الباحث القرآني
قَوْلُهُ: ( لا يَحْزُنْكَ ) قَرَأ نافِعٌ بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ الزّايِ والباقُونَ بِفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الزّايِ، والحُزْنُ خِلافُ السُّرُورِ، وحَزِنَ الرَّجُلُ بِالكَسْرِ فَهو حَزِنٌ وحَزِينٌ: وأحْزَنَهُ غَيْرُهُ وحَزَنَهُ، قالَ اليَزِيدِيُّ: حَزَنَهُ لُغَةُ قُرَيْشٍ وأحْزَنَهُ لُغَةُ تَمِيمٍ، وقَدْ قُرِئَ بِهِما، وفي الآيَةِ النَّهْيُ لَهُ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عَنِ التَّأثُّرِ لِمُسارَعَةِ الكَفَرَةِ في كُفْرِهِمْ تَأثُّرًا بَلِيغًا؛ لِأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ قَدْ وعَدَهُ في غَيْرِ مَوْطِنٍ بِالنَّصْرِ عَلَيْهِمْ، والمُسارَعَةُ إلى الشَّيْءِ: الوُقُوعُ فِيهِ بِسُرْعَةٍ.
والمُرادُ هُنا وُقُوعُهم في الكُفْرِ بِسُرْعَةٍ عِنْدَ وُجُودِ فُرْصَةٍ، وآثَرَ لَفْظَ ( في ) عَلى لَفْظِ ( إلى ) لِلدَّلالَةِ عَلى اسْتِقْرارِهِمْ فِيهِ، و( مِن ) في قَوْلِهِ: ( مِنَ الَّذِينَ قالُوا ) بَيانِيَّةٌ، والجُمْلَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلْمُسارِعِينَ في الكُفْرِ، والباءُ في ( بِأفْواهِهِمْ ) مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( قالُوا ) لا بِـ ( آمَنّا ) وهَؤُلاءِ الَّذِينَ قالُوا آمَنُوا بِأفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهم هُمُ المُنافِقُونَ ( ومِنَ الَّذِينَ هادُوا ) يَعْنِي اليَهُودَ، وهو مَعْطُوفٌ عَلى ( مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا ) وهو تَمامُ الكَلامِ، والمَعْنى: أنَّ المُسارِعِينَ في الكُفْرِ طائِفَةُ المُنافِقِينَ وطائِفَةُ اليَهُودِ.
وقَوْلُهُ: ( سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أيْ: هم سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ، فَهو راجِعٌ إلى الفَرِيقَيْنِ أوْ إلى المُسارِعِينَ، واللّامُ في قَوْلِهِ: ( لِلْكَذِبِ ) لِلتَّقْوِيَةِ أوْ لِتَضْمِينِ السَّماعِ مَعْنى القَبُولِ، وقِيلَ: إنَّ قَوْلَهَ: ( سَمّاعُونَ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ﴿مِنَ الَّذِينَ هادُوا﴾ أيْ: ومِنَ الَّذِينَ هادُوا قَوْمٌ ( سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) أيْ: قابَلُونِ لِكَذِبِ رُؤَسائِهِمُ المُحَرِّفِينَ لِلتَّوْراةِ، قَوْلُهُ: ﴿سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ خَبَرٌ ثانٍ، واللّامُ فِيهِ كاللّامِ في ( لِلْكَذِبِ ) وقِيلَ: اللّامُ لِلتَّعْلِيلِ في المَوْضِعَيْنِ؛ أيْ: سَمّاعُونَ لِكَلامِ رَسُولِ اللَّهِ لِأجْلِ الكَذِبِ عَلَيْهِ، وسَمّاعُونَ لِأجْلِ قَوْمٍ آخَرِينَ وجَّهُوهم عُيُونًا لَهم لِأجْلِ أنْ يُبَلِّغُوهم ما سَمِعُوا مِن رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ.
قَوْلُهُ: ( لَمْ يَأْتُوكَ ) صِفَةٌ لِ ( قَوْمٍ ) أيْ: لَمْ يَحْضُرُوا مَجْلِسَكَ وهم طائِفَةٌ مِنَ اليَهُودِ كانُوا لا يَحْضُرُونَ مَجْلِسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ تَكَبُّرًا وتَمَرُّدًا، وقِيلَ هم جَماعَةٌ مِنَ المُنافِقِينَ كانُوا يَتَجَنَّبُونَ مَجالِسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، قالَ الفَرّاءُ: ويَجُوزُ سَمّاعِينَ كَما قالَ: ( مَلْعُونِينَ أيْنَما ثُقِفُوا ) [الأحزاب: ٦١] .
قَوْلُهُ: ﴿يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ﴾ مِن جُمْلَةِ صِفاتِ القَوْمِ المَذْكُورِينَ؛ أيْ: يُمِيلُونَهُ عَنْ مَواضِعِهِ الَّتِي وضَعَهُ اللَّهُ فِيها ويَتَأوَّلُونَهُ عَلى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، والمُحَرِّفُونَ هُمُ اليَهُودُ، وقِيلَ: إنَّ هَذِهِ الجُمْلَةَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وقِيلَ في مَحَلِّ نَصْبٍ عَلى الحالِ مِن ( لَمْ يَأْتُوكَ ) وقِيلَ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ لِقَصْدِ تَعْدادِ مَعايِبِهِمْ ومَثالِبِهِمْ.
ومَعْنى ( مِن بَعْدِ مَواضِعِهِ ) مِن بَعْدِ كَوْنِهِ مَوْضُوعًا في مَواضِعِهِ، أوْ مِن بَعْدِ وضْعِهِ في مَواضِعِهِ الَّتِي وضَعَهُ اللَّهُ فِيها مِن حَيْثُ لَفْظِهِ، أوْ مِن حَيْثُ مَعْناهُ قَوْلُهُ: ﴿يَقُولُونَ إنْ أُوتِيتُمْ هَذا فَخُذُوهُ﴾ جُمْلَةٌ حالِيَّةٌ مِن ضَمِيرِ ( يُحَرِّفُونَ )، أوْ مُسْتَأْنَفَةٌ، أوْ صِفَةٌ لِقَوْمٍ، أوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، والإشارَةُ بِقَوْلِهِمْ: ( هَذا ) إلى الكَلامِ المُحَرَّفِ؛ أيْ: إنْ أُوتِيتُمْ مِن جِهَةِ مُحَمَّدٍ هَذا الكَلامَ الَّذِي حَرَّفْناهُ فَخُذُوهُ واعْمَلُوا بِهِ وإنْ لَمْ تُؤْتُوهُ بَلْ جاءَكم بِغَيْرِهِ فاحْذَرُوا مِن قَبُولِهِ والعَمَلِ بِهِ.
قَوْلُهُ: ﴿ومَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ﴾ أيْ: ضَلالَتَهُ ﴿فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا﴾ أيْ: فَلا تَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُ ولا تَقْدِرُ عَلى نَفْعِهِ وهِدايَتِهِ، (p-٣٧٣)وهَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مُقَرِّرَةٌ لِما قَبْلَها، وظاهِرُها العُمُومُ ويَدْخُلُ فِيها هَؤُلاءِ الَّذِينَ سِياقُ الكَلامِ مَعَهم دُخُولًا أوَّلِيًّا، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ( أُولَئِكَ ) إلى مَن تَقَدَّمَ ذِكْرُهم مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأفْواهِهِمْ ومِنَ الَّذِينَ هادُوا، وهو مُبْتَدَأٌ وخَبَرُهُ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهم؛ أيْ: لَمْ يُرِدْ تَطْهِيرَها مِن أرْجاسِ الكُفْرِ والنِّفاقِ كَما طَهَّرَ قُلُوبَ المُؤْمِنِينَ ( لَهم في الدُّنْيا خِزْيٌ ) بِظُهُورِ نِفاقِ المُنافِقِينَ وبِضَرْبِ الجِزْيَةِ عَلى الكافِرِينَ وظُهُورِ تَحْرِيفِهِمْ وكَتْمِهِمْ لِما أنْزَلَ اللَّهُ في التَّوْراةِ.
قَوْلُهُ: ( سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ ) كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا لِقُبْحِهِ، ولِيَكُونَ كالمُقَدَّمَةِ لِما بَعْدَهُ، وهو ( أكّالُونَ لِلسُّحْتِ ) وهُما مِن جُمْلَةِ أخْبارِ ذَلِكَ المُبْتَدَأِ المُقَدَّرِ سابِقًا، والسُّحْتُ - بِضَمِّ السِّينِ وسُكُونِ الحاءِ - المالُ الحَرامُ، وأصْلُهُ الهَلاكُ والشِّدَّةُ، مِن سَحَتَهُ: إذا هَلَكَهُ، ومِنهُ ( فَيُسْحِتَكم بِعَذابٍ ) [طه: ٦١]، ومِنهُ قَوْلُ الفَرَزْدَقَ:
؎وعَضُّ زَمانٍ يا بْنَ مَرْوانَ لَمْ يَدَعْ مِنَ المالِ إلّا مُسْحَتٌ أوْ مُحَلَّقُ
ويُقالُ لِلْحالِقِ: اسْحَتْ؛ أيْ: اسْتَأْصِلْ، وسُمِّيَ الحَرامُ سُحْتًا؛ لِأنَّهُ يُسْحِتُ الطّاعاتَ؛ أيْ: يُذْهِبُها ويَسْتَأْصِلُها، وقالَ الفَرّاءُ: أصْلُهُ كَلْبُ الجُوعِ، وقِيلَ: هو الرَّشْوَةُ، والأوَّلُ أوْلى، والرَّشْوَةُ تَدْخُلُ في الحَرامِ دُخُولًا أوَّلِيًّا، وقَدْ فَسَّرَهُ جَماعَةٌ بِنَوْعٍ مِن أنْواعِ الحَرامِ خاصٌّ كالهَدِيَّةِ لِمَن يَقْضِي لَهُ حاجَةً، وحُلْوانِ الكاهِنِ، والتَّعْمِيمُ أوْلى بِالصَّوابِ.
قَوْلُهُ: ﴿فَإنْ جاءُوكَ فاحْكم بَيْنَهم أوْ أعْرِضْ عَنْهم﴾ فِيهِ تَخْيِيرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ بَيْنَ الحُكْمِ بَيْنَهم والإعْراضِ عَنْهم.
وقَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلى أنَّ حُكّامَ المُسْلِمِينَ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ الأمْرَيْنِ، وقَدْ أجْمَعَ العُلَماءُ عَلى أنَّهُ يَجِبُ عَلى حُكّامِ المُسْلِمِينَ أنْ يَحْكُمُوا بَيْنَ المُسْلِمِ والذِّمِّيِّ إذا تَرافَعا إلَيْهِمْ، واخْتَلَفُوا في أهْلِ الذِّمَّةِ إذا تَرافَعُوا فِيما بَيْنَهم، فَذَهَبَ قَوْمٌ إلى التَّخْيِيرِ، وذَهَبَ آخَرُونَ إلى الوُجُوبِ، وقالُوا: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ مَنسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ: ﴿وأنِ احْكم بَيْنَهم بِما أنْزَلَ اللَّهُ﴾ وبِهِ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ ومُجاهِدٌ وعِكْرِمَةُ والزُّهْرِيُّ وعُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ والسُّدِّيُّ: وهو الصَّحِيحُ مِن قَوْلِ الشّافِعِيِّ، وحَكاهُ القُرْطُبِيُّ عَنْ أكْثَرِ العُلَماءِ.
قَوْلُهُ: ﴿وإنْ تُعْرِضْ عَنْهم فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا﴾ أيْ: إنِ اخْتَرْتَ الإعْراضَ عَنِ الحُكْمِ بَيْنَهم فَلا سَبِيلَ لَهم عَلَيْكَ؛ لِأنَّ اللَّهَ حافِظُكَ وناصِرُكَ عَلَيْهِمْ، وإنِ اخْتَرْتَ الحُكْمَ بَيْنَهم ﴿فاحْكم بَيْنَهم بِالقِسْطِ﴾ أيْ: بِالعَدْلِ الَّذِي أمَرَكَ اللَّهُ بِهِ وأنْزَلَهُ عَلَيْكَ.
قَوْلُهُ: ﴿وكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ﴾ فِيهِ تَعْجِيبٌ لَهُ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مِن تَحْكِيمِهِمْ إيّاهُ مَعَ كَوْنِهِمْ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ ولا بِما جاءَ بِهِ، مَعَ أنَّ ما يُحَكِّمُونَهُ فِيهِ هو مَوْجُودٌ عِنْدَهم في التَّوْراةِ كالرَّجْمِ ونَحْوِهِ، وإنَّما يَأْتُونَ إلَيْهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ويُحَكِّمُونَهُ طَمَعًا مِنهم في أنْ يُوافِقَ تَحْرِيفَهم وما صَنَعُوهُ بِالتَّوْراةِ مِنَ التَّغْيِيرِ.
قَوْلُهُ: ( ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ ) عَطْفٌ عَلى ( يُحَكِّمُونَكَ )، ( مِن بَعْدِ ذَلِكَ ) أيْ: مِن بَعْدِ تَحْكِيمِهِمْ لَكَ، وجُمْلَةُ قَوْلِهِ: ( وما أُولَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ ) لِتَقْرِيرِ مَضْمُونِ ما قَبْلَها.
وقَوْلُهُ: ﴿إنّا أنْزَلْنا التَّوْراةَ فِيها هُدًى ونُورٌ﴾ اسْتِئْنافٌ يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَ التَّوْراةِ وتَفْخِيمَ شَأْنِها وأنَّ فِيها الهُدى والنُّورَ، وهو بَيانُ الشَّرائِعِ والتَّبْشِيرُ بِمُحَمَّدٍ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وإيجابُ اتِّباعِهِ.
قَوْلُهُ: ( يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ ) هم أنْبِياءُ بَنِي إسْرائِيلَ، والجُمْلَةُ إمّا مُسْتَأْنَفَةٌ أوْ حالِيَّةٌ، و( الَّذِينَ أسْلَمُوا ) صِفَةٌ مادِحَةٌ لِلنَّبِيِّينَ، وفِيهِ إرْغامٌ لِلْيَهُودِ المُعاصِرِينَ لَهُ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ بِأنَّ أنْبِياءَهم كانُوا يَدِينُونَ بِدِينِ الإسْلامِ الَّذِي دانَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، وقِيلَ: المُرادُ بِالنَّبِيِّينَ مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، وعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الجَمْعِ تَعْظِيمًا.
قَوْلُهُ: ( لِلَّذِينَ هادُوا ) مُتَعَلِّقٌ بِـ ( يَحْكُمُ ) والمَعْنى: أنَّهُ يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ لِلَّذِينِ هادُوا عَلَيْهِمْ.
( والرَّبّانِيُّونَ ) العُلَماءُ الحُكَماءُ، وقَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهُ، والأحْبارُ العُلَماءُ، مَأْخُوذٌ مِنَ التَّحْبِيرِ وهو التَّحْسِينُ فَهم يَحْبُرُونَ العِلْمَ؛ أيْ: يُحْسِنُونَهُ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: الحَبْرُ واحِدُ أحْبارِ اليَهُودِ بِالفَتْحِ وبِالكَسْرِ، والكَسْرُ أفْصَحُ، وقالَ الفَرّاءُ: هو بِالكَسْرِ، وقالَ أبُو عُبَيْدَةَ: هو بِالفَتْحِ، قَوْلُهُ: ﴿بِما اسْتُحْفِظُوا مِن كِتابِ اللَّهِ﴾ الباءُ لِلسَّبَبِيَّةِ و( اسْتُحْفِظُوا ) أُمِرُوا بِالحِفْظِ؛ أيْ: أمَرَهُمُ الأنْبِياءُ بِحِفْظِ التَّوْراةِ عَنِ التَّغْيِيرِ والتَّبْدِيلِ، والجارُّ والمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ ( يَحْكُمُ ) أيْ: يَحْكُمُونَ بِها بِسَبَبِ هَذا الِاسْتِحْفاظِ.
قَوْلُهُ: ﴿وكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ﴾ أيْ: عَلى كِتابِ اللَّهِ، والشُّهَداءُ الرُّقَباءُ، فَهم يَحْمُونَ عَنِ التَّغْيِيرِ والتَّبْدِيلِ بِهَذِهِ المُراقَبَةِ، والخِطابُ بِقَوْلِهِ: ( فَلا تَخْشَوُا النّاسَ ) لِرُؤَساءِ اليَهُودِ، وكَذا في قَوْلِهِ: ﴿ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ والِاشْتِراءُ الِاسْتِبْدالُ، وقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ.
قَوْلُهُ: ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ لَفْظُ ( مَن ) مِن صِيَغِ العُمُومِ فَيُفِيدُ أنَّ هَذا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِطائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ بِكُلِّ مَن ولِيَ الحُكْمَ، وقِيلَ إنَّها مُخْتَصَّةٌ بِأْهَلِ الكِتابِ، وقِيلَ بِالكُفّارِ مُطْلَقًا لِأنَّ المُسْلِمَ لا يَكْفُرُ بِارْتِكابِ الكَبِيرَةِ، وقِيلَ هو مَحْمُولٌ عَلى أنَّ الحُكْمَ بِغَيْرِ ما أنْزَلَ اللَّهُ وقَعَ اسْتِخْفافًا، أوِ اسْتِحْلالًا أوْ جَحْدًا، والإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ( أُولَئِكَ ) إلى ( مَن ) والجَمْعُ بِاعْتِبارِ مَعْناها، وكَذَلِكَ ضَمِيرُ الجَماعَةِ في قَوْلِهِ: ( هُمُ الكافِرُونَ ) وقَدْ أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ في الكُفْرِ﴾ قالَ: هُمُ اليَهُودُ ﴿مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنّا بِأفْواهِهِمْ ولَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهم﴾ قالَ: هُمُ المُنافِقُونَ.
وأخْرَجَ أحْمَدُ وأبُو داوُدَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قالَ: إنَّ اللَّهَ أنْزَلَ ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ ( الظّالِمُونَ )، ( الفاسِقُونَ ) أنْزَلَها اللَّهُ في طائِفَتَيْنِ مِنَ اليَهُودِ قَهَرَتْ إحْداهُما الأُخْرى في الجاهِلِيَّةِ حَتّى اصْطَلَحُوا عَلى أنَّ كُلَّ قَتِيلٍ قَتَلَتْهُ العَزِيزَةُ مِنَ الذَّلِيلَةِ فَدِيَتُهُ خَمْسُونَ وسْقًا، وكُلُّ قَتِيلٍ قَتَلَتْهُ الذَّلِيلَةُ مِنَ العَزِيزَةِ فَدِيَتُهُ مِائَةُ وسْقٍ، فَكانُوا عَلى ذَلِكَ حَتّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ المَدِينَةَ، فَذَلَّتِ الطّائِفَتانِ كِلْتاهُما لِمَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ ورَسُولُ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمْ، فَقَتَلَتِ الذَّلِيلَةُ مِنَ العَزِيزَةِ، فَأرْسَلَتِ العَزِيزَةُ إلى الذَّلِيلَةِ أنِ ابْعَثُوا إلَيْنا بِمِائَةِ وسْقٍ، فَقالَتِ الذَّلِيلَةُ: وهَلْ كانَ هَذا في حَيَّيْنِ قَطُّ دِينَهُما واحِدٌ ونَسَبُهُما واحِدٌ وبَلَدُهُما واحِدٌ ودِيَةُ بَعْضِهِمْ نِصْفُ (p-٣٧٤)دِيَةِ بَعْضٍ ؟ إنَّما أعْطَيْناكم هَذا ضَيْمًا مِنكم لَنا وفَرَقًا مِنكم، فَأمّا إذْ قَدِمَ مُحَمَّدٌ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَلا نُعْطِيكم ذَلِكَ، فَكانَتِ الحَرْبُ تَهِيجُ بَيْنَهُما، ثُمَّ ارْتَضَوْا عَلى أنْ جَعَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ بَيْنَهُما، فَفَكَّرَتِ العَزِيزَةُ فَقالَتْ: واللَّهِ ما مُحَمَّدٌ يُعْطِيكم مِنهم ضِعْفَ ما نُعْطِيهِمْ مِنكم، ولَقَدْ صَدَقُوا، ما أعْطَوْنا هَذا إلّا ضَيْمًا وقَهْرًا لَهم، فَدُسُّوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مَن يُخْبِرُ لَكم رَأْيَهُ، فَإنْ أعْطاكم ما تُرِيدُونَ حَكَّمْتُوهُ، وإنْ لَمْ يُعْطِكم حَذِرْتُمُوهُ ولَمْ تُحَكِّمُوهُ، فَدَسُّوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ناسًا مِنَ المُنافِقِينَ يَخْتَبِرُونَ لَهم رَأْيَهُ، فَلَمّا جاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أخْبَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ بِأمْرِهِمْ كُلَّهُ وما أرادُوا، فَأنْزَلَ اللَّهُ ﴿ياأيُّها الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ ثُمَّ قالَ: فِيهِمْ واللَّهِ أُنْزِلَتْ، وإيّاهم عَنى. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وأحْمَدُ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو داوُدَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والبَيْهَقِيُّ في الدَّلائِلِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «أوَّلُ مَرْجُومٍ رَجَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مِنَ اليَهُودِ زَنى رَجُلٌ مِنهم وامْرَأةٌ، فَقالَ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا بِنا إلى هَذا النَّبِيِّ، فَإنَّهُ نَبِيٌّ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ، فَإنْ أفْتانا بِفُتْيا دُونَ الرَّجْمِ قَبِلْناها واحْتَجَجْنا بِها عِنْدَ اللَّهِ وقُلْنا: فُتْيا نَبِيٍّ مِن أنْبِيائِكَ، قالَ: فَأتَوُا النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ وهو جالِسٌ في المَسْجِدِ وأصْحابُهُ، فَقالُوا: يا أبا القاسِمِ ما تَرى في رَجُلٍ وامْرَأةٍ مِنهم زَنَيا، فَلَمْ يُكَلِّمْهم حَتّى أتى بَيْتَ مِدْراسِهِمْ، فَقامَ عَلى البابِ: فَقالَ: أنْشُدُكم بِاللَّهِ الَّذِي أنْزَلَ التَّوْراةَ عَلى مُوسى ما تَجِدُونَ في التَّوْراةِ عَلى مَن زَنى إذا أحْصَنَ ؟ قالُوا: يُحَمَّمُ ويُجَبَّهُ ويُجْلَدُ، والتَّجْبِيَةُ: أنْ يُحْمَلَ الزّانِيانِ عَلى حِمارٍ وتُقابَلَ أقْفِيَتُهُما ويُطافُ بِهِما وسَكَتَ شابٌّ مِنهم فَلَمّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ سَكَتَ ألَظَّ بِهِ النِّشْدَةَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ إذْ نَشَدْتَنا نَعَمْ فَإنّا نَجِدُ في التَّوْراةِ الرَّجْمَ، فَقالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: فَما أوَّلُ ما ارْتَخَصْتُمْ أمْرَ اللَّهِ ؟ قالَ: زَنى رَجُلٌ ذُو قَرابَةٍ مِن مَلِكٍ مِن مُلُوكِنا فَأخَرَّ عَنْهُ الرَّجْمَ، ثُمَّ زَنى رَجُلٌ في أُسْرَةٍ مِنَ النّاسِ فَأرادَ رَجْمَهُ، فَحالَ قَوْمُهُ دُونَهُ، وقالُوا: واللَّهِ لا تَرْجُمْ صاحِبَنا حَتّى تَجِيءَ بِصاحِبِكَ فَتَرْجُمَهُ، فاصْطَلَحُوا هَذِهِ العُقُوبَةَ بَيْنَهم، قالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: فَإنِّي أحْكُمُ بِما في التَّوْراةِ، فَأمَرَ بِهِما فَرُجِما» .
قالَ الزُّهْرِيُّ: فَبَلَغَنا أنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ: ﴿إنّا أنْزَلْنا التَّوْراةَ فِيها هُدًى ونُورٌ يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أسْلَمُوا﴾ فَكانَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مِنهم، وأخْرَجَهُ ابْنُ إسْحاقَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ مِن طَرِيقٍ أُخْرى عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، وذَكَرَ فِيهِ أنَّ الشّابَّ المَذْكُورَ هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صُورِيا. وأخْرَجَ نَحْوَ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ أحْمَدُ ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ مِن حَدِيثِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ. وأخْرَجَ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ وغَيْرُهُما مِن حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «أنَّ اليَهُودَ جاءُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أنَّ رَجُلًا مِنهم وامْرَأةً زَنَيا، فَقالَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ: ما تَجِدُونَ في التَّوْراةِ ؟ قالُوا: نَفْضَحُهم ويُجْلَدُونَ، قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ إنَّ فِيها آيَةُ الرَّجْمِ، فَأتَوْا بِالتَّوْراةِ فَنَشَرُوها، فَوَضَعَ أحَدُهم يَدَهُ عَلى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأ ما قَبْلَها وما بَعْدَها، فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإذا آيَةُ الرَّجْمِ، قالُوا صَدَقَ، فَأمَرَ بِهِما رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ فَرُجِما» .
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ في قَوْلِهِ: ﴿ومِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ قالَ: يَهُودُ المَدِينَةِ ﴿سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾ قالَ: يَهُودُ فَدَكَ ( يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ ) قالَ: يَهُودُ فَدَكَ يَقُولُونَ لِيَهُودِ المَدِينَةِ: ( إنْ أُوتِيتُمْ هَذا ) الجَلْدَ ﴿فَخُذُوهُ وإنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فاحْذَرُوا﴾ الرَّجْمَ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ وابْنُ ماجَهْ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ قالَ: زَنى رَجُلٍ مِن أهْلِ فَدَكَ، فَكَتَبَ أهْلُ فَدَكَ إلى ناسٍ مِنَ اليَهُودِ بِالمَدِينَةِ أنْ سَلُوا مُحَمَّدًا، وذَكَرَ القِصَّةَ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ( أكّالُونَ لِلسُّحْتِ ) قالَ: أخَذُوا الرِّشْوَةَ في الحُكْمِ وقَضَوْا بِالكَذِبِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ والفِرْيابِيُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: السُّحْتُ الرِّشْوَةُ في الدِّينِ، قالَ سُفْيانُ: يَعْنِي في الحُكْمِ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ والبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإيمانِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أيْضًا قالَ: مَن شَفَعَ لِرَجُلٍ لِيَدْفَعَ عَنْهُ مَظْلَمَةً أوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَقًّا فَأُهْدِي لَهُ هَدِيَّةً فَقَبِلَها فَذَلِكَ السُّحْتُ فَقِيلَ لَهُ: يا أبا عَبْدَ الرَّحْمَنِ إنّا كُنّا نَعُدُّ السُّحْتَ الرِّشْوَةَ في الحُكْمِ، فَقالَ ذَلِكَ الكُفْرُ: ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا عَنْهُ مِن طُرُقٍ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: رِشْوَةُ الحُكّامِ حَرامٌ، وهي السُّحْتُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ في كِتابِهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ قالَ: السُّحْتُ الرِّشْوَةُ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ أنَّهُ سُئِلَ عَنِ السُّحْتِ فَقالَ: الرِّشا، فَقِيلَ لَهُ: في الحُكْمِ، قالَ: ذاكَ الكُفْرُ. وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عُمَرَ قالَ: بابانِ مِنَ السُّحْتِ يَأْكُلُهُما النّاسُ: الرِّشاءُ في الحُكْمِ، ومَهْرُ الزّانِيَةِ.
وقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ في تَحْرِيمِ الرَّشْوَةِ ما هو مَعْرُوفٌ. وأخْرَجَ أبُو داوُدَ في ناسِخِهِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والطَّبَرانِيُّ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: آيَتانِ نُسِخَتا مِن سُورَةِ المائِدَةِ: آيَةُ القَلائِدِ، وقَوْلُهُ: ﴿فَإنْ جاءُوكَ فاحْكم بَيْنَهم أوْ أعْرِضْ عَنْهم﴾ فَكانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ مُخَيَّرًا؛ إنْ شاءَ حَكَمَ بَيْنَهم، وإنْ شاءَ أعْرَضَ عَنْهم، فَرَدَّهم إلى أحْكامِهِمْ، فَنَزَلَتْ ﴿وأنِ احْكم بَيْنَهم بِما أنْزَلَ اللَّهُ ولا تَتَّبِعْ أهْواءَهم﴾ قالَ: فَأمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ أنْ يَحْكُمَ بَيْنَهم بِما في كِتابِنا. وأخْرَجَ نَحْوَهُ في الآيَةِ الآخِرَةِ عَنْهُ أبُو عُبَيْدَةَ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والطَّبَرانِيُّ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، «عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّ الآياتِ مِنَ المائِدَةِ الَّتِي قالَ فِيها: ﴿فاحْكم بَيْنَهم أوْ أعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ إلى قَوْلِهِ: ( المُقْسِطِينَ ) إنَّما نَزَلَتْ في الدِّيَةِ مَن بَنِي النَّضِيرِ وقُرَيْظَةَ، وذَلِكَ أنَّ قَتْلى بَنِي النَّضِيرِ كانَ لَهم شَرَفٌ يُودَوْنَ الدِّيَةَ كامِلَةً، وأنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ كانُوا يُودَوْنَ نِصْفَ الدِّيَةِ، فَتَحاكَمُوا في ذَلِكَ إلى رَسُولِ اللَّهِ (p-٣٧٥)صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ، فَأنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِيهِمْ، فَحَمَلَهم رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ عَلى الحَقِّ في ذَلِكَ، فَجَعَلَ الدِّيَةَ سَواءً» . وأخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْهُ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ في قَوْلِهِ: ﴿وعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ﴾ يَعْنِي حُدُودَ اللَّهِ، فَأخْبَرَهُ اللَّهُ بِحُكْمِهِ في التَّوْراةِ، قالَ: ( وكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها ) إلى قَوْلِهِ: ( والجُرُوحَ قِصاصٌ ) وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ الحَسَنِ في قَوْلِهِ: ﴿يَحْكُمُ بِها النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أسْلَمُوا﴾ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ ( لِلَّذِينَ هادُوا ) يَعْنِي اليَهُودَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: الَّذِينَ أسْلَمُوا النَّبِيَّ ومَن قَبْلَهُ مِنَ الأنْبِياءِ يَحْكُمُونَ بِما فِيها مِنَ الحَقِّ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ الرَّبّانِيُّونَ والأحْبارُ: الفُقَهاءُ والعُلَماءُ. وأخْرَجَ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ الرَّبّانِيُّونَ: العُلَماءُ الفُقَهاءُ، وهم فَوْقَ الأحْبارِ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: الرَّبّانِيُّونَ العُبّادُ، والأحْبارُ العُلَماءُ. وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الرَّبّانِيُّونَ الفُقَهاءُ العُلَماءُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْهُ قالَ: الرَّبّانِيُّونَ هُمُ المُؤْمِنُونَ، والأحْبارُ هُمُ القُرّاءُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ ( فَلا تَخْشَوُا النّاسَ ) فَتَكْتُمُوا ما أنْزَلْتُ ﴿ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ عَلى أنْ تَكْتُمُوا ما أنْزَلْتُ. وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ﴿ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ قالَ: لا تَأْكُلُوا السُّحْتَ عَلى كِتابِي.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ومَن لَمْ يَحْكم يَقُولُ: مَن جَحَدَ الحُكْمَ بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَقَدْ كَفَرَ، ومَن أقَرَّ بِهِ ولَمْ يَحْكم بِهِ فَهو ظالِمٌ فاسِقٌ. وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وابْنُ المُنْذِرِ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ والبَيْهَقِيُّ في سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ قالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِالكُفْرِ الَّذِي يَذْهَبُونَ إلَيْهِ وإنَّهُ لَيْسَ كُفْرٌ يَنْقُلُ مِنَ المِلَّةِ بَلْ دُونَ كُفْرِهِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ في قَوْلِهِ: ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾، ( هُمُ الظّالِمُونَ )، ( هُمُ الفاسِقُونَ ) قالَ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ، وفِسْقٌ دُونَ فِسْقٍ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وأبُو الشَّيْخِ وابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إنَّما أنْزَلَ اللَّهُ ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ و( الظّالِمُونَ ) و( الفاسِقُونَ ) في اليَهُودِ خاصَّةً.
وقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذا عَنْ جَماعَةٍ مِنَ السَّلَفِ. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ أبِي حاتِمٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أنَّ هَذِهِ الآياتِ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ ﴿ومَن لَمْ يَحْكم بِما أنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافِرُونَ﴾ و( الظّالِمُونَ ) و( الفاسِقُونَ ) فَقالَ رَجُلٌ: إنَّ هَذا في بَنِي إسْرائِيلَ، فَقالَ حُذَيْفَةُ: نَعَمْ؛ الإخْوَةُ لَكم بَنُو إسْرائِيلَ، إنْ كانَ لَكم كُلُّ حُلْوَةٍ ولَهم كُلُّ مُرَّةٍ كَلّا، واللَّهِ لَتَسْلُكُنَّ طَرِيقَهم قَدَّ الشِّراكِ. وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ نَحْوَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
{"ayahs_start":41,"ayahs":["۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلرَّسُولُ لَا یَحۡزُنكَ ٱلَّذِینَ یُسَـٰرِعُونَ فِی ٱلۡكُفۡرِ مِنَ ٱلَّذِینَ قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِأَفۡوَ ٰهِهِمۡ وَلَمۡ تُؤۡمِن قُلُوبُهُمۡۛ وَمِنَ ٱلَّذِینَ هَادُوا۟ۛ سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ سَمَّـٰعُونَ لِقَوۡمٍ ءَاخَرِینَ لَمۡ یَأۡتُوكَۖ یُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ مِنۢ بَعۡدِ مَوَاضِعِهِۦۖ یَقُولُونَ إِنۡ أُوتِیتُمۡ هَـٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمۡ تُؤۡتَوۡهُ فَٱحۡذَرُوا۟ۚ وَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ فِتۡنَتَهُۥ فَلَن تَمۡلِكَ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِ شَیۡـًٔاۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَمۡ یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمۡۚ لَهُمۡ فِی ٱلدُّنۡیَا خِزۡیࣱۖ وَلَهُمۡ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابٌ عَظِیمࣱ","سَمَّـٰعُونَ لِلۡكَذِبِ أَكَّـٰلُونَ لِلسُّحۡتِۚ فَإِن جَاۤءُوكَ فَٱحۡكُم بَیۡنَهُمۡ أَوۡ أَعۡرِضۡ عَنۡهُمۡۖ وَإِن تُعۡرِضۡ عَنۡهُمۡ فَلَن یَضُرُّوكَ شَیۡـࣰٔاۖ وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِینَ","وَكَیۡفَ یُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوۡرَىٰةُ فِیهَا حُكۡمُ ٱللَّهِ ثُمَّ یَتَوَلَّوۡنَ مِنۢ بَعۡدِ ذَ ٰلِكَۚ وَمَاۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ بِٱلۡمُؤۡمِنِینَ","إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِیهَا هُدࣰى وَنُورࣱۚ یَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِیُّونَ ٱلَّذِینَ أَسۡلَمُوا۟ لِلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُوا۟ مِن كِتَـٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُوا۟ عَلَیۡهِ شُهَدَاۤءَۚ فَلَا تَخۡشَوُا۟ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِی ثَمَنࣰا قَلِیلࣰاۚ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ"],"ayah":"إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِیهَا هُدࣰى وَنُورࣱۚ یَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِیُّونَ ٱلَّذِینَ أَسۡلَمُوا۟ لِلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلرَّبَّـٰنِیُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُوا۟ مِن كِتَـٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُوا۟ عَلَیۡهِ شُهَدَاۤءَۚ فَلَا تَخۡشَوُا۟ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُوا۟ بِـَٔایَـٰتِی ثَمَنࣰا قَلِیلࣰاۚ وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق