وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ يعني: الأكابر الذين سبق ذكرهم. ويقال: كفار مكة إذا جاءتهم علامة مثل انشقاق القمر وغيره قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ يعني: لن نصدقك ولن نؤمن بالآية حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ مَا أُوتِيَ
أي مثل ما أعطي رُسُلُ اللَّهِ يعني محمدا ﷺ من الآيات والعلامات.
ويقال: لم نصدقك حتى يوحى إلينا كما أوحي إلى الرسل، وذلك أن الوليد بن المغيرة وأبا مسعود الثقفي قالا: لو أراد الله تعالى أن ينزل الوحي لأنزل علينا. قال بعضهم: أرادوا به محمداً ﷺ وقال بعضهم: أرادوا به جميع الرسل فقال الله تعالى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ومن يصلح للنبوة ومن لا يصلح فخصّ بها محمدا ﷺ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا يعني: أشركوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ يعني: مَذَلَّة وهوان عند الله أي من عند الله العذاب بالمستهزئين وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ يعني: يكذبون بالرسل قرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ بلفظ الوحدان وقرأ الباقون رِسالاتِهِ بلفظ الجماعة.
قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يعني: من يرد الله أن يوفقه للإسلام ويهديه لدينه يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ يقول يوسع قلبه ويلينه لقبول الإسلام، ويدخل فيه نور الإسلام وحلاوته. وقال القتبي: يَشْرَحْ صَدْرَهُ يعني: يفتحه.
قال الفقيه: قال: حدّثنا الخليل بن أحمد حدّثنا الديبلي قال: حدّثنا أبو عبيد الله عن سفيان عن خالد بن أبي كريمة عن عبد الله بن المسور أن رسول الله ﷺ قال: لما نزلت هذه الآية فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ قالوا: يا رسول الله: فكيف ذلك؟ إذا دَخَلَ النُّورُ فِي القلب انشرح وانفسح قالوا: وهل لذلك من علامة يعرف به؟ قال: «نَعَمْ التَّجَافِي عَنْ دَارِ الغُرُورِ وَالإنَابَةُ إلى دَارِ الخُلُودِ وَالاسْتِعْدَادُ لِلْمَوْتِ قَبْلَ نُزُولِ المَوْتِ» .
ثم قال تعالى: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ عن الإسلام فلا يقبله ويتركه بغير نور يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً عن الإسلام يعني: غير موسع حَرَجاً يعني: شاكاً. وقال ابن عباس:
كالشجرة الملتفة بعضها في بعض لا يجد النور منفذاً ومجازاً قرأ ابن كثير ضَيِّقاً بتخفيف الياء وجزمها. وقرأ الباقون بالتشديد. وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر حَرَجاً بكسر الراء. وقرأ الباقون بالنصب. فمن قرأ بالنصب فهو المصدر. ومن قرأ بالكسر فهو النعت.
ثم قال: كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ يعني: مثله كمثل الذي يتكلف الصعود إلى السماء وهو لا يستطيع، فكذلك قلب الكافر لا يستطيع قبول الإسلام. قرأ ابن كثير يَصَّعَّدُ بجزم الصاد ونصب العين بغير تشديد من صَعَد يَصْعَد. وقرأ عاصم في رواية أبي بكر يَصَّاعد بالألف مع تشديد الصاد وتخفيف العين لأن أصله يتصاعد فأدغم التاء في الصاد. وقرأ الباقون: يَصَّعَّدُ بتشديد الصاد والعين بغير ألف لأن أصله يتصعد فأدغم التاء في الصاد ثم قال: كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ يعني: العذاب عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بترك حلاوة الإيمان على الذين لا يرغبون في الإيمان ويقال الرجس في اللغة: هو اللعنة والعذاب.
قوله تعالى:
{"ayahs_start":124,"ayahs":["وَإِذَا جَاۤءَتۡهُمۡ ءَایَةࣱ قَالُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَاۤ أُوتِیَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَیۡثُ یَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ سَیُصِیبُ ٱلَّذِینَ أَجۡرَمُوا۟ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا كَانُوا۟ یَمۡكُرُونَ","فَمَن یُرِدِ ٱللَّهُ أَن یَهۡدِیَهُۥ یَشۡرَحۡ صَدۡرَهُۥ لِلۡإِسۡلَـٰمِۖ وَمَن یُرِدۡ أَن یُضِلَّهُۥ یَجۡعَلۡ صَدۡرَهُۥ ضَیِّقًا حَرَجࣰا كَأَنَّمَا یَصَّعَّدُ فِی ٱلسَّمَاۤءِۚ كَذَ ٰلِكَ یَجۡعَلُ ٱللَّهُ ٱلرِّجۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ"],"ayah":"وَإِذَا جَاۤءَتۡهُمۡ ءَایَةࣱ قَالُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَاۤ أُوتِیَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَیۡثُ یَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ سَیُصِیبُ ٱلَّذِینَ أَجۡرَمُوا۟ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا كَانُوا۟ یَمۡكُرُونَ"}