهل هذا الدين. واقرأ كلمة أبي جعفر بعد ص: ٣٥٨، من أول قوله: "فإن قال قائل". ففيه قول فصل. وتفصيل القول في خطأ المستدلين بمثل هذين الخبرين، وما جاء من الآثار هنا في تفسير هذه الآية، يحتاج إلى إفاضة، اجتزأت فيها بما كتبت الآن، وكتبه محمود محمد شاكر.]]
١٢٠٢٧ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان= عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري، عن حذيفة في قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل، إن كانت لكم كل حُلْوة، ولهم كل مُرَّة!! ولتسلُكُنَّ طريقَهم قِدَى الشِّراك. [[الأثر: ١٢٠٢٧-"حبيب بن أبي ثابت الأسدي"، ثقة صدوق. مضى برقم: ٩٠١٢، ٩٠٣٥، ١٠٤٢٣.
و"أبو البختري"، هو"سعيد بن فيروز الطائي"، تابعي ثقة، يرسل الحديث عن عمر وحذيفة وسلمان وابن مسعود. قال ابن سعد في الطبقات ٦: ٢٠٤: "وكان أبو البختري كثير الحديث، يرسل حديثه، ويروي عن أصحاب رسول الله ﷺ، ولم يسمع من كبير أحد. فما كان من حديثه سماعًا فهو حسن، وما كان"عن"، فهو ضعيف". ومضى برقم: ١٧٥، ١٤٩٧، فهو حديث منقطع، لأن أبا البختري لم يسمع من حذيفة.
وقوله: "قدى" (بكسر القاف وفتح الدال) . يقال: "هو مني قيد رمح" (بكسر القاف) و"قاد رمح" و"قدى رمح" بمعنى، واحد: أي: قدر رمح، قال هدبة بن الخشرم: وَإِنِّي إِذَا مَا المَوْتُ لَمْ يَكُ دُونَهُ ... قِدَى الشِّبْرِ، أَحْمِي الأنْفَ أَنْ أَتَأَخَّرَا
و"الشراك": سير النعل، ويضرب به المثل في الصغر والقصر. يريده تشبونهم: لا يكاد أمركم يختلف إلا قدر كذا وكذا.
وكان في المطبوعة هنا: "قدر الشراك"، وأثبت ما في المخطوطة، في هذا الأثر، وفي رقم: ١٢٠٣٠.
وخبر حذيفة، رواه الحاكم في المستدرك ٢: ٣١٢، ٣١٣، من طريق جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، قال: "كنا عند حذيفة، فذكروا: "ومن لم يحكم لما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، فقال رجل من القوم: إن هذه في بني إسرائيل! فقال حذيفة: نعم الإخوة بنو إسرائيل، إن كان لكم الحلو، ولهم المر! كلا، والذي نفسي بيده، حتى تحذوا السنة بالسنة حذو القذة بالقذة". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي."السنة": الطريقة المتبعة. و"القذة": ريش السهم، يقدر الريش بعضه على بعض ليخرج متساويا.]]
١٢٠٢٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي حيان، عن الضحاك:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، و"الظالمون" و"الفاسقون"، قال: نزلت هؤلاء الآيات في أهل الكتاب.
١٢٠٢٩ - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: قيل لحذيفة:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، ثم ذكر نحو حديث ابن بشار، عن عبد الرحمن.
١٢٠٣٠ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري قال: سأل رجل حذيفة عن هؤلاء الآيات:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"،"فأولئك هم الظالمون""فأولئك هم الفاسقون"، قال فقيل: ذلك في بني إسرائيل؟ قال: نعم الإخوة لكم بنو إسرائيل، إن كانت لهم كل مُرَّة، ولكم كل حلوة! كلا والله، لتسلكن طريقَهم قِدَى الشراك. [[الأثران: ١٢٠٢٩، ١٢٠٣٠- طريقان أخريان للأثر السالف رقم: ١٢٠٢٧، وكان في الأثر الأخير هنا في المطبوعة: "قدر الشراك"، وأثبت ما في المخطوطة. انظر التعليق السالف.]]
١٢٠٣١ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن رجل، عن عكرمة قال: هؤلاء الآيات في أهل الكتاب.
١٢٠٣٢ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في قتيل اليهود الذي كان منهم. [[في المطبوعة: "في قيل اليهود"، وفي المخطوطة: "في قبيل اليهود"، والصواب ما أثبت. وقد مضى خبر هذا القتيل مرارًا، وسيأتي قريبًا برقم: ١٢٠٣٧.]]
١٢٠٣٣ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، و"الظالمون"، و"الفاسقون"، لأهل الكتاب كلّهم، لما تركوا من كتاب الله.
١٢٠٣٤ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب قال: مُرَّ على النبي ﷺ بيهوديّ محمَّم مجلود، فدعاهم فقال: هكذا تجدون حدَّ من زنى؟ قالوا: نعم! فدعا رجلا من علمائهم فقال: أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى، هكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم؟ قال: لا ولولا أنك أنشَدتني بهذا لم أخبرك، نجد حدَّه في كتابنا الرجم، ولكنه كثُر في أشرافنا، فكُنا إذا أخذنا الشّريف تركناه، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحدّ، فقلنا: تعالوا فلنجتمع جميعًا على التحميم والجلد مكانَ الرجْم. فقال رسول الله ﷺ: اللهم إنّي أول من أحيَى أمرك إذْ أماتوه! فأمر به فرجم، فأنزل الله:"يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر" إلى قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، يعني اليهود:"فأولئك هم الظالمون"، يعني اليهود:"فأولئك هم الفاسقون"، للكفار كلها. [[الأثر: ١٢٠٣٤- مضى تخريج هذا الأثر برقم: ١١٩٢٢، من طرق أخرى وسيأتي برقم: ١٢٠٣٦.]]
١٢٠٣٥ - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: من حكم بكتابه الذي كتب بيده، وترك كتاب الله، وزعم أن كتابه هذا من عند الله، فقد كفر.
١٢٠٣٦ - حدثنا هناد قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب، عن النبي ﷺ، نحو حديث القاسم، عن الحسن= غير أن هنادًا قال في حديثه: فقلنا: تعالوا فلنجتمع في شيء نقيمه على الشريف والضعيف، فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم- وسائر الحديث نحو حديث القاسم. [[الأثر: ١٢٠٣٤- مضى تخريجه برقم: ١١٩٢٢، ورقم: ١٢٠٣٤.]]
١٢٠٣٧ - حدثنا الربيع قال، حدثنا ابن وهب قال، حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه قال: كنا عند عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فذكر رجل عنده:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"،"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"،"ومن ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"، فقال عبيد الله: أمَا والله إن كثيرًا من الناس يتأوَّلون هؤلاء الآيات على ما لم ينزلنَ عليه، وما أُنزلن إلا في حيين من يهود. ثم قال: هم قريظة والنضير، وذلك أنّ إحدى الطائفتين كانت قد غزت الأخرى وقهرتها قبل قدوم النبيّ ﷺ المدينةَ، حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتلته العزيزةُ من الذليلة، فديته خمسون وَسْقًا، [["الوثق" (بفتح الواو كسرها) : حمل بعير، أو ستون صاعًا، وهو مكيال لهم.]] وكل قتيل قتلته الذَّليلة من العزيزة، فدِيَته مئة وَسْق. فأعطوهم فَرَقًا وضيمًا. [["الفرق" (بفتحتين) الفزع، والجزع. و"الضيم": الظلم. يقول: فقبلوا ذلك خوفًا من بطشهم وجزعًا، ورضى بالظلم منهم.]] فقدم النبي ﷺ وهم على ذلك، فذلَّت الطائفتان بمقدَم النبي ﷺ، والنبيُّ ﷺ لم يظهر عليهما. فبيْنا هما على ذلك، أصابت الذليلة من العزيزة قتيلا فقالت العزيزة: أعطونا مائة وسق! فقالت الذليلة: وهل كان هذا قط في حَيَّين دينهما واحد، وبلدهما واحد، ديةُ بعضهم ضعفُ دية بعض! إنما أعطيناكم هذا فَرَقًا منكم وضيمًا، فاجعلوا بيننا وبينكم محمدًا ﷺ. فتراضيا على أن يجعلوا النبيَّ ﷺ بينهم. ثم إن العزيزة تذاكرت بينها، [[في المخطوطة: *"نكرت" غير منقوطة، والذي في المطبوعة موافق للمعنى، ولم أعرف لقراءة ما في المخطوطة وجهًا إلا"فكرت بينها"، وهي سقيمة.]] فخشيت أن لا يعطيها النبيُّ ﷺ من أصحابها ضعف ما تعطِي أصحابها منها، فدسُّوا إلى النبي ﷺ إخوانهم من المنافقين، فقالوا لهم: اخبرُوا لنا رأيَ محمد ﷺ، فإن أعطانا ما نريد حكَّمناه، وإن لم يعطنا حذرناه ولم نحكمه! فذهب المنافق إلى النبي ﷺ، فأعلم الله تعالى ذكره النبيَّ ﷺ ما أرادوا من ذلك الأمر كله= قال عبيد الله: فأنزل الله تعالى ذكره فيهم:"يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يُسَارعون في الكفر"، هؤلاء الآيات كلهن، حتى بلغ:"وليحكُم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه" إلى"الفاسقون"= قرأ عبيد الله ذلك آيةً آيةً، وفسَّرها على ما أُنزل، حتى فرَغ [من] تفسير ذلك لهم في الآيات. [[الذي بين القوسين، زيادة لا بد منها فيما أرى.]] ثم قال: إنما عنى بذلك يهود، وفيهم أنزلت هذه الصفة.
* * *
وقال بعضهم: عنى بـ"الكافرين"، أهل الإسلام، وب"الظالمين" اليهود، وب"الفاسقين" النصارى.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٠٣٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن زكريا، عن عامر قال: نزلت"الكافرون" في المسلمين، و"الظالمون" في اليهود، و"الفاسقون" في النصارى.
١٢٠٣٩ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن يمان، عن سفيان، عن ابن أبي السفر، عن الشعبي، قال:"الكافرون"، في المسلمين، و"الظالمون" في اليهود، و"الفاسقون"، في النصارى.
١٢٠٤٠ - حدثنا ابن وكيع وأبو السائب وواصل بن عبد الأعلى قالوا، حدثنا ابن فضيل، عن ابن شبرمة، عن الشعبي قال: آيةٌ فينا، وآيتان في أهل الكتاب:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، فينا، وفيهم:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، و"الفاسقون" في أهل الكتاب.
١٢٠٤١ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن جابر، عن عامر، مثل حديث زكريَّا عنه. [[يعني رقم: ١٢٠٣٨.]]
١٢٠٤٢ - حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال، حدثنا شعبة، عن ابن أبي السفر، عن الشعبي:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: هذا في المسلمين"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"، قال: النصارى.
١٢٠٤٣ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي قال، في هؤلاء الآيات التي في"المائدة":"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: فينا أهلَ الإسلام="ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"، قال: في اليهود="ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"، قال: في النصارى.
١٢٠٤٤ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال، حدثنا سفيان، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي في قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: نزلت الأولى في المسلمين، والثانية في اليهود، والثالثة في النصارى.
١٢٠٤٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن زكريا، عن الشعبي، بنحوه.
١٢٠٤٦ - حدثنا هناد قال، حدثنا يعلى، عن زكريا، عن عامر، بنحوه.
* * *
وقال آخرون: بل عنى بذلك: كفرٌ دون كفر، وظلمٍ دون ظلم، وفسقٌ دون فسق.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٠٤٧ - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"،"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون"،"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون"، قال: كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم.
١٢٠٤٨ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عطاء، مثله.
١٢٠٤٩ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج قال، حدثنا حماد، عن أيوب بن أبي تميمة، عن عطاء بن أبي رباح، بنحوه.
١٢٠٥٠ - حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، بنحوه.
١٢٠٥١ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، بنحوه.
١٢٠٥٢ - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن سفيان، عن سعيد المكي، عن طاوس:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: ليس بكفرٍ ينقل عن الملّة.
١٢٠٥٣ - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن سفيان، عن معمر بن راشد، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافررن"، قال: هي به كفر، وليس كفرًا بالله وملائكته وكتبه ورسله. [[الأثر: ١٢٠٥٣- خبر طاوس عن ابن عباس، رواه الحاكم في المستدرك (٢: ٣١٣) من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام بن ججير، عن طاوس، عن ابن عباس: "إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عنه الملة ="ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، كفر دون الكفر"، هذا لفظه، ثم قال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وقال الذهبي: "صحيح".]]
١٢٠٥٤ - حدثني الحسن قال، حدثنا أبو أسامة، عن سفيان، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: قال رجل لابن عباس في هذه الآيات:"ومن لم يحكم بما أنزل الله"، فمن فعل هذا فقد كفر؟ قال ابن عباس: إذا فعل ذلك فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر، وبكذا وكذا.
١٢٠٥٥ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال هي به كفر= قال: ابن طاوس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكُتُبه ورسله.
١٢٠٥٦ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن رجل، عن طاوس:"فأولئك هم الكافرون"، قال: كفر لا ينقل عن الملة= قال وقال عطاء: كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.
* * *
وقال آخرون: بل نزلت هذه الآيات في أهل الكتاب، وهى مرادٌ بها جميعُ الناس، مسلموهم وكفارهم.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٠٥٧ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال: نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل، ورَضي لهذه الأمّة بها.
١٢٠٥٨ - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: نزلت في بني إسرائيل، ورضى لكم بها.
١٢٠٥٩ - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم في هذه الآية:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: نزلت في بني إسرائيل، ثم رضى بها لهؤلاء.
١٢٠٦٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن عوف، عن الحسن في قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: نزلت في اليهود، وهي علينا واجبةٌ.
١٢٠٦١ - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل، عن علقمة ومسروق: أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة، فقال: من السحت. قال فقالا أفي الحكم؟ قال: ذاك الكُفْر! ثم تلا هذه الآية:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون".
١٢٠٦٢ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ومن لم يحكم بما أنزل الله"، يقول: ومن لم يحكم بما أنزلتُ، فتركه عمدًا وجار وهو يعلم، فهو من الكافرين.
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك: ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به. فأما"الظلم" و"الفسق"، فهو للمقرِّ به.
* ذكر من قال ذلك:
١٢٠٦٣ - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله:"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"، قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر. ومن أقرّ به ولم يحكم، فهو ظالم فاسقٌ.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب، قولُ من قال: نزلت هذه الآيات في كفّار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيُّون بها. وهذه الآيات سياقُ الخبر عنهم، فكونُها خبرًا عنهم أولى.
* * *
فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد عمَّ بالخبر بذلك عن جميع منْ لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصًّا؟
قيل: إن الله تعالى عَمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكمَ، على سبيل ما تركوه، كافرون. وكذلك القولُ في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحدًا به، هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنه بجحوده حكم الله بعدَ علمه أنه أنزله في كتابه، نظير جحوده نبوّة نبيّه بعد علمه أنه نبيٌّ.
{"ayah":"إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِیهَا هُدࣰى وَنُورࣱۚ یَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِیُّونَ ٱلَّذِینَ أَسۡلَمُوا۟ لِلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُوا۟ مِن كِتَـٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُوا۟ عَلَیۡهِ شُهَدَاۤءَۚ فَلَا تَخۡشَوُا۟ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِی ثَمَنࣰا قَلِیلࣰاۚ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق