الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان﴾ فِي الْآيَة أَقْوَال: أَحدهَا: أَن الْعدْل هُوَ شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَهَذَا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره، وَقيل: إِنَّه التَّوْحِيد، وَهُوَ فِي معنى الأول. ﴿الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي الْقُرْبَى وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي﴾ وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه الْإِنْصَاف وَترك [الْجور [، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ أَنه دَعَاهُ عمر بن عبد الْعَزِيز حِين ولي الْخلَافَة، فَقَالَ لَهُ: صف لي الْعدْل، فَقَالَ: كن للصَّغِير أَبَا، وللكبير ابْنا، ولمثلك أَخا، وعاقب النَّاس على قدر ذنوبهم، وَإِيَّاك أَن تضرب أحدا (بِغَضَبِك) وَالْقَوْل الثَّالِث: وَهُوَ أَن الْعدْل هُوَ أَن تستوي سريرة الْمَرْء وعلانيته. وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَالْإِحْسَان﴾ أَن تكون سريرة الْمَرْء أفضل من عَلَانِيَته عِنْد الله، وَقَوله: ﴿وَالْإِحْسَان﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أَن الْإِحْسَان هُوَ الْعَفو، وَالْآخر: هُوَ أَدَاء الْفَرَائِض وَالثَّالِث: (أَنه) أَن تعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ، فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك، وَالرَّابِع: أَنه التفضل، وَقيل: الْإِحْسَان أَن تكون سريرة الْمَرْء أفضل من عَلَانِيَته. وَقَوله: ﴿وإيتاء ذِي الْقُرْبَى﴾ أَي: صلَة ذَوي الْأَرْحَام، وَقيل: إِنَّه يدْخل فِي هَذَا جَمِيع بني آدم؛ لِأَن بَينه وَبَين الْكل وصلَة بِآدَم - صلوَات الله عَلَيْهِ - وَأدنى مَا يَقع فِي الصِّلَة ترك الْأَذَى، وَأَن يحب لَهُ مَا يُحِبهُ لنَفسِهِ، وَيكرهُ لَهُ مَا يكره لنَفسِهِ. وَقَوله: ﴿وَينْهى عَن الْفَحْشَاء﴾ الْفَحْشَاء: كل مَا استقبح من الذُّنُوب، وَقيل: إِنَّه الزِّنَا، وَقيل: إِنَّه الْبُخْل، وَقيل الْفَحْشَاء: أَن تكون عَلَانيَة الْمَرْء أفظع من سَرِيرَته. وَقَوله: ﴿وَالْمُنكر﴾ يَعْنِي: كل مَا يكون مُنْكرا فِي الدّين، وَقيل: إِنَّه الشّرك، فَإِنَّهُ أعظم الْمَنَاكِير. وَقَوله: ﴿وَالْبَغي﴾ يُقَال: إِنَّه الظُّلم والاستطالة على النَّاس، وَقيل: إِنَّه الْكبر، وَقيل: إِنَّه الْغَيْبَة، وَعَن قَتَادَة قَالَ: جمع الله تَعَالَى كل مَا يحب، وكل مَا يكره فِي هَذِه الْآيَة. وَفِي بعض المسانيد: أَن شتيرا جَاءَ إِلَى مَسْرُوق، فَقَالَ لَهُ: إِمَّا أَن تُحَدِّثنِي عَن عبد الله فأصدقك، أَو أحَدثك عَن عبد الله فتصدقني، فَقَالَ: حدث أَنْت، فَقَالَ: سَمِعت عبد الله يَقُول: أجمع آيَة فِي الْقُرْآن للخير وَالشَّر قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان﴾ فَقَالَ لَهُ مَسْرُوق: صدقت. وَيُقَال: إِن الْعدْل زَكَاة الْولَايَة، وَالْعَفو زَكَاة الْقُدْرَة، وَالْإِحْسَان زَكَاة النِّعْمَة، والكتب إِلَى الإخوان زَكَاة الجاه؛ يَعْنِي: كتب الْوَسِيلَة. وَقَوله تَعَالَى: ﴿يعظكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ﴾ يَعْنِي: تعتبرون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب