الباحث القرآني

قوله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ أي: بتوحيد الله، وشهادة أن لا إله إلا الله، وَالْإِحْسانِ إلى الناس، والعفو عن الناس. وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى أي: صلة الرحم وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ أي: عن الزنى ويقال: جميع المعاصي وَالْمُنْكَرِ يعني: ما لا يعرف في شريعة ولا في سنة. ويقال: المنكر ما وعد الله عليه النار وَالْبَغْيِ يعني: الاستطالة والكبر. فقد أمر بثلاثة أشياء، ونهى عن ثلاثة أشياء، وجمع في هذه الأشياء الستة علم الأولين والآخرين، وجميع الخصال المحمودة. وروي عن عثمان بن مظعون أنه قال: ما أسلمت يوم أسلمت إلا حياءً من رسول الله ﷺ، وذلك أنه كان يدعوني فيعرض عليَّ الإِسلام، فاستحييت منه فأسلمت، ولم يقر الإِسلام في قلبي، فمررت به ذات يوم وهو بفناء داره جالساً محتبياً فدعاني، فجلست إليه، فبينما هو يحدثني إذ رأيت بصره شخص إلى السماء حتى رأيت طرفه قد انقطع، ثم رأيته خفضه عن يمينه، ثم ولاَّني وركه ينفض رأسه كأنه يستفهم شيئاً يقال له: ثم دعا فرفع رأسه إلى السماء ثم خفضه حتى وضعه عن يساره، ثم أقبل عليَّ محمراً وجهه يفيض عرقاً، فقلت: يا رسول الله ما رأيتك صنعت هذا في طول ما كنت أجالسك فقال: «وَلَقَدْ رَأَيْتُ ذَلِكَ» ؟ قلت: نعم. قال: «بَيْنَمَا أُحَدِّثُكَ إذْ رَفَعْتُ بَصَرِي إلى السَّمَاءِ، فَرَأَيْتُ جِبْرِيلَ يَنْزِلُ عَلَيَّ، فَلَمْ تَكُنْ لِي هِمَّةٌ غَيْرَهُ حَتَّى نَزَلَ عَنْ يَمِينِي فقال: يا محمد إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى إلى آخر الآية» . قال عثمان: فوقر الإيمان في قلبي، فآمنت به وصدقته. فأتيت أبا طالب فأخبرته بما نزل على رسول الله ﷺ فقال: يا معشر قريش، اتبعوا ابن أخي ترشدوا وتفلحوا، ولئن كان محمد صادقاً أو كاذباً، ما يأمركم إلاَّ بمكارم الأخلاق. فلما رأى النبيّ ﷺ من عمه اللين قال: «يا عَمَّاهُ أَتَأْمُرُ النَّاسَ أَنْ يَتَّبِعُونِي وَتَدَعُ نَفْسَكَ» ؟ وجهد عليه، فأبى أن يسلم [[عزاه السيوطي: 5/ 159 إلى أحمد والبخاري في الأدب وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس.]] فنزل إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص: 56] إلى آخر الآية. قال الفقيه أبو الليث: حدثنا أبو منصور عبد الله الفرائضي بسمرقند بإسناده عن عكرمة، أن النبي ﷺ قرأ على الوليد بن المغيرة إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ إلى آخر الآية. فقال له: يا ابن أخي أعد عليَّ، فأعاد عليه، فقال: «والله يا ابن أخي إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما هذا بقول البشر» . وقال قتادة في قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الآية. قال: ليس من خلق حسن كان أهل الجاهلية يستحسنونه بينهم إلا أمر الله به، وليس من خلق سيّئ يتعايرونه بينهم إلاَّ نهى الله عنه. ثم قال تعالى: يَعِظُكُمْ أي: يأمركم وينهاكم عن هذه الأَشياء التي ذكرها الله في الآية لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ أي: تتعظون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب