الباحث القرآني

﴿إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ﴾ بِالتَّوَسُّطِ في الأُمُورِ اعْتِقادًا كالتَّوْحِيدِ المُتَوَسِّطِ بَيْنَ التَّعْطِيلِ والتَّشْرِيكِ، والقَوْلُ بِالكَسْبِ المُتَوَسِّطِ بَيْنَ مَحْضِ الجَبْرِ والقَدَرِ، وعَمَلًا كالتَّعَبُّدِ بِأداءِ الواجِباتِ المُتَوَسِّطِ بَيْنَ البِطالَةِ والتَّرَهُّبِ، وخُلُقًا كالجُودِ المُتَوَسِّطِ بَيْنَ البُخْلِ والتَّبْذِيرِ. ﴿والإحْسانِ﴾ إحْسانِ الطّاعاتِ، وهو إمّا بِحَسَبِ الكَمِّيَّةِ كالتَّطَوُّعِ بِالنَّوافِلِ أوْ بِحَسَبِ الكَيْفِيَّةِ كَما قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ «الإحْسانُ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ فَإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فَإنَّهُ يَراكَ» . ﴿وَإيتاءِ ذِي القُرْبى﴾ وإعْطاءِ الأقارِبِ ما يَحْتاجُونَ إلَيْهِ وهو تَخْصِيصٌ بَعْدَ تَعْمِيمٍ لِلْمُبالَغَةِ. ﴿وَيَنْهى عَنِ الفَحْشاءِ﴾ عَنِ الإفْراطِ في مُتابَعَةِ القُوَّةِ الشَّهَوِيَّةِ كالزِّنا فَإنَّهُ أقْبَحُ أحْوالِ الإنْسانِ وأشْنَعُها. ﴿والمُنْكَرِ﴾ ما يُنْكَرُ عَلى مُتَعاطِيهِ في إثارَةِ القُوَّةِ الغَضَبِيَّةِ. ﴿والبَغْيِ﴾ والِاسْتِعْلاءِ والِاسْتِيلاءِ عَلى النّاسِ والتَّجَبُّرِ عَلَيْهِمْ، فَإنَّها الشَّيْطَنَةُ الَّتِي هي مُقْتَضى القُوَّةِ الوَهْمِيَّةِ، ولا يُوجَدُ مِنَ الإنْسانِ شَرٌّ إلّا وهو مُنْدَرِجٌ في هَذِهِ الأقْسامِ صادِرٌ بِتَوَسُّطِ إحْدى هَذِهِ القُوى الثَّلاثِ، ولِذَلِكَ قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هي أجْمَعُ آيَةٍ في القُرْآنِ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ. وصارَتْ سَبَبَ إسْلامِ عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، ولَوْ لَمْ يَكُنْ في القُرْآنِ غَيْرُ هَذِهِ الآيَةِ لَصَدَقَ عَلَيْهِ أنَّهُ تِبْيانٌ لِكُلِّ شَيْءٍ وهُدًى ورَحْمَةٌ لِلْعالَمِينَ، ولَعَلَّ إيرادَها عَقِيبَ قَوْلِهِ: ﴿وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ﴾ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ. ﴿يَعِظُكُمْ﴾ بِالأمْرِ والنَّهْيِ والمَيْزِ بَيْنَ الخَيْرِ والشَّرِّ. ﴿لَعَلَّكم تَذَكَّرُونَ﴾ تَتَّعِظُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب