الباحث القرآني

القول في تأويل قوله: ﴿وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا جاءت هؤلاء المشركين الذين يجادلون المؤمنين بزخرف القول فيما حرم الله عليهم، ليصدّوا عن سبيل الله = ﴿آية﴾ ، يعني: حجة من الله على صحة ما جاءهم به محمد من عند الله وحقيقته [[انظر تفسير ((آية)) فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) .]] = قالوا لنبي الله وأصحابه: = ﴿لن نؤمن﴾ ، يقول: يقولون: لن نصدق بما دعانا إليه محمد ﷺ من الإيمان به، وبما جاء به من تحريم ما ذكر أنّ الله حرّمه علينا= ﴿حتى نؤتى﴾ ، يعنون: حتى يعطيهم الله من المعجزات مثل الذي أعطى موسى من فلق البحر، وعيسى من إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص. [[انظر تفسير ((الإيتاء)) فيما سلف من فهارس اللغة (أتى) .]] يقول تعالى ذكره: ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته﴾ ، يعني بذلك جل ثناؤه: أن آيات الأنبياء والرسل لن يُعطاها من البشر إلا رسول مرسل، [[في المطبوعة: ((لم يعطها)) ، وفي المخطوطة: ما أثبت، وهو صواب محض.]] وليس العادلون بربهم الأوثان والأصنام منهم فيعطوها. يقول جل ثناؤه: فأنا أعلم بمواضع رسالاتي، ومن هو لها أهل، فليس لكم أيها المشركون أن تتخيَّروا ذلك عليّ أنتم، لأن تخيُّر الرسول إلى المرسِلِ دون المرسَل إليه، والله أعلم إذا أرسل رسالةً بموضع رسالاته. * * * القول في تأويل قوله: ﴿سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤) ﴾ قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ، معلِّمَه ما هو صانع بهؤلاء المتمردين عليه:"سيصيب"، يا محمد، [[انظر تفسير ((الإصابة)) فيما سلف: ١١: ١٧٠، تعليق ٢، والمراجع هناك.]] الذين اكتسبوا الإثم بشركهم بالله وعبادتهم غيره = ﴿صغار﴾ ، يعني: ذلة وهوان، كما:- ١٣٨٥١- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: ﴿سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله﴾ ، قال:"الصغار"، الذلة. * * * وهو مصدر من قول القائل:"صَغِرَ يصغَرُ صَغارًا وصَغَرًا"، وهو أشدّ الذلّ. * * * وأما قوله: ﴿صغار عند الله﴾ ، فإن معناه: سيصيبهم صغارٌ من عند الله، كقول القائل:"سيأتيني رزقي عند الله"، بمعنى: من عند الله، يراد بذلك: سيأتيني الذي لي عند الله. وغير جائز لمن قال:"سيصيبهم صغار عند الله"، أن يقول:"جئت عند عبد الله"، بمعنى: جئت من عند عبد الله، لأن معنى"سيصيبهم صغارٌ عند الله"، سيصيبهم الذي عند الله من الذل، بتكذيبهم رسوله. فليس ذلك بنظير:"جئت من عند عبد الله". [[انظر معاني القرآن للفراء ١: ٢٥٣ = تفسير ((عند)) فيما سلف ٢: ٥٠١/٧: ٤٩٠/٨: ٥٥٥.]] . * * * وقوله: ﴿وعذاب شديد بما كانوا يمكرون﴾ ، يقول: يصيب هؤلاء المكذبين بالله ورسوله، المستحلين ما حرَّم الله عليهم من الميتة، مع الصغار عذابٌ شديد، بما كانوا يكيدون للإسلام وأهله بالجدال بالباطل، والزخرف من القول، غرورًا لأهل دين الله وطاعته. [[انظر تفسير ((المكر)) فيما سلف قريبًا ص: ٩٥ * * * وعند هذا الموضع، انتهى جزء من التقسيم القديم الذي نقلت منه نسختنا، وفيها ما يصيب: ((يتلوه القول في تأويل قوله: " فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ ")) . وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم كثيرا، ثم يتلوه ما نصه: ((بسم الله الرحمن الرحيم َرِّب يَسِّر))]]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب