الباحث القرآني
(p-٢٥٦)ولَمّا قَرَّرَ هَذا، أتْبَعَهُ بِمَقالَةٍ لَهم تَدُلُّ عَلى تَعْظِيمِهِمْ وتَكَبُّرِهِمْ فَقالَ عاطِفًا عَلى ﴿وأقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أيْمانِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٠٩] تَعْجِيبًا مِن حالِهِمْ فِيما زُيِّنَ لَهم مِن ضَلالِهِمْ، وتَصْدِيقًا لِما تَقَدَّمَ مِنَ الإخْبارِ بِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ ولَوْ جاءَتْهم كُلُّ آيَةٍ إلّا أنْ يَشاءَ اللَّهُ؛ وتَحْقِيقًا لِما في الآيَةِ السّالِفَةِ مِن مَكْرِهِمْ لِغَيْرِهِمْ وعَوْدِهِ عَلى أنْفُسِهِمْ: ﴿وإذا جاءَتْهُمْ﴾ أيْ: الكافِرِينَ مِن أكابِرِ المُجْرِمِينَ وأتْباعِهِمْ ﴿آيَةٌ قالُوا﴾ حَسَدًا لِمَن خَصَّهُ اللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ لِكَوْنِهِمْ أكابِرَ مُؤَكِّدِينَ لِلنَّفْيِ [لِما لِمُعْجِزاتِ الأنْبِياءِ - عَلَيْهِمْ السَّلامُ - مِنَ العِبَرِ المُوجِبِ لِظَنِّ الإذْعانِ لِأعْتى أهْلِ الكُفْرانِ] ﴿لَنْ نُؤْمِنَ﴾ أيْ: أبَدًا ﴿حَتّى نُؤْتى﴾ لِما لَنا مِنَ العُلُوِّ والعَظَمَةِ المُقْتَضِيَةِ لِأنْ لا يَخْتَصُّ أحَدٌ عَنّا بِشَيْءٍ ﴿مِثْلَ ما﴾
ولَمّا كانَ نَظَرُهم مَقْصُورًا عَلى عالَمِ الحِسِّ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى جانِبِ اللَّهِ لِكَوْنِهِ غَيْبًا بَنَوْا لِلْمَفْعُولِ قَوْلَهم: ﴿أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ﴾ يَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ: حَتّى يُوحى إلَيْنا لِئَلّا يَكُونُوا أعْظَمَ مِنّا - كَما قالَ تَعالى -: ﴿بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنهم أنْ يُؤْتى صُحُفًا مُنَشَّرَةً﴾ [المدثر: ٥٢] وكَما تَقَدَّمَ في أوَّلِ السُّورَةِ عَنْ أبِي جَهْلٍ أنَّهُ قالَ: تَنازَعْنا نَحْنُ وبَنُو عَبْدِ مَنافٍ الشَّرَفَ حَتّى إذا كُنّا كَفَرَسَيْ رِهانٍ قالُوا: مِنّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الوَحْيُ مِنَ السَّماءِ، (p-٢٥٧)ويْحَكَ! مَتى نُدْرِكُ هَذا ؟ واللَّهِ لا نُؤْمِنُ بِهِ أبَدًا. وأنْ يَكُونَ المُرادُ إتْيانَهُ ﷺ بِمِثْلِ آياتِ الأوَّلِينَ مِن شَقِّ البَحْرِ واليَدِ والعَصا وإحْياءِ المَوْتى ونَحْوِها، [وسَمَّوْهم تَنَزُّلًا واسْتِهْزاءً، وعَبَّرُوا بِالجَلالَةِ إشارَةً إلى القُدْرَةِ التّامَّةِ فَلا عُذْرَ] .
ولَمّا ذَكَرَ اسْمَ الجَلالَةِ إيذانًا بِعَظِيمِ ما اجْتَرَؤُوا عَلَيْهِ لِعَماهم - بِما طَمَسَ عَلى أنْوارِ قُلُوبِهِمْ مِن ظُلُماتِ الهَوى - عَمّا لِلرُّسُلِ مِنَ الجَلالِ الَّذِي يَخْضَعُ لَهُ شَوامِخُ الأُنُوفِ - أعادَها أيْضًا تَهْوِيلًا لِلْأمْرِ وتَنْبِيهًا عَلى ما هُناكَ مِن عَظِيمِ القَدْرِ، فَقالَ رَدًّا عَلَيْهِمْ فِيما تَضَمَّنَ قَوْلُهم مِن دَعْوى التَّعَلُّمِ بِالحِكْمَةِ والِاعْتِراضِ عَلى اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿اللَّهِ﴾ أيْ: بِما لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ ﴿أعْلَمُ﴾ أيْ: مِن كُلِّ مَن يُمْكِنُ مِنهُ عِلْمٌ ﴿حَيْثُ يَجْعَلُ﴾ أيْ: يَصِيرُ بِما يُسَبِّبُ مِنَ الأُمُورِ ﴿رِسالَتَهُ﴾ أيْ: كُلَّها بِالنِّسْبَةِ إلى كُلِّ فَرْدٍ مِن أفْرادِ الخَلْقِ فَهو لا يَضَعُ شَيْئًا مِنها بِالتَّشَهِّي.
ولَمّا كَشَفَ هَذا النَّظْمَ عَنْ أنَّهم اجْتَرَؤُوا عَلَيْهِ، وأنَّهم أصَرُّوا عَلى أقْبَحِ المَعاصِي الكُفْرِ، لا لِطَلَبِ الدَّلِيلِ بَلْ لِداءِ الحَسَدِ - تاقَتْ النَّفْسُ إلى مَعْرِفَةِ ما يَحِلُّ بِهِمْ، فَقالَ جَوابًا: ﴿سَيُصِيبُ﴾ أيْ: بِوَعْدٍ لا خُلْفَ فِيهِ، (p-٢٥٨)وأظْهَرَ مَوْضِعَ الإضْمارِ تَعْمِيمًا وتَعْلِيقًا لِلْحُكْمِ بِالوَصْفِ فَقالَ: ﴿الَّذِينَ أجْرَمُوا﴾ أيْ: قَطَعُوا ما يَنْبَغِي أنْ يُوصَلَ ﴿صَغارٌ﴾ أيْ: رِضًى بِالذُّلِّ لِعَدَمِ النّاصِرِ؛ ولَمّا كانَ الشَّيْءُ تَعْظُمُ بِعَظَمَةِ مَحَلِّهِ ومَن كانَ مِنهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ قالَ: ﴿عِنْدَ اللَّهِ﴾ أيْ: الجامِعِ لِصِفاتِ العَظَمَةِ ﴿وعَذابٌ﴾ أيْ: مَعَ الصِّغارِ ﴿شَدِيدٌ﴾ أيْ: في الدُّنْيا بِالقَتْلِ والخِزْيِ وفي الآخِرَةِ بِالنّارِ ﴿بِما﴾ أيْ: بِسَبَبِ ما ﴿كانُوا يَمْكُرُونَ﴾
{"ayah":"وَإِذَا جَاۤءَتۡهُمۡ ءَایَةࣱ قَالُوا۟ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَاۤ أُوتِیَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَیۡثُ یَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ سَیُصِیبُ ٱلَّذِینَ أَجۡرَمُوا۟ صَغَارٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا كَانُوا۟ یَمۡكُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











